عندما وجد حمدى ان الصراع بين سارة وعمها سعيد وصل لهذه الدرجة تدخل قائلا
....اهدى يابتى، احنا مش جايين وجاصدين الشر ، بالعكس احنا خايفين عليكم من وجودكم وحدياتكم اهنا ...
فوجهت سارة كلامها له بطريقة جادة ...من كلام والدتى عنك قلت أنك مستحيل تشارك فى اللى هم بيقولوه ده ، بس واضح أنها متفرقش ، ومن الآخر ، احنا طول عمرنا عايشين من غير أهلاو راجل وناويين نكمل على كدة ،، انا خلصت كلامى ، كملوا قهوتكم وتتفضلوا بألف سلامة ، وياريت الزيارة متتكررش ، عن اذنكم ....
تركتهم سارة وخرجت ، توجه سعيد بكلامه لحمدى ...هى دى اللى انا كنت عايزنا نكلمها براحة والعجل، اهى طردتنا ، طردت عمامها ، والله ليكون آخر يوم فى عمرها ، لا عاش ولا كان اللى يهينا اكدة ...
...اهدى ياحج سعيد ، مش بالطريقة دى ، انا لسة عند كلامى ، العافية والتهديد مهيعملوش معاها حاجة ، خلينا نمشى دلوقيتى، ولينا كلام تانى ....
خرج الجميع بعدها بدقائق ويبدوا على وجوههم الغضب الشديد ، هذا ما كان ينقصها ، ازدياد الطماعين من حولها ، هى ليست جاهزة لاحتمالات التعدى من هؤلاء ، فكيف ستتعامل مع هؤلاء ..
جلست سارة فى غرفتها تفكر فيما سيحدث ، يجب أن تأخذ كل الاحتياطات اللازمة حتى تبعد اذاهم عنها ،ولكن ما هى هذه الاحتياطات ؟، وكيف ؟ فهى لا تعلم عنهم أى شئ غير ما قالته والدتها قبل وفاتها ، ماذا ستفعل الآن ولمن تتجه ؟
عادت رغد وريم من الجامعة ، غيروا ملابسهم ، وجلسا الجميع للغداء ، خيم عليهم جميعا حالة من الهدوء المستمر ، لم يقطعه أحيانا غير نور ومشاكسته المستمرة لهم ، فحزنهم على أمهم مازال فى أوجه ،
بعد الغداء اتجهت سارة للمطبخ لتحدث سناء ،
...خلصتى ياسناء ؟
...أيوة يادكتورة ، تحبى أعمل لحضرتك حاجة ....
...لا ابدا ، انا هعمل قهوتي والنسكافيه للبنات ، روحى انتى اجهزى عشان تروحى بيتك ...
...ليه بس ،، خلينى معاكى الليلادى كمان يمكن تحتاجينى ..
. ..كتر خيرك ياسناء ، انتى بايتة معانا بقالك 3 أيام ، حرام عليكى ولادك يابنتى واحنا الحمد لله كويسين ، لو عايزة تخدمينى بجد ، خلصى موضوع الدادة اللى قولتلك عليه ...
...والله يادكتورة سألت بس ملاقتش اللى حضرتك عايزاه....
....بصى ، انا ممكن أكلم مكتب التخديم يجبلى حد ، بس انا عايزة حد انت تعرفيه شخصيا عشان مقلقش على نور وهو معاها ...
...هو فى حاجة كنت عايزة أخد رأى حضرتك فيها ...
...إيه ..
...أنا اختى مخلصة فنى صناعى من سنة وقاعدة مستنية عدلها ، ايه رأى حضرتك تيجى هى عشان نور ، وأنا اضمنها برقبتى ،هادية وطيبة وست بيت كويسة ،وأهى تساعد شوية فى جهازها . ....
... بس دى شكلها صغير اوى ، هتعرف أذاى تتعامل مع نور ؟
..لا متقلقيش من الناحية دى ، دى هى اللى مربية ولادى ...
....بس هى هتشتغل من الساعة 2 للساعة 8 بليل ، هتروح بولاق أذاى فى وقت متأخر كدة ..
...أبويا هييجى ياخدها وهى مروح ، مش قلت لحضرتك انه بيشتغل فى المصانع قريب من هنا...
...خلاص ، هجربها كام يوم ، لو قدرت تتعامل مع نور كويس ، هتكمل وهعملها مرتب كويس ، بس لازم تفهميها كل حاجة عن طريقة شغلها هنا ، وابقى هاتيها فى أقرب وقت بقي ، انتى عارفة الظروف ..
...ربنا يخليكى يادكتورة ، من بكرة أن شاء الله تكون هنا . ..
