الجزء 21

دلف إلى المنزل وسط صخب ابنته وهدرها في الحديث الذي لم يتوقف معه وهي تخبره عن مدى سعادتها أنها ستعود مرة أخرى للعيش معه وفرحتها أنه لن 
يتركهم مرة أخرى منذ تحركهم من البيت هناك وتوجهه إلى بيته، لم يسمع كلمة واحدة من أمها ساهمة تنظر من نافذة السيارة على الطريق ومن وقت لآخر، تنظر للخلف إلى ابنتيها تبتسم لميرا التي تحاول أن تشركها في حديثهم بدون جدوى وهي توجه لها الأسئلة من وقت لآخر لتكتفي بالابتسام لها وتعود لشرودها، لا يعلم فيما تفكر وماذا يأخذها عقلها؟ يعلم جيدًا أن عودت إسراء معه من أجل طفلتيها.ربما ما حدث مع عائلتها جعلها أخيرًا تفوق لميرا وتاليا وتفكر في مستقبلهم، لا ينكر لنفسه انه سيستغل هذه النقطة جيدًا ليجعلها تبقى معه حتى يستطيع مرة أخرى اكتساب ثقتها،ويستطيع جعلها تصدقه، ولكن الخطوة الأهم لابد لإسراء أن تحصل علي مساعدة يجب أن تخرج ما بداخلها لمتخصص وهو سيتحمل من أجلها ومن أجل أطفاله إلى أن يبدأ معها البداية الصحيحة.


دخلت وراءه بدون صوت تنظر له وكيف تعامله مع ابنتيه وحديثهم معه الذي لا تستطيع إنكار مدى السعادة التي تظهر على وجهه من احتضانه لهم. لم يمل من حديث ميرا الكثير لحظة واحدة بل يشجعها على الاسترسال في الحديث أكثر وكأنه يعوض نفسه من فترة غيابهم عنه.
التفت إليها بعد أن استقروا داخل المنزل ووضع أمتعتهم ليقول لها بصوتٍ أجش: "يجب أن نتحدث إسراء وحدنا، أعلم أنك أتيت ربما مجبرة من أجل البنات ولكن يجب أن نتحدث ونحدد ما هو شكل مستقبلنا من أجل مصلحة الجميع."


أجابته ببرودها المعتاد عندما تريد أن تعلم الشخص أنه لا يعنيها: "إذًا أنت تعلم أني أتيت من أجلهما هذا جيد مراد لأني أريد أن أخبرك ألا حديث بيننا ولا مستقبل. دعنا نتفق أننا هنا بناء على رغبتك وكلامك من أجل مصلحتهما هما فقط"
أجابها بصوت رتيب -يعلم جيدًا كل ردودها ومتأكد من رفضها للحديث، طريقه طويل معها ولكن يجب أن يأخذه بصبر كما وعد نفسه: "سنتحدث إسراء رغمًا عنك وعني ولكن بالتأكيد هذا ليس وقته والحديث لن ينفع أمام ابنتينا."

لينتقل في الحديث سريعًا وهو يجلس بجانب ابنتيه وهو يسألها مازحًا وكأنهم أسرة طبيعية: "هل تناولتِ أي طعام اليوم؟ أنا جائع منذ أن استيقظت ولحقت بك، لم أجد وقت للأكل وأنا أحارب من أجل أن أفوز بالأميرة."

رفعت حاجبيها مستغربة كلامه ولكنها أجابته بصوت عادي: "لا لم أجد وقتًا أنا أيضًا."
لتقاطعهم ميرا وهي تخبره: "وأنا أيضًا بابا أشعر بالجوع، سحر لم تقبل أن تجعلني أتناول الباستا وقالت هذا للغداء."
لينظر لإسراء التي لم تتحرك من مكانها منذ أن دخلا إلى المنزل.
ليسألها مدعيًا الاستغراب: "ماذا إسراء هل ستستمرين كثيرًا في تأملنا، سمعتي بنفسك أنا جائع وأنت بالتأكيد جائعة وميرا تريد الباستا."
"وماذا تريدني أن أفعل بالضبط؟"


ليقف من مجلسه يسحبها وراءه متوجهًا إلى المطبخ وهو يخبرها: "أريدك أن تجهزي لنا الطعام بالتأكيد، ستجدي كل شيء متوفر هنا، لن تحتاجي شيء."
ليتركها ويتوجه إلى الخزانة يجلب لها المواد ويبدأ في إشعال الموقد ليلتفت لوقفتها التي لا تبدي أي ردت فعل ليتنهد بصبر وهو يتحرك مرة أخرى إليها يرفع يده ويمرر أصابعه على طول خدها وهو يقول لها بهدوء: "اشتقت للطعام من بين يديك حبيبتي مشتاق لكل لمساتك التي تضعيها على كل ركن من المنزل."
أرجعت رأسها للوراء لتبعد وجهها عن مرمى يده 
( كانت تعلم انها بمجيئها معه ، انه سيستخدم كل الطرق الشرعية و الغير شرعية ليسيطر عليها ، و احيائه ذكريات الماضي ما هي إلا البداية ، لكنها أبدا ...ابدا لن تخضع ....والله لن تقبل ب الخيانة ، لن تقبل بمجاراة الحياة و الإستمرار كأن شيء لم يكن .... كأنها لم تراه بعيناها )
لتقول ببرود : "مراد.. لقد أخبرتك أسبابي في التواجد هنا فلا تحاول الاقتراب مني أو أن تتعامل بحميمية هكذا والتظاهر بأن شيئًا لم يكن وبأننا أسرة طبيعية."

