الجزء 17

قبل مرور ساعة،،
تائهة، مترددة، لا بل هي خائفة من كل ما يحدث لها من مشاعر لا تعرف ما هي !؟ فظهور مراد مرة أخرى في حياتها كعادته معها تغير كل شيء رأسا على عقب، تخاف مما تشعر به الآن، نعم هي اتخذت قرارها منذ زمن بعيد، لن تعود له مهما حدث، لن تكون نسخة ضعيفة لامرأة تخان من زوجها وتصمت أو تتقبل خيانتها. ولكن ما يربكها ليس ظهوره مرة أخرى وعودته يصر بقوة أنها مازالت زوجته، بل أخر مرة رأته فيها ووافقت على الذهاب معه إلى منزله هي وطفلتيها، عندما دخلت منزله وتأملت تأسيسه له واللمسات الحميمية التي وضعها؛ لقد أسسه على طراز منزلهم القديم هناك، كأنه أصبح نسخة منه الألوان مطابقة الإنارة الهادئة التي تفضلها هي والأساس والمفروشات على ذوقها هي.


لكن ما أدهشها قليلا وضعه لصور زفافهم وصور رحلاتهم وأيضا صور متفرقة للطفلتين كلا على حدة وغلاف كبير يضمهم جميعاً؛ تذكرت تلك الصورة جيدا كانت أخر صورة لهم معا قبل أن يحدث الفراق بينهم وعندما سألته لماذا يضع صورة زفافهم وصور رحلاتهم، نظر لها ببرود جليدي وأخبرها (ليس من أجلك بل من أجل طفلتينا أريدهما أن ينشئا في بيئة سليمة وطبيعية ولا يعلما بما يدور بيننا).


ابتلعت ريقها بتوتر لحظتها من كلماته الجافة، وجلست على إحدى الأرائك ترقب ما يفعله بصمت كان قد تخلى عن المعطف الصوفي الذي يرتدي ليبقي بقميص أبيض تاركا أزراره الأولى مفتوحة لتظهر بنيته القوية وبنطلون من الجينز الأسود. ليجلس على أرضية غرفة الأطفال التي أخبرها أنها جهزها خصيصا لطفلتيها؛ وتحتوي على كل الألعاب التي كانت لدى طفلتيها هناك، ظلت تراقبه وهو يبتسم ابتسامة دافئة أبوية وهو يحتضن الصغيرة ويجلسها بحجره ويحاول أن يعلمها بصبر طريقة لعبة ما والكبيرة تحاول أن تلفت انتباهه وبين الحين والآخر تقف لتقبّله وتحتضنه وكأنها لم تستوعب بعد أنه أمامها ومعها، وصغيرتها التي لا تقبل بأحد تجلس مستكينة بين ذراعيه وكأنها لم تفارقه لحظة. كان جل اهتمامه وتركيزه كله مع ابنتيه لم يلتفت إليها حتى وهو يجيبها بالكلمات الباردة مجيبا على سؤالها. مشهد ابنتيها هذا جعل الدموع تطرف بعينيها كيف ابتعدت وانشغلت عنهما هكذا تقارن الآن بين مظهر طفلتيها بين أحضان مراد السعادة والسكينة البادية على محياهن وبين مشهدهن مرات عديد بين أحضان إيهاب رغم تعامله معهن باهتمام وحنو لكن أبدا مظهره معهن لا يقارن بمشهد مراد الأبوي وكأن بين الثلاثة صلة غير منطوقة رابط غير مرئي مهما ابتعد وغاب يبقى هناك هذا الرابط موصول. 