قضت سارة ليلتها تفكر فيما حدث ، ولم تنم أكثر من ساعتين رغما عنها ، فقد سقطت من شدة الإرهاق ،
صباحا خرجت مبكرة ، ولم تتناول غير فنجان من القهوة ، وتركت خبر لريم أن تجهز نور وتفطره وتركبه باص الحضانة ،
ذهبت هى لإكمال تجهيز الفرع السابع ، فقد قررت أن يكون افتتاحه فى أول الاسبوع القادم ،
وهى فى الطريق ، سمعت هاتفها يرن ، نظرت للشاشة فوجدته رقم غريب به مفتاح الولايات المتحدة ، إنه أحمد ، أخبرها صباح أمس انه مضطر للسفر لإنهاء بعض الأعمال العالقة ولن يتأخر أكثر من ثلاثة أيام ،
وضعت السماعة فى اذنها وفتحت الخط
...السلام عليكم ...
...عليكم السلام ،، وحشتينى ...
التزمت الصمت لثوانى ثم غيرت اتجاه الحديث
...بتعمل ايه ...
...لسة داخل حالا ، هرتاح شوية وخرج تانى ...
...نفس البيت ..
...اكيد ، مستحيل اغيره ابدا ...
...أول الليل عندك دلوقتى، هتخرج تانى ليه ، حفلة ...
...لا والله ، انا بس بحاول اضغط الحاجات اللى هعملها هنا ، عشان ارجع بسرعة ، انتى خارجة بدرى كدة ليه ، انا سامع الشارع ...
...افتتاح مركز وسط البلد بعد أسبوع ، عندى حاجات كتير هتتعمل فخرجت بدرى ...
...هتعزمينى ، ولا انا برة الحسبة ...
...اعزمك على ايه ، انا مبعملش حفلة ، الافتتاح عندى بيكون يوم مجانى للكشف فى كل التخصصات ، بعلن عن المركز والحجز لليوم ده بيكون طول فترة أسبوع قبل الافتتاح ....
...فعلا فكرة حلوة اوى ، طيب هتحضرى الافتتاح عندى بقى ..
....افتتاح ايه ؟ ...
...مجمع المصانع اللى قلتلك عليه قبل كدة ، فى المنصورة ...
... معتقدش ...
...متحاوليش ، انا مصمم ، هزعل منك بجد ..
...بلاش احسن ، ومفيش داعى للزعل ، انت عارف الظروف ...
...أنتى لازم تغيرى جو ، ولا فى أسباب تانية لرفضك ...
... تقصد ايه بأسباب تانية ...
....ولا حاجة ، انا هرجع بعد يومين ، واعملي حسابك انك هتحضرى الحفلة ياسارة ، انتى سيدة أعمال دلوقتى ، ولازم تنخرطى فى الجوده ، هبقى اكلمك تانى ، اوكى ...
...اوكى ، باى ...
أغلقت الهاتف وبدأت تفكر فى كلامه ، قائلة
...أنا مش ناقصة الغاز ياأحمد ، كفاية اللى انا فيه ...
عندما وصلت للمركز ، بدأت فى أكمال التجهيزات وتركيب الأجهزة المطلوبة ، وأمرت ببدأ توزيع اعلانات الكشف المجانى لمدة ثلاثة أيام كأفتتاح للمركز ، واختارت مجموعة الموظفين اللذين ستنقلهم من المراكز الأخرى للمركز الجديد لتعليم الموظفين الجدد كيفية إدارة العمل .
أنهت جزء كبير فيما يتعلق بهذا الموضوع ، وفى خضم كل هذا تذكرت هشام ، لماذا لا يتصل بها ليطمئن عليها ، لما هذا الانقطاع المفاجئ عنها ، تحاملت على نفسها وقررت الاتصال بها لتتأكد فقط انه بخير وبعد ذلك لا يهم عدم اهتمامه فى شئ وحاولت طوال المكالمة أن تتحدث بجدية واضحة ، ولكن للأسف وجدت الجدية والبرود أكثر فى الجهة المقابلة
...الو ، ازيك ياهشام ..
...تمام ، وانتى ...
....الحمد لله ، كويسة ، انا قلت أطمن عليك بس ، يلا ، باى باى
...سارة...
لم تدعه حتى يكمل كلامه وأغلقت الهاتف ، يوجد شئ لا تفهمه فى هذا الموضوع ، لماذا غير من طريقة معاملته لها ، لماذا تغير معها ،
هل من الممكن أن يكون علم شئ عن زواجها من أحمد ؟
هل من الممكن أن يكون أحمد هو من أخبره ليجبره على الابتعاد عنها ؟
لابد أن تعلم ما حدث ، والآن قبل غدا .
لكن لماذا يهمها الأمر ، هل تهتم لأمر هشام ؟ أم ماذا ؟