ابتعد عنها ليعود للموقد وهو يخبرها كأنه لم يسمع ردها: "أنا سوف أساعدك لتنتهي سريعًا، اجلبي البنات إلى هنا."
بعد نصف ساعة من تجهيز الطعام الذي حضروه سويًا بدون أي اعتراض منها في جو أسري بوجود طفلتيه جلسوا جميعا حول المائدة المستديرة ليقوم هو بغرف الطعام وتقديمه لهم ليضع الطبق أمامها بعد أن دعاها للجلوس قبله 
ليهمس لها في إذنها بصوته الأجش: "كما الأيام الخوالي حبيبتي عندما كنت تجهزي الطعام لنا بنفسك وتتركي مهمة تقديمه لي أنا يا فتاتي المدللة."
تعلم ماذا يحاول أن يذكرها به يريد الضغط عليها بتذكر كل أوقاتهم الحميمة والسعيدة الذي قضوها سابقًا سخرت داخل نفسها كم مغرورين هم الرجال، لمجرد أنه أخبرها بعدم خيانته وارتضت أن تعود معه يريد أن ينسي كل ما كان وكأنه لم يحدث، بل ويطالبها بذلك لا والله لن تفعل هذا بنفسها مرة أخرى وتثق به.
لم تبدي ردت فعل وهي تأخذ (الشوكة) تغرسها في طعامها وتتناوله بهدوء.
فقط اكتفت بالنظر إليه وهو يجلس بين الطفلتين الذي جل اهتمامه مركز عليهما ويساعد الصغيرة بنفسه في تناول الطعام، ليوجه لها الكلام بعد لحظات: "ميرا أخبرتني أن هناك من تعتني بهن.. المدعوة سحر هل تفضلين أن تأتي بها إلى هنا؟"
أجابته باقتضاب: "لا.. لا أريدها."
ليرد عليها يخبرها: "كما تحبي،أنا سوف أكلم أحد المكاتب ليأتوا لك بأحد جيد يساعدك في أمور المنزل ورعايتهم."
لتجيبه بحزم: "لا يا مراد أخبرتك لا أريد سحر أو غيرها. منذ هذه اللحظة لن يعتني ببناتي غيري ولا أريد أحد في المنزل، أنت قولت أنه منزلي وأتصرف كما أريد فيه أم تراجعت في كلامك."
ليجاوبها بنبرة عادية كما تحبي هذا بيتك وأنا مازالت عند كلامي افعلي ما تشائي فيه."
حدث نفسه نقطة جيدة سيحاول استغلالها أن يشركها في كل شيء يخصه هو وأن يكون تركيزها في الطفلتين لا حياة الحفلات والنوادي التي علم عنها عندما تقصى عن أخبارها في العام الذي قضته مع إلهام.
يريدها أن تعود كما سابق عهدهم عند بداية زواجهم رفضت بشكل قاطع أن يأتي أي أحد يساعدها وأن يشاركهما حياتهما كما قالت له وقتها، وعند ولادتها ميرا أيضًا رفضت وكان يحاول مساعدتها بنفسه في كل شيء، لا يعلم كانت حجتها وقتها أنها تشعر أن البيت مملكتها الخاصة ولا تريد أحد به كانوا يكتفوا بشركات التنظيف من وقت لآخر.
بعد انتهائهم من الطعام قامت هي بتنظيف كل شيء وإعادته لمكانه لتخرج فتجده نائمًا على الأريكة التي قضوا عليها ليلتهم السابقة، ويحتضن ابنتيه على صدره ابتسمت رغمًا عنها لمشاهدتهم هكذا.
هذا هو ما تتمنى أن ترى ابنتيها فيه دائمًا.. الشعور بالأمان وهذه الابتسامة التي لا تفارق ثغرهم منذ أن رأوه هناك.
أقسمت في سرها ستفعل أي شيء من أجل استقرارهما.
 


"مرحبًا بالأجنبية."
رفعت عينيها تنظر للواقف بجانبها وهي تجلس على الأرض بجانب تلك البحيرة التي تجاور حديقة منزل هناء.
عادت بعينيها للبحيرة التي أمامها، كم تشعر بالاستقرار هنا. ربما الألم لا يفارقها وقله الحيلة ولا تعرف ماذا تفعل في مستقبلها ومستقبل أولادها المظلم ولكن رغم كل هذا تشعر بالسلام النفسي في هذا المنزل وسط زيارات مَي التي أخيرًا استطاعت أن تأتي لها بشكل منتظم وتتحدث معها لساعات وتجالسها. وهناء التي لا تتركها لحظة تحاوطها باهتمام لها وحتى لطفليها تهتم بغذائهما وأدويتهما تشعر أنها تراقبهم دائما تعلم أنه حرص عليها.
عاد الواقف بجانبها لمحادثتها وهو يميل ليجلس بجانبها يجاورها على الأرض: "أنا أحدثك يا أمريكية لما لا تردي أم أنكم لا تتحدثون من هم من العالم الثالث."
لم تنظر له وهي تهز رأسها بيأس وتبتسم رغمًا عنها.
نزار ابن هناء طالب في آخر سنه من الثانوية شخصية مرحة كم تعجبها علاقته بأمه، عادت لتتأوه داخلها.
يبدو ان كل البشر علاقتهم جيدة بأمهاتهم معادها هي، ولكن ربما بدأت تقتنع بكلام هناء.. العيب ليس فيها فهي تشعر أن هناء تحبها حقًا، وتذكر أيضا كيف حماة مَي استقبلتها بحنان ورحبت بها إذا ربما في النهاية العيب ليس بها هي بل فيهم هم مثل ما تحاول تقنعها هناء.

