وقف واقترب من حافة باب الشرفة ، سند أحد كتفيه على الباب ، ورفع يده يتلمس بأطراف أصابعه وجهها وهو يحدث نفسه
.. مين ممكن يكون عايز يخلص منك انتى بالشكل ده ، وليه ؟
اندهشت من سرحانه بهذا الشكل حتى وهو واقف أمامها ولكن ما يقلق أن وجهه ينم عن غضب واضح رفعت إحدى يديها وامسكت بيده من على وجهها وبيدها الأخرى أمسكت بذقنه وهزتها وهى تقول
... احمد ، ايه ده ، سرحان فى ايه ...
... هيكون فى ايه غير فيكى ...
.. فيا أنا ، من ادامك اهو ...
... المفروض تفرحى انى مشغول بيكى على طول حتى وانتى معايا ، عشان مشوفش حد غيرك ...
... لو كنت عايز تشوف كنت شفت من زمان ، هو انا منعتك، انا مكنتش موجودة أساسا ...
... ياواد ياواثق ...
... طبعا ، يلا بقى عشان ناكل ...
... طب البسى ، هتنزلى كدة ...
... ثوانى بس ...
ودخلت تجرى ، استدار أحمد وخرج للشرفة مرة أخرى ، أمسك بهاتفه واتصل بأحد الأرقام ،
.. ايوة ياجاسر ، عايزك دلوقتى ، ساعة وتكون قدامى ...
... خليها ساعتين ، هجيلك على 6 كدة فى ايدى حاجة مهمة بخلصها ...
... ماشى ، هستناك. ..
أنهى المكالمة واتصل بجلال ليأتيه هو الآخر على السادسة ،
... عايزك تجيلى على 6 كدة ...
... وجينا يافندم ...
... أبقى ابعت حد يجيبها ...
... تمام ، انا بعت لحضرتك ملف تشوفه ...
... اللاب تحت ، أما أنزل هشوفه ، متتأخرش ، 6 بالظبط ، وفى الفيلا التانية. ..
... حاضر يافندم ...
.....................................
هشام وهيا يجلسان فى أحد المقاهى الانيقة يتحدثان ،
.. انا قلتلك قبل كدة انه مش لازم نتقابل دلوقتى خالص ...
... على أساس يعنى أنه ميعرفش اللى بينا ، ما عرف خلاص ، هنخاف من ايه ...
... لأ نخاف ياهيا ، ونخاف اوى كمان ، اللى عملناه فيه مش شوية ، ومش هيسيب الموضوع يعدى على خير ، انا عارفه كويس ...
... هيعمل ايه يعنى ، إحنا ملناش علاقة بأى حاجة ، مفيش اى دليل ...
... وهو أحمد محتاج لدليل ، كفاية بس انه يعرف ويصدق ، وبعد كدة اتفرجى هيعمل ايه ...
... يعمل اللى يعمله ، ايه ، هيقتلنا مثلا ...
... متستبعدهاش ، هو إللى صمم ينتقم من علاء ابن عمتى بنفس الطريقة ، وتابع العصابة دى لحد ما عرف مكان تجمعهم كلهم ، خلص عليهم كلهم ، عملها اذاى معرفش ،
وجدى ، أعصابه سايبة من وقت ما أحمد فاق من الغيبوبة ، من قلقه لأحمد يعرف التفاصيل دى ،
وكله كوم واشرف لوحده كوم تانى ، خايف جدا ، ومصمم أن أحمد يموت قبل ما يفكر ينتقم ، وتبقى كملت بقى لو جدى عرف التغيير اللى احنا عملناه فى الاتفاق مع أشرف ، مش بعيد يخلص علينا بايده ...
... متقلقش ، وبعدين اتحلت اصلا ، سيب اشرف يخطط ويقتله ...
... يقتل مين ياماما ، ده احنا قدرنا عليه صدفة ، ده فى جيش دلوقتى بيحرسه ، ده مفضى كل الفلل اللى حواليه فى المجمع اللى قاعد فيه هو وسارة عشان التأمين ، تقوليلى بسيطة ...
