الجزء 13

خرجت سارة تجرى من المبنى وكأن شياطين الأرض تتبعها ، وفجأة اصطدمت به أمامها ، فالفضول كان يأكله ليعرف نتيجة مقابلتها لجده ، ولهذا قرر أن يعود ، وبدت نتيجة اللقاء واضحة تماما على وجهها ، فلم يسأل أو يعلق بأى كلمة ، فقط مد يده ومسح الدمعة الوحيدة التى جرت على وجهها فور رؤيته ، 
فتجمد جسدها من ملمس يده لخدها ،،، يالله ،،،كم افتقدت هذه اللمسة ،،،
أنزل يده عن وجهها وهى يقول 

....مها وطارق مشيوا ومعاهم اخواتك ، ياريت ترجعى الشاليه انتى كمان وتحاولى ترتاحى ، ومتزعليش ، هو جدى كدة ، أى حاجة مبتمشيش بأمره هو أولا ، بيحاول ينهيها بأبشع الطرق ...
 


لم تقل شيئا ، فقط تقف وتتأمل وجهه وهو يتحدث ، وبعد أن أنهى كلامه ، اومأت رأسها بالموافقة قائلة
....الغلط مش غلطه ولا حتى غلط هشام ، الغلط عندى انا ، أنى وافقت وجيت معاه لحد هنا ، وواضح أنى مكنتش جاهزة للمقابلة دى ...
....من امتى ياسارة وانتى بتجهزى نفسك لحاجة ، طول عمرك وانتى بتقابلى مواقف مفاجأة وصعبة جدا ، ودايما بتخرجى منها منتصرة ومتحكمة فيها جدا ، مش انا اللى هفكرك ، انا معرفتش فى حياتى كلها بنت أقوى منك ، انتى بس مرهقة شوية ، وباين عليكى اوى ، واضح انك مكنتيش جاهزة للرحلة دى كلها من الأساس ، ارتاحى شوية وبكرة ترجعى للقاهرة ، وهناك أبقى قررى هتعملى ايه ....

للحظة احست سارة أنها تقف أمام الرجل الذى عرفته من سنين ، وليس الشخص الذى كان يتحدث معها منذ ساعة ،،،،هى الآن تقف مع رجلها الحنون الذى بكلمة واحدة منه تطفئ نار قلبها وعقلها ، 

فى نفس اللحظة خرج هشام من المبنى ، واقترب منهم ، 
...سارة ، انتى كويسة. .
...الحمد لله ، بعد اذنك. ..
...رايحة فين بس ، استنى..
...راجعة الشاليه ..
..استنى اوصلك ...
...مفيش داعى ، انا ليا مزاج اتمشى لوحدى شوية ، بعد اذنكم ...

عندما غابت عن نظرهم ، التفت أحمد لهشام وهو يقول
...ليه خليتها تقابله وانت متأكد من اللى هو هيعمله ؟
...كان لازم دلوقتى بالذات عشان تبقى مقايضة بينى وبينه ، موافقتى على الرجوع للعيلة ب موافقته على جوازى منها ، لو كنت أجلت الموضوع بعد ما ارجع ، ساعتها هيرفض ومش هلاقى ورقة ضغط عليه عشان تخليه يوافق ...
...ومفرقش معاك انه هانها ، وأنه ممكن يحاول يأذيها بعد كدة عشان يبعدها عنك ، هتقدر تحميها من جدك ياهشام ؟... 

التفت هشام لأحمد بنظرة معناها انه لم يفكر فى الموضوع بهذه الطريقة 
....إيه ، مستغرب ليه ؟ ، عملها الف مرة قبل كدة ، ولا نسيت أمك واللى عمله فيها عشان يبعدها عن ابوك ، ابوك قدر يحميها ، انت هتقدر تحمى سارة منه ولا هى مش فارقة معاك اصلا ، وكل اللى انت عايزه انك تعاند جدك وبس ...

