الجزء 38: هزيمة المظفار

كان الخدم جميعهم محتشدين هناك داخل بهو المنزل ..
عندما وصل "عاصم" مهرولا ... أخذ يتنقل بنظره المتوجس بينهم ..
كان أغلبهم يقفون هناك عند النوافذ ، يتطلعون إلي شيئا ما !
أما البقية ، فقد إرتسمت علي ملامحهم إمارات القلق و الذعر و هم يتهامسون فيما بينهم ..
لينطلق صوته الخشن في هذه اللحظة متسائلا:
-في ايه ؟ .. ايه اللي بيحصل هنا ؟؟؟
و للحال إلتفت الجميع إليه ، و تطوع أحدهم بالإجابة ، حيث تقدم منه خادم بخطوات واسعة و هو يقول بصوت طغت عليه إرتجافة طفيفة:
-عاصم بيه ! .. الحقنا يا باشا ، في ناس كثير اوي برا واقفين بيتخانقوا مع الحراسة و بيحاولوا يدخلوا القصر بالعافية.
و هنا جاء صوت خادم أخر ، يهتف بجزع متوتر:
-هما دخلوا خلاص .. و بيقربوا من البيت !
إنضم الجميع من فورهم صوب النافذة ، ليشاهدوا الفاجعة الوشيكة ..
فتنطق إحدي الخادمات في وجل:
-دول ... دول كتير اوي ! .. ايه العمل دلوقتي ؟ .. هنبلغ البوليس و لا هنعمل ايه ؟؟؟
تركهم "عاصم" متجها نحو غرفة مكتبه .. أسرع إليها و هو ينتفض غضبا و إنفعالا ، و ربما خوفا أيضا ..
إذ أنه يعلم جيدا من الذين بالخارج ... ليس من الصعب أن يحزر أنه السيد "توفيق علام" آتي بمعداته ليحرر إبنة شقيقه و يستردها منه ..
و لكن لا .. ليس بهذه البساطة ، لن يتجرأ أحد علي الإقتراب من ساحة نفوذه و سلطته ..
لن يأخذها أحدا منه ، لن يتركها لأي مخلوق مهما كلفه الأمر ..
فتح أحد أدراج المكتب ، و ألتقط سلاحه المعمر بخرنة رصاص كاملة ..
لم يستعمله إطلاقا منذ إبتاعه ، و لكن يبدو أنه سيفعل اليوم ..
فالمكان يعج بالأوغاد .. و لا يمكن أن يواجههم و هو أعزل ..
سحب "عاصم" نفسا عميقا و هو يضغط جفتيه بشده ، ثم زفره علي عجل ، و خرج من غرفة المكتب ..
و بينما كان يمر بمحاذاة مدخل المنزل ، تناهت إلي مسامعه أصوات غريبة لمحاولة فتح الباب ..
فوقف بثبات علي بعد أمتار قليلة منه ...
كان يقف متجهما في إنتظار خطوتهم التالية ...


علي الطرف الأخر ..
تخطي "مروان" مع والده ، و "رشدي" بوابة القصر الضخمة مقطب الوجه ..
كان الطريق فارغ أمامه بعد أن تم ردع طاقم الحراسة الذي كان يمثل درع حماية لـ "عاصم الصباغ" و إخضاعهم من قبل رجال السيد "رشدي" ..
لاحت علي شفتيه إبتسامة هازئة و هو يغمغم بخفوت ساخرا:
-يبقي يوريتي هيعمل ايه بقي !
-الباب لازم يتقطر ... متين اوي ، مش هيتفتح بسهولة !
قالها "رشدي" لدي وصولهم عند باب المنزل ..
ليهتف "مروان" مستهجنا:
-و احنا مستنيين ايه ؟ ... اعمل اي حاجة يا انكل رشدي ، المهم الباب ده يتفتح دلوقتي !
-ماتقلفش يابني ماتقلقش .. انا عامل حسابي علي كل حاجة.
ثم إلتفت إلي رجاله ، و آمرهم بخلع باب المنزل من مكانه ..
فتلك كانت خطة من ضمن الخطط البديلة التي وضعها "رشدي" تحسبا لأي عوائق قد تقابلهم ..
و للحال ، نفذ الرجال آوامره بطواعية ..
حيث أحضروا تلك السيارة ( اللاند روڤر ) الضخمة و الحديثة للغاية ..
ثم أرفقوا بهيكلها الأمامي سلاسل حديدية ، إندفعوا ليصلوها بسياج باب المنزل ..
أوصدوا السلاسل جيدا ، و تولي أحد الرجال مهمة خلع الباب ..
فصعد إلي السيارة ، و شغل المحرك ، ثم قاد عائدا بها للوراء ..
إستغرق الأمر دقيقة و نصف تقريبا ، و تمت العملية بنجاح ..
إنخلع باب المنزل بصورة كاملة ..

