جلسن في غرفة الطعام، ميرا وصديقاتها الثلاث يراقبن آدم من بعيد وهو ينهمك في إعداد العشاء. كان يتحرك في المطبخ برشاقة مدهشة، يقلب الأطعمة، يقيس التوابل بدقة، ويعمل وكأنه يعرف كل زاوية من المطبخ. لم يكن فقط يعد وجبة، بل كان يستعرض مهاراته أمامهن، مما جعله يبدو وكأنه طاهٍ محترف.
"لا أصدق هذا!" همست لينا وهي تميل نحو ميرا، تحدق بعيون واسعة. "من أين أتيتِ بهذا الرجل؟ إنه أشبه بشخصية خرجت من فيلم! حتى الطهاة المحترفون لا يستطيعون إعداد الطعام بهذه الأناقة!"
ضحكت ميرا بارتباك، وهي تحاول أن تبدو غير مبالية. "لا أعلم، ربما هو... مُبرمج على هذا؟"
رفعت سالي حاجبًا ساخرًا. "مُبرمج؟ تعتقدين أنه آلة؟"
هزت ميرا رأسها بسرعة، عيناها تتراقصان بحيرة. "لا، بالطبع لا! فقط... أقصد أنه يبدو مثاليًا جدًا ليكون حقيقيًا."
لكن آدم، الذي بدا أنه سمع كل كلمة، التفت إليهن بابتسامة رقيقة، وعيناه تلمعان بتسلية. "أنا هنا لأكون مثاليًا بقدر ما تريدين، ميرا."
شعرت بحرارة في وجهها، وتحولت نظرتها بسرعة بعيدًا عنه، محاولًة التظاهر بأنها لا تهتم. لكن صديقاتها التقطن هذه اللحظة فورًا.
"أوووه، هل أنا فقط من لاحظت هذا التوتر؟" غمزت نادين بابتسامة واسعة.
"يبدو أن هناك أكثر من مجرد 'عقد' بينكما، ميرا." قالت لينا وهي تضحك بخبث.
شعرت ميرا بأنها على وشك الانفجار. "لا، ليس هناك شيء. فقط هو... لطيف، كما ترين. لكن... لا شيء أكثر من ذلك."
"يا لكِ من كاذبة سيئة!" علقت سالي وهي تضع يدها على كتف ميرا بحنان، ثم أضافت وهي تنظر بتمعن إلى آدم: "إذا لم يكن بينكما شيء، فسأكون سعيدة بأخذ هذا الوسيم معي إلى المنزل."
تجمدت ميرا في مكانها، عيناها تحترقان بغضب غير مبرر. فكرة أن أي واحدة منهن قد تأخذه فعلًا جعلتها تشعر بتهديد غريب، وكأنها ستفقد شيئًا ثمينًا لم تدرك أهميته بعد.
"لا!" قالت بسرعة، قبل أن تلتقط أنفاسها وتخفض صوتها. "أعني... هو شريكي في السكن، كما قلت. ولا يمكنكِ... أخذ شريك سكن أحد، أليس كذلك؟"
نظرت الفتيات إليها بعيون مليئة بالدهشة، لكن آدم، الذي كان يستمع بصمت، اقترب من الطاولة، يحمل طبقًا من المقبلات بيديه.
"لا تقلقي، ميرا." قال وهو ينحني بلطف، يضع الأطباق أمام كل واحدة منهن. "أنتِ لا تستطيعين التخلص مني حتى لو أردتِ ذلك. نحن مرتبطان بعقد قانوني يلزمك بالاحتفاظ بي لمدة سنة كاملة. لا يمكنك التراجع أو التنازل عني لأي شخص آخر."
تجمد الجو للحظة، ثم انفجرت الفتيات بالضحك.
"هل أنت جاد؟ عقد قانوني؟" سألت نادين وهي تمسك بطنها من الضحك.
ابتسم آدم برفق، لكنه لم يغير نبرته. "تمامًا كما قلت. نحن الآن شريكان في السكن، وحبيبان بموجب العقد. وإذا خرقنا الشروط، سيكون هناك عقوبات."
