ده جنون ، مستحيل يكون فى كدة ، يااما أسلم لهم ، يااما اتقتل ، يااما اتجوز بالطريقة دى ، والله واعلم هو صادق فى نيته فى مساعدتى ، ولا هو بيساعدهم هم ،، انا هتجنن ، عقلى هينفجر ،،ساعدنى يارب ،،، ساعدنى ...
استمرت سارة تردد هذه الكلمات لأكثر من نصف وهى تجلس وحدها ، دخلت مها الصالة تبحث عنها فوجدتها تجلس على إحد الكراسى وتحدث نفسها
...سارة ، انت بتكلمى نفسك ، فى ايه ؟
...أنا فعلا قربت أكلم نفسى ؟
..ليه هو الراجل ده قالك ايه ؟
...بيستهبلوا ، لا دا اتجننوا ، لا لا ، ده انا إلى هتجنن ..
..اهدى ياسارة ، الراجل ده قالك ايه ؟
وبهدوء تام قصت سارة على مها ما قاله حمدى
...احنا لازم نتصرف وبسرعة ياسارة ، هو غابة ولا ايه..
...هنعمل ايه يعنى ..
..نبلغ البوليس. .
...وهتقولى للبوليس ايه؟ اعمامها جم هنا عشان يرجعوها البلد ، وعم منهم عايز يجوزها لابنه، ايه المخالف للقانون فى كدة يافالحة ...
...يعنى إيه ؟
...يعنى لازم نتصرف بالعقل ، الموضوع لحد دلوقتى كلام فى كلام وبس ، واضح انهم اذكيا جدا ، المشكلة أنى مش عارفة هم فين وهيعملوا ايه ، مش عارفة مين معايا ومين عليا ،
انا فاكرة نفسى وحيدة طول السنين اللى فاتت ، لكن الحقيقة أن دلوقتى بس هى أول مرة أحس بالوحدة بجد ، مش كدة وبس ، انا بدأت أحس بالخوف بشكل غبي. ..
....أعتقد أن لوحدنا مش هنعرف نتصرف اصلا ، لازم يكون فى حد معانا ، انا هقول لطارق ، وانتى قولى لأحمد وهشام كمان ..
...هشام ! أنا معرفش حاجة عن هشام من يوم العذا ...
...مبيكلمكيش حتى فى التيليفون ...
...أبدا ...
...ليه ؟ ليكون تعبان ..
...لا مش تعبان ، انا اتصلت بيه واطمنت وقفلت على طول ...
...ومعرفتيش فى ايه ؟
...مش عايزة اعرف ، أو بمعنى أصح مش فايقة اعرف ....
...خلاص، قولى لأحمد ، هو مهتم بيكى واكيد هبساعدك ...
...ربنا يسهل ،، سيبينى أفكر بس وبعدين يحلها ربنا...
بالفعل قررت أن تخبر أحمد حين يعود ، لقد أخبرها انه سيعود بعد ثلاثة أيام ، ستخبره فقط ليخبرها بما يجب أن تفعله ، فهى لا تعتقد أنه سوف يدخل نفسه فى دوامة من المشاكل الدموية من أجلها ، لا تعتقد أنها مهمة عنده لهذه الدرجة .
مر اليوم الثانى بدون اى مشاكل تذكر غير مكالمة من عمها حمدى بحثها على الرد عليه بسرعة ، لأنه يبدوا انهم سوف يتخذوا خطوات فعلية من أجل إجبارها على الرضوخ لهم .
عادت للمنزل قبالة الساعة الخامسة ، لقد قتلها الإرهاق ، فهى لاتنام ولا تأكل جيدا منذ أيام ، وجدت الجميع يجلس فى الحديقة حتى سهام ، لكن نور ليس معهم ، وقبل حتى أن تسأل عنه ، سمعت صوت ضحكاته صادرة من الفيلا المجاورة ، اتجهت للصور الفاصل بين الفيلتين ،،وهو عبارة عن أسياخ حديد متجاورة و مزروعة فى الأرض ،،
بقدر ما اندهشت مما رأت ، الا انه كان رائع أن ترى أحمد يلعب الكرة مع نور ، الغريب أن نور كان سعيد جدا بلعبه معه رغم أن نور ليس ممن يتقبلون الغريب بسرعة ،
رأاها نور أولا ، فجرى عليها ، أما أحمد فتوقف مكانه يملى قلبه برؤيتها ، فقد اشتاقها فعلا وهو يعترف بينه وبين نفسه بذلك .