عاود رفيقها الذي يجالسها للحديث مرة أخرى بالإلحاح: "يا أجنبيه تعاطفي وردي علي"
تمتم له بهدوء وهي تهز كتفيها بلامبالاة: "لا أجنبيه هنا ترد عليك نزار أخبرتك عشرات المرات اسمي مريم."
ليهتف متصنع الانتصار: "هييي هذا هو.. ها قد بدأنا يا مريم هانم لا الأجنبية صاحبة اللكنة الغريبة التي تحاول أن تدعي أنها من البلاد هنا."
لترد عليه وهي تنظر للبحيرة بشرود: "أنا لا أدعي نزار، أنا من البلاد حقًا ولكني لم آتي إلى هنا إلا منذ عام ونصف ربما وباقي حياتي عشتها هناك."لتعاود النظر بعبوس في وجهه "ولكن لهجتي ليست سيئة لهذه الدرجة."
ليرد عليها بتأكيد: "بل هي سيئة صدقيني؛ أمي ومي يحاولان رفع روحك المعنوية لا أكثر." ليضيف بتآمر.. "إنهن مجنونات هذه نصيحتي اتركي صحبتهن وصدقيني أنا أو اعتبري أني أخ لك هذا أفضل لدي."
لتنظر له برعب وهي تنهيه بقوة وتهز رأسها بالتزامن مع رفضها: " لا أرجوك لا تقل هذه الكلمة أي أخوات هذا مستحيل لقد اكتفيت لباقي حياتي من الأخوة أنا غير البشر الأخوة بالنسبة لي دمار شامل."


نظر لها بعدم فهم ليخبرها:" حمقاء، لقد اعتقدت هذا حمقاء أخرى مثل ابنة خالي.أنا أخيرك باسم العلاقات الأسرية وأنت ترفضينها."
نظرت له وهي تضحك بسخرية: "كما أخبرتك نزار.. أصدقاء أفضل بكثير من لقب الأخوة هذا بالنسبة لي."
لتعود للنظر أمامها تضحك بألم تأكد لنفسها.. ( أسمى العلاقات يا نزار! آاه لو تعلم أسمى العلاقات ماذا فعلت بي، كنت لأعنت هذا الرابط للأبد. نعم فمن نشأت بينهم على أنهم أخوة لي أحدهم أذلني وهو يحاول أن يلوث جسدي ولم يراعي حرمة أني أحمل اسم والده. والآخر أنا سعيت له بنفسي ولكن استغلني بكل الطرق، ليتركني بطفلين بالنهاية لا أعلم كيف مصيرهما.)
عاد نزار للقول لها بإلحاح: "أرجوك لا تشردي هكذا وتحدثي معي."
جاوبته بتنهيدة متألمة: "ما الذي تريده يا نزار أرجوك أنا متعبة."
ليجاوبها بحزم: "كما أخبرتك صداقتك ولو رغم عنك. ما رأيك أصدقاء فقط حتى لا تغضبي؟ كانت فكره سيئة مني موضوع الأخوة هذا..ما رأيك؟"
لتنظر ليده الممدودة إليها تتأملها للحظات ثم تمد يدها تصافحه وهي تخبر نفسها وسط محاوطة مَي وهناء لها بحزم هكذا ربما نزار يساعدها في فيما تخطط له وتستطيع أن تأتمنه على سرها.
 

دخل مسرعًا إلى مكان الجسد المسجى أمامه بعد أن هدد الحارس بأنه لو أخبر مستخدمه بأنه هنا سيقطع رزقه ولن يقوم أحد بتوظيفه مرة أخرى مذكرًا إياه أنه هو كبير العائلة هنا لا الآخر الذي تأكد بأنه خارج المنزل الآن، سيقوم بأخذ ابنه سريعًا من هنا ويبعد عن ذلك الذي تحول لمجنون سادي ما الذي جرى له؟ هل يصدق حقًا ادعاءهم بأن ممدوح كان يخطط لاغتصاب مريم.
لا يستوعب إلى الآن كل الحقائق التي اكتشفها في العائلة وما يجري بدون علمه هل كان مغيب هكذا كما يدعي إيهاب يريد يقنعه أن فريال سيئة هكذا وهي السبب في كل هذا لقد قام بإقناعها بصعوبة أن يغادروا المنزل بعد المواجهة الحامية بينها وبين إيهاب ومن يومها وهي تغلي كبركان ثائر لا يهدأ، جن جنونها وهي تصرخ عليه بأنها تريد ابنتها كما سلمها لي إيهاب تريدها وفِي اقًرب فرصة. يعلم أنها لا تريدها قلق أمومي ولكن ربما انتقام من إيهاب على ما أخبرها به. لا يعنيه ما تفعل بابنتها ولكنها لم تعنف ولديه أبدا بل كانت تناصرهم على ابنتها.هل ما يقوله إيهاب حقًا إنها تنتقم من زوجها السابق فيها! لطالما تساءل عن سبب معاملتها لابنتها هكذا ولكنه لم يناقشها خوفًا من أن يخسرها مجددًا يكفيه أنها قبلت به في النهاية وأصبحت زوجة له ولكن رؤيته لابنته منهارة هكذا وضرب هذا المجنون لابنه بوحشيته هكذا جعله ربما يريد أن يعيد حساباته قليلًا ولكن بعد أن يحرر ابنه من بطش إيهاب الذي أصبح لا يهتم بأحد.


وصل إليه ليجثو على ركبتيه يرفعه قليلًا أصابه الذعر من رؤية وجه ابنه المتورم بشدة والدماء الجافة التي تغطي وجهه.
حاول تحريكه ليفتح ممدوح عينيه متأوهًا بالألم لم ينظر لوجه أبيه وهو يقول: "ماذا ألم تكتفي من ضربي يا جبان وأنا مقيد، أعرف إجابتك حتى أشعر بضعفها ولكنك لو كنت رجلًا حقاً فك قيدي ونتصارع كالرجال."
ليرد عليه والده بلهفة وهو يتفحص باقي جسده ليستكشف باقي جروحه: "إنه أنا يا بني والدك وليس هذا الأحمق.. أتيت لأحررك من بطشه."