**********************************

فرغت من حمامها سريعا ..
ثم عادت إلي الغرفة متهالكة و هي تشعر بدوار عنيف جدا ..
حتي أنها عجزت عن الإستمرار واقفة ، فألقت بنفسها فوق
أقرب مقعد ..
و راحت تلهث مفكرة برعب في الشهر الماضي و حتي تلك اللحظة ..
يا للكارثة !
لقد تغافلت بمنتهي الغباء عن الأمر ... كيف لم تشعر بنفسها ؟ ... كيف لم تهتم لأمر خطير كهذا ؟ ..
أخذت تحسب الفترة و الأيام مجددا .. و لكن المسآلة واضحة تماما ، لقد تآخرت عادتها الشهرية عن موعدها بأيام ليست قليلة ، و حتي الآن ..
و ما أزاد الأمر سوءا ، أنها بدأت تشعر بأعراض غير طبيعية !!!
لا ... لا يمكن أن يكون حدث ، لا يمكن أن تكون حاملا ..
غير معقول .. و لكن لما لا ؟ ..
أليس رجلا ؟ .. أليس زوجها ؟ ... ألم يقترب منها لمرات عديدة منذ فترة ؟ .. ألم توافق هي علي معاشرته ؟؟؟
كل شيء تم بإرادتها ، و إن لم يكن من المرة الأولي .. إنما بعد ذلك أصبحت هي التواقة لمقاربته أكثر منه ..
تضخمت كل تلك الأفكار بعقلها ، تضخمت أكثر و أخذت تتسع .. حتي شعرت برأسها ينتفخ كباللون و يرتفع ..
يرتفع بعيدا ... أمسكت رأسها بقوة ، و رددت بمرارة و آسي لإيقاف هذا الخاطر القاس:
-لأ .. مستحيل ... مستحيل يحصل الحمل ده ! .. لا يا ربي ، ماينفعش !!
و مرة أخري ، بصورة أشد ..
داهمها دوار و خليط من الصور راحت تمر في ومضات سريعة أمام عينيها ..
تقترب و تبتعد ، تتموج كدوائر .. تنهمر بقسوة ليزداد الدوار ..
وجه أبيها .. وجه عمها ... والدتها ... مربيتها ، زوجها .. مروان .. جاسر .... أبيها مرة أخري و هو غارق في دمائه ..
إزداد عنف الدوار ، و الوجوه تهطل كالمطر ..
و بغتة ، إنبعث عثيان من أسفل معدتها ، و أصبحت تلك الصور المتداخلة تشعرها برغبة في التقيؤ مرة أخري ..
كانت تقاوم علي قدر إستطاعتها ، و لكنها لم تعد تحتمل أكثر ..
فهبت راكضة صوب الحمام مرة ثانية و هي تغطي فمها بكفها ، لتفرغ محتويات معدتها الفارغة أصلا !