...لا يااحمد ، انا بحبها فعلا ...
...بتحبها ، ، مش عارف ليه شاكك فى كدة ، ،،هشام ، انا عارفك كويس ، مينفعش تقضى حياتك كلها عشان تعاند جدك وخلاص حتى لو على حساب ناس تانية ، صدقنى انت اللى هتخسر فى النهاية ..
...معتقدش انه ممكن يفكر يأذيها لأنه هيخسرنى تانى ...
...أنت اهبل ياهشام ، انت بتتكلم عن سليم نورالدين ، بتتكلم عن شخص مفتقد للقلب والإحساس تماما ، واحد زى الآلة ، لا انت ولا غيرك تفرقوا معاه ، وجاى تقولى مش هيأذيها...

...وبعدين ، الحل ايه ...
...أصبر بقى أما نشوف هو ناوى على ايه بعد اللى انت عملته ده ...
....احمد ، انت هتساعدنى فى حمايتها منه صح ...
....بعدين هنشوف ، يلا عشان باقى الحفلة وكلمة الختام ...

مشيا سويا وأحمد يحدث نفسه .... عايزنى أساعدك فى حمايتها منه ، انا اصلا مش هسمحلك ولا هسمحله ولا أى مخلوق على ضهر الأرض يفكر يأذيها ،،، دى سارة ياهشام ،، سارة ... 

ظلت سارة تفكر طوال الطريق فى كل ما حدث لها طوال الحفلة ، فى الرجل الذى عاد بعد سنين وفى نفس الوقت الذى قررت أن تتزوج فيه ، فى نظراته التى لم تفارقها ، وفى طلبه الغريب فى رجوعها إليه وفى الطريقة الأغرب التى طلب بها ، فى اهتمامه وعودته اليها بعد لقائها بسليم نورالدين ، فى كلامه الذى استطاع به أن يخفف وقع إهانة هذا الوقح لها ،،،
يالله كم افتقدته ، افتقدت كل ما فيه ، كم تتمنى أن تختفى كل عوائق الدنيا بينهما ، لتعود لأحضانه مرة أخرى ، كم تتمنى أن ينمحى كل ما حدث بعد فراقهما ،حتى تبقى ذكراه فقط داخلها 
ذكراه التى اقتات عليها قلبها ليتحمل قسوة الأيام .

دخلت الشاليه ووجدت اختاها مازالا مستقظتين وينتظرناها 
...صاحيين ليه ، انتو مش عارفين ان طيارتنا الساعة 7....
ردت رغد ...كنا عايزين نطمن عليكى ، مشفناكيش من بعد ما استأذنتى تروحى التواليت ..
...أنا كويسة الحمد لله ، اتفضلوا ناموا بقى ، تصبحوا على خير 
 


دخلت لغرفتها وبدأت فى خلع حجابها وفستانها ، ارتدت بيجامة قطنية قصيرة بعدما تحممت بماء ساخن ، عندما خرجت من الحمام وجدت ريم أمامها ،
...فى حاجة ياريم ...
...كنت عايزة أسألك على حاجة ...
...خير ...
...احمد نور الدين ..
انتفضت سارة عند سماع الاسم والتفت لريم 
...جبتى الاسم ده منين ومالك بيه اصلا..
...مفيش ، مها عرفتنا عليه فى الحفلة ، كنت عايزة اعرف تعرفى عنه ايه واذا كان قريب هشام بجد ولا لا...
....بتسألى ليه ان شاء الل ...
....أصله جان اوى ياسارة وكمان ....
...بس كفاية ، ايه اللى بتقوليه ده ، انتى صغيرة على الكلام ده... 
لم تدعها سارة أن تكمل كلامها وبدأ غضبها يظهر ، فى نفس اللحظة دخلت رغد هى الأخرى ، قائلة 
...إيه لسة بتتكلموا عن الواد المز بتاع الحفلة ..
...وبعدين يابنات ، فى ايه ، هو ده اللى اتفقنا عليه ، هتتغزلوا حتى فى الشباب ، ده انتوا اتفتحتوا اوى ..
...لا والله ياسارة منقصدش ، إحنا بس لاحظنا انه كان بيبصلك كتير طول الحفلة ، فسألنا مها عليه ، بس ، ودلوقتى حبينا ننكشك. ..
...بيبصلى انا ؟ 
...أه والله ، كتير ، إحنا فضلنا متابعينه فترة ...
....بلاش تخيلات هبلة يابنات ، المهم قولولى الحفلة عجبتكوا ....
...اوى اوى ياسارة ...
....وقضيتوا يومين كويسين أهو ، نفضى دماغنا للدراسة بقى ، انا مش هقبل أقل من امتياز ، واللى مش هتجيب التقدير ده ملهاش فسح عندى تانى ...
..لا لا لا ، وعلى ايه ، أن شاء الله امتياز...
....طيب، يلا يافالحة انتى وهى ناملكم ساعتين ، هصحيكم الساعة 6 ، تصبحوا على خير ...
...وانتى من اهله ...
 


