الجزء 30

كان يكتم ضحكته بصعوبة من مظهرها الذي يبدو له كطفلة يجبرها والديها على الذهاب للمدرسة التي تكرهها , بوجهها الغاضب وفمها المتكور ويديها التي تعقدها على صدرها في علامة للاعتراض, نظر لها يتأملها هنيهة : وجه خال من أي مواد للزينة, ترتدي بلوزة مطبوع عليها شخصيات كرتونية وبنطال بسيط من الجينز وتعقد شعرها الناعم القصير ذيل حصان فتاته الخاصة ترتدي مثل طفلتيها .

رباه إلى ماذا تريد أن تصل بهذا المظهر هذه المرة الأولى التي يراها هكذا دائماً تهتم بأناقتها وانتقاء ملابسها بعناية حتى إنها في بعض الأحيان تفرض تسلطها على من حولها في فرض التصرفات الأرستقراطية , اذا ماذا يحدث معها الآن ؟؟
هل تحاول أن تجعله يشفق عليها وأن لا يذهبوا لاستشاري نفسي ؟ 
صفّ السّيارة أمام عيادة الاستشاري ليلتفت إليها وهو يدعي الجدية في الحديث حتى لا تناقشه في الامر مرة أخرى ليقول: 
*هيا اسراء انزلي لقد وصلنا 



نظرت له مدعية الغضب في محاولة أخيرة منها للهروب من الأمر لتقول :
*مراد أنت تعاملني كما تعامل بناتك هل أبدو لك مثلهم لا أعلم ما أريد وما هو ما يناسبني لقد أخبرتك برفضي وما زالت تصر على الأمر بتعنت .

لم يحاول الرد عليها وهو يفتح سيارته ويدور حولها ليفتح لها الباب وهو يقول برتابة :

*انزلي إسراء إن كنتِ تعتقدين أنك بهذا تثيرين في أي دواع للغضب أو الشجار فأنت مخطئة حبيبتي لقد تناقشنا في الأمر وانتهينا منه .

لترد بتعنت :
*لا لم نتناقش أنت فرضت الأمر كما أني لن أذهب للطبيب بملابسي هذه في أول مقابلة .

شد يديها بدون تردد ليغلق باب السيارة وهو يسحبها للداخل ويرد ببرود قاصدا استفزازها وهو يعلمها أن الأمر انتهى النقاش فيه ليقول :
*وهل أجبرك أحد حبيبتي لارتداء ملابس يبدو أنك استعرتها من ميرا , ليردف وهو يغيظها :
*ونعم أنا فرضت الأمر وقررت وانتهى النقاش كما قلت , أنا متعنت يا فتاتي ألا يكفيك أني انصعت لطلبك وأجلته أسبوع آخر .
لتهتف به : متعنت شرقي متجبر 
ضحك بقوة وهو يلتفت إليها عندما دخلوا إلى المصعد ليخبرها 
نعم إسرائي أنا شرقي وكم أعتز بهذا فلا تظنيه سباباً مثلاً 
وقفت تنظر له قليلاً تحاول استعطافه , مازالت ترفض الأمر بداخلها ليست مستعدة لتكشف نفسها لأحد أو تخرج ما بداخلها متخوفة من الفشل بأن لا تشفى مما هي فيه قد يبدو الأمر تافهاً وبسيطاً لبعض البشر لكن ما تمر بِه لن يشعر بقهره ومقدار الخراب الذي يجلبه إلا أحد عاش بنفس ظروفها لما لا يتفهمها مراد إنها يجب أن تستعد جيداً أن تكون الرغبة بداخلها هي حتى ينجحوا في سعيهم , لتنحي أفكارها وهي تقترب منه إلا أنها لمست جذعه لتميل رأسها بدلال فيترافق مع ميل ذيل شعرها ويديها تعبث بقميصه لتقول قاصدة أن تؤثر به :
إن أخبرتك أني أحبك وأفتقدك بشدة الآن *



لتضيف بهمس وهي تقضم شفتها السفلى بإغواء تقنعه : 
*أممم وربما نستطيع استغلال وجود سحر تجالس الطفلتين أي أنا وأنت فقط , هل سوف أستطيع إقناعك للعدول عن الفكرة ونذهب لأي مكان أنا وأنت فقط

كالعادة ألصقها بالحائط الذي وراءه يتولى قضم شفاهها بدلا عنها فحاوطته بيديها وهي تشعر بالنصر والثقة بأنها تستطيع التأثير به دائماً , بعد لحظات تركها منقطعة الأنفاس وعينيه تشع باللؤم ليقول مبتسماً :
*كم هذا يسعدني حبيبتي محاولة جيدة لكن غير موفقة الأمر الجيد أني استطعت أخذ قبلة قبل انقلابك 
ضربت الأرض بحنق عندما توقف المصعد ليجذبها وهو يعدل من ملابسه ويعود لوقاره 
ليخبرها بتسلية لا تظهر عن ملامحه وهو يستعيد وجهه الهادئ الرزين
*إسراء رجاءاً عودي لوجه المرأة المتزمتة حبيبتي رغم أن دور الفتاة الحانق هذا يعجبني وبشدة وسوف أطلب منك لاحقاً أن تضعيه 
ليغمز لها وهو يقول بسفور :
*ولكن على الفراش الخاص بنا لا في الأماكن العامة 
هزت كتفيها ببرود وهي تقول باستسلام : 
*وقح حبيبي لكن لا مشكلة يكفيني شرف المحاولة 