وقف نور يقبلها من خلف السور
...أنت بتعمل ايه عندك ؟
...بلعب مع أحمد ..
..إيه ده ، عيب يانور ، أحمد كدة بس ، قول انكل أحمد ...
سمعت صوته وهو يقترب منها
...ملكيش دعوة ، انا ونور اتفقنا أن احنا أصحاب ، وكل واحد فينا هينادى التانى باسمه ...
...يعنى اطلع انا منها ..
...مينفعش ،،، تطلعى منها أذاى وانت أساسها اصلا ...
ارتبكت من كلامه ونظراته التى يرمقها بها وكأنه يلتهمها بعينيه
وأحس هو بذلك ، فدائما ما كان يعشق هذا الارتباك الدائم من وجوده قبل أن يتزوجها والناتج عن رغبتها به ، ومن أكثر الأشياء التى اسعدته حين عثر عليها ، استمرار إحساسه بتأثيره
...حمدالله على السلامة. ..
....الله يسلمك..
...المفروض أنك هترجع بعد يومين. ..
...مكنتيش عايزة تشوفينى ولا ايه ، موحشتكيش. ..
حاولت الهروب من سؤاله بالالتفات لنور قائلة
...لف يانور يلا ، عشان متدايقش انكل أحمد اكتر من كدة ...
...ومين قالك أنى مدايق ...
...معلش ، خليه ييجى ، عايزة أخد رأيك فى موضوع مهم ...
..اوكى ، تيجى انتى ولا اجى انا ...
...تعالى انت فى الصالة اللى برة دى ...
...يلا يانور ، الف معاك وامرنا لله ، أمك دى متعبة ودايما تعبانى معاها...
قابلت سارة نور فى الداخل
...حبيبى ، ممكن تدخل لريم وتقولها تبقى تجهز الغدا عشان مامى جعانة خالص لحد ما اتكلم شوية مع انكل أحمد ...
...حاضر يامامى ...
التفتت لأحمد وقالت ...اتفضل من هنا ...
دخلا سويا للصالة الخارجية . بدأ ينظر حوله بإعجاب
...أول مرة اشوف صالة منفصلة وتكون بالجمال ده ...
...أنت عارف أننا ستات بس ومحجبات كمان ، مش كل ضيف ينفع ندخله جو البيت ، المهم تشرب ايه ؟ ...
..أى حاجة ...
توجهت للمطبخ التحضيرى البسيط المصاحب للصالة وبدأت فى عمل قهوة له ، لم تدرى باقترابه إلا وهو خلفها مباشرة ويهمس فى اذنها ...وحشتينى ...
كادت أن توقع القهوة من يدها من شدة ارتباكها ، إلا أنه وفى لحظة يده امتدت ليدها وتناولها منها حتى تماسكت
...احمد ...
...عيون أحمد ...
...مينفعش كدة ، ممكن تروح هناك لو سمحت ..
...هناك ، بعيد كدة ...
...أيوة ..
...حاضر ، انا رايح أهو ...
...احمد...
...نعم ...
...أنت لسة واقف زى ما انت ...
...والله ، انا افتكرت نفسى رحت ، هروح هناك بس توافقى تتجوزينى ...
...إيه دخل ده بده دلوقتى. ..
...أنا كنت بفكرك بس ...
ثم تركها مبتسما واتجه لأحد الكراسى ، أما هى حاولت أن تهدأ بعد هذا التسارع من دقات قلبها ، وحملت صينية القهوة واتجهت إليه
...تعرفى أنى بدأت أشرب النوع ده من القهوة قريب اوى ، من وقت ما استقريت فى مصر ...
... يعنى ده احسن ولا الأمريكان كوفى احسن. ..
...بتهيئلى بالطريقة المصرية اطعم ، غير أن تأثيرها أقوى. ..