كبتت تنهدات الألم، لولا خيانتك مراد آه لو ظللت على عهدك لم يكن ليحدث هذا يوما لماذا حرمتني أنا من دفء أحضانك الذي أشعرني بالأمان، لما سلبتني السكينة والهدوء اللتان شعرت بهما في منزلك، لما جعلتني أعود لذلك البيت البارد والعائلة الحاقدة، لأعود لما كنت عليه من كره للجميع والحقد عليهم.
لقد شعرت بالدفء مرة أخرى أن شيئا كان ينقصها منذ عام وعاد لروحها بمجرد أن دلفت من باب هذا البيت ورأت مراد وطفلتيها بهذا المشهد تتمنى لا بل تريد لو شاركتهم جلستهم تلك ولو أخذها بأحضانه ولو مرة واحدة لتشعر بهذا الدفء المفتقد مثل طفلتيها.
عند هذه النقطة نفضت رأسها بعنف من هذه الأفكار المتطرفة تنفي لنفسها بشدة لا هي لا تريد هذا لا مراد ولا بيته ولا حتى أحضانه لترفع عينيها إليه تجده يحدق فيها وطفلتيها انشغلت كلتاهما عنه في ألعابهما، لم يطرف بعينيه بعيدا عنها كعادته يربكها بتأمله لها هكذا وكأنه يريد اختراقها.
لتبدأ هي الكلام بتوتر:" متى تستطيع أن تعيدنا أعتقد أن هذا وقت كافلك مع الطفلتين، يجب أن نعود الآن "


ظل على تأمله لها للحظات،ليجبها بعدها بصوت أجش وكأن الغضب الذي يرافقه منذ أن عاد تبخر ولم يعد له وجود:" أخبريني إسراء ما الذي يمنعني الآن من حبسكن في بيتي وغلق آلاف الأبواب عليكن حتى لا تفارقنني أبدا، أخبريني ما الذي يمنعني أن احتجز طفلتي ولا اجعلهما تفارقاني أبدا"
صمتت للحظة تستوعب كلامه لكنها تعرفه كما يعرفها، فقامت بالرد عليه بصوت هادئ بعد أن سيطرت على ارتباكها لتقول بصوت قاطع:" وعدك مراد وكلمتك أنت لن تخلفها أيا كانت الأسباب"


ليميل جانب فمه بسخرية وهو يجيبها:" وعدي إسراء تثقين به الآن لقد فاجأتني! إذا لماذا لم تثقي في كل وعودي السابقة"
:"هذا يختلف مراد أنا اعلم أنك تحترم كلمتك ولكن عندك بعض العادات ربما لا تستطيع الالتزام بوعودك فيها"
ليجبها وهو يعود بانتباهه للطفلتين راغبا في إنهاء الحديث المستتر أمام الصغيرتين:"لا فائدة أبدا منك إسراء لن تري الحقيقة يوما"، ليضيف بصوت حازم بعدها:" قليلا فقط وسوف أعيدكن لكن إسراء صبري نفذ يجب أن تأخذي قرارك سريعا لنعود جميعا تحت سقف هذا المنزل معا، وإلا سأتصرف أنا ولن يعجبك تصرفي حينها،أنا أصمت لعدم رغبتي في ذعر طفلتينا أو سأكون آسفا أن أخبرك حفاظاً على كرامتك أمام المجتمع وهذا أيضا إكراما لبناتي".
بعدها بوقت قام بإيصالهم مرة أخرى للمنزل وسط اعتراض ميرا وبكائها الذي هز قلبهما وهي لا تريد تركه ليعدها بأن اللقاء قريب جدا ولن يتركها أبدا مرة أخرى ليلثم الصغيرة التي تنام بهدوء بين ذراعيه وبعدها يعطيها لها ببطء وكأنه لا يريد تركهما.


