كان الظلام يحيط بالمكان، وصوت الرياح يعصف بين الأشجار المحيطة بالبيت المهجور. بدا كل شيء هادئًا بشكل غريب، لكن داخل الغرفة، كان التوتر يتصاعد كالنار بين آدم، ميرا، ودوم. نظر آدم إلى ميرا بحدة، عينيه تلمعان بالقلق والخوف.
"ميرا، ماذا سمعتِ؟" سأل بصوت منخفض، لكنه كان يحمل تحذيرًا واضحًا.
ارتجفت ميرا، لكنها رفعت رأسها لتواجهه، عيناها تلمعان بالإصرار. "سمعت أنك… أنك تريد إخراج شريحة من يدي." قالت بصوت مرتعش، لكن كلماتها جاءت واضحة كأنها تحدٍ.
تجمد آدم للحظة، ثم أغمض عينيه ببطء. ماذا سأفعل الآن؟ التفت نحو دوم، الذي كان يراقب المشهد بوجه جامد.
"هل ستفعل بي مثلما فعلت بيد آدم؟" سألت ميرا، عيناها تتسعان بالذهول.
تنهد دوم بعمق، ثم رفع يده، مشيرًا نحو آدم. "لا، ميرا، لن أفعل نفس الشيء بالضبط. لكن… علينا إزالة الشريحة، وإلا ستظل تراقب كل مشاعرك."
شعرت ميرا بقشعريرة تجتاح جسدها. "مشاعري؟ ماذا تعني؟"
نظر إليها آدم، عيناه تلمعان بالحزن والقلق. "ميرا، هناك شريحة مزروعة في يدك منذ البداية. إنها تراقب مشاعرك… كل لحظة سعادة أو حزن تمرين بها. إذا شعرتِ بالغضب أو الخوف الشديد، سيرسلون إشارة. هذا ما يجعلهم يتحكمون في اللعبة."
كانت ميرا تحدق فيه، عيناها تلمعان بالدموع. "لماذا… لماذا لم تخبرني من قبل؟"
شعر آدم بوخزة في قلبه. لأنه كنت أحاول حمايتك. لكن كيف يمكنه قول ذلك الآن؟
"ميرا، لم أكن أعلم." قال أخيرًا، صوته يحمل نبرة من الندم. "لم أكن أعلم أنهم زرعوها لك."
"لكنني… لم أشعر بشيء." تمتمت، ثم رفعت يدها ببطء، وكأنها ترى يدها للمرة الأولى. "متى فعلوا ذلك؟"
أخذ دوم خطوة نحوها، صوته منخفض لكنه كان جادًا. "لقد زرعوها في اليوم الذي طلبتِ فيه آدم من الموقع. عندما كنتِ نائمة، قاموا بتخديرك وزرعوها دون أن تشعري. إنها صغيرة جدًا، بالكاد يمكن رؤيتها بالعين المجردة."
شعرت ميرا بأنها على وشك الانهيار. كيف يمكنهم فعل هذا؟ كيف يمكنهم التلاعب بحياتها بهذه الطريقة؟
"ميرا…" همس آدم وهو يقترب منها، عينيه تلمعان بشيء من الدفء. "أرجوكِ، علينا إزالتها الآن. إذا تركناها، سنظل تحت مراقبتهم."
"لا!" صاحت ميرا، جسدها يرتجف. "لا تلمسني! لا أريد أن أكون جزءًا من هذه اللعبة المجنونة! لم أطلب هذا! لم أطلب… أي من هذا!"
شعر آدم بألم حقيقي في قلبه وهو يراها تنكسر أمامه. كيف يمكنه تهدئتها؟ كيف يمكنه أن يثبت لها أنه يحاول حمايتها؟
"ميرا، استمعي لي." قال ببطء، صوته مليء بالرجاء. "أعلم أن الأمر صعب، لكن إذا لم نفعل هذا الآن… سنكون في خطر حقيقي."
كانت ميرا تنظر إليه، عيناها تلمعان بالدموع والخوف. "لا أريد هذا، آدم. لماذا يحدث هذا لي؟"
"لأنهم يريدون التحكم بكِ." قال دوم، صوته جاد وصادق. "يريدون أن يعرفوا كل شيء عنكِ، كل مشاعركِ. إذا غضبتِ أو شعرتِ بالخوف، سيعرفون. وإذا عرفوا، سيأتون ليمحوا كل شيء."
