مين دى ياسارة ، وتعرفيها منين ؟
...ا انا أعرفها عز المعرفة ، دى نرمين ، اخت جوزى اللى مات ، تبقى أخت أشرف اللى انا كنت بحكيلك عنه انهارضة ....
..إيه ، بتقولى ايه ، انتى متأكدة من الكلام ده ...
... متأكدة ايه بس ياأحمد ، بقولك كانت عمتى أخت جوزى ، وكانت عايشة معانا فى نفس البيت كام شهر وبعدين صمموا يسفروها تعيش مع أشرف بعد اللى حصل ...
... هو ايه اللى حصل ؟
ترددت سارة قبل أن ترد ، فهى تعودت أن لا تخوض فى الأعراض ، استعجلها أحمد فى الرد عندما رأى تمهلها فى الرد ،
... ما تتكلمى ياسارة ، الموضوع مش سهل ، دا فيه دم ...
رفعت سارة عينيها له وقالت بتردد
... هو جدك ممكن يطلقها لو عرف عنها حاجة مش كويسة ...
... ياالله ، الموضوع مش فى جدى خالص دلوقتى ، دا واحد عنده اكتر من 70 سنة متجوز حت بت مكملتش 30 ، وبتسألى اذا كان هيطلقها ولا لأ ، ما تنطقى ياسارة ...
... أصلها ، أصلها كانت منفتحة شوية ، لأ شويتين تلاتة ، تسهر وتسكر ومصاحبة شوية عيال زبالة ، والغريب أن أهلها مكانش عندهم اى مشكلة فى كدة ، وكانوا دايما يقولوا سيبوها تعيش سنها ، لحد ما وصلت للمخدرات ،
المهم انها صاحبت واد سيس كدة ملوش لازمة من شلتها ، واتقدملها ورفضوه ، وعشان تجبرهم انهم يوافقوا اتفقت معاه انها تحمل منه وفعلا نفذوا، وجات قالتلهم انها حامل ، مش عايزة اقولك على اللى حصل ، صقتوها وحبسوها ، وتانى يوم الواد مات فى حادثة ، خبطتوا عربية والفاعل مجهول ، وبعدها بأسبوع سفروها تعيش مع أشرف ، ومشفتهاش تانى ، حتى فى العذا ووقت تقسيم الميرات ، ولما سألت عليها قالولى انها اتجوزت ....
كان أحمد يستمع لها وهو منصت تماما لما تقول ، وعندما أنهت كلامها فتح اللاب مرة أخرى وفتح العقد العرفى ، ثم قال بصوت عالى
... نرمين ناصر محمود ...
ردت سارة ... ايوة ، نرمين ناصر محمود السعدنى ...
... كدة الموضوع ده خد شكل تانى خالص ...
... موضوع ايه ...
... لأ ولا حاجة ، متخديش فى بالك ، هى سناء فين ...
... سناء ايه ياأحمد ، الساعة 11 ، مشيت من بدرى ...
... طيب ممكن بعد اذنك تعمليلى فنجان قهوة. ..
... ممكن طبعا ، دقيقتين ...
خرجت سارة واتصل أحمد بجلال
... اسمعنى كويس واحفظ اللى هقولهولك ونفذه بالحرف الواحد ...
...................................
بعد أسبوعين خلالهم تجنب أحمد تماما لقاء جده أو حتى هشام ، كان هدفه الأساسى زرع الرعب فى أنفسهم طوال هذه الفترة ، وبالطبع متابعة دقيقة لتحركات لجميع بل ومراقبة صوتية لكل مكان من الممكن أن يتواجد فيه أحدهم ، الجد أو هشام ، نرمين ، أو هيا ،
والأهم من ذلك كلف فرقة خاصة من مجموعة محترفين فى المراقبة والمتابعة ، سافروا لألمانيا لمراقبة أشرف السعدنى نفسه ، والتبليغ بتحركاته واجتماعاته وكل ما يتم معرفته عن أعماله المشبوهة ،
أما حياة سارة كانت عبارة عن روتين حركى بين إدارتها لمراكزها وبين اهتمامها بابنها واختيها ،
لكنها بدأت تتذمر من غياب أحمد المستمر عن البيت ، لا يعود إلا فى ساعة متأخرة ويخرج صباحا مبكرا جدا ، حتى فى الأوقات التى يقضيها معها ، يكون شارد تماما ، وكأنه فى عالم آخر ، لكنها قررت الصبر حتى ينتهى من أزمته التى لا تعرف عنها اى شئ .
...........................................
فى مكتب أحمد داخل مقر مجموعة نورالدين الاقتصادية
... أنت متأكد من إلى بتقوله ده ياأحمد ..