لقد أتى خلال الأسبوع الماضي بعد زيارتهم لمنزله مرتين بعدها وهو يصر عليها كالعادة أن تقابله أمام المنزل بصحبة الطفلتين، ليأتي لهن ببعض الحلوى أو غيرها كألعاب ويجلس قليلا في السيارة مع ميرا وتاليا ويغادر بعدها أسفا على تركهما،
لقد تفهم اعتذارها الواهي وهو غير مقتنع به أو باهتمامها المصطنع بعد اختفاء مريم.
ربما لأنه يعلم شعورها الحقيقي اتجاهها وغير مصدق لادعائها الاهتمام ولكن رغم ادعاء الجميع انه يفهم أنها لا تهتم.
لما تشعر رغم سخرية الجميع أن هناك جزء صغير تحاول طمره، يهتم فعلا باختفائها وربما قلق عليها، من مجهول وربما خطر تقع فيه.
رن هاتفها وبدون النظر إليه توقعت هوية المتصل جيدا.
لتجيبه بهدوء بدون أن تنظر لهوية المتصل:" مرحبا مراد "


ليجيبها بصوت رخيم:" مرحبا إسراء أعتقد أنك تعلمين طلبي ولكن اليوم أريد أن أمر عليكن وتأتي معي للمنزل أريد أن أرى بناتي أطول وقت ممكن ولن أقبل أي أعذار "
صمت للحظات لما عاد لأسلوبه الهادئ المتفهم معها ما الذي يريده يهاجمها مرة ويعاملها بعنف ويسخر منها مرات أخرى والآن يحدثها بهدوء ما الذي يريد أن يصل إليه بحق الله بأفعاله تلك.لتحاول إقناعه بهدوء مماثل:" مراد أخبرتك الوضع الآن لا يسمح، مريم مازالت مختفية ولا أحد يعلم أين ذهبت أو لماذا؟ !، لتكذبها نفسها، بل هي ربما تشك بالأمر، بالتأكيد لم تحتمل وجودها في المنزل بعد ما فعله ممدوح معها وسفر إيهاب،ربما تكون خافت أن يتكرر الأمر أو خافت منها ومن القاسية الهام.
أغمضت عينيها بيأس وتأنيب ضمير بدأ يصحو فيها تؤنب نفسها كيف سمحت لحقدهم وغيرتها العمياء من طلب الاهتمام أن تجعلها تقدم على مساعدة أخوها الحقير وتلك الأفعى الهام.
قطع استرسال أفكارها مراد وهو يخبرها بصوت مهتم:" الم تجدوها بعد؟ !"
لتجيبه بصوت مسيطر على انفعالاته وتذكرها ما اقترفته في حق تلك المذعورة دائما رغم محاولتها الواهية بادعاء القوة أمامها هي والهام:"لا لم يجدها بعد لقد بحث في كل مكان ولكن لا أثر لها"
ليجيبها بصوت به بعض الحزم:"اسمعيني إسراء أنا أسف من أجلها، تعلمين جيدا رغم كرهك أنت لها ولكن هذه الطفلة لها مكان ما لدي، ربما بحكم أني رأيت نشأتها أمام أعيني ولكن هذا سبب أقوى يجعلني لا أريد التأخر في ضم بناتي لأحضاني وتحت سقف بيتي مرة أخرى، أنت ستأتي وقريبا بصحبة الطفلتين ولا كلام أخر لدي، غدا صباحا أجدك أمام بيت منزلي، هل فهمتي إسراء؟؟"
وقبل أن ترد عليه سمعت صراخ إيهاب الذي يزلزل المنزل لتغلق الهاتف معه باستعجال، حتى تعلم ما الذي يحدث.
لتخبره بعجل:" حسناً مراد سنتحدث لاحقاً في 