وصل إلى الشقة التي بها عيادة الطبيب معلق على بابها يافطة صغيره باسمه اشرف الحامدي 
• تركها تتفحص العيادة الواسعة وتحرك ناحية مساعدة الطبيب حتي تخبره بموعدهم ظلت هي تتأمل الديكور الهادئ المريح للعين والنفس لتلمح بعض اللوحات الفنية المعلقة على الحائط قد تبدو للبعض عادية ولكن 
لنظرتها هي ودراستها تفهم جيدا ما تحكيه هذه اللوحات لفتت نظرها واحدة اقتربت تتلمسها بيديها تتبع خطوط المرأة التي تجلس في شباك غرفتها الذي تغطيه فروع أشجار جافة وكأنها مهجورة منذ زمن والفتاه ترتدي الأبيض تضم ركبتيها الي صدرها ونظرة حنين وفقد تعلو وجهها 
استغرقت في تأمل اللوحة غافله عن مراد الذي وقف يجاورها والطبيب الذي خرج لاستقبالها بنفسه عندما هم مراد بأن يلفت نظرها قاطعه الطبيب بيده وتولى هو المبادرة قائلاً محاولاً أن يجد نقطة تواصل جيدة بينهم وقد أخبره مراد قبل أسبوع مضى عندما قام بتأجيل الموعد وزيارته بنفسه إنها مازالت معترضة ولا تتقبل الامر بدأ حديثه بتودد :
*لوحة جيدة لقد كلفتني ثروة هل أعجبتك ؟؟
لم تلتفت له وهي غارقة في تأملها لتخبره 
*إنها تستحق أنت محظوظ بحصولك عليها 
*نعم أعرف هذا بالطبع فهي من اللوحات النادرة 


لتقاطعه هي :
*أعرف إنها للفنان فان خوغ لقد درست كل لوحاته هو و بيبراوغست وفرانشيسكو وغيرهم 
ليخبرها بإعجاب :
*هذا جيد نادر ما أجد رفيقاً يشاركني اهتماماتي البعض يستنكر ما بين اهتمامي بالإستماع للناس واهتمامي بالفن التشكيلي غير مدركين أن الأمرين يرتبطان بشكل ما 
التفتت له عندما استطاع أن يجذب اهتمامها 
رجل يبدو في العقد الخامس من عمره هادئ الملامح لحية خفيفة ينتشر بها الشيب كما شعره تماماً 
صمتت هنيهة وهي تتأمل وجهه المبتسم لها والذي كان حقاً فرحاً بوجود من تشاركه اهتمامه كما أخبرها 
لتقول بعدها :
*ربما هنا نختلف !! كيف تربط بين علم النفس والفن أعتقد أنه لن يستقيم الوضع 
ابتسم لها بودّ أبوي وهو يعدّل من عويناته الطبية ليعود بنظره إلى اللوحة وهو يشير بيده يسألها :
*لن أجادلك ولكن تقولين أن هذه دراستك صحيح ؟؟
أومأت بدون أن ترد وعينيها تتبع اللوحة باهتمام ليكمل هو :
اذاً أخبريني ماذا رأيتِ فيها من فضلك ؟؟
تحدثت وهي تنظر للوحة تتبع كل تفصيلة بها وهي تقول: 
قد تبدو للبعض مجرد لوحة لامرأة حزينة تبكي على الأطلال لكن ما أراه عكس هذا 
سأل باهتمام وهو يتتبع الانفعالات التي تتعاقب على وجهها:
كيف ؟؟ هل من الممكن أن تشرحي لي ؟؟
لتكمل وكأنها انفصلت عنه وعن مراد الواقف خلفها تعيش داخل اللوحة تقرأ كل خط منها رسم بدقة لتقول :
*ربما هي تبكي فعلاً ولكن ليس على الأطلال هي فقط تشعر بالحنين لماضي يصعب أن يعود وأيضاً جلوسها عند هذه النافذة المهجورة ما هو الا انتظار الخلاص الذي تثق أنه سيأتي من شخص آخر متعشم في مستقبل جيد يمنحها إياه 

لتقترب تشير بيديها للأغصان اليابسة والأوراق المتساقطة تتتبعها بيدها ببطء وتكمل :
*انظر هنا الرسم بدمجه للون البني مع استخدامه للون الأسود بخفة لم يقصد إلا صراع بطلته ما بين العقل والقلب والأمل 
أترى اللون الأخضر الذي ينبعث ببطء من بين الأوراق الميتة هذا هو ما يقصده فان خوغ من اللوحة كلها هذا ما تنتظره الأمل بأن يعود لها مرة أخرى
صمتت وقتاً طويلاً والطبيب مازال على تتبع انفعالات وجهها 
لتنظر له وهي تكمل بشرود ونظراتها زائغة وكأنها منفصلة عن الواقع المحيط بها لتقول :
*أتعلم إنها أيضاً تندم لأنها حصلت على فرصتها سابقاً ولكن هنالك شيء كان يمنعها لذلك قد تجد على خطوط وجهها بعض الندم والحسرة والخوف 
ليرد الطبيب بهدوء وهو يحاول أن يستكشفها بدون أن يجعلها تخرج من حالتها تلك :
*هذه وجهة نظر جديدة للمرة الأولى أسمعها!! هل من الممكن أن تشرحي لي أكثر كيف تندم ؟؟ وعلى ماذا ؟؟ قلت لديها ثقة في أمر تنتظره 
أكملت وهي على نفس الشرود وهي تعود تتأمل بطلة اللوحة: 

