الجزء 15

لتسكن الصغيرة بعد لحظات على صدره وتتوقف عن مقاومته ليبعدها عن صدره مثل ما فعل مع أختها ولكن ليتركها وهي تتأملهتتعرف عليه، تطبع وجهه في ذاكرتها. تعلم من هو أبوها، من هو ومن يستحق حبها ويستحق ألفتها لا كما أشارت أمها المستفزةلن يكون مجبرا أن يحارب شبح إيهاب مع ابنته هو كما يحارب مع أمها.
لتمد الصغيرة يدها بتردد تمرر يدها على وجهه وكأنها تستكشفه، لتخبره إسراء:"
يبدو انها ربما الفتك وتريد التعرف عليك، تفعل هذا عندما تشعر بالاطمئنان لأحد وتريد التعرف عليه وإنشاء صلة بينها وبينه"،لتضيف بعد برهة وهي تتأمله:" لكنها تفعلها سريعا معك مراد"
ليمسك يدها الصغيرة من على وجهها يلثمها بعمق ويقربها لصدره مرة أخرى يريد أن يدخلها فيه ليمد يده الأخرى يأخذ ميرا من أحضان إسراء لتتشبث به هي الأخرى.


ليتحرك ناحية سيارته بصمت، لتهتف إسراء من خلفه برعب وهي تتحرك وراءه 
ماذا تفعل مراد لقد وعدت انك تريد رؤيتهما فقط أين تذهب بهم !؟؟،
لم يرد عليها وهو يميل لباب سيارته الخلفي بحرص ويقوم بفتحهليقوم بوضع ميرا أولا ويلحقها بالصغيرة تاليا ويؤمنهم جيدا غير مهتم بصوتها العالي قليلا من خلفه ولا اعتراضاتها، ليلتفت لها بعد أن أغلق الباب يأمرها بتسلطه المعتاد:"
اخرسي واهدئي قليلا سوف تصيبينهم بالذعر، يكفي دمارهم النفسي الذي أنا متأكد منه من جلوسهم معك ما يقرب العام الان انا لم ارجع في كلامي لكن من حقي ان اجلس مع ابنتي قليلا بعد كل هذه المدة لا أن آتي كالخائف من شيء أراهم في الخفاء من علىالأبواب بعد أن جعلتي حارسها يتركها لقد رأيتك وأنت تأمرينهبتعجرف أن يقوم بالدخول إلى البيت يبدو أن الأميرة المخلصةتخاف أن يعلم احد بظهور زوجها مرة أخرى"


لترد ببعض الخوف من كشفه لها هكذا دائما يعلم ما تفكر به وكان عقلها كتاب مفتوح أمامه. ليكمل بصوت يبدو هادئا ولكنه آمربحزم:" أنا سوف اذهب إلى منزلي هنا أريد الجلوس مع بناتي قليلا إن أردتي أن تأتي مرحبا بك، أما إن لم تريدي هذا شيء يعود لك ِ وأنا أعدك سأعيدهم اليوم "
ليتحرك بعدها نحو مكانه يستقل السيارة بصمت دون انتظار الرد.
لتنقل هي نظراتها بين ابنتيها وبينه بحيرة وبعض الخوف لتأخذ قرارها وتفتح باب السيارة بصمت تستقل مكانها بجانبه. لتسألهبصوت خافت:"لا يجب أن نذهب لمنزلك من الممكن ان نذهب لأي مكان آخر وعام "
لينظر لها بسخرية وهو يقول:" حقا إسراء أنت تزيدينني اندهاش تخافين من الذهاب لمنزلي وانت تجلسين في بيت طليقك "
لترد عليه:" انه منزل العائلة لا منزله هو فقط "
ليكتفي بالرد عليها قائلاً:" مازلت زوجك إسراء هانم أي أن وجودك الطبيعي في منزلي لا مجرد زيارة عابرة"، ليصمت بعدها لا يضيف شيء وهو ينطلق بسيارته وعينيه تنتقل ما بين الطريق وطفلتيه.
 


