الجزء 22

استمر أحمد فى سرد تفاصيل علاقته بعائلة والدها ، وصداقته بإبن عمها الذى لم تكن تعلم عنه شيئا . 

....فى الوقت ده كنت بدأت اشتاقلك جدا ، وحبيت اعرف انت عايشة فين وإذاى ، كل اللى عندى عنك كان اسمك اللى فى عقد الجواز مش اكتر ،جبت اسم الجامعة اللى كنتى بتدرسى فيها هنا من الجامعة فى كاليفورنيا ، واتصلت برجالتى هنا واديتهم اللى وصلتله وطلبت منهم يعرفولى كل حاجة عنك ، طبعا عرفوا عنوانك اللى كنتى عايشة فيه وراحوله ، عرفوا انك اتجوزتى وخدتى أمك واخواتك البنات ومشيتى مع جوزك ، وطبعا سبتى ابوكى ، لكن محدش يعرف انتى رحتى فين ولا حتى ابوكى نفسه ، لحد ماهو مات ، وانقطعت بموته كل الخيوط اللى ممكن اوصلك بيها ، إلا خيط واحد ،،، اسم ابوكى بالكامل ،،، محمد عبد الهادى الدهان ،،، فى الاول افتكروا انه تشابه أسماء ، خاصة أن اسمك فى بطاقتك سارة محمد عبد الهادى ، وبس ، 
فجأة لقيتهم اتصلوا بيا وقالولى أنك من نفس العيلة اللى بعتهم يقلبوا وراها من فترة ، وأنك تبقى بنت عم جاسر ، وطبعا قالولي تفاصيل علاقتهم بأبوكى وأمك ، وأسباب طردهم لأبوكى من العيلة ، ،،طبعا جاسر ميعرفش أن انا على علم بكل الكلام ده ، لحد يوم حفلة افتتاح المنتجع ، 



...هو جاسر كان فى الحفلة ؟
...طبعا ، ده مهندس الديكور اللى عمل المنتج كله ...
...مهندس ديكور !
..أيوة ، و مشروعه اللى اللى عملتهوله كان مكتب هندسى كبير ، وبصراحة هو عمل صدى واسع ، وهو طلع محترف ومميز فى شغله اوى ، واتشهر بسرعة ، 
المهم كان اخوه معاه فى الحفلة ، وهو ده اللى عرفك اول ما شافك لما كنتى واقفة معايا على البحر ، وتانى يوم سألنى ، 
وقتها قلتله ان فى مشروع خطوبة بينك وبين هشام ، كنت عايز أجيب آخره فى الكلام ، وحصل اللى انا عايزه ، 
قاللى انك بنت عمه ، وعايشة لوحدك فى مصر انتى وأمك واخواتك البنات ، وأهله عرفوا انك غنية ومصممين يوصلوا للى عندك ، وبدأوا بالفعل يجهزوا نفسهم لتنفيذ ده ، لكن هو ميعرفش أى تفاصيل ، وطلب منى أن أنبه هشام لو كان يهمه أمرك فعلا ، 
فى اللحظة دى بس قلتله على حكايتى معاكى ، وأنك هتكونى ليا مش لهشام ولا لأى حد تانى ، وأنا اللى هحميكى مش حد تانى ، 
بعدها بأسبوع قاللى أن أبوه وعمه جم من البلد وقعدوا عنده فى البيت ، وجاى معاهم ناس تانية ، وحجزولهم فى فندق قريب ، طبعا بدأت أجهزة نفسى للموضوع ، وبعت ناس يراقبوهم ، ويوميها قررت انك اعملك حراسة حتى لو من غير متعرفى ، وكمان اخواتك وابنك ، وقررت كمان أنى أنا كمان لازم أكون قريب منك معظم الوقت ، عشان كدة اشتريت البيت اللى جمبك ، وجهزت نفسى أنى هتنقل فيه فى أقرب فرصة ،

