كانت ميرا تشعر بمزيج من التوتر والارتباك بينما كانت تستعد لاستقبال صديقاتها في المنزل. اليوم، قررت أن تدعو سالي، لينا، ونادين لرؤية "آدم". لم تخبرهن شيئًا عن كيفية مجيئه، ولا ما حدث في الأيام الماضية. أرادت فقط أن ترى ردة فعلهن، وكيف سيتصرف هو أمام مجموعة من الفتيات الفضوليات. هل سيبقى "الحبيب المثالي"؟ أم أن شخصيته ستتغير؟
عندما سمعت رنين جرس الباب، التفتت نحو آدم الذي كان يجلس بهدوء على الأريكة، يتصفح كتابًا عن الفنون. نظر إليها بابتسامته الهادئة المعتادة، كأنه لم يلاحظ نظرتها المتوترة.
"هل أنت مستعد؟" سألته وهي ترفع حاجبًا.
ابتسم لها ابتسامته الساحرة التي بدأت تشعر أنها تحفظ كل تفاصيلها. "دائمًا مستعد، ميرا."
زفرت بعمق، ثم اتجهت نحو الباب وفتحته على مصراعيه. اندفعت الفتيات الثلاث إلى الداخل، كل واحدة منهن تحمل حقيبة صغيرة، وتلك النظرة المألوفة من الحماس والفضول في عينيها.
"أوووه، ميرا!" هتفت سالي وهي تعانقها بحماس. "أخبرينا، أين هو؟ لا يمكنني الانتظار لأرى هذا 'الحبيب المثالي' الذي طلبته!"
ضحكت ميرا وهي تشير بيدها إلى غرفة المعيشة. "آدم، هلّا قدمت نفسك؟"
استدار آدم ببطء، ابتسامته الهادئة لم تتغير، لكنه كان يراقبهن بعناية كأنه يدرسهن. ثم وقف، رفع ذقنه قليلاً، وانحنى برشاقة. "أهلاً بكم. أنا آدم، شريك ميرا في السكن… وحبيبها."
صمتت الفتيات للحظات، وكأنهن يحتجن وقتًا لاستيعاب ما يقوله. لكن بعد ثانية واحدة فقط، تحولت دهشتهن إلى انفجار من الضحك والهمس المتحمس.
"حسناً، ميرا، لم تخبرينا أن هذا هو الشاب الذي 'اشتريته'!" قالت لينا بضحكة متكلفة وهي تقترب منه بخطوات بطيئة. "ما شاء الله، أنت أكثر وسامة مما توقعت."
"هل هذه دعوة لترك ميرا والانضمام إلينا؟" أضافت نادين وهي تتظاهر بالغمز.
شعرت ميرا بتوتر خفيف يتسلل إلى صدرها، لكنها ظلت صامتة، تراقب كيف سيتصرف آدم. رفع حاجبيه بابتسامة ساحرة، وكأنه يتفهم الموقف تمامًا.
"للأسف، لا أستطيع مغادرة ميرا." قال وهو يضع يده على صدره باحترام. "أنا هنا بناءً على طلبها… وبالطبع، لن أتركها إلا إذا طلبت مني هي ذلك."
انفجرت الفتيات بالضحك مجددًا، لكن سالي، التي كانت تحدق به بجدية، قالت بنبرة متعمدة السخرية: "إذن، آدم… إذا لم تكن ميرا تريدك، هل يعني ذلك أن واحدة منا يمكنها أن 'تستعيرك'؟"
تحولت أنظار الجميع إلى ميرا، التي شعرت بحرارة تشتعل في وجهها. عرفت أنهن يمزحن، لكن رؤية آدم يجذبهن بهذا الشكل أثار بداخلها شيئًا جديدًا… الغيرة؟ لا، بالطبع لا. لماذا تشعر بالغيرة من شخص لا تعرفه حتى بشكل كامل؟
وقبل أن تتمكن من الإجابة، كان آدم قد اتخذ خطوة إلى الأمام، يضع يده على كتفها بلطف.