*أخبرتك لأنها حصلت على الفرصة لكنها جبنت وخافت فحاوطت نفسها ورفضت أن تصدق أنه من الممكن أن يكون هناك أمل للتخلص من الحنين لماضي صعب أن يعود أو بمعنى أدق لقد رفضت أن تثق في الحب فهربت وخسرت
 


توقفت عن الحديث والشرح لتعود بنظرها للطبيب وهي تعقد حاجبيها وهي تنهي الشرح بارتباك وكأنها ندمت عما باحت به 
لتعود تحاول رسم ملامح متغطرسة كعادتها مع من تلتقي به بدون سابق معرفه لتقول :
هذا شرحي للوحة التي يبدو كما أخبرتني لم تفهمها جيداً أرجوا أن تكون اقتنعت لكل منا عمله ودراسته التي يفهمها جيداً 
رد الطبيب بهدوء :
بل أنت أثبتي نظريتي عندما شرحت اللوحة باهتمام أنت لم تخبريني بالألوان ودمجها ودرجة توافقها بل أخبرتني ما يتعاقب على وجه فتاة الشباك وماذا يعني تداخل كل لون وما كان يفكر به الرسام من مشاعر متعاقبة لبطلته الحنين الندم عدم الثقة وأخيراً الأمل 
عبست بوجهها وكأنه لم يعجبها إثبات وجهة نظره هو ليكمل الطبيب بنبرة محببة هادئة :
*الإنسان ما هو الا لوحة تتداخل فيها الألوان بما ينتقيها هو من مشاعر تتعاقب على وجهه لتخبرنا بما يفكر أو حتى ما يغضبه أو يسعده من خلال كل انفعال يبديه لنا
عقدت حاجبيها وهي تعلق على كلامه :
*كيف الإنسان لوحة متداخلة الألوان؟؟ هل من الممكن أن تشرح لي؟؟
أسبل أهدابه وهو يضع يديه في جيب بنطاله , من المعلومات التي منحها له زوجها في زيارته السابقة وأيضاً من خلال لقائه بها الآن وتعاقب مشاعرها المكشوفة استطاع أن يفهم , لقد وضعت نفسها مكان فتاة اللوحة ربما شرحتها بدقة بنظرات خبير لكن لقد رأت نفسها فيها بشكل أو بآخر لقد فهم أن من أمامه لا تفضل الكذب ولا يساعدها أن تراعي مشاعرها حتى , واضحة صريحة وإن حاولت أن تنفي ذلك ليقول مباشرة ما أقصده هنا :
*مثلاً انتي 
اعترضت : أنا ؟؟؟
ليكمل : 
*أن أخبرك مثلاً , أنت الآن كل مشاعرك التي تطفو على وجهك تخبرني بالألوان التي داخلك ما بين الأسود الذي يعبر عن ظلام بداخلك ينبثق منه لون أبيض أو نستطيع القول بصيص نور وهذا الصراع الذي تحاولين الفكاك منه هزم هذا السواد الذي يحتلّك رغما عنك وهنا لا أقصد بالسواد شرا بل شيء ما ماضي ربما يجعلك في ظلمة وأخيراً اللون الأخضر هذا أملك الذي تسعين إليه وتنتظرينه ليصل بك لمستقبلك وينسيك حنينك وأطلالك 

عقدت ذراعيها تحاول السخرية ونفي ما يقول وإنكار أنه لمس داخلها مباشرة لتقول :
*وهل أنت علمت كل هذا من مجرد شرحي للوحة ؟؟ أنت لم تراني إلا الآن !! 
ليرد برتابة يذكرها :
أنت قلت الآن أن كلاً منا يفهم مهنته جيداً وأنا لا أحتاج الوقت لتحليل من أمامي 
ليمد يده يحاول أن يكسب ودها ويجعلها تطمئن إليه
*مرحباً لم نتعرف جيداً ونحن نناقش اهتمامنا المشترك 
أنا اشرف الحامدي تشرفت بمعرفتك أخيراً

مدت يدها وهي ترسم ابتسامه مجاملة وتتخلى عن غطرستها لا تنكر أنها استشعرت الراحة في الحديث معه بل إنها استمتعت باهتمامهم المشترك 
*إسراء ذيدان تشرفت بمعرفتك

ليتنهد مراد براحة اخيراً والذي كان يقف مبتعد قليلاً عنهما لقد سارت الأمور حتى الآن بشكل جيد جداً لمجرد مقابلة أولى كما توقع عندما بحث عن طبيب ماهر في عمله ويستطيع أن يصل للشخص بطرق مباشرة ووقت قياسي ويبدو أن فتاته ارتاحت لطريقته هذه 
 