لكن وفاة والدتك عجل بكل حاجة ، حتى ردود أفعالهم ، 
وباقى الحكاية بقى انتى تعرفيها ، اللى متعرفهوش أن جاسر كان بيحكيلى اول بأول كل اللى بيعملوه معاكى ، 
لكن اللى خلاني اعجل برجوعى أن اتصل بيا وقاللى أن لازم ارجع حالا ، لأنه سمع عمك سعيد بيتخانق مع عمك حمدى بسبب طردك ليهم من بيتك لما جولك هنا ، إنه فهم من كلام عمك انه ناوى يردهالك جامد ويعلمك الأدب على حد كلامه ، وده طبعا معناه انهم قرروا يأذوكى ، لدرجة ان عمك حمدى طلب من جاسر ان يتجوزك عشان يحميكى منهم ، وده طبعا انت مقولتيهوش ، بتبصيلى كدة ليه ؟
...ولا حاجة ، ليه مقولتيليش انك تعرف كل ده ...
...كنت هقولك طبعا ، بس كنت مستنى أحس انك بدأتى تثقى فيا ، كنت بتمنى تيجى انتى وتحكيلى الأول ، كان نفسى تختارينى انا بالذات من كل اللى حواليكى ، وكنت واثق أن ده هيحصل ، بس هياخد وقته ، عشان كدة مفرضتش عليكى نفسى ...
لم تحيد عينها عنه للحظة ، ظلت تسأل نفسها ،،، هل هو مهتم بها لهذه الدرجة ؟ 

....رحتى فين ؟
...أنت عايزنى أعمل ايه دلوقتى ؟
...وهتنفذى ؟ 
... بتهرج ! ، بعد كل اللى عملته عشانى حتى من غير ما أعرف ،،، بتسألى هنفذ ولا لا ؟ 
...عايزك تسيبى البيت هنا لفترة مؤقتة ، لحد ما أنهى الموضوع ده ..
...أنت قلقان حاجة معينة؟ 
...مش بالظبط ، بس من دراستى لعقول الناس دى مع علمى بتفاصيل اللى عملوه فى ناس تانية ، خلاني اقول انهم هيحاولوا يعملوا حاجة ، لأن التدخل هيكون منى انا شخصيا ، فطبيعى انهم يردوا عشان يثبتوا انهم أقوى ، ومش عايز الرد ده يكون فيكى انتى أو ابنك أو حد من اخواتك ، يكون فى حاجة تانية مش مشكلة ...
....وهنختفى قد ايه ؟
...بالكتير أسبوع ...


...هنخرج برة مصر ؟
...مفيش داعى ،يكون فى مكان ميتوقعهوش، ،، بصى ، انا عندى مزرعة فى الفيوم ، روحي هناك ، على الأقل اخواتك يغيروا جو وفى نفس الوقت نبعدهم عن اللى بيحصل ...
...اوكى ، انا موافقة ، بس ...
...بس ايه ؟
...افتتاح المركز ، الناس بدأت الحجز فعلا ، ومكنتش عايزة أغير الميعاد ...
....مش هنغيره ، وكل حاجة هتمشى زى ما انتى مجهزالها، وهبعت ناس يشرفوا على الافتتاح ...

بدأت عيناها تمتلئ بالدموع ، فقد حاولت مرارا التحكم فيها ، ولكن هيهات بعد كل ما تم وما قال 
...احمد ...
...نعم ...
....أنا ، انا مش عارفة اقولك ايه ...
اتجه إلى الكرسى القريب منها ، جلس عليه ثم انحنى قليلا باتجاهها 
...مش عايزك تقولى حاجة ، عايزك بس تاخدى بالك من نفسك ، انا ما صدقت أنى لقيتك بعد كل السنين دى ، ومش هسمح لمخلوق يقربلك ، لازم تبقى واثقة من ده ....