هذا الأمر يجب أن أغلق الآن "
ليهتف بها بغضب:"إسراء "
لتجيبه بعجل أكبر:" آسفة حقا مع السلامة".
لتغلق الخط وتخرج متعجلة بعد أن أغلقت الباب جيدا على طفلتيها النائمتين، لتجد الخادمة تقف بتوتر أعلى الدرج لتأمرها بحزم:"ما الذي تفعليه هنا ادخلي بجانب الصغيرتين ولا تتركينهما مهما حدث أتفهمين "
أومأت الخادمة بتوتر من أثر ما سمعت من كلام إيهاب لأمه وتتبع كلام إسراء بصمت وتدخل غرفتها الخاصة.
تركتها إسراء وتحركت بتعجل لتقف في منتصف الدرج تستمع لكلمات إيهاب الهادرة بصراخ فاقد السيطرة لوالدته.
فكرها عاجز عن استيعاب بعضا كلماته التي كانت تصل أسماعها من حيث تقف، ربما من انفعاله لتنزل درجة أخرى فتصلها الكلمات اشد وضوحا بينما تتبين وتفهم بعض من كلماته الصارخة.
تنظر له بصدمة ربما هلع أصابها من هول ما تسمع وهو يتغنى بزواجه من الصغيرة وإجبارها على إتمامه بينما كان يصرخ في وجه أمه باعتراف صريح دون التواء:"بلا الهام هذا هو الواقع مريم زوجتي، أعيدها عليك مرة أخرى لتصدقي وما لا تعلمينه أجبرتها على إتمام زواجها مني، من تتهمينها كانت ترفض العلاقة التي في الخفاء تلك وأنا كنت أجبرها عليها هل تتوقعين هذا، ما رأيك في ابنك المثالي الذي تحطم على يديك ليستغل فتاة صغيرة مستغلا حمايتها به لتهرب منه في النهاية"
توسعت عينيها بصدمتها تهز رأسها بشدة والهلع يتمكن منها، تشعر بتخدير في جميع أجزاء جسدها تنفي لنفسها ما تؤكده أذناها، المتبجح أمامها لا يمكن أن يكون هو نفسه من يتهم ذاته؟ وبأي تهمة وأي جنحة ومع مريم ؟....مريم الصغيرة ؟! مريم وإيهاب !!


هل ما سمعته صحيح !، مستحيل بالتأكيد هي بكابوس!، هل إيهاب من يتحدث؟!. ظلت تنظر لوقفته العصبية وهو يهدر بصوته العالي معطيا إياها ظهره..الأمل بجزء طفيف جدا بزغ من بين الصدمة نافيا هويته كأنها تنتظر أن لا يكون هو ربما إنسان أخر هو من يتحدث.
لتخرج كلماتها منها تنفي بشدة ما تراه وما تسمعه بصوت مصدوم،وفِي داخلها صوت يصرخ بشدة يأمره لا بل يترجاه أرجوك لا تحطم أخر أمل وصورة جيدة لدي في معشر الرجال..أبي ...زوجي ...والآن أنت إيهاب.


لتخاطبه قائلة وعينيها ربما تترجاه أن يفهم كلامها الغير المنطوق:" يا إلهي، يا إلهي ما الذي تقوله ما الذي تخبرنا به أنت تكذب "
ليلتفت لها بشراسة:" مرحبا نسخة الهام وفريال المصغرة إسراء هانم، ما المستحيل بالضبط فيما سمعتي"
ليضيف بتأكيد وكأن عقال لسانه قد انفك أخيرا منه:" مريم زوجتي وليس هذا فقط بل تحمل جزءً مني جزءُ من العقيم الذي تركتيه لتهربي لصديقه، مريم حامل بابني فلذة دمي كم احمد الله على انه رفض يسكن بداخلك أنت واختارها هي"
لم تهتم بما قاله ولا بواقع يطعنها به دائما بأنها باعته وخانته فهو لن يفهم يوما ولن يتفهم ومن يلومه، ولكن الآن لا تستطيع إلا أن تبتسم بسخرية مريرة وعقلها المصدوم المشتت كان يركز على نقطة واحدة..خيانته هو الأخر ..للمبادئ التي ربطتها به ..للشرف ...للرجولة ...للصدق والوفاء ..نسفها في لحظة اعتراف موجع لها أكثر مما تخيلت أن تجد نفسها فيها ...فظلت الصدمة تتلاعب بها، وكلها في لحظة واحد يصرخ انه هو الأخر خائن ومغتصب ..


