انتهى الاجتماع ، وقبل خروج أحمد ، استوقفه جده ، وانتظروا حتى خروج الآخرين ، والغريب أن هشام هو الأخر لم يخرج ، بل وقف منتظرا فحوى الحوار ،
لم يعلق أحمد على وقوفه، بل جلس على كرسيه مرة أخرى ليستمع لما أراده جده منه ،
...أنت عارف اللى انت عملته ده معناه ايه ...
...إيه ...
...أنت هتهرج ياأحمد ، ده معناه وقوف كل المشاريع اللى تحت الإنشاء لحد ما حضرتك تتفضل وتوافق عليها ...
رد هشام ...والمصانع اللى كان افتتاحها يوم حادثتك ، مبدأتش شغل ، واقفة من ساعتها، انت كدة بتعطلنا اكتر ...
وبقمة الهدوء قال ... مش انا اللى يعطل ، انتوا اللى بدأتوا، مفروض أنى قبل الحادثة كنا متفقين على كل حاجة ، وفى اجتماع زى ده ، اتقدمت العقود والشروط والمواعيد وكل شئ أوافق عليه ،
لكن بمجرد مارحت فى ستين داهية غييرتوا كل حاجة ، وكل النقط اللى انا اعترضت عليها وغيرتها، رجعتوها تانى ، فبصفتى بقى شريك بالنسب دى كلها ، حقى أطمن على فلوسى ، وده كلامى النهائى، واى شئ هيتنفذ من غير ما أوافق عليه ، هدهولكم كله ، ومش هيفرق معايا انا هخسر قد ايه ...
...بقى كدة ، وهتخلص امتى أن شاءالله ....
...والله انا لسة فى فترة النقاهة ، يعنى هتسلى براحتى كدة ، لحد ما اخلصهم ، عشان متعبش، وطبعا ميرضيكوش تعبى ، بعد اذنكم ....
وقبل أن يخرج قال سليم ...أنت بتعاقبنى ياأحمد. ..
...ليه ، انت عملت حاجة تزعلنى ، يا ...... جدى ....
****************************
يبدوا أن الأطباء عندهم حق فى مسألة العصبية والغضب ، فقد بدأ يشعر بنغزة خفيفة فى صدره من جهة الشمال ، جلس على كرسى مكتبه وسند ظهره للخلف ، يحاول تشتيت فكره حتى يهدأ ،
رن الهاتف وكانت سارة تطمئن عليه
.... وحشتنى الشوية دول ...
...وانتى كمان ..
...إيه ياأحمد ، مال صوتك ، انت تعبان ؟
...هو باين اوى كدة ؟ ..
..مش اوى ، بس انا عارفاك كويس ، يلا تعالى دلوقتى، ولا اقولك ، انا هجيلك، مسافة الطريق ...
...استنى بس ، تيجى فين ، لو عايزة تساعدينى ، هدينى ..
...نعم ...
...هدينى ، قوليلى حاجة تهدينى ، شتتى عقلى عن اللى كنت فيه ...
...اوكى ، فى حاجة معينة ...
...أى حاجة ...
...اممممممممم ، طيب ياسيدى ، فاكر حفلة راس السنة اللى كانت فى تالت شهر جوازنا ...
... ورحمة أمك ، انا بقولك هدينى مش نرفزينى اكتر ...
...هههههههههههههههه ، كدة يبقى انت فاكر ...
...مش بالظبط ، كل اللى انا فاكره انك حضرتك حضرتى الحفلة من غير ما أعرف ....
...لا لو سمحت ، انت مكنتش موجود ، واللى مان فى دماغى ان كدة كدة هتحضر الحفلة مع أصحابك واهلك فى مصر ، ليه بقة انا احبس نفسى فى البيت لوحدى ...
...ورجعتلك عشان متقضيش الليلة لوحدك ، ولما يقولولى على مكانك، اروح الاقى حضرتك بترقصى على ستيدج فى نايت كلاب والبيه بيغنيلك ، وانتى منسجمة اوى ....
...هههههههههههههههه ، كانت ليلة تحفة ....
...تحفة ياتحفة ، دا كان ناقص يبوسك ، كويس أنى اخدتك قبل ما تتجننى اكتر ....
...احمد ، الله ، انا بس كانت دماغى عالية وقتها ، وبعدين متنكرش أن ختام الليلة كان بينا يجنن ، صح ، بس تصدق ، انا فرحانة اوى انك فاكر الحاجات دى ...
... ياسلام ،كان مين قالك أنى نسيت ، مكنتش رجعت ودورت عليكى ...
... وأنا كنت مستنياك ، استنيتك كتير اوى ....
...اوى اوى ...
...اوى اوى ، هههههههههههههههه ، المهم حبيبى، هديت ولا لسة ...