أمائت له بالموافقة ، وبعدها أكمل هو كلامه 
...بكرة يومك يكون عادى ، عشان محدش ياخد باله ، وفى نفس الوقت تكون حاجتكم جاهزة ، هنمشى بكرة بعد نص الليل ، انا هروح معاكم ، هوصلكم وهرجع ، اوكى ..
...اوكى ..
...هسيبك دلوقتى ، الوقت اتأخر ، حاولى تنامى شوية ، بكرة يومك طويل اوى ، يلا ، تصبحى على خير ...
...وانت من اهله ... 
وقبل أن يصل للباب ، سمع ندائها عليه بطريقة كان يعشقها ، كانت تناديه بصوت جدا وكأنها لا تريده أن يسمعها ، بصوت مملوء بمشاعر لم يفهمها إلا بعدما غادرت حياته 
....أحمد. ..
التفت لها بهدوء ، وظل واقفا عن الباب ، حتى أنه لم يرد 

...لو فعلا ليا فى قلبك المكان ده كله ، ليه سبتنى أمشى ، ليه طلقتنى بسهولة اول ما طلبت ، انت حتى مسألتنيش عايزة تطلقى ليه ، مودعتنيش ، وأنا ماسكة شنطنى وماشية ، كلمتنى وانتى بتبص فى ورق على مكتبك ، سنين وانا بقول لنفسى أنى مكانش ليا مكان جواك اصلا ، بسبب رد فعلك على طلبى وقتها ، ليه ، ليه ياأحمد ؟ 
فوجئت به يبتسم كرد فعل من كلامها ، واسند ظهره للحائط
...إيه ، سؤالى يضحك ؟
...لا ابدا ، اصلى فضلت فترة طويلة اسأل نفسى نفس السؤال
بس بعتاب ، كنت كل ما توحشينى اوى ، ألوم نفسى ، وسألها ، كان ليه اصلا من الأول ؟ ، ليه سبتها ؟ اتجوزتها 8 شهور وطلقتها بمجرد ما طلبت ، وده كله ومتعرفش عنها أى حاجة ، بس صدقينى ، وقتها ، كنت افتقدتك اوى فى الفترة اللى جيتى فيها تزورى اهلك فى مصر ، حاجات كتير مكانش ليها طعم وانتى مش موجودة ، عشان كدة كنت مجهزلك حاجات كتير اوى اول ما ترجعى ، رحلة للباهامز ، وكمان جبتلك هدية ، لدرجة أنى فضلت ايام أتخيل لحظة ما اشوفك هيكون شكلها ايه ، قلت لنفسى أنك اكيد مفتقدانى اوى ، وأول ما هتشفينى هتجرى عليا ، تحضنينى ، وتبوسينى ، تعيشينى فى الجنان اللى اتعودته منك ، لكن فجأة لقيت شكلك غريب ، واقفة وشنطتك جمبك ، وبتقوليلى أن الاتفاق اللى بينا مبقاش يناسبك ، وأنك عايزة تنهى العقد ده ،،، أحمد ، لو سمحت طلقنى ، حطى نفسك مكانى ، وليكى تتخيلى رد الفعل ، 
محستش بنفسى غير وانا بقولك ،،انتى طالق ،، وعرفت بعدها بأسبوع انك نهيتى منحتك ورجعتى مصر ...

ثم اقترب منها ببطئ ،وجثى على ركبتيه أمامها وقال
...سامحينى ، سامحينى ياسارة ، مكنتش اعرف اللى انتى فيه ، وده طبعا غلطى انا ، ادينى اعوضك اللى عيشتيه بعيد عنى ، واعوض نفسى معاكى حرمانى منك سنين ...

تركته يتشبث بيدها ويقبلها ، فقد احتاجت أن تسمع منه هذه الكلمات لتحيا بها من جديد ، فقد كانت تعيش فقط كالميت الذى يتنفس طوال السنين التى عاشتها بدونه ، لم يستطع أى رجل أن يحتل مكانه فى قلبها ،،،،لكن المهم الآن أنه عاد 
عاد اليها مرة أخرى ،، وهى تكتفى به عن الدنيا ولا تريد شيئا آخر 



إعدادات القراءة


لون الخلفية