في صباح اليوم التالي، كانت ميرا ترتدي ملابسها بهدوء، عيناها تراقبان آدم بحذر. كان يقف أمام النافذة، نظراته مركزة على الخارج، وكأنه يرى شيئًا بعيدًا جدًا. كان الجو مشحونًا بالتوتر، وكلاهما يعرف أن هذا اليوم لن يكون عاديًا.
"ميرا." قال آدم بصوت هادئ، لكنه كان يحمل نبرة من الجدية.
تجمدت في مكانها، ثم التفتت نحوه ببطء. "نعم؟"
نظر إليها بجدية، عينيه تلمعان بتصميم جديد. "أريدكِ أن تذهبي إلى العمل كأن شيئًا لم يحدث. تصرفي بشكل طبيعي. لا أريدهم أن يشكوا في أي شيء."
"لكن… ماذا ستفعل أنت؟" سألت، صوتها يحمل نبرة من القلق. "لا يمكنك البقاء هنا وحدك."
ابتسم آدم ابتسامة باهتة، لكنها كانت خالية من الدفء. "لا تقلقي. لدي عمل خاص عليّ القيام به."
"عمل خاص؟" كررت، عيناها تملؤهما الحيرة. "ماذا تقصد؟"
تقدم خطوة نحوها، ثم لمس كتفها برفق. "سأكتشف طريقة للتخلص من هذا الجهاز." قال ببطء، عينيه تركزان على وجهها. "لا يمكنني التحرك بحرية طالما أن هذا الشيء موجود. إذا أردت حمايتكِ، عليّ التخلص منه أولاً."
شعرت ميرا بقلبها ينبض بعنف. تتخلص منه؟ لكنها عرفت أن هذا أمر خطير للغاية.
"لكن… كيف؟" سألت، عيناها تملؤهما القلق. "إذا حاولت إزالته، سيكتشفون."
نظر إليها آدم بعمق، ثم أومأ ببطء. "أعلم. لكني سأجد طريقة."
"آدم…" همست، لكن قبل أن تكمل، أمسك بيدها بلطف، ينظر في عينيها مباشرةً.
"ميرا، عليكِ الوثوق بي." قال بصدق، صوته يحمل نبرة من الرجاء. "اذهبي إلى العمل، وتصرفي بشكل طبيعي. سأفعل ما بوسعي… لأجلنا."
شعرت ميرا بأنفاسها تتسارع، لكنها أومأت ببطء. "حسنًا. لكن… كن حذرًا."
ابتسم آدم ابتسامة صغيرة، ثم انحنى ليطبع قبلة خفيفة على جبينها. "دومًا."
بعد أن غادرت ميرا المنزل، عاد آدم إلى الأريكة، عينيه تلمعان بالغضب والتصميم. الآن… أنا وحدي. لا يمكنهم سماعي. أخذ نفسًا عميقًا، ثم وضع يده على صدره، يشعر بنبض قلبه تحت يده. هذا الجهاز… هو قيدي.
بدأت الأفكار تدور في رأسه بسرعة. كيف يمكنه التخلص من شيء زرعوه داخل جسده؟ كان يعلم أنه بحاجة إلى مساعدة، لكنه لا يستطيع الوثوق بأي أحد. إلا إذا…
ظهرت فكرة في عقله فجأة. الدكتور مارك. كان مارك طبيبًا قديمًا، شخصًا يعرفه منذ أيامه الأولى في المنظمة. مارك كان جزءًا من الفريق الطبي الذي تعامل مع إصاباته خلال المهمات، وكان يعرف كل شيء عن المنظمة.
"لكن… هل يمكنني الوثوق به؟" تمتم آدم لنفسه، عينيه تضيئان بالقلق.
مارك كان قد ترك المنظمة قبل سنوات، بعد أن تشاجر مع أحد القادة. لم يسمع عنه آدم منذ ذلك الوقت، لكن إذا كان هناك شخص يمكنه مساعدته في إزالة هذا الجهاز… فهو مارك.
"عليّ العثور عليه." قال ببطء، ثم نهض بسرعة، عينيه تركزان على المهمة التي أمامه. "إذا كان لا يزال على قيد الحياة، فهو أملي الوحيد."
بدأ آدم بجمع بعض المعلومات، مستخدمًا جهاز كمبيوتر خاص كان يحتفظ به في مخبأ سري. كان يعرف أن المنظمة قد تمحو كل أثر لشخص بمجرد مغادرته، لكن مارك كان ذكيًا. إذا كان قد نجح في الهرب، فلا بد أنه ترك بعض الآثار.