سافرت سارة فى طائرة الساعة السابعة ، وبقيت مها مع زوجها لحين انتهائه من آخر تجهيزات المنتجع قبل العودة للقاهرة ، واستمر هذا لمدة يومين ، قضتهم سارة بالكامل فى العمل لتعوض غيابها اليومين الماضيين ، بالطبع لم ينقطع فيهم الاتصال بين مها وسارة وظلت تحكى لها عن آخر المستجدات هناك إلا حدث واحد فقط ، قررت أن تخبرها به حين تعود لأنه مرتبط بموضوع أهم تريد أن تتحدث معها فيه .
قد كانت تجلس مع طارق وأحمد للغداء ، وكان ذلك قبل عودة مها وطارق مباشرة ، وفجأة ظهرت هيا من بعيد ، تعلقت عينا مها بها ، يبدوا أنها تعرفها ،ولاحظ أحمد وطارق ذلك ، كان طارق على وشك أن يسألها ، ولكنها سبقت ووصلت إليهم ، 
بادرها أحمد بالسؤال. ..هيا ، بتعملى ايه هنا وعرفتى مكانى أذاى ..
....اتصلت بمكتبك ، وقالولى انك بتتغدى هنا ، قلت الحقك عشان عايزاك فى موضوع مهم قبل ما اسافر ، هاى طارق ... 
ثم أشارت لمها ويبدوا أنها لم تعرفها ، بالطبع بسبب الحجاب ، فهيا لم تراها من قبل بحجاب ،

...معلش ياهيا ، طارق مسافر بعد ساعتين وفى حاجات مهمة عايز اخلصها معاه قبل ما يسافر ، هرن عليكى لما اخلص ....
...اوكى ، هستناك ..
وقبل أن تمشي قالت مها ..معقول تسلمى عليا كدة بعد 7 سنين ..
قالت هيا ....sorry , انتى تعرفينى ؟
....دققى بس كدة وإنتى تفتكرى..
نظرت لها بحيرة ثم بدا عليها أنها تذكرتها ثم ظهر الضيق على وجهها
....كدة يبقى افتكرتينى. ..
....hi mahy. ..
...hi haya. .. 
قال أحمد ..كويس ، طلعتوا تعرفوا بعض ، أذاى بقى ...
ردت مها ...درسنا مع بعض فى نفس الجامعة ...
اتجه بانظاره لهيا قائلا ..أنت درستى فى كاليفورنيا ...
...لا ابدا ، انا انتقلت هناك ومرتحتش هناك فرجعت لجامعتى تانى ..
...مقولتليش يعنى قبل كدة ...
...كانت فترة بسيطة ، مكانتش تستاهل الذكر، انا همشى بقى وهستنى رنتك ... وقبل أن تمشي قالت لمها التى كانت تبتسم بسخرية ....أخبار سارة ايه ، بتشوفيها. ...
....بشوفها هههههههههههههههههههه ، انا وسارة أصحاب عمر ، ومفترقناش ابدا ، ومتقلقيش ، سارة تمام ، تمام اوى ، أستاذة فى الجامعة ، وسيدة أعمال ناجحة ، وغنية جدا ، صاحبة مراكز النور ، لو تسمعى عنها ،،،واكيد هسلملك عليها من غير ما تقولى ، انا عارفة أنها وحشاكى اوى ، ههههههههه. ....

