عندما دقت الساعة العاشرة صباحًا، كانت ميرا بالكاد قد استيقظت. شعرها متناثر، وجهها خالٍ من أي ملامح ترتيب، وكانت ترتدي بيجاما فضفاضة قديمة. كانت ليلة أمس مشحونة بالضحك والمزاح مع صديقاتها، لكن عندما غادرن، بقيت فكرة "الحبيب الإلكتروني" تراود عقلها. هل فعلاً سيصل اليوم؟ أم أن هذا كله مجرد خدعة؟
بينما كانت تجهز فنجان قهوتها، رن جرس الباب فجأة، فارتبكت. من يمكن أن يأتي في هذا الوقت؟ وضعت الكوب جانبًا، وقلبها ينبض بشدة. فتحت الباب ببطء، لتجد أمامها شاحنة كبيرة تحمل شعار شركة شحن غير مألوف. أمام الشاحنة وقف ساعي بريد يبدو مرتبكًا، يحمل بيده جهازًا لوحيًا صغيرًا.
"هل السيدة ميرا هنا؟" سأل الساعي، محدقًا في شاشة الجهاز.
"أ... أجل، هذا أنا." أجابت بحذر، وهي ترفع حاجبها بدهشة.
"حسنًا، أحتاج منك توقيعًا هنا على عقد الشركة يرجى قرائتها قبل التوقيع من فضلك." قال، وأشار إلى الشاشة أمامه.
نظرت ميرا بحيرة،قالت شروط وعقد لا اظن ان يوجد بها شئ مهم ثم وضعت توقيعها دون تفكير. عندما انتهت، أشار الساعي إلى الشاحنة، وأخرج جهاز اللاسلكي الخاص به.
"أحضروها!" قال بنبرة رسمية.
ابتعدت ميرا خطوة إلى الوراء وهي تراقب بحذر. كانت عيناها تتسعان أكثر وأكثر مع اقتراب الصندوق الضخم من باب منزلها. كان كبيرًا بشكل لا يصدق، أشبه بتلك الصناديق التي تُستخدم في شحن الأثاث، مغلفًا بورق بني سميك مع شريط لاصق يحمل تحذيرًا: "هش. التعامل بحذر."
"ماذا يوجد في هذا الصندوق؟" تمتمت، لكنها لم تحصل على إجابة.
أنزل الساعي الصندوق بعناية أمام باب المنزل، ثم انحنى لها بابتسامة باهتة. "هذا كل شيء، سيدتي. أتمنى لكِ يومًا سعيدًا."
حدقت ميرا في الصندوق، ثم نظرت إلى الساعي الذي اختفى بسرعة في الشاحنة وغادر. بقيت وحدها أمام هذا الشيء الضخم، تشعر بأن قلبها سيتوقف من القلق والفضول. ماذا لو كان هذا مجرد مزحة؟ ماذا لو كان شيئًا خطيرًا؟
لكن... ماذا لو لم يكن كذلك؟
رفعت يديها المرتجفتين، وبدأت بفتح الصندوق.
أول ما شعرت به هو النسيم البارد الخارج من داخله، كأنه كان محفوظًا في مكان مظلم وبارد لفترة طويلة. أمسكت بطرف الصندوق وسحبته ببطء، ليظهر أمامها رجل وسيم، يرتدي قميصًا أبيض بسيطًا وسروالًا رماديًا. كان طويل القامة، ذا عضلات واضحة لكن غير مبالغ فيها، وبشرته ناعمة كأنها مصنوعة من الحرير. كان يقف داخل الصندوق، يديه خلف ظهره، وعيناه مغلقتان.
قبل أن تتمكن من النطق، فتح عينيه ببطء.
"يسعدني أنك اخترتِني، سيدتي." قال بابتسامة ساحرة.
جمدت ميرا في مكانها، غير قادرة على تصديق ما تراه. هل هو... حقيقي؟ تحرك جسده بشكل سلسل، كأنه يستيقظ من سبات عميق. كانت عينيه بنيتين داكنتين، فيهما بريق غامض.
"أ... أنت من الموقع؟" سألت بصوت متردد.
انحنى برشاقة أمامها، "نعم، هذا صحيح. أنا هنا لتلبية جميع رغباتك، أيا كانت."
ضحكت بشكل عصبي، محاولةً كبح ارتباكها. "هل أنت حقيقي؟"
"حقيقي جدًا، يا سيدتي." أجاب بلطف، ثم رفع رأسه ونظر إليها مباشرةً. "هل لي بشرف الدخول؟"
تراجعت ميرا خطوة إلى الوراء، لكنها أدركت فجأة أن الرجل – أو مهما كان ما يقف أمامها – ما زال عالقًا داخل الصندوق. تمالكت نفسها وأشارت بيدها. "أ... بالطبع، تفضل."
نزل بخفة من الصندوق، ثم وقف أمامها، أطول منها بمقدار رأس تقريبًا. كانت ميرا تشعر بالحرج من حالتها، وهي تقف أمام هذا الكائن المثالي بمظهرها الفوضوي. لكن، لحسن الحظ، لم يبدو عليه أنه يهتم.
"أنا... اسمي ميرا." قالت وهي تمسك خصلة من شعرها بعصبية.
"وأنا هنا من أجلك، ميرا." قال بنبرة عميقة، ثم مد يده بلطف وكأنه يحاول طمأنتها. "يمكنك مناداتي... بآدم."
"آدم؟" كررت الاسم، محاولةً تذوقه. بدا مألوفًا، لكن غامضًا، وكأنها سمعته في مكان ما من قبل.
"نعم. من الآن، سأكون هنا لخدمتك، ولن أترك جانبك حتى تطلبي مني ذلك." قال وهو ينظر في عينيها مباشرةً، بابتسامة نصفية.
شعرت ميرا بقشعريرة تسري في جسدها، ليس من الخوف، بل من شيء آخر، مزيج من الفضول والانجذاب. تنهدت، محاولة أن تبدو طبيعية.
"حسنًا، آدم... لنبدأ ببعض القواعد، أتفقنا؟" قالت وهي ترفع حاجبها بابتسامة ماكرة.
"كما تريدين، يا سيدتي." رد بصوت دافئ، لكنه كان يحمل في أعماقه ظلالًا غامضة لم تتمكن ميرا من فهمها في تلك اللحظة.
يتبع في الفصل التالي..
اذا اعجبتك الرواية برجى ترك تعليق او اعجاب على الرواية لنشر الفصول التالية باسرع وقت ممكن 😉😉