.. سارة ، سارة ، متخيلتش ابدا انى ممكن اقابلها تانى ، ولما يحصل ، الاقيها مع أحمد ، وبيحبها اوى كدة ، انا معرفش فى ايه فيها بيشد الرجالة اوى كدة ، آدم ، وأحمد ، وانت ، وأشرف ده ، ايه عاجبكم فيها ، لتانى مرة تاخد منى حد انا عايزاه ، والمرة دى مستحيل اعديها ابدا ...
.. أنتى تتهدى خالص اليومين دول ، مش وقت خالص شغل النسوان ده ، لا سارة ولا غيرها ، انا اصلا بدأت اتأكد انه عرف موضوع توريدات المصانع ، المحاسبين والمشرفين بتوعه ملوا كل مكان فى المصانع دلوقتى ، بيجمعولوا بيانات عشان يشوف هيعمل ايه فى وقف المصانع ، يعنى سهل اوى انه يكون عرف ...
... وهو لو كان عرف هيسكت لحد دلوقتى ...
.. يسكت ، انتى مستفذة ليه انهارضة ، ولا انتى عايشة فى دور الهبلة ولا ايه نظامك ، محسسانى انك متعرفهوش اصلا ، أحمد بيفضل يجمع معلومات ويتأكد من كل حاجة ، ويستنى الوقت الصح عشان يضرب ضربته ، بحيث انها تبقى ضربة واحدة ، متقوميش بعدها تانى ،
وربنا يستر وميكونش مجهز حاجة لينا ...
......................................
كانت الساعة الخامسة والنصف ، بعدما تناول أحد طعامه مع سارة وريم ورغد ، استأذن لينهي بعض الأعمال فى مكتب الفيلا الأخرى ،
اتجه لهناك بعدما طلب من سارة أن ترسل له قهوته هناك ،
جلس على كرسى المكتب ، فتح اللاب وبدأ يفتح الايميلات التى أرسلها له جلال ،
كانت الأوراق عبارة عن صورة لامرأة لم تتعدى الثلاثين من العمر ، وبعض البيانات عنها ، وصورة من عقد ايجار فيلا بإسمها ،
والمفاجأة كانت صورة من عقد زواج عرفى من أكثر من سنة ، بين هذه الفتاة واسمها نرمين وبين جده ،
صعق أحمد من هذه المعلومة ، إذن جده متزوج عرفى من فتاة تصغره بما يقارب خمسون عاما ، لكن لماذا ، لماذا يحتاج فتاة فى هذا العمر ، ولماذا سرا ، من يعترض على قرار حتى ولو زواج لسليم نورالدين ،
سند ظهره للخلف يفكر ، يبدوا أن هذه الحادثة ستكشف له الكثير الذى لم يكن يعرفه ، وأكثر ما يخافه الآن هو أن يكون جده متورطا فى كل ما حدث ، عقله يخبره بذلك ، أما قلبه فيرفض التصديق تماما ،
فى الوقت الذى دخلت فيه سناء بالقهوة ، كان جلال قد وصل ، وتبعه جاسر بعشر دقائق ،
استمرت النقاشات بين الثلاثة عن كل معلومة وصل لها كل واحد منهم ، كان كل منهما يبدى رأيه ، إلا أحمد ، يستمع فقط خاصة إذا ذكر جده فى الموضوع وأنه صاحب المصلحة الأول فى التخلص من سارة ،
وفى النهاية رسم لهم الخطوط التى سيتحرك على أساسها الجميع فى الفترة القادمة ، وبها سيتأكدون من المعلومات المتوفرة لديهم ، وفى نفس الوقت تبدأ رحلة الانتقام من الجميع ،
وبالطبع هذه الدائرة تضم عائلة سارة ، وجده وهشام ، وهيا واشرف ، ومعهم العناصر الفرعية التى ضم اسمها للتحريات التى قام بها جلال مجموعته .