بعد بضع ساعات من البحث، عثر آدم على خيط صغير. كان هناك مستشفى خاص في ضواحي المدينة، يُعرف بتقديمه علاجات غير قانونية للأثرياء، وباستخدامه لتقنيات حديثة للغاية. مارك كان دومًا يهتم بالتقنيات. إذا كان هناك مكان يمكن أن يختبئ فيه، فهو هذا المستشفى.
"مستشفى الأفق." همس آدم، عينيه تضيئان بالأمل. هل يمكن أن يكون هناك حقًا؟
أخذ نفسًا عميقًا، ثم قرر أن يتحرك فورًا. لا وقت للتردد.
عندما وصل إلى المستشفى، كان الجو ملبدًا بالغيوم، والسماء تبدو وكأنها على وشك أن تمطر. وقف آدم أمام المبنى الكبير، عينيه تراقبان كل تفصيلة. هذا هو المكان.
دفع الباب الزجاجي، ثم دخل بهدوء. كانت ردهة المستشفى فاخرة، مزينة بلوحات فنية، والممرضات يتحركن بهدوء بين الغرف. نظر حوله، ثم توجه إلى مكتب الاستقبال.
"مرحبًا، هل يمكنني التحدث إلى الدكتور مارك؟" سأل بجدية.
نظرت إليه الممرضة بارتباك، ثم نظرت إلى الشاشة أمامها. "الدكتور مارك؟ لست متأكدة أن لدينا طبيبًا بهذا الاسم."
شعر آدم بخيبة أمل خفيفة، لكنه لم يستسلم. "هل يمكنك التحقق؟"
"حسنًا، لحظة." قالت الممرضة، ثم بدأت بالبحث. بعد بضع ثوانٍ، نظرت إليه بارتباك. "آسفة، لا يوجد أحد بهذا الاسم هنا."
شعر آدم بأنفاسه تتباطأ، لكنه أومأ ببطء. إذاً هو ليس هنا… أو ربما يستخدم اسمًا مستعارًا.
"شكرًا." قال بهدوء، ثم استدار ببطء، عينيه تراقبان المكان. إذا كان هنا، سأجده.
بدأ بالتجول في المستشفى، عيناه تراقبان كل ممر، كل باب. كان الجو هادئًا بشكل مريب، لكن فجأة، لمح شخصًا مألوفًا. مارك؟
كان هناك رجل يقف عند نهاية الممر، يرتدي معطفًا أبيض، شعره الرمادي المتناثر وجسمه الطويل، مما جعله يبدو مميزًا. تجمد آدم في مكانه، ثم شعر بقلبه ينبض بعنف. إنه هو.
"مارك!" نادى بصوت منخفض، لكن الرجل التفت نحوه ببطء، عيناه تلتقيان بعيني آدم.
كانت هناك لحظة من الصدمة في عينيه، ثم تحولت إلى شيء آخر… خليط من الحذر والخوف. "آدم؟"
شعر آدم بشيء من الأمل يتسلل إلى صدره. لقد وجدته.
"مارك، أحتاج مساعدتك." قال بسرعة، عينيه تركزان على وجه الرجل. "إنه عن الجهاز… الذي في قلبي."
تجمد مارك في مكانه، عينيه تتسعان ببطء. "جهاز؟" تمتم، وكأنه لا يصدق. "هل ما زالوا…؟"
أومأ آدم بسرعة. "نعم. أحتاج منك إزالته. إذا لم أتمكن من التخلص منه، سأظل تحت رحمتهم للأبد."
شعر مارك بأنفاسه تتسارع، ثم نظر حوله بقلق. "هذا خطير، آدم. إذا حاولت إزالة هذا الجهاز—"
"لا خيار لدي." قاطعه آدم بجدية، عينيه تملؤهما التصميم. "سأفعل هذا، مارك. بمساعدتك… أو بدونها."
نظر مارك إلى عينيه، ثم أخذ نفسًا عميقًا. هذا الرجل… لن يتراجع.
"حسنًا." قال أخيرًا، صوته يحمل نبرة من الاستسلام. "سأساعدك. لكن علينا التحرك بسرعة."
شعر آدم بشيء من الارتياح. أخيرًا… خطوة نحو الحرية.
"لننهي هذا." قال بصوت منخفض، عينيه تلمعان بالتصميم.