بعد ثلاثة أيام،،
يدور ويدور كأسد جريح، مقيد لا يجد الخلاص او لا يعلم الطريق لم يهدأ لحظة واحدة منذ أن استقبله جاسر في المطار، لم يرتح ولم يذهب إلى منزله حتى، بل توجها فورا إلى قسم الشرطة ليقلب الدنيا هناك باستخدام بعض الواسطة له ولياسر الرواي ولكنه لم يكتفي توجه أيضا للسفارة الأمريكية هنا ليقدم بلاغا باختفاء مواطنة أمريكية تحت سماء البلاد.
بحثا في جميع المستشفيات، لم يتركا مستشفى واحد كبيرا كان أوصغير دون أن يستفسرا عن وجود مريضة أو نزيلة باسمها، دون جدوى ..كانت بالنسبة له وكأن الأرض انشقت وابتلعتها.
ليتركه هو جاسر ليلا بعد أن يأس من محاولة إقناعه بان يهدأويذهب إلى منزله لكنه يرفض باصرار ليظل يجوب الشوارع ليلا، هل يعتقد انه سيجدها على قارعة إحدى الطرق تنتظره المجنون لقد جن صديقه لا محالة يؤلمه مظهره هذا، يريد أن يطمئنه وان يخبره أنها في أمان، لكن ما يقيده وعد حمقائه لمريم والسبب الأقوى إعطاء إيهاب درس قوي بان يقدر ما كان بين يديه كلاهما يحتاج هذا الدرس الصعب أو يشعرا بخطئهما. ربما لا يعلم أسباب مريم ولكنه يتفهم صغر سنها والبيئة الظالمة التي نشأت فيها، لكن ما مبرر إيهاب الحازم القوي الذي لا يقبل بالخطأ، ما مبرره لإهانةزوجته وإشعارها بالتدني. أن يأخذ زوجته سرا كأنها مخطئة أوتفعل شيء حرمه الله وليستمر غبائه لم يخبرها عن سبب سفره او عن خطته بجعل والدها يعترف بأبوته لها. انه لم يخبرها حتىبوجود والدها لقد اخبره بأشياء كثيرة عندما عاد من سفرته ليجعله يقتنع أكثر بأنه محق، إيهاب يجب أن يستوعب فعلته التي ينكر انه أخطأ بها لقد تأكد أن مريم أمنة وطفلها بخير، علم بطريقته الخاصة كل شيء حدث مع الطبيبة أو وجودها في بيت هناء .


ليقاطع سيل أفكاره، وهو يخبره بيأس يكاد أن يخلع شعره بيديه:" اخبرني جاسر ماذا افعل لا تنظر لي هكذا لقد بحثت في كل مكان تعرفه او لا تعرفه لم اترك قسم شرطة أو مستشفى أو حتىفندق في المدينة لم ابحث عنها فيه ذهبت لجامعتها، لعلها لجأت لأحدى زميلاتها ولكن لم يعلم أحد عنها شيء منذ شهر من اختفائها وتوقفها عن الذهاب بأمر مني، آه.. اشعر بالألم في كل ذرة من جسدي لم أعد استطيع، أريد أن أعلم انها بخير اشعر أنجزءا مني انتزع وبقسوة لا استوعب إلى الآن أن مريم قد تفعل بيأنا ذلك مريم تقسو علي تبتعد عني، أنا لا استطيع التصديق أنكر لنفسي بشدة اخبرها انه كابوس وسوف استيقظ منه "
ليرد جاسر بهدوء:" هذا ما زرعته إيهاب فيها ويجب ان تستقبل حصادك وتصدقه لا تنكره لنفسك ربما ان هدأت قليلا وفكرتك أين خطئك وماذا جنت يداك تستوعب ما يجري وتفكر بهدوء لا أنتتخبط هكذا"
ليصرخ به وهو يجيبه:" هل أنت تساعدني هنا ام عينت نفسك جلادي اخبرتك ما بيني وبينها لن يستطيع احد ان يستوعبه يوما أن يقدره أو يتفهمه"
:"اهدأ إيهاب ولا تصرخ علي أنا أخبرك بالحقيقة التي تنكرها"
:"نعم ما بينكما لن يستوعبه احد ولكن ان كنت أعلنت الأمر حتىبين عائلتكما كان لن يضر بشئ أو يتدخل احد بينكما، كنت جنبتها أشياء كثيرة، والآن دعنا من هذا، ما حدث قد حدث لماذا لم تبثها الأمان وتخبرها بأمر سفرك ووالدها، لم بعد اكتشافك حملها لم تخبر احد بزواجك منها ووجود طفل تنتظره منها "
رد بوجع:" لم استطع يا جاسر، كان يجب أن انهي أوراق زواجنا القانوني، لأتفرغ لثورتها عندما اخبرها بوجود أب اعرفه ولم اخبرها يوما به لم استطع إعلان طفلي منها وتركها لهم ليؤذوهاهي وطفلي وأنا مسافر أو غافل في هذا الأمر مشغول عنها كنت أخطط لزواجي القانوني منها وأخذها بعيدا عنهم في سكن مستقل أمن لها لا يعلمون طريقه لأستطيع احتواء ثورتها في معرفتها والدها أن احتويها وأحبها"