لا تنكر أنها منبهره بها, امرأة قوية أنيقة و واثقة من نفسها لقد رأتها وهي تتحدث طوال الوقت على الهاتف تأمر وتنهي بسيطرة تامة كما يبدو لها , تأملت هيأتها بدلة عملية وأنيقة مكونه من تنورة تصل تحت ركبتيها بقليل يعلوها جاكيت من نفس اللون والخامة بلون الأرجواني الغامق وتحتهما بلوزه بلون حنطي وحذاء من نفس درجة لون بلوزتها بكعب عالٍ وشعرها بتسريحة جذابة يصل إلى منتصف ظهرها بلون عسلي هي تملك نفس لون الشعر ولكن شعرها هي متداخل مع اللون البني الغامق
عادت تتأمل ملامح وجهها الغامضة الواثقة 
كما قالت هناء عندما رأتها أول مره تشبهها أو إن صح التعبير هي من تشبه بدور بما أنها الأكبر سناً فكما علمت من والدتها منى بدور تبلغ السابعة والعشرون من عمرها 
تحدثت بدور تخاطبها : 
هل سنستمر هكذا أنا آتي إلى هنا منذ أسبوع ربما وكل مرة تتأمليني كأني كائن فضائي 
ردت مريم وهي ترفع حاجبيها متعجبة من معاملة بدور لها فبعد مقابلتهم الأولى والتي لم تكن سهلة على كليهما لمن الغرابة أن أصبحت تأتي يومياً بانتظام على مدار الأسبوع وتعاملها كأنها تعرفها منذ زمن لتقول مباشرة :
*أنت تعجبيني رغم أني رأيت من هي مثلك عدة مرات سابقاً لكن لم أتوقع أن هنا في هذه البلاد امرأة مثلك
لترد بدور: 
لا تقولي إنهم كانوا يدرسونكم هناك أن المرأة هنا كائن لا يوجد قيمة له 
هزت رأسها بنفي وهي تأكل نوع حلوى شهيرة (كنافه) بنهم كانت قد أتت بها بدور لها لتقول بلا اهتمام حقيقي للشرح :
*لا لم يخبرونا بهذا أثناء دراستنا ولكنه المتداول بين الناس وهذا بسبب ما تصدره بعض البرامج الإعلامية 
تنهدت بدور بفتور وهي تعيد رأسها تدفنه في حاسبوها وهي تتابع باهتمام بعض الأخبار التي تخص عملها لتقول :
أنهي ما في يدك فقط قبل أن تأتي أمي وتعلن ثورة لأنها حذرتك من تناول السكريات بكثرة
لتردف بتودد لا تستطيع أن تنكر أنها تقبلتها بل ربما بدأت بالفعل تكنّ لها بعض المشاعر عندما رأتها أول مرة كانت منهارة بشكل طعن قلبها بقوة وهي الآتية قد خلصت نفسها منذ زمن من أية مشاعر تعاطف مع أحد أو حتى أن تعطي الحب لأحد غير أمها وشيماء الصغيرة لقد تعلمت درسها جيداً سابقاً لا أحد يستحق ؟؟ ربما ضربها ضعف وقلة حيلة من أمامها لتثير داخلها نزعة قوية لحمايتها ومساعدتها للتحلي بالقوة وتواجه ضعفها الخاص لتقول :
*إن لم تكشفنا سآتي لك بنوع آخر منها فيبدو أنها أعجبتك 

ضحكت مريم من كل قلبها ولم تعرف السبب لقد مرّ زمن لم تضحك فيه ربما نبرات بدور الودودة أو طريقتها في الحديث ماذا هل تظنها طفلة صغيرة تحاول أن تكسب ودها وتعطف عليها لتنظر لها بدور بنفاذ صبر وهي ترفع إصبعها تشير لمريم محذرة :
*اسمعي يا آنسة أنا لا أحب أبداً الضحك بدون أسباب أو السخرية مني احترمي فارق العمر بيننا 
لم تترد مريم وهي ترد فوراً :
*آسفه لم أقصد حقاً أي سخرية ولكن أنت تشعريني أني طفلة تحاولين مراضاتها


لتقول بدور: 
*لا لست طفلة ولكن ربما أمي وهناء وضعتا في عقلي هذه الفكرة بإحاطتك هكذا , اتركينا منهما الآن واخبرني لما لم تأتي شيماء أريد أن أراها 
لترد بدور وهي تعود لضغط أزرار الحاسوب باهتمام وهي تقول :
لديها تدريب هام اليوم لم أستطع جعلها تتخلف عنه كما رأيت حالتها تحتاج اهتمام خاص عزيزتي ربما غداً آتي لك بها لأنها أحبتك هي الأخرى 

استفسرت مريم وكأنها لم تستطع بعد تقبل فكرة أن يحبها أحد أو يتقبلها وبسرعة هكذا , الأسباب غير مقنعة بالنسبة لها بعد لما يفعلون معها كل هذا؟؟ هل حقاً يرونها أختا لهم أم يشفقون على حالها التي وصلت إليه وحيدة لتقول :
*هل حقاً أخبرتك بهذا 