...بتهيئلى الطريقة مش مصرية اصلا...
...إيه ، برازيلية مثلا ، على أساس أنها أشهر منتج للبن ...
...مش عارفة. ...
...سيبك من البن ، ايه بقى الموضوع ياستى...
..قبل الموضوع ده ، كنت عايزة أسألك على حاجة. ..
...اتفضلى. ..
...هو هشام ماله ؟
تغيرت ملامحه فور سؤالها عن هشام واسند ظهره للكرسى
...ماله يعنى إيه ؟
..أصله ،،، متغير شوية من فترة ، حبيت اتأكد انه كويس...
..وبتسألينى انا ليه ، متسأليه هو ...
... عندك حق ، انا آسفة ..
استمر فى النظر لها لثوانى وكأنه يحاول الوصول لشئ من ملامحها
...يهمك هشام ياسارة ؟
...مش للسبب اللى فى دماغك ...
..إيه السبب ...
...أنا أعرف هشام من اكتر من 3 سنين ، كان صاحب كويس ، فلما يغيب فجأة وبالطريقة دى ، فالمفروض انه لازم أسأل عليه واطمن انه كويس ....
...بس كدة ...
...أنت شايف حاجة تانية ...
تنهد قائلا ... متقلقيش ، هو كويس. ..
...مش عارفة ليه حاسة أن فى حاجة ، وعندى إحساس انك عارفها. ..
....خلينا فى الموضوع اللى انتى عايزانى فيه ، وأما تقابل هشام أبقى اسأليه على اللى انتى عايزاه. ..
التزمت الصمت لثوانى وكأنها تحاول تجهيز ما ستخبره به
...اتفضلى ، انا سامعك. ..
...هو موضوع بسيط ، مش مهم اوى يعنى، بس كنت محتاجة رأيك فيه ...
...من غير مقدمات ، اتكلمى على طول ...
بدأت تقص عليه ما حدث ولكنها حاولت الالتزام بالنقاط الأساسية فى الموضوع ،
...يعنى انتى عايزة تقولى أن عيلة ابوكى ظهروا فجأة كدة ، وطلبوا منك انك تسيبى هنا وترجعى معاهم بحجة أنك لوحدك انتى واخواتك لدرجة أنهم هددوكى ، وواحد منهم عايز يجوزك ابنه لأنه شايف ان دى الطريقة اللى هيبعد بيها بقية اهله عنك ...
...بالظبط ...
...وانتى شايفة أن كدة الموضوع بسيط ومش مهم ، وبتحكهولى دلوقتى بس بعد ما ده كله حصل ...
...أنا بس محتاجة تقولى رأيك ، انا مش عارفة أتصرف معاهم أذاى ؟
...وانتى شايفة انك هتقدرى تتصرفى معاهم ، قوليلى ، هو انتى للدرجة دى مبتثقيش فيا ...
...مش فاهمة ...
...مش فاهمة ايه بس ، دول مجرمين ياماما. ..
...ده على أساس انك تعرفهم يعنى ...
...أيوة ياستى أعرفهم ، ومن سنين كمان ...
...يعنى إيه ...
...مش مهم تفهمى ، انا اللى هتصرف معاهم ، مش انتى ، انتى عليكى بس تنفذى اللى انا هقول عليه وبالحرف الواحد ...
...مش قبل ما أفهم ، تعرفهم منين ...
...بعدين ، لان معلوماتى بتقول أن عمك سعيد ومعاه ناس تانية هيجولك الليلادى ...
...الليلادى. ..
...أيوة ، ومن غير عمك حمدى ، لأنهم حسوا أن هو مش هينفذ اللى هم عايزينه. ..
...أنت عرفت أذاى ؟
...بطلى الأسئلة اللى ملهاش لازمة دى ، وتنفذى اللى هقول عليه وبس ، ومتخفيش مش هيقدروا يعملولك حاجة دلوقتى ، فى اكتر من عشرين راجل بسلاح ، موجودين حواليكى هنا ، ...
...فين ...