***********************************

داخل غرفة "هاجر " ..
و في حضرة والدها الذي ظل واففا لا يحرك ساكنا ، فقط يشاهد ما يحدث في صمت تام ، فقد كانت الصدمة شديدة عليه بحيث عجز عن الفعل و القول ..
بينما كان "جاسر" في فورة ثورته و غضبه ، و لم يكن يشعر بشيء من الراحة إلا عندما ينفجر غيظه حمما مستعرة في وجهها ..
حيث أخذ يكيل لها الصفعات و السباب الصارخ ..
و المدهش أن "هاجر" تلقت كل هذا العنف الوحشي علي جسدها دون أن تحاول منعه ، أو صد هجومه الشرس ..
أو حتي تفادي ضربه المبرح الذي أدمي وجهها و جسدها !
علي النقيض ... إستفزه صمتها و هدوئها و عدم سعيها لإتقاء شره ..
فإزداد غضبه ، و هو يقبض علي حفنة شعر من أسفل رأسها و يصرخ بوجهها:
-يا فاجرة ... يا **** .. كمان كنتي عايزة تهربي مع الكلب ده و تفضحينا يا *****
عارفة لو ماكنتش لحقتك في الوقت المناسب ؟ كنت قلبت الدنيا عليكي و جبتك من تحت الارض و دبحتك بإيديا دول !
ثم دفعها بوحشية فوق سريرها ، و إلتفت إلي والده صائحا:
-شفت يا كمال باشا ؟ ... شفت بنتك المصون ، المحترمة الملاك ؟ .. الدلوعة بتاعتك ... شفت كانت هتعمل فينا ايه ؟ .. كانت هتمرغ راسنا في الوحل مش في التراب لو ماكنتش لحقتها ... عشان تفرح بيها اووي ، اهي عندك اهيه !
و أشار برأسه نحوها في إزدراء لاذع ، و واصل:
-اعمل فيها ما بدالك .. انا من اللحظة دي ماعدتش هتدخل فيها ، لكن المحروس بتاعها ده حسابه معايا .. و حذاري حد يحاول يتدخل ، ساعتها مش هكون ضامن ابدا تصرفاتي !
و ترك الغرفة تتآكله عصبيته ، ليجري مكالمة من داخل غرفته:
-الو ! ... ستينج .. وديت الزبون المخبأ بتاعنا ؟ .. طب خليه متلقح بقي لحد ما اجيله بكره ، محتاج اريح شوية الليلة حاسس اني تعبان !


ظهر "توفيق علام" أمام "عاصم" من خلال الغبار الكثيف الذي أحدثه خلع الباب من إطاره ..
و لكن لم يكن "توفيق" بمفرده ، كان يرافقه شخص أخر ..
إستنتج "عاصم" من شدة التشابه بينهما أنه إبنه ..
و لكن علي كل ، لم يآبه كثيرا لهويته ، و عوضا عليه ..
راح يحدج العدد الذي أخذ يزداد داخل منزله في غضب ساحق ..
و مرت اللحظات الثقيلة ، المشحونة بالتوتر و الترقب و العدائية ... حتي بدأ "عاصم" بالكلام ..
فقال مغلفا صوته المرتفع بالحدة و الغلظة:
-يصح كده يا توفيق بيه ؟ .. جايبلي بلطجية يتهجموا عليا في بيتي بالشكل ده ؟؟
ثم حذره منتهجا العنف الضاري في إسلوبه و طريقة كلامه:
-احسنلك تاخد الناس اللي انت جايبهم دول و تمشي دلوقتي حالا ، بدل ما اتصرف معاك و معاهم تصرف مش هيعجبك ، امشي من فضلك قبل ما صبري ينفد !
لم يتكلم "توفيق" .. لم ينطق بحرف واحد ، إذ لأن "مروان" هو الذي ناب عنه في هذه اللحظة ..
حيث صاح بغضب ساخر:
-انت لسا عايز تقاوح يا صباغ ؟ .. نهايتك علي ايدينا الليلة دي ... ده بدل ما تترجانا نرحمك ؟؟؟!
رمقه "عاصم" بنظرات نارية ، في حين علا صوت تنفسه الثائر ، و شبت بأحشائه نيران مستعرة من شدة ما يحاول إدعائه من هدوء أعصاب ...

...........................................................