"يمحون…؟" همست ميرا، صوتها بالكاد يُسمع. "ماذا تعني؟"
تجمد آدم للحظة، ثم نظر إلى دوم بعينيه، وكأنه يتوسله ألا يقول الحقيقة. لكن دوم كان قد اتخذ قراره.
"إذا اكتشفوا أننا نحاول إبطال الشريحة، سيقتلونك." قال بصوت منخفض، لكنه كان واضحًا كالسكين. "لذلك علينا التحرك الآن، قبل أن يشتبهوا في أي شيء."
شعرت ميرا بأن العالم يدور من حولها. قتل؟ هل سيقتلونها؟ لماذا؟
"ميرا…" همس آدم، ثم أخذ خطوة نحوها. "أرجوكِ، فقط… امنحينا الفرصة لنجعلكِ بأمان."
نظرت ميرا إليه، جسدها يرتجف، لكن في عينيها كانت هناك نظرة من الثقة. آدم… هل يمكنها الوثوق به؟
"حسنًا." همست أخيرًا، ثم أغمضت عينيها. "افعل ما عليك فعله."
شعر آدم بارتياح خفيف، لكن دوم كان أكثر عملية. "حسنًا، سنفعل هذا بسرعة."
جلس دوم بجانبها، أخرج السكين الصغير، ثم أمسك بيدها برفق. "هذا سيؤلم قليلاً، لكن… عليك أن تظلي هادئة، ولا تتحركي."
شعرت ميرا بالذعر يتصاعد داخلها، لكنها أغمضت عينيها بقوة. لا بأس. لا بأس. أنا أستطيع.
"حسنًا." قال دوم بهدوء، ثم بدأ بشق الجلد برفق. شعرت ميرا بوخزة ألم حادة، لكنها لم تصرخ. كانت تتنفس بسرعة، جسدها يرتجف، لكن آدم كان هناك.
"ميرا، انظري إلي." قال آدم فجأة، صوته يحمل نبرة من الحنان. "أنتِ قوية. لا تقلقي، هذا سينتهي بسرعة."
شعرت ميرا بشيء من الأمان في صوته. كان آدم قريبًا جدًا، عيناه تراقبان وجهها، وكأنه يحاول امتصاص الألم عنها.
ثم فجأة، شعرت بوخزة أشد. صرخت بخفة، لكن آدم أمسك بيدها الأخرى، يضغط عليها برفق.
"تقريبًا انتهينا، ميرا." قال ببطء. "فقط… بضع لحظات أخرى."
نظرت ميرا إلى وجهه، كانت أنفاسه بطيئة، عينيه مليئتان بالتركيز والاهتمام. شعرت بدمعة تسيل على خدها، لكنها لم تبعد عينيها عنه. لماذا هو مهتم لهذه الدرجة؟ لماذا…؟
"انتهيت." قال دوم أخيرًا، ثم رفع الشريحة الصغيرة التي أخرجها من يدها. كانت لامعة وصغيرة جدًا، بالكاد يمكن رؤيتها.
"هذه هي." قال بصوت خافت، ثم أخرج جهازًا صغيرًا من جيبه، ووصل الشريحة به. "سأعيد برمجتها الآن."
راقب آدم بصمت، بينما كان دوم يعمل بسرعة. طقطقات الجهاز ملأت الغرفة، ثم انطلق صوت صغير. بيب.
"حسنًا." قال دوم بابتسامة خفيفة. "لقد برمجتها لتكون نسبة السعادة 70 من 100 دائمًا. مهما شعرتِ، ستكون القراءة ثابتة. لن يشكوا في شيء."
شعرت ميرا بالدهشة. "70؟"
أومأ دوم. "نعم، لأنهم لن يظنوا أن هناك خطبًا إذا كانت سعادتك متوسطة. لكن إذا كانت النسبة 100 طوال الوقت، سيبدأون بالشك. لذا، عليكِ أن تتظاهري أنكِ طبيعية، وأن كل شيء يسير على ما يرام."
شعرت ميرا بأنفاسها تهدأ تدريجيًا، لكنها لم تستطع التخلص من القلق الذي يسيطر عليها. "ماذا سيحدث الآن؟"
نظر إليها آدم بعمق، ثم لمس خدها برفق. "الآن… نحن بأمان، على الأقل لفترة قصيرة."
شعرت ميرا بأن جسدها يرتخي، لكن في داخلها كانت تعلم أن هذا ليس إلا البداية. هناك الكثير مما لا تعرفه، والكثير مما قد يتكشف.