رفع عينيه بصعوبة ينظر لوجه والده لتعلو فمه ابتسامة سخرية ولكنها مريرة ليرد قائلًا: " لا حسين زوج فريال هانم بنفسه خاطر من أجلي أنا، لا هذا شرف عظيم لي ولكني قد أفضل الموت على يديه من أن تحررني يا زوج (فوفه) العزيزة."
ليرد والده ببعض الغضب من سخريته منه: "اخرس ستتسبب في مقتلك يومًا ما بسبب لسانك هذا وتهور تفكيرك في ماذا كنت تفكر يا غبي عندما أتيت إلى هنا وأنت تعلم أنه يبحث عنك، انظر ما تسببت فيه لنفسك لقد أخبرتك بتهديده لي بك يا غبي."
ليرد ممدوح بنفس الصوت الساخر: "لا يا أبي أرجوك سأصدق هكذا أنك تهتم بي وتخاف علي وحريص على حياتي. الآن تتذمر من طريقتي. أين كنت إذًا في سنوات عمري التي تعدت الثامنة والعشرون آه صحيح نسيت كنت ما بين رثائك على حب فريال، وبعدها كيف تتخلص من أمي، وأخيرًا زواجك من ست الحسن لتترك لها إذلالك أمامنا. حقًا أنت مثال للأب المثالي مثل ابن أخيك المثالي الذي أوقعت به بنت فريال."
ورغما عنه ضحك وهو يحاول أن يكتم الألم الذي يشعر به في جسده.
"إيهاب ومريم من كان يتوقع أو حتى يستطيع التخيل."


ليرد عليه حسين وهو يحاول فك قيده ينكر لنفسه بشده الحقيقة التي يقولها ابنه. لا هو ليس هكذا أعطاهم كل ما يريدون من مال، هو فقط سعي ليتزوج من المرأة التي أحب وهذا من حقه لماذا يعاقبه الجميع إذا من وقتها كأنه ارتكب جرمًا. لا هو ليس المتسبب أبدًا فيما يحدث الآن لابن أخيه وأولاده وابنة زوجته بل طيشهم هو السبب لا هو ولا فريال هما بريئان من تلك الاتهامات. ليخاطب ابنه قائلًا: "هذا ليس الحساب يا غبي ولا رد اتهاماتك لنا حديث مطول بعد أن أخرج من هنا قبل أن يأتي المتهور الآخر."
ليفك قيده سريعًا بالأداة الحادة التي أتى بها معه لعلمه بأنه بالتأكيد سيحتاجها.
ليفقك قيد يديه وساقيه ثم يسأله وهو يحاول مساعدته على النهوض.
"هل تستطيع أن تنهض أم أنادي ذلك الحارس ليساعدني."
ليزيح ممدوح يده بقرف وهو يقول: "ابتعد يا حسين مهمتك إلى هنا انتهت، لا أريد مساعدتك ولا مساعدة أحد استطيع الخروج بنفسي ولكن أريد مفاتيح سيارتك لأخرج من هنا."
ليرد حسين بصبر: "أنا سوف اصطحبك معي إلى أقًرب مستشفى وبعدها إلى ذلك الفندق الذي نقيم فيه."
ليخبره ممدوح بصوت حازم: "لن آتي معك إلى أي مكان ولا تظن أن مساعدتك لي هذه ستعلى مكانتك في نظري، إن كنت تريد تمثيل دور الأبوة المتأخر هذا أعطني مفاتيح سيارتك واجعلني أغادر بنفسي أو غادر أنت من هنا واتركني أواجه مصيري بنفسي. لدي أن أواجه الحقير ابن أخوك مرة أخرى أفضل من أنك تساعدني أو أذهب معك."
ليقف حسين للحظات يحدث نفسه يعلم ابنه جيدًا وغبائه، إن رفض أن يأتي معه فهو جاد ولكنه قلقك للغاية من مظهره هذا لا يستطيع الوقوف حتى جيدًا فكيف بقيادة سيارة ولكنه استسلم لطلبه خوفًا أن يأتي ابن أخيه ولا يستطيع أن يهربه.
ليمد يديه بمفاتيح السيارة باستسلام وصمت 
ليأخذها ممدوح من يده بحدة ثم يرمقه بتصغير وهو يخرج من باب غرفة أسره لثلاث أيام ماضيه.
وهو يتعرض لانتقام مشبع بالخزي من الحقير لعدم قدرته الدفاع عن نفسه لقد كان يأتي إليه ليلًا المجنون ليضع كمامة على فمه ثم يقوم بجلده وهو يخبره بصوت لاهث غاضب أنه سينتقم لكل لمسه لجسدها حتى يشعر بمدى ما شعرت به...
ابن عمه الأحمق هل يظن أن ابنة فريال كباقي النساء ستشعر بإهانة بالطبع لا إن ابنتها عاهرة صغيرة لن يفرق معها أي لمسة لجسدها أو حتى تشعر بذل.. أكد لنفسه وهو يمحي من عقله بإصرار نظراتها المذعورة وبكائها المرير المتوسل وذلها الذابح في عينيها ومقاومتها الشريرة في كثير من الأحيان. 
لا لن يشعر بأي تعاطف أو ندم ليته استطاع أن يكمل ما كان يريد ليذبحها أكثر ويدمرها، بالتأكيد كانت تدعي البراءة والدليل القوي روايته وضعها في اليوم الذي دخل غرفتها ليجدها تنام بسلام وآثار ما حدث بينها وبين حاميه واضحة للأعمى وحملها أيضًا الذي علم به. أي أن علاقتهم لابد أن تكون منذ وقت طويل للغاية ربما قبل حتى زواجه منها وهي تدعي البراءة وهو يدعي انه مجبر على الزواج.
ليصل للسيارة ويفتح بابها بصعوبة وهو يحتل كرسي القيادة متأوه بألم حقيقي مما يشعر به في جسده.
الغبي الذي ضحك عليهم جميعًا قام بالانتقام بوحشية، حسنًا يا إيهاب لن أترك لك حقي مهما حدث.
انطلق بالسيارة وهو غارق في تفكيره وعينيه المتورمة يفتحها بصعوبة ليرى الطريق أمامه
أغلق عينيه وقام بفتحها عدة مرات. 
ليلعن إيهاب ويسبه.. الغبي؛ هل لم يجد في جسده إلى وجهه ليركز كل الضرب به.
أغمض عينيه بقوة مرة أخرى للحظات ليفتحها بقوة عند سماعه صوت بقوة سيارة من سيارات النقل الثقيل ليمسك بيديه الاثنين المقود بقوة يحاول الانحراف بعيدًا عنها ومقلتيه متوسعة على آخرهما وهو يدرك جيدًا أن الأوان قد فات ومصيره حدد ببشاعة.
 