أن تنفي ما تراه وتسمع لا لن تنهار لن يتحطم كل ما ارتكزت عليه لسنوات، لن تحطم الصورة الوحيدة المتبقية لديها في عالم الرجال لتنظر له بهلع تسأل نفسها)هل إيهاب من يتحدث !(
وهل هناك ما يقبل الشك أن من أمامها إيهاب يعلن أنه استغل الصغيرة التي هي زوجته.. كيف لم تهتم بأنها سمعت اعتراف منه بأنها زوجة له ولكن ما يكاد يفقدها وعيها كلماته التي يتردد صدها في عقلها بشدة(لقد أجبرها على علاقة) ليعود إدراكها سريعا وهي تمر أمامها صور الأحداث الأخيرة التي عاصرتها مع مريم ولم تهتم بها أو عقلها أراد منطقة أمنة فكان ينفي ما تستشعر حدوثه في الخفاء،لقد وضحت صورة ما كانت تراه لقد كانت تنفيه أيضا ثقة به هو الآن فهمًت لم الحزن والبكاء عندما لاحظت العلامات في أحد المرات عندما ادعى انه عاقبها هل كان هذا هو عقابه؟ استغلال جسدها وبقسوة مما رأت على جسدها؟.


والعلامات الأخرى التي كانت لا تفارقها مثل الارتباك والهلع الحزن الذي كان مرسوم على وجهها والخوف عندما رأتها تتسلل لغرفته كانت تشعر بالخوف والرعب هل كان ربما يهددها لتذهب إليه؟ وأخيرا عقد المقارنة بين علاقة كل منهما به. كل هذا يؤكد على شيء واحد إيهاب كان يجبرها، كان يستغلها حقاً، هذا ما تأكد لها، لا تستطيع الرد وكأن لسانها قد ربط حتى لم تلاحظ دخول رأس الأفعى فريال ووالدها هي ولا صراخ فريال وإيهاب المتبادل ولا أخباره بنبرته المتشفية بحمل مريم منه..فقد كانت تعيش دوامة صدمتها في انعزال عنهم جميعا.


حمل رددت لنفسها ذاهلة، حمل تلك الصغيرة الهلعة المرعوبة دائما حامل ومنه هو 
كيف استطاع كيف فعلها واستغلها المثالي استغل الصغيرة...كيف ؟..
الآن فقط ربما استطاعت أن تفيق وتفك عقدة لسانها، صورتها المثالية الوحيدة للرجال ظهرت على حقيقتها كلهم ضعفاء لرغباتهم ولا تهم الطريقة خيانة أو حتى
استغلال..كيف ؟؟ الكلمة لمست طريقها على لسانها بدل أن تظل حبيسة فكرها المصدوم فقط، لتنطق كلمتها المصدومة ذاهلة تقطع ضحكاته المتشفية بينه وبين فريال والأخير تهتف وتتوعد، لتقول إسراء تخاطبه:"كيف استطعت! كيف أتتك الجرأة! لقد استغللت صغيرة جاهلة لا تعرف من العالم غيرك "
ليلتفت لها بحدة وهو يجيبها بسخرية لاذعة:" انظروا من يتحدث ويدافع عن مريم لا أرجوك إسراء سأصدقك هكذا امّم ربما أنت غاضبة لان الصغيرة أفضل منك في كل شيء "
لتجيبه بصوت بدأ يعلو بغضب مستنكر وحاقد عليه، على أبيها، وعلى جميع الرجال إيهاب كان يمثل الصورة الأمانة التي كانت تضعها في عقلها عن الرجل المثالي المستقيم الذي كانت تتمناه والدا لطفلتيها، لم يعد يفرق عنهم بل ربما زادت حقارته لتخاطبه قائلة:" أنت استغللت شابة صغيرة عن أي غيرة وحقد تتحدث يا حقير أنت مثلهم لقد أجبرت طفلة على علاقة معك، طفلة جاهلة، بريئة، كيف قدرت أن تواجه عينيها وأنت تأخذها اللعنة عليك إيهاب لقد تربت على يديك،أخبرني كيف استطعت استعمالها كجسد يا الهي الآن فهمت لم المسكينة كانت منزوية ومنكسرة دائما لقد كانت تستنجد بك وأنت تكسرها الم تأخذك بها شفقة وهي تلجأ إليك وأنت تزيد في استغلاها "