ردت بدور دون أن تنتبه لصوتها الذي تغير: 
*نعم حقاً شيماء طفلة صغيرة وصريحة إن أحبت أحداً أو كرهته تقول مباشرةً 
*وأنت بدور 
رفعت بدور وجهها من حاسبوها وهي تستفهم منها :
*أنا ماذا مريم لم أفهم ؟؟؟
*حقاً لم تفهمي بدور لا أظن ولكن أنا أسألك هل أنت أيضاً تحبينني ولماذا ؟؟ كيف أنت وأمك وأختك تتقبلونني بسهولة وسرعة هكذا افهموني ؟؟
لتترك بدور ما بيدها وتضعه بجانبها تنظر لمريم التي تجلس مقابلها على الأريكة في جلسة مريحة كما يبدو بالنسبة لها تريح ظهرها على بعض الوسائد وتفرد ساقيها أمامها وتمسك بعلبه كرتونية صغيرة تحتوي على بعض قطع الحلوى الشرقية التي أتت بها هي لها لم يربكها سؤالها لم تعتد أن تظهر ما تفكر به لأحد وعلى عكس منى وهناء لن تستطيع أن تحتمل لتخبرها :
*اسمعيني لقد أخبرتني أمي بالكثير عنك وأعلم أنك تتسائلين أي أحد يقترب منك لما يتقبلك أو يساعدك وقد فهمت ربما لأنك تواجدت بين عائلة لا تحمل الرحمة والإنسانية في قلوبهم 

صمتت لبرهة لتاخذ نفس عميق وهي تكمل بحرص :

أنا سوف أحدثك عن نفسي , لن أكذب وأقول إني أحببتك ودخلت قلبي فور أن رآكِ وما إلى ذلك , ولكن أيضاً لن أستطيع أن أنكر أنني لا أحمل لك اي ضغينة وأحب أن آتي الى هنا وأتعامل معك 

هزت مريم كتفيها كأنها لا تبالى وهي تقول :
*لا مشكلة فيما تقولين أتفهمك , لن أنكر أنا الأخرى أنك بطريقة ما تثيرين اهتمامي وأحب وجودك تستطيعين بسهولة أن تجذبيني لتأملك وأنسي قليلاً الأفكار التي تكاد تفتك برأسي

سألت بدور باهتمام :
مثلا , ماهي هذه الأفكار ؟؟ أخبريني ربنا استطيع مساعدتك

عادت الأخرى تنظر لما بين يديها وهي تعبث به وأفكارها تعود للتخبط بين النعم واللا , الرفض والقبول , الإحساس بالغدر والندم وو الاشتياق

لتقترب منها بدور تجلس على طارف الأريكة بجانبها لتسألها وهي تتفحص وجهها الذي تعاقبت عليه مشاعر عدة ويبدو أنها أفلتت منها كلمات بدون أن تنتبه 

*الاشتياق لمن ؟؟

عبست مريم بوجهها لتقول محاولة الاستنكار لتنفي لها ما سمعت :
*أي اشتياق ؟؟ عن ماذا تتحدثين ؟؟ 

*أنت التي قلت مريم لا أنا 

نفت مريم ببطء وهي تكمل تحاول أن تشتتها :

*لا يوجد اشتياق , أنا فقط متحيرة قليلاً هناء وأمك يصرون أن منح والدك لي اسمه هذا في مصلحتي ومصلحة أطفالي

لترفع يدها في علامة لجعل بدور تتوقف بعد أن رأتها تهم بالكلام الذي أخبروها منهم بالفعل بالكثير لتقول :

*أعرف أن هذا جيد لي وسوف يحل وضعنا المعقد قليلاً لكن أنا لا أتقبل والدك ولن أتقبله أبداً ولا أريد أن يقترب مني بأي طريقة فكيف أجعله يمنحني اسمه ؟؟

لتجاوبها بدور بهدوء وإقناع تحاول أن تجعلها تنظر للأمر من جهة أخرى عن ما يخبرها به الجميع لتقول : 
*سوف أخبرك شيئا مريم , لن أحاول إقناعك بما لا تتقبلينه ولكن لم ترفضين حقاً من حقوقك؟؟

اعتدلت مريم من جلستها ووجهها يبدو عليه علامة الاستفهام لما تقوله بدور التي تابعت حديثها
*نعم إنه حق من حقوقك لما ترفضينه لن أخبرك اقبليه ليحل وضعك وما إلى ذلك ربما قد نجد أي حل آخر للأمر إن كنت تصرين على الرفض ولكن أنا أريدك أن تقبلي من أجلك أنت هذا حقك لا تتركيه لأحد بل تمسكي به بكل قوتك واسعي إليه بنفسك وليس كما تفعلين الآن والجميع يحاول إقناعك

لتتوقف للحظات تأخذ نفسها بعمق لتوجهها بما رأت فيها وسبب أنها تقبلتها حقاً :
*منذ أيام عندما أتيت إلى هنا بناء على رغبة أمي لم اكن تقبلت الأمر بعد حينها وسامحيني حتى الآن أقنع نفسي بأنك أخت لي

تغضنت ملامح مريم بحزن رغم عنها لم تعرف سببه 
لتقول تحاول المزح:
*لا عليك أنا معتادة على الرفض لا أحد يتقبلني سريعاً 