حدقت الفتيات فيه، ثم تبادلن النظرات مع بعضهن. لكن ميرا، رغم أنها كانت تحاول ألا تضحك، شعرت أن هناك شيئًا جادًا في نبرته. عقوبات؟ هل هذا جزء من البرنامج الذي يعمل عليه؟ أو هل هناك شيء أعمق في هذا الأمر؟
لكن قبل أن تتمكن من طرح أي أسئلة، تظاهر آدم بالانشغال بإعداد الطبق الرئيسي، مما أوقف أي محاولة لمناقشة الموضوع أكثر.
"إذن، آدم..." قالت سالي وهي تميل برأسها. "بما أنك مرتبط بميرا، هل هذا يعني أن لديك مشاعر تجاهها؟"
توقفت حركة يديه للحظة، لكنه استدار نحوها، ملامحه هادئة. "بما أن العقد يلزمنا بأن نكون حبيبين، فإن واجبي هو أن أتعلم كيف أجعلها سعيدة. إذا كان ذلك يتطلب مشاعر... فسأتعلم أن أطورها."
تبادلت الفتيات النظرات المذهولة مرة أخرى، لكن ميرا لم تستطع إلا أن تشعر بوخز في قلبها. هل يمكن لشخص أن "يتعلم" أن يحب؟ هل هذا يعني أنه يرى مشاعره تجاهها كواجب؟ لماذا تشعر بهذا الألم الخفي وهي تفكر في هذا؟
"مثير للاهتمام!" قالت لينا وهي تضع يديها على الطاولة، تتكئ نحو ميرا. "إذن، ميرا، هل تشعرين بالسعادة معه؟"
شعرت ميرا بتوتر شديد، وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تجيب. "إنه... لطيف، ومهذب، ويعرف كيف يتعامل مع المواقف."
"هذه إجابة دبلوماسية!" قالت نادين وهي تضحك. "نريد إجابة حقيقية، ميرا. هل يعجبك؟ هل تشعرين أنه حبيب حقيقي؟"
تجمدت ميرا للحظة. لم تستطع الإجابة بصدق، لأنها لم تكن تعرف الحقيقة بنفسها. لكن قبل أن تتمكن من الرد، كان آدم قد تقدم خطوة نحوها، يضع يده على كتفها برفق، عينيه تنظران إليها بحنان.
"ميرا قد تكون مترددة، لكني سأبقى هنا لأجعلها ترى ذلك. سأبقى حتى تفهم كم هي مهمة بالنسبة لي."
تحول الصمت إلى توتر مشحون. شعرت ميرا بحرارة دمه على كتفها، وعيناها التقت بعينيه، لتشعر بشيء غريب يربطهما. هذا الرجل، أو مهما كان، لن يتركها. ربما هذا حقيقي.
"حسنًا، حسنًا!" صاحت سالي فجأة، قاطعة لحظة الصمت. "أعتقد أننا يجب أن نترك 'العشاق' الآن."
نهضت الفتيات واحدة تلو الأخرى، وهن يضحكن ويمزحن. لكن قبل أن يخرجن، التفتت لينا نحو ميرا وقالت بنبرة خبيثة:
"فقط تذكري، ميرا، إذا شعرتِ بالملل أو أردتِ 'التخلص' منه... نحن دائمًا هنا."
ابتسمت ميرا بصعوبة، وراقبت الفتيات وهن يغادرن. عندما أُغلق الباب خلفهن، شعرت بتوتر يغمرها. التفتت نحو آدم، الذي وقف بجانبها بهدوء، يراقبها بعينين واسعتين.
"هل كنت جادًا؟" سألت بصوت خافت. "هل هناك فعلاً عقد يجبرني على إبقائك هنا؟"
هز رأسه ببطء. "نعم، ميرا. لقد قبلت الشروط عندما طلبتني. ولا يمكنك التراجع."
"لكن... لماذا؟"
ابتسم ابتسامة غامضة، ثم اقترب منها خطوة، عينيه لا تزالان تلمعان بذلك البريق الغامض. "لأنني أريدك أن تعطيني فرصة حقيقية... لتعرفيني. وإذا كنتِ على استعداد، سأبقى هنا حتى تكتشفين من أنا حقًا."
يتبع في الفصل التالي..
اذا اعجبتك الرواية برجى ترك تعليق او اعجاب على الرواية لنشر الفصول التالية باسرع وقت ممكن 😉😉