-ولادي !!
قالتها السيدة "هدي" و هي تهب من نومها مذعورة ..
كان كابوسا مزعجا .. سيئا جدا ، ضم ولديها ... كانا في خطر محتوم لم تستطع دحره عنهما ..
هناك فوق سفح جبل شاهق مرتفع ، إنزلقت قدم إبنها "شهاب" من علي الصخور اللينة المفتتة ..
و كاد يسقط ... لولا يدي أخيه اللتين أمسكتا به ..
تمسك "عاصم" بأخوه بكل ما أوتي من قوة ... آبي أن يتركه يسقط ، و مع محاولاته الغير مجدية لرفعه ..
زلت قدمه هو الأخر ، ليسقطا معا من فوق الإرتفاع المهـول !
ضغط الكدر و الغم علي حنجرتها ، شعرت بالحزن حتي البكاء و هي تهم بمناداة وصيفتها الخاصة ..
هتفت بإسمها ثلاث مرات و لا من مجيب !
أين ذهبت ؟ .. تساءلت ... تناولت هاتفهها الخلوي من تحت وسادتها ، فقد جلبه "عاصم" إليها خصيصا في حال إحتاجته أو أرادت رؤيته فيأتي لها ..
و بحذر و بطء ، فتحته ..
بحثت عن رقم إبنها البكر ، فوجدته ... أجرت الإتصال به ..
و إنقطع الإرسال .. فأعادت المحاولة مرة ثانية ، و ثالثة ، و رابعة ..
ليزداد قلقها ... لماذا لا يجيب "عاصم" علي إتصالاتها ؟ .. لم يفعل ذلك من قبل !!


بادله "مروان" نظراته النارية بنظرات أخري متحدية ، ثم سأله بلهجة إستفزازية هادئة:
-فين هانيا ؟ ... لو مش حابب تتآذي كتير ، وفر علي نفسك شوية من اللي هتشوفه علي ايدي انا شخصيا و هاتلي بنت عمي هنا حالا !
رد "عاصم" بفحيح متوحش:
-محدش فيكوا يقدر ياخدها مني ... هانيا ملكي ، و اللي عنده الشجاعة يتخطاني و يوصلها ؟ .. يجرب و يوريني شطارته.
و هنا ، تكلم "توفيق" أخيرا ..
فقال و هو يرعد و يضخم في صوته الحانق:
-ملكك ؟ ... مين دي اللي ملكك ؟ .. انت صدقت نفسك ؟ .. يعني تكون سبب في موت ابوها ، و سارقها و عايزها توافق تبقي ملكك ؟؟؟
ثم أنذره رافعا إليه سبابته:
-اسمع ... انت لو فاكر ان الموضوع تهويش او هزار المرة دي تبقي حسبتها غلط ، انا مش هتنقل من هنا الا و بنت اخويا في ايدي.
-و انا مش هتنقل من هنا الا اما اشوف دمه سايح قدامي !
قالها "مروان" بغل عظيم ، ثم أشار للثلاثة رجال أصحاب الأجساد العملاقة ، و الذين آتي بهم من أجله هو بالأخص ..
لبوا آمر "مروان" و هموا بالإنقضاض عليه ... إلا أن "عاصم" أوقفهم حين سحب سلاحه من غمده في لمحة ، و أشهره في وجوههم جميعا و هو يزمجر بعنف:
-ارجع مكانك انت و هو ... انا لو فرغت خزنة السلاح ده في جتت اللي مآجرينكوا مش هاخد فيهم يوم .. دول ناس همج جم يتهجموا عليا في بيتي و عايزين ياخدوا مراتي مني !
بُـهت كلا من "توفيق" و "مروان" عند سماع هذا ...
فأضاف "عاصم" بكياسة ، و لكن بحدة ملحوظة أيضا:
-انا اتجوزت هانيا من حوالي شهرين و نص يا توفيق بيه .. بنت اخوك بقت مراتي رسمي ، لو عايز تشوفها و تشوفك انا ماعنديش مانع .. لكن امور البلطجة و فتحة الصدر اللي داخل عليا بيها دي ماتكولش معايا ... انا لحد دلوقتي عامل حساب صلة القرابة اللي بينك و بينها !
وقفا "مروان" و "توفيق" في تحفز ، يتبادلان نظرات التردد و التساؤل ..
و بغتة ، سمع "عاصم" صوت أمه ينادي بأسمه عبر مسافة بعيدة من الطابق العلوي ..
فبصورة تلقائية ، حيد بوجهه عنهم لوهلة ..
وهلة ... و لكنها كانت كافية لإندفاع الثلاثة رجال نحوه مرة واحدة ..
صحيح أنهم هجموا عليه بصورة مفاجئة ، لكنه كان متآهبا لفعل مثل هذا ..
حيث تلقي منه الرجل الأول ركله عنيفة في منتصف صدره .. آلمته بشدة ..
و تفادي "عاصم" لكمة الرجل الثالث ، و إستدار ليلكمه في معدته بقوة ، ثم يعقبها بأخري في فكه السفلي ..
تمكن من سلاحه مرة أخري ، و كاد يطلق منه الرصاصات تجاههم ..
لولا ذاك الذراع الذي إلتف حول عنقه ليعيقه كليا ..
شعر بنفس الشخص يمد يده الأخري ، و يضرب معصمه بأحد أعمدة المنزل المصقولة ..
ظل يضرب ، و يضرب بقوة حتي أطاح السلاح بعيدا عن يد "عاصم" المتآلمة ..
و في ثانية ، أصبح "عاصم" أعزل تماما ..
و بالرغم من ذلك صمد ، و لكنه مهزوم ... فقد إلتم عليه الثلاثة دفعه واحدة ، و أحاط أحدهم بذراعيه من الخلف ليشل حركته ..
و أثناء مقاومة "عاصم" لهم ... لكمه الثاني في وجهه لكمة شديدة أسالت خيط رفيع من الدماء علي حافة فمه ..
مما ضاعف من غضب "عاصم" و قوته في آن ..
و قبل أن يسدد العملاق اللكمة الثانية له ، عاجله "عاصم" بركله قاسية في معدته جعلته ينحي و يئن متآلما ..
إستشاط "مروان" غيظا من دهائه و مثابرته ، بل و من شجاعته و قوة بأسه الفولاذية ..
فتقدم صوبه و هو لا يزال مكبلا من ذراعيه من قبل الرجل الضخم خلفه ..
إقترب منه حتي لفحت أنفاسه الملتهبة بالغضب وجهه المشوه ، و غمغم بشراسة:
-انرل علي ركبك ... اركع يا صباغ !
بثبات ، رد "عاصم" في صوت آجش:
-لسا ماتخلقش اللي يخلي عاصم الصباغ يركع يا شاطر.
باغته "مروان" بوجه مظلم:
-لا اتخلق ... و واقف قدامك اهو ، و هتركع يا صباغ.
عند ذلك ... تسللت إحدي الخادمات خلسة إلي الطابق العلوي لتخبر "هانيا" عما يدور هنا ..
علها تفعل شيئا لسيدها الذي بات في خطر حقيقي !
كان بقية أفراد الخدم ، يقفون يشاهدون ما يحدث لـ"عاصم" مكتوفي الآيدي ..
ليس بيدهم شيئا يفعلوه ، بينما "مروان" يبدأ بتكييل اللكمات القوية له ..
فكان "عاصم" الصامد الساكن ، يتلقي ضربات "مروان" بقوة و جلد و صبر ..
و لكن للآسف لم يدم صموده كثيرا ..