أما سارة جلست لأكثر من ساعة فى شرفة غرفة أختها ريم ، فهى الشرفة الوحيدة التى تطل على شباك مكتب أحمد الذى يجلس فيه مع ضيوفه ،
استمرت تتابع ما يفعل ، حالات غضبه وهدوءه ، حركته من آن لآخر ، تابعت كل ما يؤكد لها انه يوجد شئ غير طبيعى يحدث ، وهى لا تعلم عنه شيئ،
المهم بعد انتهاء جلستهم ، خرج جاسر وحده وبعدها بدقائق خرج جلال ووقف بجانب السيارة وكأنه ينتظر شيئا، واتجه أحمد للفيلا ،
قامت سارة وخرجت من الغرفة لتستقبله ، كان قد سبقها ودخل الغرفة وبدأ يغير ملابسه ،
... أنت خارج ولا ايه ؟
... ايوة ياحبيبتى مش هتأخر ....
.. بس احنا اتفقنا انك مش هتخرج ...
... أظن انى اثبتلك عملى أن انا كويس اوى ، ولا ايه ..
ابتسمت سارة له ردا على تلميحه ، لكنها كانت ابتسامة صفراء بدون اى معنى ، وبالطبع لم يكن غافل عن ذلك ، لكنه لم يعلق ، فعقله الآن مملوء بما يكفيه ،
استدار ليلقط جاكت بدلته ، فقالت له
... هو فى ايه ياأحمد ...
تجمد جسده لثانية كرد فعل على سؤالها ، هى قلقة وهو متأكد من ذلك ، ودون أن يستدير رد عليها،
... فى ايه فى ايه ياسارة ...
... إيه اللى بيحصل ومش عايز تقوللى عليه ....
... مفيش حاجة ياماما ، كل حاجة تمام متقلقيش ، ساعتين بالكتير وهكون هنا ، سلام ...
قبلها من جبهتها وخرج دون أن يلتفت مرة أخرى ، هى تفهمه دائما وستفهمه ، وهو لا يريد أن يزيد قلقها وحيرتها أكثر من ذلك ،
ركب السيارة وبإشارة أمر السائق أن ينطلق حتى يهرب من نظرتها وهى تتابع خروجه الشرفة .
كانت الساعة قد تعدت الثامنة ، قال أحمد وهى يقرأ بعض التقارير التى أرسلها له المراقبون الذين ارسلهم فى أماكن معينة فى المصانع الجديدة والمنتجع ،
.. ابعت حد للمطار يستنى جينا ، ويوصلها للاوتيل ، و يبلغها انها ترتاح الليلادى وتجيلى بكرة على مقر المجموعة ، ولو عندها وقت تراجع الملف ده كويس ، عشان هنتكلم فيه بكرة .
... حاضر يافندم ...
اتصل بأحد السيارات الثلاث السائرة خلف سيارتهم ، توقفت السيارات وتم تسليم الملف واتجهت السيارة فورا صوب المطار ، وأكملت باقى السيارات طريقها ،
وفى فيلا على أطراف المدينة ، وصلت السيارات الثلاث ووقفوا أمام الباب ، تأهب الأمن الواقف على باب الفيلا منتظرين من سيترحل من السيارة ،
فتح أحمد الباب ونزل منه وأشار للأمن الواقف على الباب ليفتحوه ، اضطرب الواقفين فور رؤيته ، وبالفعل تم فتح الباب ،
انا فى الدور العلوى من نفس الفيلا ، دخلت نرمين على الجد لتوقظه
... سليم ، سليم ، اصحى ...
. فيه ايه يانرمين ؟
... أمن البوابة اتصل وبيقول أن أحمد نور الدين برة والأمن فتحله. ..
انتفض سليم من رقدته وهو يقول
..، ايه ، أحمد ، هنا ...
قام من على السرير بسرعة ووقف فى الشباك ، كانت سيارة أحمد قد دخلت الفيلا ، ومنع الامن باقى السيارات من الدخول ،
ترجل أحمد من السيارة ، فى حين أن الجد يقف قبالته فى الشباك ،
تعلقت عين كل منهما بالآخر لوقت طويل ، حتى ابتسم أحمد ابتسامة انتصار مع سخرية بجانب فمه ، وتوجه لباب مبنى الفيلا ،
أما الجد فعلى وقفته ، ووضع كلتا يديه على حافة الشباك وهو لا يصدق أن أحمد بدأ يتوغل فى حياته بهذا الشكل ، معنى ذلك أنه يتابعه ، وما يقلق حقا أن يكون علم ما هو أكثر من ذلك .