"مع الأسف، هذا ليس خيارًا." قال بهدوء، لكن صوته حمل نغمة من الجدية التي جعلت الفتيات يتوقفن عن الضحك. "ميرا وقّعت على عقد يلزمها بالاحتفاظ بي لمدة عام كامل. نحن شريكان في السكن… وحبيبان، بموجب شروط العقد."
تحولت عيون الفتيات إلى ميرا، عقولهن تملأها التساؤلات. لكن ميرا، رغم ارتباكها، لم تستطع كبح الابتسامة الصغيرة التي ارتسمت على شفتيها.
"هل هذا صحيح، ميرا؟" سألت نادين وهي ترفع حاجبًا بتعجب.
"نعم." قالت ببطء، عيناها معلقتان على آدم. "يبدو أنني مجبرة على الاحتفاظ به هنا. لا يمكنني التراجع."
ظهرت تعبيرات خيبة الأمل على وجوه صديقاتها، مما جعل ميرا تشعر بشيء من الفخر الغريب. لماذا يهمها كل هذا؟ هل بدأت فعلاً بالتعلق به؟
"ولكن…" قالت سالي وهي تضع يديها على خصرها، تحدق في آدم بإعجاب. "إذا قررتِ التخلص منه، فأنت تعرفين أين تجدينا، أليس كذلك؟"
هزت ميرا رأسها بابتسامة ساخرة. "أعتقد أنني سأحتفظ به. على الأقل للسنة الأولى."
اندفعت الفتيات إلى الأريكة، جلسن بجوار آدم، وكأنهن يجتمعن حول نجم سينمائي. بدأت الأسئلة تنهال عليه:
"ما هي هواياتك؟"
"هل تجيد الرقص؟"
"هل يمكنك طهي الطعام؟"
وكان آدم يجيب بابتسامة هادئة، كأنه يستمتع تمامًا باللعبة. تحدث عن حبه للقراءة، وللمهام المنزلية، وأظهر معرفة عميقة بأنواع الأطعمة، مما زاد من إعجابهن به.
وفي لحظة ما، شعرت ميرا بشيء من الفخر الغريب يتسلل إليها. هل هو ملكها حقًا؟ فكرة سخيفة، بالطبع، لكن… رؤيته وهو يجذب الجميع بكلامه الرقيق وابتسامته الدافئة جعلت شيئًا داخلها يشتعل.
ثم فجأة، اقتربت لينا من آدم أكثر، وقالت بابتسامة ماكرة: "لكن إذا كنا صديقات ميرا، أليس من المفترض أن تشاركنا ببعض اهتمامك أيضًا؟"
حملقت ميرا فيها بذهول، وعندما التفتت إلى آدم، رأت تلك اللمعة الطريفة في عينيه.
"للأسف، شريكتي في السكن قد لا تحب هذا." قال وهو ينظر إلى ميرا مباشرةً. "عليّ أن أتبع قواعد العقد، ولا يمكنني خرقها. أنا هنا لأكون الحبيب المثالي… لها فقط."
شعرت الفتيات بالإحباط، لكن ميرا شعرت بانتصار خفي. لماذا تشعر بالراحة عندما يقول هذا؟ ابتسمت أخيرًا، رفعت رأسها بغرور خفيف، ثم وقفت.
"حسنًا، بما أنني المالكة، أعتقد أن هذا يعني أن الوقت قد حان لتقديم العشاء." قالت بابتسامة، ثم نظرت إلى آدم. "ما رأيك أن تقوم بإعداد شيء لذيذ لنا، أيها 'الحبيب المثالي'؟"
انحنى آدم برشاقة، عينيه لا تزالان تتوهجان بنور غامض. "سيكون ذلك شرفًا لي، ميرا."
بينما اتجه إلى المطبخ، كانت الفتيات يتبادلن النظرات والضحك، لكن ميرا شعرت بشيء أعمق يتسلل إلى داخلها. هذا الشاب ليس عاديًا. هناك شيء فيه يجذبها، يُشعرها بأنه أكثر من مجرد "حبيب افتراضي".
ربما، خلال هذه السنة، ستكتشف من هو حقًا.
يتبع في الفصل التالي..
اذا اعجبتك الرواية برجى ترك تعليق او اعجاب على الرواية لنشر الفصول التالية باسرع وقت ممكن 😉😉