... الكلام ده فيه هزار ، تجميعة كل الخيوط والأحداث كلها بتقول كدة ....
.. ده كدة يبقى الحكاية أكبر بكتير من محاولة قتل سارة ...
... قتل سارة ده كان الطعم اللى حطوه فى عقل كدة ، اقنعوه أن ده الحل عشان أفضى للمجموعة وأرجع تحت أيده مرة تانية ، وللأسف وافق ، لكن الحقيقة أكبر واقبح من كدة بكتير ، انا الهدف الأساسى من الحكاية دى كلها ، مش بس كدة ، المجموعة بالكامل مستهدفة ، عن طريق الحيوان هشام ، والسافلة اللى معاه ...
... هيا ...
.... مين غيرها ، كل اللى جمعته فى الأيام اللى فاتت اكدلى ده ، هيا هى همزة الوصل الأولى بين هشام واشرف ، وهى اللى سهلت كل الاتفاقات اللى تمت ،
الانكت بقى من كل ده ، نرمين وحكاياتها ...
... نرمين مين ..
... البنت اللى اتجوزها جدى ...
... أه ، اخت أشرف ....
.. بالظبط ، البت دى كانت عبارة عن زرعة فاسدة فى حياة جدى ، تبلغ كل تحركاته ، بل بالعكس ده هى اللى بتحركه اصلا ، الغريب بقى انها مسجلاله كل اتفاقاته ، مع هشام ، ومع عيلة سارة ومع أشرف نفسه ، ومخبية كل التسجيلات دى فى خزنة فى بنك ، زى ما يكون كانت بتجهز انها توقعه بعد ما يخلصوا منى ،
غير كدة ، البنت دى كانت متجوزة قبل كدة ، تخيل مين ؟
... مين ؟
... سام جريجوري. ..
... سام ، الاسم ده انا سمعته قبل كدة ...
... طبعا سمعته ، سامر الجيزاوى ، نسيته ولا ايه ...
... أاه ، صاحب علاء الله يرحمه ...
... بالظبط ، وهو إللى ضيعه بعد ما وصله لمجموعة المافيا اللى اشتغل معاهم ...
... متقوليش انها جاية تنتقم منك بعد ما قتلت سام معاهم وانت بتنتقم لعلاء ...
... ده اكيد ، اصلا قليلين اوى اللى كانوا يعرفوا أن انا اللى خططت ونفذت حكاية قتل الناس اللى قتلوه ، بس واضح ان هم عرفوا ومش عايزين يسيبوا اللى حصل يعدى ...
... يانهار اسود ، دى اتعدت بشكل مستحيل ..
... متقولش اتعدت دلوقتى ...
... إيه لسة فى تانى ؟
... واضح انهم شغالين من سنين من غير ما أحس بيهم ، المجموعة خربانه بالذات المصانع الجديدة ، توريدات مش حقيقية وعقود وهمية ، واختلسات وملفات اختفت ، بلاوي سودا مليا المجموعة ، وكلها تمت فى اخر 6 شهور ...
.. اذاى ده حصل ...
... بتسألنى انا ، انا هتجنن ، مبقتش شايف قدامى ومش عارف كل ده هيتصلح اذاى ..
... وجدك فين من ده كله ، واعمامك وولاد عمك ...
... ههههههههه ، اعمامى وولادهم اول المختلسين ، كلهم قرروا انهم ياخدوا حقهم قبل ما استلم انا كل حاجة ، منها يخربهالى ومنها يبقى ضمنوا حاجة ...
... وانت هتعمل ايه فى كل ده ؟
... لازم امشى بالاولويات ، رأس الأفعى الأول ، وبعد كدة بقية جسمها ، إنما الخساير المادية أمرها سهل ، الناس اللى سببوا الخساير دى هم اللى هيتعلموا الأدب ، مهما كانوا قريبين منى ...
صمت أحمد لبرهة وكأنه ارهقه الحديث عما يحدث ، وما اعتلى قلبه من خيانة كل من حوله .
وصمت جاسر معه لثوانى ثم قال
... وسارة ، عارفة الحاجات دى ؟
انتفض أحمد عند ذكر اسمها وقال
... لأ ، سارة لأ ، متعرفش اى حاجة ، ومش عايزها تعرف اى حاجة ، كفاية اللى هى شايفاه وكفاية انها متحملانى وانا فى الحالة دى ،
إياك تقولها ياجاسر ، إياك ، خليها فى أمان دلوقتى لحد ما أشوف هعمل ايه ...
... يابختها بيك ياصاحبى ، وربنا معاك فى اللى بيحصل ، لو فى حاجة اقدر اعملها قوللى ...