بعد مرور شهر ،،
تحدثت بضجر تخاطب رفيقتها:" لقد أخبرتك أني لا أريد الخروج من المنزل، فلا أعلم سبب تصميمك على مرافقتك وأنت تعلمين أن في الأمر خطورة، فقد يراني أحد ما "
لتجيبها رفيقتها بنفاذ صبر وهي تحدث البائع بأن يغلف لهم قالب الحلوى جيدا :"كفي عن التذمر قليلا ها قد قاربنا على الانتهاء وسوف نعود لحصنك الغالي وكما أننا نجوب السوق منذ أكثر من ساعتين ولم يقابلنا أحد فتوقفي عن وسوساتك يا فتاة، وأيضا أخبرتك من تخافينه من المستحيل أن يأتي إلى هنا"
لتضيف بعبوس وهي تنظر لها:" ومن سيعرفك من الأساس بمظهرك هذا وبطنك المنتفخ الذي يسبقك نحو الأمام بسنتيمترات عدة"
لتعاود الرد عليها بالإلحاح وقلق :" لا أهتم بما تقولين ولا أعلم كيف سمعت كلامك وأتيت معك، أسرعي يا مَي أريد العودة حقاً كما أني متعبة لم أتعود على هذا المجهود منذ أسابيع" 


لترد عليها مَي وقد وصلت إلى أخر مداها من الصبر من إلحاحها المتواصل هذا، منذ أن أقنعتها هي وهناء بالخروج قليلا لشراء بعض الملابس للطفلين، بغرض أن تغير الأجواء من حولها قليلا وأيضاً إجبارها للذهاب إلى عند الطبيبة، التي ترفض أن تذهب إليها وتكتفي فقط من وقت لأخر بإرسال بعض المقويات لها أو أخذ النصائح من هناء، لتلح عليها اليوم بالخروج معها وبعدها أجبرتها لتذهب وتطمئن على حملها ووضعها؛ تعلم جيدا أن الطبيبة أخبرتها أنه يجب عليها التزام الراحة التامة وعدم التعرض للقلق أو حتى ركوب السيارة لمسافة طويلة ولكنها تريدها أن تخرج من قوقعتها تلك هي لن تعيش باقي عمرها في بيت هناء.
تشعر أن حالتها النفسية أصبحت مستقرة كثيرا عن الأيام السابقة ويجب أن يبدؤوا بالتدريج وبهدوء بمحاولة إخراجها من عزلتها تلك وحثها على التحدث وتحديد خطوتها القادمة فكل يوم يمر بدون أن تحدد ما تريد ويقترب معاد ولادتها ليس في مصلحتها ولا مصلحة الجنين، نعم تناصرها وتؤيدها ولكن كما يخبرها جاسر أن الأخر سيصاب بالجنون مع استمرار اختفائها، ومازال طوال الوقت يبحث في كل مكان يريد أن يطمئن عليها وعلى طفله، لقد علمت بأن هذا الطفل بمثابة معجزة له وبأنه يهتم به حقاً وسيفعل أي شيء ليمنحه اسمه، تشعر بتأنيب الضمير وأحيانا تحدث نفسها ربما الأفضل لمريم بعد أن تهدأ قليلا العودة له وترى ماذا سيقدم لها ولطفليها، أفضل بكثير من أن يولد التوأم بلا هوية ففي النهاية هو والدهما الحقيقي وهما نتيجة زواج حقيقي وليس علاقة محرمة، والأكثر من ذلك وكما يكرر جاسر على مسامعها كل فترة أن إيهاب ليس بهذا السوء ربما ظروفه أجبرته على التصرف معها بتلك الحقارة وأيضا ببعض القسوة التي لا يقصدها. 
لتخبرها:" فقط انتظري قليلا سوف نبتاع قالب الحلوى هذا ونذهب على الفور ما رأيك أن تجلسي على إحدى المقاعد إلى أن انتهي، أعلم أني ربما ضغطت عليك ونحن نتنقل بين (محلات ملابس الأطفال) ولكن أنا أردت أن أشاركك في هذا الأمر لتعلمي مدى المتعة التي قد تحصلين عليها وأنت تختارين لأطفالك ملابسهم لأول مرة"
لترد مريم عليها وقد نسيت قلقها قليلا وهي تنظر للحقائب البلاستيكية التي معها وهي تهز رأسها بالنفي وتبتسم ببعض السعادة:" لا هذا الجزء الوحيد الذي استمتعت به من هذه الرحلة لقد كان أمر مذهل لديك حق فاختياري بنفسي تلك الأشياء الصغير أشعرني بسعادة كبيرة"
لتتحرك مَي إلى الأمام قليلا وهي تتفحص بعينيها أنواع كعك الشوكولاتة المتعددة:" إذا تحمليني قليلا طالما أسعدك الأمر، أريد شراء قالب حلوى لزوجي أيضا ولكنه لا يأكله إلا بمواصفات خاصة" 
لتعبس مريم وهي تمشي بجانبها تريد أي حوار لتشتيت فكرها، تلوم نفسها أنها استمعت لمي وهناء ووافقتهم على هذا المشوار وتخرج من منزل الأخيرة وأن تأتي لوسط المدينة أيضاً، ألم تستطع أن تتمسك برأيها لعدة أيام أخرى على الأكثر 
وبعدها سوف تغادر هذه الأرض نهائيا، لن تعود لأمريكا مجددا فيكفيها ما عاشته فيها بالطبع، لقد جهزت للأمر جيدا بمساعدة نزار، حيث حجز مقعدا في رحلة سفرها حين أعطته الكارت الخاص بالبنك لسحب المال اللازم لها، لقد فعل إيهاب شيئا جيدا عندما فعل لها بطاقة خاصة لحسابها، تستطيع السحب بها من أي مكان وفِي أي وقت.
لكنها اكتفت فقط بسحب بعض المال هنا لحجز تذكرة السفر وبعض المال يبقى بحوزتها وهناك عندما تصل لوجهتها ستقوم بسحب جميع ما في حسابها لتحاول البدء في حياتها، تعلم أن طريقها صعب فهي لم تنهي من دراستها وأيضا بصحبة طفلين ولكن ما الحل البديل لها غير ذلك، لتسأل مَي تريد أن تشتت تفكيرها قليلا عن القلق الذي تشعر به من مستقبلها المجهول. 
:"وما هي مواصفات زوجك الخاص في قالب الحلوى؟" 