كانت قد وصلت لحافة العصبية والجنون وانهيار كامل داخلها لقد حطم كل شيء.علا صوتها بصراخ مجنون مماثل لصراخه والجميع يقف مذهولا وكأن الكلام قد نفذ ما عداها الحقيرة الحاقدة فريال التي تراقب بغل ربما تريد جمع كل الخيوط والكلام منهم لتكمل إسراء هادرة:" كسرتها الأخيرة بالتأكيد أنت السبب فيها، نفسها الذليلة أنت السبب بها"، لتضيف غير منتبهة من فرط تعصبها مما سمعت
:" يا إلهي وأنا من ظننت أن ممدوح المسؤول عما هي فيه وهو من قام باغتصابها 
ليظهر لي أنك أنت حاميها من كان يقوم باستغلالها كنت تستغل جسدها لعام كامل وربما أكثر هنا في السر يا مثالي يا حامي العائلة يا حقير"، لتصرخ:" أنت حقير ما الفرق بينك وبينه أجبني"
ليقترب منها يمسك ذراعيها بشر يحدثها بفحيح:" ما الذي تقوليه عن أي شيء تتحدثي كيف علمت بعملة أخوك الحقير هل كنت على اتفاق معه يا وضيعة"
ليهزها بشدة وهو يهدر بصوت يحمل من الشر ما لا تستوعبه:"أخبريني"
لتنظر له بغضب لن تخاف منه، مما تخاف، لقد تحطم أخر أمل لها بأن هناك من يستحق منهم، بأن هناك أمل في أحد الرجال لكن وضحت الصورة أمامها الآن كلهم واحد؛ الجري وراء ملذاتهم أهم من كل شيء سواء خيانة أو حتى استغلال جسدي مثل ما حدث مع مريم.
لترد بصوت حاقد:" أي عملة يا مثالي وضحت الصورة لم يستغل أحد الصغيرة إلا أنت ما الذي يغضبك أخي حقير وأنت ماذا أخبرني إيهاب ما الفرق بينكما هو أراد أن يذلها ربما لانتقام واهي من الحقيرة التي خلفك وأنت ما مبررك لاستغلالها لعام كامل وأيضا تجبرها كما تقول أي أنك اغتصبها لعام كيف استطعت ادعاء المثالية وأنت تفعل بها هذا؟ فخور الآن بطفل أتى منها هل سألت نفسك ربما هي تكرهك وتكرهه الآن لأنه أتى على إجبار ما الفرق بينك وبين حقير مستغل أطفال أخبرني؟"


ليضغط على كتفيها بشر لا يعيه، كلماتها التي ضربته في مقتل لديها حق ما الفرق بينه وبين ممدوح لا فرق لديها كل الحق:" أخبريني كيف علمت أو شككت بأن أخوك على علاقة بما حدث"، ليضيف بصراخ:" ردي علي إسراء "
تشعر بالانهيار سوف تنهار بين يديه وهي تنظر لوجهه المليء بالغل والشر وتربط بينه وبين وجه مكدوم، مكسور ويشعر بالإهانة والذل؛ وجه مريم المجبر وصوت شهقاتها التي تشبه الطير المذبوح، يا إلهي كيف كانت بتلك القسوة،إنها فتاة مثلها. كيف شاركتهم فعلتهم تلك؟، كيف استطاعت !، كم عانت المسكينة منهم جميعا. لتعود للنظر إليه وقد فقدت كل حواسها وما تشعر به من بعض التعقل.
لتمتم من بين أفكارها بصوت مذهول خافت مصدوم:" كيف استطعت !؟، لقد كنت الشيء الثابت الوحيد في حياتي، الشيء الجيد والمثالي رغم كل ما حدث بيننا، كيف استطعت أن تكون بكل هذه الخسة،ألم تجد أي امرأة تشبع غرائزك القذرة مثل أي رجل لتبحث عن صغيرة في الخفاء، صغيرة أنت حمايتها "
ليرد من بين أسنانه بفحيح:" اخرسي يا حقيرة من أنت لتعلميني التصرف الصحيح وتحاسبيني،اخرسي لا أريد إلا إجابة واحدة، هل كنت تشاركين أخوك بخططه انطقي الآن؟"