صمتت برهة لتعود تخبرها :
* ولكنك أخبرتني الآن أنك ربما تهتمين بي

لترد بدور تنفي سريعاً و توضح لها اكثر :

*لا لم أقصد ما فهمتي انتظري إلى أن أكمل كلامي وبعدها تستطيعين الرد لا تكوني متعجلة 

لتومئ لها مريم بصمت تحاول أن تبتسم لها ولكن خرجت ابتسامتها مرتعشة رغما عنها ربما تخاف قليلاً أن تسمع الرفض منها لقد اكتفت منه 
اعتدلت بدور وهي تخلع حذائها وتطوي ساقيها تحتها لتبدأ في تحفيز من أمامها كما تعودت دئماً لتقول :
عندما أخبرتك أني أحاول إقناع نفسي بأنك أخت لي لم أقصد اني أرفضك أو أني أكن لك مشاعر سلبية ولكن ما قصدته أننا نحتاج بطبيعة الحال المزيد من الوقت , لكن عندما رأيتك منذ عشرة أيام تقريباً حبيبتي , هل تذكرين يومها كيف كان حالك؟؟

غامت عينا الأخرى بسحابة دموع عندما تذكرت ما كانت تحاول جاهدة أن تتناساه و كأنه لم يحدث من الأساس لقد كان ظهور بدور وشيماء في الوقت المناسب , لقد استطاعوا بإثارة فضولها نحوهم أن تنفصل قليلاً عن همومها 

مدت بدور يدها تلمس يد مريم المستريحة على ساقيها لتلفت انتباهها , لا تريدها أن تدخل في دوامة رثاء النفس التي وجدتها عليها , لقد كانت أمها صادقة فيها شيء يدفعك للتعاطف معها ومساعدتها وهذا ما كان , ومن يومها وهم يوزعون الأدوار بينهم وكل منهم يحاول بطريقته أن يشغل عقلها لتكمل بدور بهدوء :
*اسمعيني ولا تشردي , ما شد انتباهي لك يومها مريم القوة التي كانت تنبعث من عينيك , التجلد الذي كنت فيه حبيبتي ومما أخبرتني أمي به انتفاضة ايضاً للمطالبة بحق ورفض الوضع الذي كنتِ فيه 
لتستمر في تحفيزها تحاول أن تساعدها للثقة في قوتها 
لتقول :
*أنت قوية رغم كل ما مررت به بطريقتك الخاصة ثائرة بطبعك وان كان هذا لا يظهر الا عندما تريدين حاولي أن تراجعي ما حدث معك خلال هذا العام الذي لابد أنك تعلمت به الكثير واكتشفت أمور كانت مخبأة عنك , كيف واجهتها بقوتك رغم أنك كنتِ وحيدة

هزت مريم رأسها بحيرة وهي تسألها:

*لا أفهم بدور ما علاقة كل ما تخبريني به بقولي أن اذهب مع والدك وعمي جاسر لإمضائي على تلك الأوراق

لترد بدور وهي ترسم ابتسامة دبلوماسية لها وكأنها تقنع إحدى عملائها بصفقة ما :
*العلاقة بسيطة مريم ومترابطة أنت قوية ولذلك جذبتني , فيك شيء يشبهني ليس المظهر الخارجي فقط حبيبتي .
والأقوياء يا مريم لا يتركون حقاً لهم مهما حدث وهذا حقك ولا تفرطي فيه بل وطالبيه بالاعتراف بك أمام العالم إن أحببت ياسر الرواي أخطأ في حقك ويجب أن يدفع الثمن لن يهرب كعادته دائماً بأخطائه 

ومع انتهاء كلماتها التي نطقتها بقوة وعينين تشتعل إصرارا وتحدٍ لم تفهم مريم أسبابه صمتت ليفلت من عينيها شرر سرعان ما أخفته بمهارة وهي تعود للوجه الهادئ الرزين وهي تطبق جفنيها وتكمل تؤكد عليها :
لا تتركي حقك أبداً يا مريم مهما حدث ومهما كانت النتائج المرأة الضعيفة وسط مجتمع ذكوري متجبر لن تنجو أبداً من مصيرها المظلم

لم تعقب مريم بشيء ورغما عنها توجست منها بعد الإنبهار بها , لم تفهم الإصرار الذي يخرج مرافقاً لصوتها وحثها على ما ترفضه ولكن بطريقة ما وصل لعقلها وجعلها تفكر بطريقة مختلفة عن السابق إن كان حقها لما ترفضه وسوف يساعد طفليها بأن يأتوا بطريقة قانونية قبل ولادتهم حتى لا يتأذى إيهاب أو هي أمام القانون 

والأهم لديها أنه سوف يوجه طعنة قاتلة لفريال مثلما كانت تطعنها بالرفض دائماً حتى آخر مقابلة بينهم مازال قلبها لم يشفى من ما تحمله لها بعد 

سرحت أكثر بفكرها وهي تتذكر الحبيب الذي اختفى بسببها هي , لم تسمع عنه شيئا والجميع توقف عن أي حديث يخصه وكأنهم أتفقوا ضمنيا , حتى عندما تجرأت وسألت مَي عنه لم تحصل على إجابة , ربما مازال قلبها يحمل له الحقد والغضب ولكن هناك جزء أكبر ودقات تعلن صارخة باسمه هو , تريد أن تسمع عنه أي خبر تطمئن خفقة مؤلمة تصيب قلبها كلما تذكرت دعائها بأن........... 

