كانت السماء خارج النافذة ملبدة بالغيوم، والجو في الداخل يعج بالضحك والمزاح. جلست ميرا في غرفة المعيشة الفاخرة بمنزلها، محاطةً بصديقاتها الثلاث المقربات: سالي، نادين، ولينا. تتناثر حولهن أكواب القهوة، أكياس رقائق البطاطا، وحلوى متنوعة. كان اليوم مجرد لقاء عادي، يتبادلن فيه القصص والتجارب، ويستمتعن بمشاهدة الأفلام السخيفة. ولكن الليلة، كان هناك شعور بالملل يسيطر على الجميع، كأنهن يبحثن عن مغامرة غير متوقعة تخرق الروتين المعتاد.
"يا فتيات، ألا تعتقدن أن حياتنا أصبحت مملة؟" قالت نادين وهي تتأفف، متكئة على الوسادة الكبيرة. "كل يوم نفس الشيء: عمل، نوم، تذمر من العزوبية، ونعود لنفس الدائرة."
ضحكت ميرا وهي تضع يدها على فمها، "وماذا تريدين أن نفعل؟ نطلب رجالًا من الإنترنت؟"
"هذا ليس اقتراحًا سيئًا، في الحقيقة!" ردت سالي بابتسامة ماكرة، وهي ترفع حاجبيها بشكل ساخر.
رنّت هذه الجملة في الأجواء وكأنها أشعلت شرارة. التفتت جميعهن إلى سالي، عيونهن تتسع بالمفاجأة، ثم انفجرن بالضحك. لكن ضحكتهن لم تستمر طويلًا، إذ فجأة، وبدون مقدمات، انبثقت نافذة إعلانية على شاشة التلفاز الكبير في غرفة المعيشة.
"هل تشعرين بالوحدة؟ هل تبحثين عن الشريك المثالي؟ الآن يمكنك طلب حبيبك المثالي بكل سهولة! فقط اختاري، وانقري، وسنوصله إلى باب منزلك خلال 24 ساعة! اضغطي هنا لتكتشفي المزيد!"
تجمّدت الضحكات في حلوقهن، وتحولت دهشتهن إلى صمت تام. تجمدت ميرا في مكانها، عيناها تحدقان في الشاشة بذهول. سالي كانت أول من استعاد تركيزها، قفزت من مكانها بخفة واندفعت نحو جهاز التحكم عن بعد، ثم زادت من صوت التلفاز.
"هل هذا حقيقي؟" تمتمت لينا، وهي تقترب من الشاشة، غير مصدقة.
"يبدو كإعلان تافه، كأنهم يروجون لدمى آلية أو شيء من هذا القبيل." ردت نادين وهي ترفع حاجبًا، ولكن عيناها كانتا مليئتين بالفضول.
قبل أن تتمكن ميرا من التعليق، ظهر على الشاشة عرض فيديو لمجموعة من الشباب، يبدون حقيقيين تمامًا، يقفون صفًا واحدًا، كانت أجسادهم متناسقة، وملامحهم تشي بأنهم خرجوا للتو من مجلات الأزياء.
"احصلي على حبيبك المثالي!" ظهر الشعار على الشاشة بخط عريض، ثم انتقل الفيديو إلى كل شاب على حدة، يُعرض جسده ووجهه،
بينما يُذكر وصفه: "رقم 1: رومانسية لا تُقاوم.
رقم 2: وسامة وجاذبية.
رقم 3: الجريء والمغامر... اختاري الآن!"
انفجرت لينا ضاحكة، وضربت بيدها على كتف ميرا، "هيا يا ميرا! هذه فرصتك الذهبية. من كان ليصدق؟ يمكنكِ طلب حبيب عبر الإنترنت!"
ضحكت ميرا وهي تهز رأسها، "يا لك من مجنونة، لينا! أنا لست يائسة لدرجة أن أطلب حبيبًا من إعلان رخيص!"
"لم لا؟" تدخلت نادين بنبرة جادة بشكل غريب. "ألا ترين أنهم يبدون... حقيقيين جدًا؟"
سكتت ميرا للحظة، لتحدق بجدية في الشاشة. شيء ما كان يلمع في أعين هؤلاء الشباب، ليس مجرد تمثيل. كان لديهم ذلك العمق الذي لا يمكن تقليده، وكأنهم أشخاص حقيقيون. فكرة سخيفة بالطبع، ولكن...
"هل تجرئين؟" سألتها سالي وهي تلمع عيناها بالحماس.
ابتسمت ميرا بكسل ورفعت كتفيها بلا مبالاة، ثم مدت يدها لالتقاط هاتفها، "ما الذي سأخسره؟ فقط لنرى ما الذي سيحدث." فتحت ميرا الموقع على اللابتوب الخاص بها .
كانت الصفحة الرئيسية للموقع أنيقة وغامضة، مكتوبة بخطوط ذهبية: "أهلاً بكِ في عالم من الأحلام. اختاري شريكك المثالي لتصنعي ذكريات لا تُنسى." انزلقت أصابع ميرا على الشاشة، تبحث بين الصور المعروضة، حتى وقعت عيناها على شاب طويل القامة، شعره بني داكن، وجسده ممشوق. ملامحه وسيمة. كان يحمل نظرة غامضة، وابتسامة خفيفة.
ميرا: "ماذا عن هذا؟" تمتمت وهي تشير إلى الصورة.
"واو، مثالي!" هتفت لينا، بينما أومأت نادين موافقة.
قبل أن تدرك ما الذي تفعله، ضغطت ميرا على زر "اختر هذا الحبيب"، وتبعها زر آخر: "تأكيد الطلب". بعد لحظات، ظهر على الشاشة إشعار: "تهانينا! سيتم توصيل طلبك خلال 24 ساعة. استعدي للقائه!"
حدقت الفتيات في الهاتف بعيون متسعة، ثم انفجرن في موجة من الضحك العصبي.
"هل فعلتِها حقًا؟" سألت سالي، وعيناها تلمعان بدهشة.
"يبدو أنني فعلت." ردت ميرا بابتسامة متوترة. "لنرَ ما الذي سيحدث غدًا."
يتبع في الفصل التالي..
اذا اعجبتك الرواية برجى ترك تعليق او اعجاب على الرواية لنشر الفصول التالية باسرع وقت ممكن 😉😉