لتصرخ بجنون:"أشاركه! لم أشارك أحدا،والدتك الفاضلة هي من شاركته في خطته،اتفقا عليها وأنا كنت معهما لكن لم اعلم خطتهما بذبحها هكذا اعتقدت انه تهديد وتخويف لها، لتعود لفريال وبعدها علمت بالاتفاق هذا لأكتشف الآن انه تم ذبح الضحية حقا مسبقاً على يديك أنت أم ربما ممدوح الأخر استطاع أن يذبحها"
جحظت عينيه ذاهلة وهو يدفعها بحدة وينظر لوجه أمه الممتقع من اعتراف إسراء عليها، لتكمل إسراء وهي على حالتها من الجنون والذهول ونبرات صوتها الصارخة:"ولم لا ربما يكون فعلها فهي الأضحية المثالية لكل من يستطيع أن يذبحها ويتلذذ بدمائها، حقراء كلكم متشابهين في الدناءة لا فارق بينكم لعنات الله عليكم قذرين، يا إلهي كيف فعلتها إيهاب أنت أخر رجل كنت أتخيل أن يفعل شيئا سيئا إلى حد استغلال طفلة وأي طفلة، من كنت تقول أنها ابنتك وأختك أي وضاعة تملك، أي جرأة قبيحة وروح قذرة يحتوي جسدك"، لتنقل نظراتها بينه وبين حسين.


لتشير لوالدها بتقزز:"أنت مثله حقير أخر في عالم مليء بأمثالكما أتمنى أني لم أعرف أيا منكم يوماً "
لتتراجع للوراء خطوات وتلتفت بعدها تفر هاربة لن تطيق لحظة واحدة في هذا المنزل.
لم ينتبه لها إيهاب بعدها، لقد كشف كل شيء لقد كان ملهيا بالكامل فيما حدث لهم ليلة هجوم ممدوح عليها واعترافاتها القاتلة له واكتشاف حملها فلم يتوقف ليفكر فيما حدث وربط كل الأمور بعضها بعضا؛ إصرار أمه وإسراء على صحبتها في تلك الرحلة إعطاء أمه لجميع الخدم عطلة بحجة أن البيت سيُصبِح فارغا وهذا ما لم تفعله من قبل، ثم أن يأتي ممدوح في نفس الليلة ويكون عازما على فعلته مؤكد كان يعلم أن البيت فارغ إلا من مريم:"يا إلهي"
نطقها بتمتمة خافته مصدومة ولكن ما الذي يجعله مذهول أو مصدوم بعد، لا يظن انه سيجد ما هو أسوا بعد فها هي والدته اتفقت على تدنيس شرفه اتفقت على ذبح فتاة في حمايته، أيا كانت أسبابها لا يهم ..لا يهم سوى أنها الجانية ومريم الضحية.


اقترب منها خطوات وهي تتراجع للوراء خوفاً وهي ترى انفعالات وجهه، من أمامها لم يكن ابنها أبدا علامات الشر والغضب التي تجعلها ترتعد رعبا تشعر أنه لا يميز الان من أمامه وربما لو ارتكب جريمة لن يعي أنها أمه.



إعدادات القراءة


لون الخلفية