قاطعت أفكارها سريعاً وكأنها لا تجرؤ حتى على تذكر ما قالته تريد أن تمحى من ذاكرتها ما حدث 
عادت لاضطراب أفكارها مرة أخرى وتناقضها تنفي وهي تهز رأسها
لا ليس كل ما حدث لقد استحق بعضاً منه لقد كان يهينها فاستحق على الأقل أن يعلم بما كانت تشعر وما كان يثبت لها إياه طوال الوقت , ندمها الوحيد على معايرتها له بنقصه
ودعاؤها بموته 
خفق قلبها بقوة وهي تناجي ربها فخرج صوتها مسموعا للتي أمامها وهي تقول :
*يا رب احميه ليس من أجلي بل من أجل أن يرى الحلم الذي كان يأمله وهو يعتقد بأنه غير قادر على تحقيقه , يا رب أريد فقط أن يراهم , يا الله كنت غاضبة لم أقصد ما دعوت به 

انتبهت مرة أخرى لبدور وهي تربت على يديها وهي تقول:

*لمن تدعي هكذا ولما كل هذا الألم في صوتك , ألم نتفق مع الطبيبة أن لا انفعالات مريم , ضغطك مرتفع على الدوام وأيضاً أنت معرضة لمرض (السكري )المرافق للحمل
هزت رأسها وهي تنظر لِيَد بدور وكأنها انتشلتها من أفكارها مرغمة لتخبرها بغصة بكاء :
*لا أنا لم انفعل فقط أنا متخبطة بدور, أشعر بأنني أغرق وأصارع الأمواج لحياة لأجد شاطئ يتلقفني ويمنحني السكينة والهدوء والنجاة مما أنا فيه 
تنهدت بألم وهي تردف وتكشف المزيد ربما تجد عندها ما يوجه افكارها لتقول :
*إني أكاد أجن من التفكير عقلي يخبرني أن كل ما فعلته إلى الآن صحيح , ليعود قلبي يئن من الألم ويعاتبني لم فعلت ذلك هل يستحق منك هذا وإن كان أخطأ في حقك لما لم تصبري كعادتك معه , ليعود عقلي يلغي قلبي ويصر علي أني فعلت الصحيح لأثور لنفسي التي أهانها الجميع حتى هو فأخبريني من ينتصر؟؟ وماذا أفعل؟؟ 

لم تتلقى إجابة لوقت طويل والأخرى تتأملها بملامح لا يبدو عليها أي مشاعر او تأثر لتنطق بعدها وعينيها تشتعل مره أخرى وكأنها تستجوبها :
هل تحبينه مريم أريد إجابة واضحة مباشرة , نعم أم لا ؟؟

توترت وهي تجيب وكأن اعترافها بحبه ذنب لكنها لم تجرؤ على الكذب وإن استطاع لسانها ونطق كذباً بكره لا يوجد في قلبها له تفضحها دموعها وهدير قلبها العالي الذي يصم أذنها عند تذكرها إياه , هل يسمعه غيرها ويعلن عشقه له
نفضت رأسها سوف تجن لا تعلم ماذا تريد 
لتجيبها بإجابة قاطعه ومعرفتها الوليدة بها تريحها 
لتقول :
*نعم هو الحياة بالنسبة لي لا الحب فقط

لتسألها بدور تستوضحها أكثر: 
اذا لما آلمتيه كما علمت , لما تريدين الإنفصال عنه 

لتغمض عينيها وهي تضع يدها على قلبها لتقول بألم : 
*لأنه أحرق قلبي انتزعه بدون رحمه وهو يسكنه , هل رأيتي قسوة أكثر من هذه , لا حب بدون كرامة وايهاب أهان كرامتي 
هو خذلني بدور وكثيراً 

لتفتح عينيها ويعلو صوتها باستنكار: 
*كما أنه غبي فاستحق ما حدث لم يخبرني أي شيء أبداً لقد علمت ما علمت من والدتك وهناء 

و خفت صوتها لتحتل المرارة صوتها وهي تقول :
*وفريال أخبرتني أعلم جيداً أنه بدون قصد منها لتستمر 
وهي تكمل :
بالتأكيد الآن تكاد تجن لأنها أخبرتني بأنه كان يدافع عني*

تخلت عن ذكر فريال سريعاً وكأنها لا تريد ان تأتي بذكرها 
لتعود لحديثها عنه :
*أتعلمين ربما الأفضل لقصتنا الافتراق لأننا آلمنا بعضنا بشدة , عقلي يخبرني بأني لا أستطيع العودة , أنا أنفي بسرعة إن هذا مستحيل أنا لا أستطيع العيش بعيد عنه 

على صوتها مرة أخرى وكأنها تريد الصراخ :
*لما الحب مؤلم ؟؟ لما هو محير هكذا؟؟ كل شيء سيء أنا تعبت ولا أعرف ما أريد