وكأن سؤالها كان نكتة اليوم حين انفجرت مي تضحك بصخب عند تذكرها قسم جاسر لها منذ عودتهما لبعضهما. 
لتستغرب مريم أكثر عاقدة حاجبيها بعبوس من ضحكها هذا:" لا تغضبي أرجوك أن لا اضحك من سؤال ولكن عندما أتذكر مجنوني وشروطه الخاصة لتناول أي شيء بالشوكولاتة "
لتعقد مريم يديها أعلى بطنها المنتفخ، وهي ترفع حاجبيها تسألها بعبوس ظنا منها أنها تسخر منها:" وما هو هذا الشرط الذي يجعلك تضحكين من كلامي هكذا ؟ !"
لتتأفف مي وهي تقول:" أصبحت كثيرة الشك، أنا أخبرك أن لا علاقة لك بالأمر، هذه قصة قديمة بيني وبين جاسر ربما يوما ما سأخبرك بها، كل ما هناك أنه لا يتناولها إلى إن كانت صنعت من أردى أنواع الشيكولاته وأرخصها "
لتمتم مريم وهي تهز رأسها بيأس:" أنتما لستما طبيعيين أبدا، اقسم على هذا "
ليقاطع كلامها صوت طفولي فرح يناديها باسمها :" مريم، بابا هذه مريم "
نطقتها ميرا بالتزامن مع تركها لِيَد والدها لتتحرك مسرعة باتجاهها. 
جمدت مكانها بصدمة عندما رأت ميرا تتوجه إليها بصخب وتفتح ذراعيها لها لتصل إليها تحتضن ساقيها. 
لم تستطع أن تنطق بحرف أو تقوي على التحرك حتى أو أن تبادل الطفلة عناقهاـ فكل ما كانت تشعر به لحظتها هو حقيقة الصدمة والخوف الذي رافقها طوال المشوار يتحقق أمامها بثانية، وان تصادف من بين كل من تعرفهم سابقا أحد أفراد العائلة فأن كانت ميرا هنا...يعني إسراء ربما ...والأسوأ إيهاب. 
لتنظر لها ميرا وهي تقول لها بسعادة واضحة في صوتها :"لقد اشتقت لك كثيرا مريم أين ذهبت، هل عدتي لوالدك مثلي لقد أتى البابا وذهبنا معه جميعا، أنا وماما وتاليا لمنزله "


