الفصل الثالث عشر: موعد عند المرفأ

عادا إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل. كانت ميرا تشعر بالإرهاق، لكن شيئًا ما داخلها كان ينبض بحيوية. الرقص، الموسيقى، والغموض الذي يحيط بآدم… كل ذلك جعل الأمسية تبدو وكأنها فصل من قصة لم تعشها من قبل. لكنها رغم ذلك لم تستطع نسيان الطريقة التي تعامل بها المدير معه، كيف ارتجف واعتذر وكأنه أمام رجل يخشاه.

"ليلة ممتعة، أليس كذلك؟" سأل آدم بابتسامة، وهو يفتح باب المنزل.

نظرت إليه ميرا، عيناها تلمعان بالشك. "نعم، لكنها تثير الكثير من الأسئلة."

دخلت إلى المنزل دون أن تنتظر ردّه، متجهة نحو الأريكة لتخلع حذاءها العالي. شعرت بالتعب يغمر جسدها، لكن عقلها كان في حالة تأهب. ماذا يخفي هذا الرجل؟ ولماذا لديه مثل هذه السيطرة؟ وماذا كان يقصد عندما قال إن هناك أشياء لا يمكنه قولها الآن؟

لكن قبل أن تتمكن من الاستفسار أكثر، نظر إليها آدم بجدية.

"ميرا، أحتاج أن أخرج لبعض الوقت." قال ببطء، وكأنه يختار كلماته بعناية.

"ماذا؟ الآن؟ في هذا الوقت؟" سألت بذهول، ثم عبست. "إلى أين تذهب؟"

ابتسم بخفة، لكنها كانت ابتسامة باهتة. "سأذهب لإنهاء أمر صغير. لن أتأخر."

شعرت بالقلق يتسلل إليها، لكنها رفعت رأسها بتحدٍّ. "لن أسمح لك بالاختفاء. إذا كان لديك أمر ما، أريد أن أعرفه."

أخذ آدم خطوة نحوها، ثم جلس بجانبها على الأريكة، عينيه مثبتتان على وجهها. "ميرا، هناك أشياء لا أستطيع مشاركتها معك الآن. لكن أعدك، لن أختفي. أنا فقط… بحاجة إلى بعض الوقت."

كان في صوته صدق غريب، مما جعل ميرا تتردد. أخيرًا، زفرت بعمق وهزت رأسها. "حسنًا، لكن إذا لم تعد بسرعة، سأعتبر هذا كسرًا للعقد."

ابتسم ابتسامة صغيرة، ثم أمسك بيدها برفق. "لن أكسره. أعدك."

وقف آدم في المرفأ المظلم، عينيه تراقبان كل حركة، عقله يعج بالتفكير. كان اللقاء مع دوم محفوفًا بالمخاطر، لكنه كان يعلم أنه بحاجة إلى هذا الاجتماع أكثر من أي شيء آخر. نظر إلى الساعة مرة أخرى، ثم رأى ظلًا يقترب بهدوء من زاوية الميناء.

كان دوم، وجهه مغطى جزئيًا بالقبعة التي يرتديها، وعيناه تراقبان المكان بتركيز. اقترب ببطء، لكن آدم رفع يده بسرعة، مشيرًا إلى فمه، ثم أخرج مفكرة صغيرة وقلمًا.

نظر دوم إليه بحذر، ثم رفع حاجبيه بدهشة. "أنت مراقب، أليس كذلك؟" كتب بسرعة.

هز آدم رأسه بحذر، ثم بدأ يكتب:

"هناك جهاز تجسس مزروع في جسدي. لا أستطيع التحدث بحرية. يسجل كل صوت قريب."

شعر دوم ببرودة تجتاح جسده. نظر إلى صديقه القديم، ثم كتب بهدوء:

"اللعبة أكبر مما تخيلت. إنهم يريدونك أن تبقى سجينًا للأبد."

أخذ آدم المفكرة بسرعة، ثم كتب:

"ليس فقط جهاز تجسس. هناك شيء آخر… بالقرب من قلبي."

تجمد دوم في مكانه، عينيه تلمعان بقلق. "ماذا تعني؟"

كتب آدم بحروف مرتجفة:

"جهاز تفجير. صغير، يمكنهم تفعيله في أي وقت. إذا شكوا في أنني أحاول الهروب… سينفجر ويقتلني."