أصبح الغضب جليا على وجه هيا وتركتهم وذهبت ،دون أن تنطق بكلمة 
سأل أحمد مها ...هى سارة كمان تعرف هيا ..
...طبعا مش كنا فى جامعة واحدة ...
...وهى ادايقت اوى كدة لما قولتها كل الكلام ده عن سارة ، كان فيه بينهم ايه ...
...اصل هيا بتكره سارة عما ، تشوف العما ولا تشوفهاش ....
...ليه ؟
...قبل ما أقولك ، انت فعلا هتطلقها ولا هترجعوا لبعض ..
تضايق طارق من سؤال مها ...مها...
رد أحمد ...ثوانى ياطارق لو سمحت ، هى تفرق فى كلامك يامها ....
...أه طبعا تفرق ..
...احنا فعلا انفصلنا بس لسة مش رسمى ، ومش هنرجع تانى. ..
...يبقى كدة أقول من غير ما انت تزعل ، فاكر آدم اللى كان بيغنى فى الافتتاح ...
...أيوة طبعا فاكره
...ده كان زميلنا فى نفس الجامعة وفى نفس السنة ، فى الوقت ده نزل اول البوم واتشهر و بالذات فى مجتمع الجامعة ، والبنات كانت هتجنن عليه ، ومنهم هيا ، لدرجة أنها اتنقلت لجامعتنا عشان تكون جمبه ، هى وشلتها ، شوية بنات تافهة زييها ، لكن اتصدمت من اهتمام آدم بسارة ، كان بيحبها وكان مشدود بيها اوى وعايز يقرب لها بأى طريقة ، لكن سارة كانت رافضة تعمل أى علاقة مع أى حد ، وطبعا آدم رفض كل محاولات هيا معاه ، وده جننها اوى ، وبقت تكره سارة اكتر ، مع أن سارة ملهاش زنب، وبدأت تضايقنا اوى هى واصحابها ،وسببت لسارة مشاكل كتير اوى خاصة أن سارة كان اهتمامها كله الدراسة وبس ،، بعد كام شهر بدأت تفقد الأمل فى آدم ، خاصة لما فى يوم أحرجها ادام الكل فى حفلة لما شتمت سارة ، وبعد كدة اتنقلت ومنعرفش حاجة عنها من وقتها ...

استغرق أحمد فى التفكير فى كلام مها ، لم تذكرها سارة ابدا له ، لماذا ؟
قال طارق لأحمد ...هو انت قلت لهيا أن احنا بنخلص شغل ليه ، إحنا قاعدين بنتغدى بس ...
...مليش مزاج أتكلم معاها ، بهرب ....
...طيب ياسيدى ، إحنا نقوم بقى عشان الوقت ، هتقوم معانا ؟
....لا معلش ، هفضل هنا شوية ، اتفضلوا انتوا وتوصلوا بالسلامة ، وصلى سلامى لسارة يامها ...
...وسلام هيا كمان هههههههههههههههههههه ، سلام...
...ههههههههه ، ماشى ياستى ، مع السلامة ....
 


جلس مرة أخرى وتاه عقله فى سارة التى لا تنتهى حكاويها ابدا ، سارة التى يتمناها ويشتهيها ، كيف سيعيدها ؟ كيف سيصل لها ؟
...سارة ، جميلتى ، انتى لى ، مهما حاولتى ومهما قاومتى انتى لى ، ولكن السؤال الآن ،،،،كيف سأصل لكى ؟ 



إعدادات القراءة


لون الخلفية