مازالت في وقفة جمودها لا تقوى على الحراك، لا تعلم ما الحل وماذا تفعل أو بماذا تجيبها ؟؟ عيناه تطوفان في الأرجاء ووقعتا على أخر شخص توقعته، من خلف ميرا..
لتحاول مَي التصرف سريعا وهي تخاطب ميرا وتحاول إقناعها بخطئها وإبعادها عن طريقهما:"حبيبتي اذهبي من هنا هذه ليست مريم أنت مخطئة يا صغيرة "
لتعبس ميرا وهي تبعد خطوة للوراء تنظر لوجه مريم المتصلب ببعض الخوف كأنها إنسان شوهد بالجرم المشهود. 
:" لا هي مريم صديقتي أنا أعرفها جيدا كيف قد أخطئ في معرفتها لقد كانت تلعب معي كثيرا هي وعمي إيهاب" 
أغمضت مريم عينيها بيأس وألم نازف لن يهدأ يوما عند ذكر اسمه .
لتحاول مَي أن تنهيها بحزم وهي تحدثها بصوت قوي آمرة إياها:" اذهبي لِيَد والدك يا فتاة ولا تكوني عنيدة أخبرتك لا أحد يدعى مريم هنا ولا نعرف عمك إيهاب هذا ولا أمك إسراء، اذهبي من هنا "
لتعقد ميرا يديها وتقف بتحدي لا يليق بعمرها أو قامَتَها الصغيرة لتقاومها بعناد طفولي وبذكاء كأنها أمام غريمة في المدرسة لا ترغب أن تسمح لها بالتغلب عليها:" أنا لم أخبرك أن ماما اسمها إسراء، فكيف علمت باسمها، أنا اعلم جيدا هذه مريم ولكن يبدو أنها أكلت الكثير من الحلوى ولم تسمع كلام ماما فأصبحت سمينة هكذا، ماما سوف تغضب منك مريم "
ليقترب مراد منها وهو يراقب الحوار الدائر بين ثلاثتهم، لم يصدق عينيه عندما هتفت ميرا باسم مريم، ولم يستوعب مظهرها للحظات شكلها تغير تماما عن أخر مرة رآها بها ربما منذ عامين أو ثلاث لا يذكر بالضبط، كان يقابلها صدفة بالطبع لكن مع انقطاع العلاقات بينهم يكاد لا يتعرف عليها، لولا مسحة الحزن التي تسكن عينيها دائما، ذعرها الواضح الآن لم يستطع مسح نظرات الحزن تلك.
نظر اليها بتفحص ربما حقا ليست هي وابنته مخطئة ولكن بطنها المنتفخ وصدمتها من رؤية ميرا والحوار الدائر بين ابنته ورفيقتها التي ربما أخطأت في ذكر إسراء وكما أشارت ابنته بذكاء كيف علمت بهذا إذا كانت ميرا لم تذكر الاسم. وصل أمام مريم ينظر إليها، لترفع عينيها تحدق به بدهشة ممزوجة ببعض الخوف 
ليخاطبها يحاول أن يجعلها لا تجزع وتطمئن لوجوده:" مرحبا مريم كيف حالك سعيد برؤيتك بخير"
لتهز رأسها بنفي لم يفهم معناه لتقترب منها رفيقتها تقف حائل بينهما وهي تخبره بتهديد وصوت عال:" ابتعد حالا عنها، ما الذي تريده أنت وقصيرة القامة تلك؟ ! أخبرتكما لا يوجد هنا من يدعى مريم ولا إيهاب ولا حد من تلك العائلة المشئومة، اذهب من هنا قبل أن أصرخ بأعلى صوتي واتهمك بالتحرش بنا"
لتردف سريعا:" آه، ربما فعلا أنت تحاول التحرش وتستخدم هذه الشيء طويلة اللسان كأداة لاستعطاف السيدة ألا تخجل من نفسك تحاول التحرش بسيدة حامل وأخرى متزوجة" 
نظر إليها بعيون ذاهلة مما يسمع لا يستطيع حتى الرد وكل الناس من حولهم بدؤوا في التجمهر ليحدثها بصوت مذهول:" هل أنت مريضة عقلية؟ !، ما الذي تقولينه كيف تحرشت بكما، أنا لم اقترب منكما حتى ولم أخاطبك أنت يا متزوجة أن أتحدث مع من هي خلفك إنها خالة أولادي كيف أخطأ في معرفتها أو أتحرش مثل ما تدعين "


لتجاوبه بصوت أعلي:" آه الآن فهمًت أنت تدعي قرابة كاذبة لاختطافها "
يا إلهي هل وقع مع مريضة عقلية ؟، اقترب من ابنته ليحملها بين ذراعيه خوفا مما قد يحدث لاحقاً خاصة مع تجمهر الناس من حولهما المجنونة سوف تتسبب لهم في مصيبة وفضيحة علنية،
ليبدأ الناس في سؤالها عن سبب مضايقته لها وهناك أيضا من يتقدم لعرض المساعدة في ضربه ؟؟ ولكن قبل أن تتجمهر الناس عليه ومع ذعر صغيرته 
تقدمت مريم من اختبائها، لتهتف بصوت مرتعش في الناس من حوله:" أرجوكم ابتعدوا أنا أعرفه جيدا، إنه قريبي لم يفعل شيئا لي، رفيقتي فقط لا تعرفه ابتعدوا عنهما ألا ترون كيف طفلته مرتعبة" 
اقتربت من ميرا الملتصقة في والدها بخوف من الناس الذين تجمعوا حولهم 
لتحدثها بهدوء رغم رعبها هي الخاص:" مرحبا ميرا اشتقت إليك أنا أيضاً "
لتجيبها الصغيرة بدموع:" أنت نسيتني ولم تعرفيني"، لتشير لمي :" وصديقتك المجنونة كما تدعوها ماما تقول أنها لا تعرفني وأنك لست مريم "
لتبتسم لها مريم وهي تخبرها:" لا لقد عرفتك كيف أنساك نحن أصدقاء ولكني متعبة قليلا" 
ليبدأ الجمع المتجمهر من حولهم بالانصراف بعد أن تأكدوا من كلامها ومن حوارها مع الطفلة تأكدوا بأنهم أقارب فعلا. 
لترد عليها ميرا قائلة وهي ترفع أصابعها وكأنها تؤنبها:" هذا لأنك لم تستمعي لكلام والدتك مثلي أنا وأكلتي كثيرا من الحلوى وأصبحت سمينة" 
أطرقت عينيها في الأرض تشعر بالخزي من مراد الذي لمحت عينيه يتأمل انتفاخ بطنها بدقة، ليخاطبها هو بهدوء:" كيف حالك مريم لم أراك منذ زمن تغيرت كثيرا" 
لتهز كتفيها بدون أن ترفع نظراتها تواجهه من مدى شعورها داخلها بالخزي 
:"كما ترى عمي مظهري يتحدث عني "
ليحدثها مراد بهدوء أمر عندما استشعر نبراتها المحملة بالشعور بالعار يشفق عليها بشدة لم يتخيل أن يراها في يوم بهذا الوضع والخزي بسبب إيهاب، شتمه داخله بأشنع الألفاظ يلعن غبائه الذي جعله يتخذ ربيبته زوجة سرية له، كما فهم من كلام إسراء وكلامه يوم مواجهتهما داخله يريد ولو يساندها ببعض الكلمات أن تعلم أنه لا خطأ تتحمله في وضعها هذا:" ارفعي عينيك وحدثيني مريم كما أحدثك ليس هناك ما تخجلي منه أنا علمت بزواجك "
لترفع عينيها المليئة بالدموع والدهشة، ليكمل هو:" إيهاب يبحث عنك في كل مكان مريم لقد أصبح على مقربة من الجنون" 
تمالكت نفسها للحظات تريد أن ينتهي هذا الموقف سريعا لا تريد أن تسمع أي شيء يثنيها عن قرارها لن تفرق معها كيف علم مراد بزواجها، لتنطق برجاء خافت له:" أرجوك عمي لا أريد الحديث ولا أن أسمع أي شيء عنه، أتوسل إليك أن لا تخبره بأنك رأيتني"
حدث نفسه بسخرية الطفلة مريم تناديه عمي، مثل السابق أين كان عقل المجنون وهو يراها فتاة تصلح له يعلم جيدا أنها حتى لو تبدوا أنثى كاملة ولكنه عند النظر إليها لا يستطيع إلا رؤيتها الطفلة التي نشأت أمام أعينهم يتذكر لمحات من طفولتها حتى وهي تبدو أمامه امرأة تحمل طفلا لا يستطيع إلا أن يراها في ذاكرته إلا وهي مماثلة لعمر طفلته .
ليخبرها بصوت رتيب:" آسف يا مريم لن أستطيع أن أعدك بهذا أنت يجب أن تعودي وتتحدثي معه الهروب ليس حل أبدا لحالتك التي أراها" 
لتطرق بعينيها مرة أخرى وهي تخبره بألم:" لقد انتهى أي حديث بيننا وأنا اتخذت قراري ولن أعود أبدا أو أتحدث مع أحد آسفة "
لتتراجع بخطواتها إلى الوراء وهي تنظر له تخبره برجاء أخير:" أرجوك أنت لا تعلم شيئا مما عشته في ذلك المنزل ولن تستطيع مجرد التخيل، لذا لا أريد ما يذكرني لقد انتهى كل ما بيني وبين تلك العائلة إلى الأبد "
ليهتف بها عندما استدارت مسرعة تنضم لرفيقتها تخبرها بالتحرك سريعا:" مريم انتظري يجب أن نتحدث "
لتخبره بدون أن تلتفت له وهي تغادر المكان سريعاً:" آسفة أخبرتك لا أريد التحدث"
لتتحرك أمام عينيه سريعا هي ورفيقتها، ومع تحركه بحمل طفلته خلفها ليجد البائع يعترض طريقه يشير لما يحمله في اليد الأخرى وقد كان نسي مع لقاء مريم ما أوقفه وصغيرته قربها حتى نسي الأغراض التي كان ينتوي شرائها، ليعطّله الأمر بضع لحظات وهو يعتذر للبائع ويترك ما بيده بدون أن يبتاعه. 
ليخرج وراءها يبحث عنها ولكنه لم يجد لها أثرا، شتم بصوت عال وهو يتلفت في كل اتجاه وكأن الأرض ابتلعتها وسط زحام المكان، لتقاطعه ابنته وهي تنهيه:" بابا لا تقل كلام سيء "