كانت بدور تسمعها باهتمام تحلل كل كلمة تقال تفهمها تجذم أنها الوحيدة التي تفهمها ألم تعش نفس التخبط والألم من قبل ؟
لتسخر من نفسها لا بل ربما مريم بكل حياتها المعقدة والتي ربما تشرف على الفشل تظل أفضل منها , كل ما تقوله يؤلم لكنها لم تجرب حقاً الموت ببطء وهي حية لم تراقب قلبها ينزف من جراح غائرة وهي تعجز حتى عن الصراخ لإنقاذه نفضت عنها أفكارها الخاصة لتعود إلى من أمامها , كما نجت هي يجب أن تساعد كل امرأة للنجاة طالما تستطيع ان تقدم العون لتقول بإقرار :
*نعم الحب والألم مرادفان لبعضهم ومترافقين أعتقد أنه لا يوجد أحدهم إلا ويجب أن يجلب الآخر معه ولكن

لتكمل بتحد ربما لنفسها أولاً وتعتدل في جلستها 
*الحب قوة و كرامة وعزة , الحب يعطي كما يأخذ وإن لم يتوافق الطرفان في تلك القوة لابد أن يتواجد الألم معادلة يا مريم , يجب أن توازني بينهما , لا حب بالقلب وتلغي العقل ولا حب بالعقل وتلغي القلب , يجب أن يتساوى لديك كلا الطرفين , أحبي بعقلك وقلبك يجب أن يتماشى الطرفان في خطين غير مستقيمين ليلتقو في المنتصف حتى ترتاحي أنت في نهاية الطريق 

نظرت لها مريم بإعجاب لا تستطيع أن تنكره كلماتها قوية مثلها لكنها لم تستطع كبح فضولها كيف أصبحت هكذا هل رعاية الأسرة جيداً يخلف نساء قويات مثلها
تمتمت بسؤال آخر بعيد عن أفكارها لعلها تجد لديها الإجابة
*وهل يوجد غفران في الحب مهما أخطأنا بدور؟؟

اعتدلت اليها بدور وهي تراقب عينيها المستجدية لتجيبها :

الغفران يكون على مقدار الحب , هل كل طرف من الإثنان يحمل في قلبه ما يستطيع الغفران به للطرف الآخر أم لا ؟؟
في رأيي الشخصي كل شيء بين الطرفين مهما بلغ حجم خلافهم يمكن ن يجدوا له حلاً ويصلوا إلى الغفران بطريقة ما

لتظلم عينيها ويحتل صوتها القسوة وهي تقول :
*إلا .. إلا الخيانة يا مريم هذه التي لا يمكن أن يوجد غفران أو مسامحة بها بل خلع قلبك ورميه تحت قدميكِ وتقتيله بنفسك هو حلك الوحيد 

غفلت مريم عن تغير ملامحها ولم تنتبه لقسوة صوتها وهي شاردة في عالمها الخاص الذي يحتويه هو فقط , متى تستطيع أن تصل لحل لأفكارها ؟؟

حل الصمت في المكان لبعض الوقت لتعود كل واحدة من أفكارها على صوت الباب يعلن عن عودة منى وهناء
لتعود بدور تعتدل من جلستها تعدل ملابسها لتميل على مريم وهي ترسم ابتسامة جذابة لتقول لها :

*اسمعي يا ابنة أبي , نصيحة أخيرة ضعيها في عقلك جيداً 
كوني ( راوية ) حتى تستحقي لقبك الجديد , لا تسلمي كل مفاتيحك لرجل احتفظي بجزء من نفسك غامض يصعب قراءته , اغزي ببطء بترو بتمهل حتى تتملكي لجميع شرايينه فيصبح سكرانا في حبك حتى الثمالة لا يستطيع البعد عنك ولا الغدر بك , لا تجعليه يتوقعك دائماً اجعليه على صفيح ساخن من الترقب , تعلمي متى تبتعدي وتنغلقي على نفسك , لا تكوني غوغائية في غضبك بل اجعليه يتصلى على بركان وترقب لما سيصدر عنك , انتقمي بهدوء , تملكي مفاتيحه بذكاء أنثى , أوهميه أنه الطرف الأقوى رغم أن كل خطوط اللعبة في يدك , امنحيه غروره الذكوري وكبريائه الشرقي تعلمي متى تكوني أنثى تظهرين احتياجك له وتجعلينه يمنحك الغفران رغماً عنه يسلمك قلبه بدون إدراك منه , ومتى تظهرين قوتك فيفعل لكل خطوة منه ألف حساب وحساب قبل أن يفكر في إهانتك 

الكلام تسلل لعقلها ببطء فهمته وفهمت رسالتها ولكن هل سوف تستطيع أن تفعل معه هذا ؟؟
رفعت عينيها لوجه بدور الجامد الشرس لتخبرها بتأكيد : 
ألم أخبرك يا بدور كم أنت مبهرة وماكرة ؟؟؟ *

اعتدلت بدور وهي تكمل :
والأهم مريم لا تبعديه أبداً عنك إن كنت متمسكة به بل اجعليه دائما يدور في فلكك وحولك 
 



إعدادات القراءة


لون الخلفية