... ليك دور ، متقلقش ، بس لسة مجاش ....
خرج جاسر من مكتب أحمد وهم الدنيا فوق رأسه مما يحدث لصديق عمره ولا يعلم كيف يساعده ،
... ازييك ياجاسر ...
انتفض جاسر وتوقف فجأة ، وكأنه لم يرى القادم امانه مما يدور فى عقله ،
... إيه اتخضيت كدة ليه ...
... ابدا ، كنت سرحان شوية ....
... ده طبيعى ، مش خارج من عند أحمد ، هو إللى بيخرج من عنده بيبقى كدة ، سرحان وتايه. ..
... مش للدرجادى ياهشام ....
... لأ وحياتك ، واكتر من كدة كمان ، هو فاضى ...
... والله معرفش ، روح وشوف ، بعد اذنك ...
اتجه جاسر للأسانسير وعين هشام تتبعه حتى أغلق الباب ، استدار بمواجهة باب مكتب سكرتارية أحمد ، وتحرك وهو ممتعض وكأنه لا يريد الدخول .
........................................
حاولت السكرتيرة منعه من الدخول لكنه تخطاها ودخل دون حتى أن يطرق الباب ،
كانت جينا تجلس مع أحمد على طاولة الاجتماعات الموجودة فى أحد جوانب مكتبه ، يتناقشون فى المهازل التى وجدت فى المجموعة ،
... إيه ده فى ايه ...
... يعنى ايه فى ايه ، ازاى سكرتيرتك تمنعنى ...
لم يرد عليه والتفت لجينا وقال
... نكمل بعدين ، واللى قلتلك عليه اعمليه ، اتفضلى انتى ...
فى الوقت الذى قام أحمد واتجه لمكتبه ، وقفت جينا وجمعت ملفاتها وهمت بالخروج ، مرت من بجانب هشام ورمقته بنظرة لم تعجبه ، وتدايق منها ،
خرجت جينا واغلقت الباب واتجه هشام لمكتب أحمد ،
... أنت موصى مدخلش مكتبك ولا ايه ؟
... بلاش هبل ، كل الحكاية انى مبلغها متدخلش حد لحد ما اخلص اجتماعى مع جينا ...
... أه ، جينا ، انا جايلك عشان كدة ، عرفت اللى هى عملته انهارضة ..
... أه عرفت ، هى قالتلى ...
... قالتلك انها كسرت كلامى أدام الموظفين ...
... وإن ايه دخلك فى دواخل المصنع أساسا ، انت مش مسؤوليتك متعلقات التصدير ...
.. هى دى المشكلة بالنسبالك ...
... أه طبعا ، جينا مكانى ، وبتنفذ اوامرى انا بس ، وفى غيابى ليها كل الصلاحيات ، وكل واحد يلتزم بمكانه ياهشام ...
.. وجدك عارف الكلام ده ...
... متفرقش كتير ، كلامى انا اللى هيمشى ، روح قوله لو عايز ....
... بقى كدة ياأحمد ، افتكر أن انت اللى بدأت ...
والتفت هشام ليخرج فى الوقت الذى قال أحمد فيه بعدما أدار كرسيه وأعطى ظهره لهشام ،
.. مش انا اللى بدأت ياهشام ، اللى بعمله ده مجرد ردود ، ولسة بدرى على نهايتها ...
التفت هشام له مرة أخرى وهو يقول
... تقصد ايه بالكلام ده ...
... روح ياهشام ، روح شوف وراك ايه ...
خرج هشام وعقله مبهوت بجملة أحمد الأخيرة التى لا يفهم منها إلا أنه يعرف ما كان ، كل يوم عن الآخر يتأكد له أنه فى دايرة الخطر الآن ،
لكن أن كان يعلم حقا لماذا لا يتكلم ويخبر الجميع ويتتقم ، لما هذا الصمت القاتل ؟
أكمل أحمد يومه وككل يوم لن يعود إلا فى ساعة متأخرة ، يتعلل بالإرهاق كعادته ليهرب منها ومن التساؤلات التى تملأ عينيها بالنوم .
لكن هذه المرة لن يحتاج للهروب ،
فى الساعة الثالثة عصرا ، اتصل جلال بأحمد وهو متردد فى نطقها
... الو ، ايوة ياأحمد ليه ...
.. همممم ، فى ايه ..
.... دكتورة سارة ....
انتفض أحمد وانقبض قلبه وهو يقول ... مالها ...
... أنا آسف يافندم ، إحنا دورنا عليها فى كل مكان و مش لاقينها. ..
يتبع