ليضيف بعد ان فقد سيطرته في نبرات صوته:" لم يخطر لي علىبال أبدا أنها مهما ثارت واحتجت أنها ستتركني يوما، مريم تتركني تتهددني وأنا عاجز بسبب بعدي عنها لا إنها لم تهدد لقد كان الإصرار القاتل في نبرات صوتها يخبرني بقرارها النافذ، يا الهي قد تكون الآن ملقية في إحدى الصحاري ميتة وأنا أقف هنا عاجزا مشلول عن فعل شيء"، لينفي سريعا بخوف وهلع وهو يتخيل جسدها ملقى هكذا كما تخيله ميت و بارد .


:"لا لا مستحيل هي بأمان أنا لن أتخيل أي شيء إلا أنها بأمان أمنةمرعوبة أكيد خائفة تريد أن تطمئن ولن تجد هذا غير بين ذراعي انا اعرفها جيدا واعلم حاجتها لي "
ليزفر جاسر بضيق سوف يسيطر على نفسه ويقدر ما هو فيه لن يرد عليه بكلام لاذع ويهاجمه يكفيه جنونه الذي قارب على فقدانه لعقله تماما.


ليقترب منه جاسر يربت على كتفه ينتشله من أفكاره السوداء التي تطوف بعقله :" اهدأ قليلا، يجب أن تهدأ، ليس من أجلك بل من اجلها هي من أجل أن ترتب أفكارك وتبحث جيدا تفكر بهدوء أنتتتصرف بعشوائية ستنتهي هكذا في مستشفى قريبا منهار عاجز حقا وهذا لن يفيدها او يفيدك اذهب لمنزلك إيهاب ارتاح قليلا غير ملابسك أرح عقلك لتستطيع أن تعلم خطواتك القادمة، الشرطةلم تتوقف لحظة ولا سفارتها إن كان شيء لا قدر الله حدث بالفعل كنّا سوف نعلم بالأمر"
لينظر له باستنكار يهتف به:" أرتاح تريدني أن اذهب لأرتاح وأنام أيضا وأنا لا اعلم هل هي مرتاحة أم لا، وجدت مكان جيد تلجأ إليها أم أنها تدور تبحث في الطرق"
:"يا الهي إيهاب أنا يئست منك حقا هل تظن الجنون الذي تلبسك هو من سيجدها وان

 كانت مثل ما تقول هل بحثك العشوائي هذا هو ما سيجدها، رغم عدم اقتناعي بما تفعل لكن أنا أقف بجانبك أساندك وانا اعلم انه مجهود مهدور عديم القيمة لأخر مرة أخبرك إيهاب رتب أفكارك، مريم هربت منك أنت على وجهه الخصوص وإن كانت هربت منك مؤكد انك لن تجدها إلا عندما تريد هي أو تهدأأنت وتبحث بتخطيط مدروس لخطواتك كعادتك دائما هل فهمًت كلامي، يا الهي لا اصدق إيهاب أني أنا من أنصحك بمنطقيةوعقل الآن وأنت تأخذ دور المتهور المجنون هل انقلبت الموازين هنا أفق لعقلك لتستطيع ان تجد زوجتك وطفلك قبل ان تتهور مريم أكثروتفقدهم إلى الأبد"


ليرفع إيهاب عينيه بقهر يستنكر بصوت معذب:" وهل أنا لم أفقدهم بعد جاسر حقا هل تعتقد ذلك؟؟، إذا لما اشعر بمرارة فقدهم وأني لن أراهم مرة أخرى لقد فقدت طفلين جاسر طفلي وطفلتي مريم بسبب غبائي وترددي". 



إعدادات القراءة


لون الخلفية