الجزء 6

"ما بك أين ذهبت إيهاب ؟!"
"لم اذهب لمكان انا هنا معك "
ليتأمله جاسر ينظر إلى عينيه ونظراته يعرف تلك النظرات جيدا لكن لا تعليق مع احمق مثل إيهاب ..
ليوجه الكلام إليه :"كيف هي حياتك هنا وحياة مريم هل استطاعت التأقلم ؟!"
ليرد إيهاب بتهكم:"وكيف تتوقع ان تكون هنا بوجود اسراء وامي؟"
ليرد جاسر ببعض الإدراك:"أستطيع التخيل بالتأكيد لن تكون افضل من حياتها هناك بل اسوأ ربما"
ليقول إيهاب بتأكيد :"نعم بالظبط هذا ما يحدث لا اعرف سر هذا الكره لها ما ذنبها هي في كرههم جميعا لامها ..
يا رجل حتى أمها اشعر انها لا تحبها وتكره وجودها.. اتعلَّم نحن هنا من عام كامل لم تجري أتصالا واحدا بها وكأنها حمل ثقيل وتخلصت منه..انا أشفق عليها"
ليكمل وهو ينظر لها وهي ترفع الصغيرة تلعبها بمرح لتلمع عينها بسعادة خفيفة لعودة ضحكتها ليكمل بصوت دافئ صادق :
"انا أتألم لألمها الصامت ،لشعورها بالنبذ.. هي جزء مني ولدت علي يدي انا ونشأت علي يدي انا جاسر ..تعرف انت رأيت "

لينظر له جاسر باهتمام وهو يتحدث.. إيهاب المهتم دائما للجميع.. تلك شخصية صديقه مراعي صادق ..
ولكن عيبه الحماقة وإنكار حقه وخوفه من كلام الناس والمجتمع ..يحمد الله انه ليس به تلك الصفة وإلا كانت ضاعت منه سعادته واستقراره مثل ما يفعل صديقه في نفسه.. يعلم وشهد ماذا تعني مريم له واهتمامه بها.. كان يفرضها فرضا عليهم في خروجاتهم الشبابية ويخيرهم بين وجودها او عدم مجيئه على الإطلاق وهذا بسبب ترك العائلة لها وحيدة مع الخادم في المنزل وهذا ما كان يرفضه إيهاب بإصرار فكان اختيارهم دئما وجودها ما بين مشفق على الطفلة التي يعلموا حقيقة وجودها وبين متذمر وبين غير مبالي.. 


وهو كان من بين المشفقين المتمتعين بصحبتها فهي كانت
طفلة حلوة المعشر وجميلة الروح حتى وهي ترفض مشاركتهم أي مرح يحاولون جذبها فيه لتندس في صدر إيهاب ..كانت دئما تنظر له نفس نظرة التملك والانبهار من أفعال بسيطة يفعلها لسعادتها ولكن نظرة التملك الان اختلفت لقد رآها في اعين
الاثنان ربما هو كما تقول زوجته مجنون لكن لا يخطئ تلك النظرة ابدا.. 
ليرد جاسر عليه متفحصا وجهه باهتمام :"لا تحمل نفسك أخطاء الجميع يا صديقي ليس ذنبك،أنت فعلت كل ما استطعت.. 
أعطيتها كل ما تحتاجه ولم يقدم لك احدا شيئا"


ليضيف بعدها ببعض اللوم:"مريم بالتأكيد في يوم ما سوف تجد من يهتم بها وتجد سعادتها وتنشئ أسرتها المستقلة"
ليرفع إيهاب عينين مليئتين بالرفض والاستنكار ليتسائل ببعض الحدة:"ماذا تعني؟!"
ليرد جاسر مدعيا اللا مبالاة:"أعني أنها سوف تجد شريك حياتها ويعوضها ما تعاني ويرسم لها حياة مستقرة وسعيدة" 
لتظهر علامات الرفض التام على وجهه والغضب المكتوم 
لينظر له جاسر بتسلية:"ما هذا إيهاب هل هذه غيرة اخ؟!لم اعلم أنك هكذا"

ليحاول إيهاب تغيير الموضوع ومناقشته في شيء بعيد تماما
لتأتي مريم بعد قليل حاملة الطفلة المكتنزة وتجلس بجانبه 
تلاعب الطفلة بهدوء ليلتفت لها إيهاب ليأخذ الطفلة منها ويقبلها ناظرا لها بنظرة بها بعض الألم 
قبل الطفلة التي تداعب وجهه وتضحك بصخب وطفولية له 
من مداعبته لها ليخاطبها إيهاب بصوته المحبب للجالسة بجانبه 
"ما اسمك حلوتي؟"
لترد مريم:"منار ..اسم حلو لطفلة رائعة أليس كذلك؟انا أحببتها جدا"
ليعاود إيهاب النظر للطفلة ومن عينيه تطل تلك النظرة المتالمه 
لتحدث مريم نفسها ( آه يا الله.. إيهاب أتألم لأجلك انت مقتنع تمام بفكرة عقمك.. فكيف أقنعك انا بعكسها؟! لا فائدة)
لتتنهد بكبت وصمت ( يارب ساعدني )
لتنطق الطفلة تشير لوالدها :"مجا مجا "
ليرفع إيهاب حاجبيه:" ماذا تقولين حلوتي؟!"
لترد مَي وهي تدلف إليهم:"انها تنادي على جاسر تقول مجنون" 