...الحمد لله. ..
..ياواد يامؤمن ، يعنى مش هتيجى ...
...لسة عندى شغل ...
...طيب لما تحتاجلى كلمنى، اوكى ...
...اوكى ..
....اوكى ياقلبي ...
قضى أحمد وقته بين شد وجذب من الجميع ، مما قاضه إلى حالة عجيبة من التوتر ، لكن بطبعه الهادئ وقدرته على التحكم فى انفعالاته ، فلم يلاحظ توتره ذلك أحد ، لم يكمل دوام المجموعة كله ، تركها عند الساعة الثانية ، وموعد الانتهاء الرابعة ،
عاد للمنزل ، قابلته سارة باهتمام عالى ، ملابس ، حمام ، غداء ، أدوية، راحة لمدة ساعة بدون اى إزعاج ، اهتمت بكل شئ يخص زوجها بنفسها ، ويالا كم سعادته بما تفعله هى من أجله ،
قضى أكثر من ساعتين يعلم نور كيفية التعامل مع سيارته الجديدة ، حتى استطاع الحركة بها بشكل جيد ، رغم اصطدامه أحيانا ببعض الأشياء .
جلس قبالته ليرتاح جاست سارة معه ، وبالقرب منهم جلستا كل من رغد وريم يتسامران فى بعض الأمور تخص الموضة، المنظر من بعيد يجعل الجميع يبدون كأسرة سعيدة متكاملة وقد ارتاحت سارة لهذه الفكرة ،
زاره جاسر فى حدود الساعة السابعة ، استقبله أحمد فى قاعة الاستقبال المنفصلة فى الحديقة ،
.. وهتعمل ايه ؟
...والله مش عارف ياأحمد ، ضغط الشغل اليومين دول هيجننى ، بالرغم من أنى عينت مهندسين جداد، بس برده مفيش فايدة ، حتى مازن كان عندى امبارح وطلب تصميم مداخل جديدة لمصانع الغزل ، وده طبعا عاملى لوود جامد ، لأن لازم اصممهم بنفسى. ..
...مازن ، تصدق مسألتش عنه فى الاجتماع ، كنت متصور انه لسة على موقفه ، كدة اتنازل ورجع ...
... هو المفروض مين يسأل على مين ، هو ولا انت ....
...حوار مازن مختلف ياجاسر ، بعده عنى كان طلب منى انا ...
...ليه ؟
...بعدين تفهم ، المهم انت دلوقتى ، من امتى والشغل بيعملك لوود ، انت على طول مطحون ...
...قوم نتمشى بعيد عن هنا وانا افهمك ...
بالفعل قاموا ، أشار لسارة انه لن يبتعد ،
...ها ياسيدى ، ايه اللى حصل ؟
..الجماعة عندنا ، عيلتى فى البلد يعنى ...
...مالهم ؟
... أعلنوا الطوارئ ...
...مش فاهم ، يعنى ايه ؟
... أنت نسيت ولا ايه ، بيخفوا كل الهربانين ، وبيرجعوا اللى مسافرين ، ويزودوا الحراسة الحراسة، ولو وراهم ديل فى حاجة عملوها بينههوه. ..
...عايز تقول ايه ياجاسر ؟
...مش عارف ياأحمد ، الحوار ده مبيتعملش غير لما يكون فى مصيبة جاية ، وابويا متوتر جدا لدرجة أنه تعب اوى ، وأنا مش عارف اعمله حاجة ...
... ألف سلامة عليه ، بس انت معندكش أى معلومة عن سبب الحالة دى ...
...للأسف لأ ، وهو مش راضى يقوللى أى حاجة ، المشكلة أن آخر وأهم العدوات فى الفترة الأخيرة كانت معاك انت ، موضوع سارة يعنى ، عشان كدة انا حبيت ابلغك ،
قوللى ياأحمد ، هو فى حاجة انت عملتها تانى وانا معرفهاش ؟
...لا ابدا ، بس يظهر أن الموضوع هيطلع أكبر من اللى انا عامل حسابى عليه ...
...مش فاهم ..
...ولا انا وحياتك ، الحكاية عايزة بحث كامل من كل الجهات ، وطبعا عيلتك جهة بحث جديدة ، متعرفش أى حد انك عرفت أى حاجة ولا اتكلمت مع حد فى حاجة ، بعد حوار فرحى على سارة ، اكيد هم عرفوا علاقتك بيا كويس ، وكمان هتلاقى فى عداوة مع ابوك دلوقتى ، أخرج انت وابوك برة الليلة دى لحد ما اتأكد ايه اللى بيحصل ، لأنى ناوى على نار هتحرق الكل ، كبير وصغير ، قريب ولا بعيد ، متفرقش ...