شعر دوم برعب حقيقي يجتاحه. نظر إلى آدم بصدمة، لكن الأخير أومأ ببطء، مؤكدًا كلامه. "لا أستطيع حتى التفكير بالهروب. إذا اكتشفوا أنني أحاول إيقاف الجهاز، سأموت."

ابتلع دوم ريقه بصعوبة، ثم كتب بسرعة:

"إذن لماذا جئت إليّ؟ ماذا تتوقع مني؟"

تنفس آدم ببطء، ثم كتب:

"أحتاج مساعدتك لمعرفة أين تحديدًا تمت زراعة الشريحة. إذا عرفنا موقعها، يمكنني محاولة إبطالها دون أن يشعروا."

نظر دوم إلى المفكرة، ثم إلى آدم، عينيه تضيقان بتفكير عميق. "هذا… خطير للغاية."

كتب آدم بسرعة:

"لا أملك خيارًا. إما أن أجد طريقة للتخلص منها… أو سأبقى سجينًا للأبد. أحتاجك أن تبحث في سجلات المنظمة. لا بد أن هناك ملفات تتعلق بعمليات زرع الأجهزة."

أخذ دوم نفسًا عميقًا، ثم أومأ ببطء. "سأحاول. لكن إذا اكتشفوا…"

كتب آدم بسرعة:

"سيموت أحدنا."

تبادل الاثنان نظرة طويلة، ثم أومأ دوم ببطء، مؤكدًا استعداده للمخاطرة. كتب سريعًا:

"سنلتقي مرة أخرى عندما أجد شيئًا. ابقَ هادئًا، ولا تُظهر أي علامة على الشك."

كتب آدم كلمة أخيرة:

"أعدني بأنك ستجد طريقة."

نظر دوم في عيني آدم، ثم كتب ببطء:

"سأفعل كل ما بوسعي."

وبعد ذلك، سلم المفكرة لآدم، ثم استدار ببطء، يختفي في الظلام كأنه لم يكن موجودًا أبدًا.

عاد آدم إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل، محاولًا تهدئة نبضاته المتسارعة. دخل بهدوء، وهو يحاول ألا يوقظ ميرا، لكنه تجمد في مكانه عندما رآها جالسة على الأريكة، تنتظره.

"أين كنت؟" سألت بصوت منخفض، لكنه كان يحمل نبرة من القلق والغضب.

حاول آدم الحفاظ على هدوئه. لم يستطع التحدث بحرية، ولم يرد أن يشكك في صدقه.

"كنت بحاجة إلى التفكير." قال ببساطة، محاولًا أن يبدو طبيعيًا قدر الإمكان.

حدقت فيه ميرا، وكأنها تحاول قراءة أفكاره. "تفكر؟ في ماذا؟"

نظر إليها، ثم ابتسم ابتسامة باهتة. "في كيفية جعل هذه السنة تمر بأسرع وقت ممكن."

حدقت فيه ميرا لفترة طويلة، ثم زفرت بعمق وهزت رأسها. "أحيانًا أشعر أنني لا أعرفك على الإطلاق، آدم."

اقترب منها ببطء، ثم جلس بجانبها. "لدي الكثير من الأسرار، ميرا. لكن… أعدك، في الوقت المناسب، ستعرفين كل شيء."

نظرت إليه، عيناها تلمعان بالفضول والارتباك. "لماذا لا تخبرني الآن؟"

شعر آدم بوخزة ألم في صدره، لكنه أخفى ذلك بمهارة. "لأنني لا أستطيع. ليس بعد."

"ماذا تعني؟" تمتمت، حاجبيها ينقبضان بقلق. "آدم، هل هناك شيء تخفيه عني؟"

ابتسم بحزن، ثم لمس خدها برفق. "أعدك، سأخبرك كل شيء… عندما يحين الوقت."

نظرت إليه، وشعرت بشيء جديد يتسلل إلى قلبها. شيء بين القلق والخوف… والرغبة في حمايته. لماذا تشعر بهذا؟ لماذا، رغم كل الغموض الذي يحيط به، تشعر بأنها لا تريد خسارته؟

"حسنًا." همست أخيرًا. "لن أضغط عليك. لكن تذكر… سأنتظر."

ابتسم آدم، ثم انحنى بلطف نحوها. "هذا كل ما أطلبه."

وبينما جلست بجانبه في ذلك الظلام الهادئ، شعرت ميرا بأن هناك شيئًا أكبر بكثير مما تراه. شيء مظلم، خطير… ويمتد ليطارد كليهما.




إعدادات القراءة


لون الخلفية