ليخبرها وهو يبحث بعينيه :" آسف ميرا، أعتذر منك ولكن يجب أن نجد مريم مرة أخرى "
لتحدثه الطفلة قائلة:" يبدو أنها خافت أن يراها أحد لقد أكلت الكثير من الطعام لو رأتها ماما سوف تعاقبها "
ليجيبها غير منتبه لكلماته:" الذي يجب أن يعاقب خالك إيهاب فهو السبب في خوفها "
:"لما بابا هي من لم تستمع لكلام الماما "
ليلتف لها وهو يهم بمغادرة المكان يتوجه لسيارته بعد أن يأس بأنه قد يجدها ليخاطب ابنته بسخرية لم تفهمها :" لا يا حبيبة البابا، خالك هو السبب في هذا يبدو أنه كان يهتم جيد بإطعامها الكثير لتصبح هكذا "
لتعبس بوجهه:" كيف هذا بابا !؟"
ليلتفت لها وهو يتدارك نفسه أن من معه طفلته صاحبة الخمس سنوات:" لا تهتمي ميرا بكلام الكبار أحيانا نبدو مجانين"، ليقوم بفتح الباب وإدخالها السيارة. 
لترد عليه بهدوء وحكمة لا تليق بسنها :" نعم أعلم هذا جيدا، أنتم جميعا مجانين لقد أخبرت تاليا بهذا حتى لا تخاف عند رؤيتكم تصرخون فجأة أو تضحكون في نفس الوقت مثل ما كان يحدث في بيت عمي إيهاب"


ليتوقف وهو محني الرأس يغلق لها حزام الأمان يسألها باهتمام :" دائماً أخبرك انه خالك حبيبتي وأنت تصرين انه عمك لمَ؟؟ "
:" هو أخبرني بهذا بابا وأكد لي أنه قريبك أنت لا قريب الماما وهو يحبني أنا وتاليا لأنك أخوه "
ليسألها بتأكيد به بعض الدهشة :" هل أنت متأكدة ميرا أنه أخبرك أنه أخي !" 
لترد عليه وهي تهز رأسها بيأس:" نعم بابا هل سوف تظل تسأل نفس السؤال كثيرا مثل الماما عندما أخبرتها بكلام عمي "
ليتراجع للوراء وهو يغلق البابا يتوجه لكرسيه يخبر نفسه، رغم كل ما بيننا إيهاب وما تدعيه ولكن يظل جزء منك لن يتغير ولن تستطيع إنكار صداقتنا التي كانت أقًرب للأخوة يوماً .
جلس يفكر للحظات ليتخذ قراره وهو يقوم بالاتصال به، يجب أن يعلم بأنه رآها ربما يساعده في الاطمئنان عليها أو حتى يعلم من رفيقتها المجنونة هذه فابنته تعرفها إذا بالتأكيد إيهاب يعرفها. 



إعدادات القراءة


لون الخلفية