حيث مادت الدنيا به ، و لم يعد يشعر بنفسه إلا و هو يسقط علي ركبتيه فعلا !!!
إنها الهزيمة ... "عاصم" تحت سيطرة الثلاث رجال ، في نفس الوقت يفحمه "مروان" بركلة قوية في فكه قذفت بالدم الغزير من فمه ..
و في غمرة جنونه ، إنحني صوبه قليلا متآملا إياه في غيابه النصفي عن العالم حوله ، و رؤيته المشوشة !
ثم مد يديه ، و أمسك برأسه ، و أجبره علي النظر إليه مستكملا في شبه همس:
-زي ما خليتك تركع كده .. هاخد منك هانيا ... لأ و مش كده و بس .... انا هطلقها منك ، مش بتقول اتجوزتها ؟ .. هطلقها منك ؟؟
و بإبتسامة عريضة و لهجة شامتة ، قال مضيفا:
-و هتجوزها انا ! .. انا مش عارف اصلا انت ازاي متخيل انها ممكن تقبلك ؟ .. ده بعيدا عن التار اللي بينكوا ، انت مابتبصش لوشك في المرايا و لا ايه ؟؟
إرتعد "عاصم" و تآجج جسده نارا محرقة ، فحاول أن ينهض لمواجهته ، و لكن عبثا ..
فقد كان مسلوب القوي و الإرادة بصورة مخزية آلمته في صميم نفسه ..
-مـرواااااااااان !!!
تجمد المشهد تماما في هذه اللحظة بعد صوت "هانيا" الصادح ، و الذي شق الأجواء بقوته …



إعدادات القراءة


لون الخلفية