بعد مغادرة صديقاتها، جلست ميرا في غرفة المعيشة، ما زالت تشعر بحرارة الموقف السابق. أفكارها تتداخل بسرعة. لم يكن من المنطقي أن تغار… لكنه ليس "حبيبها" الحقيقي!، هو فقط جزء من لعبة، صفقة مجبرة عليها. ولكن لماذا تشعر بتلك الغيرة الغريبة عندما تقترب صديقاتها منه؟
عادت الأحداث لتدور في رأسها كعاصفة، خاصة عندما لمست لينا عضلات آدم، وكلمات صديقاتها عن حظه ومظهره. هل هذا يعني أنها بدأت تهتم به حقًا؟
كانت ميرا تشعر بالانزعاج والغموض حيال مشاعرها، لكنها لم تستطع مواجهة الأمر بوضوح.
في تلك اللحظة، فتح باب الغرفة، ودخل آدم، مرتديًا ملابسه الكاملة، لكن لا يزال هناك شيء في مظهره جعل ميرا تشعر بالتوتر.
"هل انتهى الحديث عني؟" سأل آدم بابتسامة صغيرة، لكن عينيه كانتا تراقبانها بتركيز.
شعرت ميرا بالحرج، فرفعت يدها لتعدّل شعرها باضطراب. "لا… لا شيء مهم." تمتمت.
جلس آدم بهدوء بجانبها على الأريكة، وعينيه لا تزالان مثبتتين عليها. كان يعلم أن هناك شيئًا مختلفًا اليوم، شيء في نظرات ميرا وارتباكها لم يكن كما اعتاد عليه.
"هل تودين التحدث عن شيء ما؟" سأل بلطف، لكنه لم يكن يحاول دفعها للتحدث، فقط كان يعرض استماعه.
نظرت ميرا إليه للحظة، شعرت برغبة في الحديث، لكنها ترددت. كيف يمكنها أن تشرح هذا الشعور الذي بدأ ينمو داخلها؟
"لا، لا شيء." ردت بسرعة، ثم قامت من مكانها. "سأذهب إلى غرفتي. لقد كان يومًا طويلًا."
أومأ آدم برأسه، لكنه شعر بأن ميرا تخفي شيئًا. لم يكن يعلم تمامًا ما يجري في داخلها، لكن التغير في سلوكها جعله يدرك أن الأمور بدأت تتغير ببطء بينهما.
في غرفتها، جلست ميرا على السرير، تحدق في السقف، وكأنها تبحث عن إجابة لمشاعرها. ماذا يحدث لها؟ لماذا أصبحت تفكر في آدم أكثر مما يجب؟ إنه جزء من لعبة، لا أكثر ولا أقل. لكنه ليس حقيقيًا، أليس كذلك؟
لكن رغم كل تلك الأفكار، لم تستطع ميرا تجاهل الدفء الذي بدأ يتسلل إلى قلبها. كان هناك شيء ما في وجوده، في طريقة تصرفه، يجذبها… شيء جعلها تشعر بالأمان والاهتمام.
أغمضت عينيها، محاولة تجاهل كل تلك الأفكار، لكن عقلها لم يتوقف عن التفكير.
في صباح اليوم التالي، جلست ميرا على طاولة المطبخ، تحاول أن تركز على هاتفها. لكن لم يمضِ وقت طويل حتى دخل آدم إلى المطبخ، عينيه مفعمتان بالطاقة.
"صباح الخير." قال وهو يفتح الثلاجة ليخرج بعض الحليب. "كيف حالكِ اليوم؟"
"أنا… بخير." ردت ميرا بخجل. كان الجو بينهما مشحونًا بغموض جديد، كأن شيئًا غير مرئي يجمعهما.
"هل تودين القيام بشيء اليوم؟" سأل آدم وهو يحضّر قهوته. "ربما نخرج في نزهة، أو نتناول الغداء خارجًا؟"
نظرت ميرا إليه بدهشة. "أنت… تريد الخروج؟ معًا؟"
ابتسم آدم بخفة، ثم قال وهو يرفع كوب القهوة إلى شفتيه: "أجل، لمَ لا؟ يمكننا الاستمتاع بيوم مريح بعيدًا عن كل الضغوط. نحن بحاجة لذلك، أليس كذلك؟"
شعرت ميرا بشيء من السعادة يتسلل إلى قلبها، لكنها حاولت ألا تُظهره. "حسنًا… يمكننا الخروج."
بعد ساعات قليلة، كانا يسيران في أحد المتنزهات الخضراء، الجو مشبع بالهواء النقي، والأشجار تملأ المكان بألوانها المبهجة. كان آدم يسير بجانبها، خطواته هادئة، لكن كان هناك شيء مختلف في نظراته، وكأنّه يحاول مراقبة كل تفصيلة في تصرفاتها.
"ما رأيك في هذا المكان؟" سألها آدم وهو يراقب الأطفال يلعبون على الأراجيح.
"إنه جميل." قالت ميرا وهي تأخذ نفسًا عميقًا من الهواء النقي. "أحب الأجواء الهادئة هنا."
"وأنا كذلك." قال آدم بهدوء، ثم نظر إليها مباشرةً. "ميرا، هل هناك شيء يشغلك؟"
تجمدت ميرا للحظة، ثم رفعت رأسها لتنظر إليه. "لماذا تسأل؟"
"أشعر بأنكِ متوترة منذ الأمس." قال بصراحة، نبرته مليئة بالقلق. "إذا كان هناك شيء يزعجك، أود أن أعرف."
شعرت ميرا بأنها مكشوفة، لكنها لم تستطع إنكار شعورها الغريب. نظرت إلى عينيه، وشعرت بشيء من الثقة يتسلل إليها. ربما حان الوقت لتتحدث.
"آدم…" بدأت، لكنها توقفت للحظة. "أنا… لا أفهم ما يحدث لي. أنت تعلم أن وجودك في حياتي كان مفاجئًا، وكل ما حدث بيننا غريب. لكن…"
توقف آدم عن السير، ثم نظر إليها بجدية. "لكن ماذا؟"
تنهدت ميرا بعمق، ثم قالت: "أشعر بأن الأمور بدأت تتغير. وأشعر أنني لا أفهم مشاعري تجاهك."
نظر إليها آدم بعناية، لكنه لم يقاطعها. كان يعلم أن هذه اللحظة كانت مهمة.
"أنت هنا كجزء من لعبة، صفقة. لكن… لماذا أشعر بأنني بدأت أهتم بك بطريقة لا أفهمها؟" قالت ميرا بنبرة صادقة.
ابتسم آدم بخفة، ثم خطا نحوها بخطوة أقرب. "ميرا، ما يحدث بيننا معقد. لكن صدقيني، لا شيء مما يحدث هنا مزيف. ربما الأمور بدأت كلعبة، لكن المشاعر التي تنمو بيننا حقيقية."
شعرت ميرا بحرارة تتصاعد إلى وجهها. "هل تقصد أنك… تشعر بشيء تجاهي؟"
ابتسم آدم بهدوء، ثم لمس خدها برفق. "نعم، ميرا. لقد بدأت أشعر بشيء تجاهك منذ فترة. لكنني كنت أنتظر اللحظة المناسبة لأخبرك."
كانت ميرا تشعر بأن قلبها ينبض بعنف. هل يعقل أن هذه هي البداية الحقيقية بينهما؟