...مش مهم تعرفى ، جزء من شغلهم انك متشوفيهمش ، غير أن فى عربية بتروح وراكى شغلك وبترجع وراكى ، وعربية تانية ورا رغد وريم ، وفى عربية برده بتروح ورا نور المدرسة وبترجع وراه لحد ما توصله هنا ، متخافيش من حاجة ...
...ليه كل ده ، هم ممكن يعملوا حاجة بجد ...
...ده مش ممكن ، ده اكيد ، وده اللى انا مش عاوزه يتم دلوقتى لانى مش عارف خطوتهم اللى جاية ايه ، عشان كدة لازم ااخر الخطوة دى ولو لأيام لحد ما أعرفها ...
....إيه المطلوب منى بالظبط. ..
...انك توصليلهم احساسك من بالخوف، عايزهم يفهموا انك بدأتى تخافى منهم ، لأنك لو اتحدتيهم، هيحاولوا يثبتولك هم يقدروا يعملوا فيكى ايه ، عشان يخوفوكى. ..
...وده يتم ازاى ...
...هتتكلمى بنفس الطريقة اللى اتكلمتى بيها معاهم ، بس المرة دى بتفاوض ، وتعرضى عليهم مبلغ معين مقابل انهم يسيبوكى فى حالك ..
...وإذا رفضوا ...
...متوقع طبعا ، يبقوا كدة مصممين على الليلة كلها ، ويمكن كمان عبنيهم منك انتى والبنات ...
...وإذا وافقوا وحددوا مبلغ. ..
...يبقى وصلنا لهدفنا واجلنا جنانهم شوية وفى نفس الوقت خدنا فكرة عن سقف توقعاتهم ،،بس بصراحة معتقدش انهم هيوافقوا ، وأن عملوها ووافقوا يبقى بينيموكى انتى عشان حاجة أكبر ..
...وليه متعتقدش ...
... دراستى لشخصية الناس دى وخبرتى القديمة معاهم ، وصلتنى لانى اتأكد انهم مش من النوع الل يرضى بحتة من التورتة وهو يقدر ياخدها كلها ...
...احمد ، انا خايفة بجد ...
ابتسم لها ثم اقترب منها قائلا ...أنا طبعا مش هقولك انك لازم تطمنى وانا جمبك، انا هسيب الوقت يثبتلك أنى مستحيل اسمح لمخلوق يقربلك وانا موجود ...
...مش هتقولى عرفت أذاى ، وتعرفهم منين ...
...هقولك طبعا ، وقريب أن شاءالله ، بس نفذى اللى قلتلك عليه وبعدين هنتكلم براحتنا ، قومى بس الحقى اتغدى ، لأنهم لما هييجوا هيسدوا نفسك ...
...يلا كل معايا ..
..أولا سبقتك وكلت من بدرى ، ثانيا لو ينفع تدخلينى البيت ،كنت دخلتينى من الأول. . ثم ابتسم لها وتركها وخرج
جلست فى غرفتها تستند على حائط السرير ، تنهدت براحة كبيرة ، لم تشعر بهذه الراحة منذ وقت طويل ، لطالما حاول الكثير من الرجال التقرب منها ، ودائما ما كانت ترفض ، فهى تعشق انتمائها له ولو فى داخلها فقط ، وحتى ولو لم تره من سنين ، كانت تشعر به وكأنه موجود حولها ،،
يجب أن تعترف الآن بما لم تكن اعترفت به من قبل ،
هى تحبه ، بل تعشقه وتعشق وجوده بداخلها وحولها ، تعشق انتمائها لها ، واهتمامه بها ،
لمجرد اعترافها بهذا وان كان بينها وبين نفسها ، احست براحة غريبة تسرى بداخلها ،
...سارة ، سارة ...
افاقت من شرودها على هذا النداء من رغد
...أيوة يارغد ...
...فى ناس شكلها غريب اوى ، مستنيينك فى الصالة برة ، سارة ، سامعانى ...
...روحى يارغد وابعتيلهم أى حاجة يشربوها وانا جاية وراكى ...
خرجت رغد وقامت سارة وارتدت عباءة سوداء من طبقتين
وقفت أمام المرآه ، تحاول استجماع قوتها لتنفذ ما طلبه أحمد منها ، فهل ستستطيع ؟