ليردّد إيهاب بصدمة:" ماذا قولت هذا مزح صحيح؟!* 
ليرد جاسر غير مبالي:" لا هذا صحيح..حمقائي رقم اثنان تدعوني مجا مجنون وتدعي والدتها ققا. ويعني حمقاء" 
لينفجر الجميع في الضحك لتقاطعهم مَي بغيظ:" سامحك الله يا جاسر ..انت من علمت ابنتي هذه الكلمات، البشر يقولون ابي وأمي وانا ابنتي اول كلمات لها مجنون وحمقاء"
لتتنهد مدعيه اليأس:" هيا الآن إلى غرفه الطعام والدتك تنتظرنا"
ليتحرك الجميع إلى هناك ليخبرهم جاسر بصوت خافت بتحذير "انظرو لي جيدا عند الطعام.. ما أهز رأسي لكم بالنفي عنه
إياكم وتذوقه.. هذا يعني انه صنيع زوجتي وهي وصنع طعام يعني غسيل معوي عاجل"
"لقد سمعتك جاسر ولن اغفرها لك اقسم"
ليميل إيهاب إلى مريم يوقفها قليلا عن التقدم بتساؤل:
" هل انت نادمة انك اتيت معي؟"
لتنفي بتأكيد:" لا بل أشكرك احببتهم بشدة..الفتيات رائعات ووالدتهم جميلة اول مرة اشعر بمعنى دفء عائلة إيهاب "
لتضيف ببعض التردد والتساؤل:"انا اعتقد انه احبوني هل هل تعتقد ذلك بغير العادة هناك احد ما احبني ؟!"
ألم قبض على صدره من عدم ثقتها في ان يتقبلها احد بطبيعتها ..الم حارق يكويه، ليته يستطيع ان يفعل أي شيء لنزع هذا الشعور ..ليسيطر على شعوره ليرد عليها ببعض البشاشة والتأكيد :"بالطبع صغيرتي هم احبوكي وبشدة أيضاً رأيت ذالك في مرحهم معك وايضاً من يستطيع ان لا يحبك حلوتي؟!"
لترد بمرارة وتأكيد:" الجميع إيهاب الجميع"
"انت لا تعرفين الجميع صغيرتي..ها هم ناس جدد واحبوكي ومن اول ساعتين معهم"
ليقاطعهم جاسر يخبرهم بان الطعام جاهز ويجب ان يذهبا..

بعد وقت ليس بقليل ..
كانوا واقفين يودعونهم مع تواعد من الفتيات بأن يلتقوا
مجددا وايضاً في جامعتها..
بعد مغادرتهم..
التفت جاسر لمي بتساؤل:" إذا؟"
لترد مَي عليه بنفس نبرته وهي ترفع حاجبيها:"إذا ماذا؟!"
"مارأيك بمريم؟ لا تقولي لم احبها ارجوك"
لتغمز له بعينيها:"بل على العكس لقد أحببتها تماما وسوف تكون تحت رعايتي ورعاية الفتيات رحاب وولاء لقد أحبوها"
"هذه سابقة عزيزتي احببت أحدا وأيضاً فتاة!"
ليضيف متصنعا الجدية:" إذا قلت تحت رعايتك!
أعانك الله يا صديقي على ما سوف تراه من غباء"
قالت مَي بغضب:"أنا غبية يا مجنون! أقسم سوف أريك ..
انا سوف ...."
لتصرخ من فجأة وهو يندفع إليها يحملها على كتفه مثل الجوال 
"اتركني يا جاسر لا تتحامق "


"لسانك طال عزيزتي ويجب تهذيبه قليلا "
ليضيف بعبث:"وانا لن أتأخر لحظة.. تعلمين جيدا أن كل ما يهمني هو الأخلاق "
لترد وهي تمط شفتيها:"نعم فأنت سيد الأخلاق وأنا خير من يعلم ..انزلني الآن.. طفلتي!"
ليعلو صوته وهو يهم بالصعود إلى طابقهما:"امي أرجوك
ابقي فنار معك إلى ان أهذب زوجتي"


لتخرج أمه على صوته وهي تستنكر ما ترى:"هداكم الله ..البيت به بشر غيركما تأدبا قليلا "
ليرد جاسر بعبث:"وهذا ما سوف أفعله أمي، ابقي فنار معك" 
لتغطي مي وجهها وهي تتمتم:"منك لله.. لم يبق احدأ لم يرني بهذه الأوضاع وايضاً كف عن مناداة ابنتي بفنار انها منار" 
ليضحك بصخبه بعد ان وصل شقتهما ليصل إلى غرفته ويلقيها على السرير بعنف لتتأوه بألم وهي تسبه كالمعتاد لينضم إليه يقلب شفتيه:"أخبرتك لم احب اسم فنار هذا"
"منار يا جاسر "
"اخرسي مَي فنار منار لا يهم المهم تأديبك براحة بعد ما تخلصنا من نسختك"
"اتعلَّم ما المشكلة حقا جاسر؟!" 
ليميل يلثم جانب عنقها يتمتم :"امممم.."
" انا احبك بجنون ".



إعدادات القراءة


لون الخلفية