عندما فتحت ميرا عينيها صباحًا، كانت أشعة الشمس تتسلل بلطف عبر الستائر، تملأ الغرفة بدفء مريح. زفرت بعمق وهي تمد ذراعيها بكسل، تشعر بنعاس ما بعد ليلة غريبة. ثم فجأة، تذكرت أحداث الليلة الماضية. نظرت حولها بقلق، لكنها لم تجد أي أثر لآدم في الغرفة. الحمد لله، فكرت وهي ترتاح قليلاً. على الأقل، لم يعد إلى سريرها بعد مغادرتها.
ولكن، عندما خرجت من الغرفة متجهة إلى المطبخ، توقفت فجأة. كانت عيناها تتسعان ببطء وهي تراقب المشهد أمامها.
المطبخ وغرفة الطعام تحولا إلى احتفال صغير!
كانت الطاولة مليئة بأنواع مختلفة من الأطعمة: بيض مخفوق، فطائر، كرواسون طازج، توست فرنسي مع شراب القيقب، سلطة فواكه بألوان زاهية، وحتى قهوة لاتيه مزينة بقلوب صغيرة على سطحها. كل هذا محاط بزهور وردية جميلة، وشرائط صغيرة تزين الطاولة بشكل أنيق، وكأنها كانت تستعد لحفلة عيد ميلاد.
وقف آدم في منتصف المطبخ، يرتدي مئزرًا بسيطًا، وعندما رأى ميرا، رفع رأسه وابتسم ابتسامته الهادئة.
"صباح الخير، حبيبتي." قال بنبرة دافئة، عينيه تلمعان بلمعة مشاكسة.
"حبيبتي؟" كررت ميرا بذهول، حاجبيها يرتفعان. "هل جننت؟"
لم يتأثر بكلماتها، بل أخذ خطوة نحوها، عينيه لا تزالان مثبتتان على وجهها. "ألا يحق لي مناداتكِ هكذا؟ نحن حبيبان، أليس كذلك؟"
تأففت ميرا، لكنها لم تجد ما ترد به. كانت تعرف أنه سيتحدث عن العقد مجددًا، وسيذكرها بشروطه التي لا يمكنها تجاهلها. رفعت يدها باستسلام.
"حسنًا، حسنًا، إذا قلت شيئًا، ستذكرني بالعقد مجددًا، صحيح؟ افعل ما تشاء." تمتمت وهي تتجه نحو الطاولة، تشعر بالذهول من كمية الطعام.
"لكن... لماذا كل هذا؟"
اقترب منها، ووضع يده بلطف على كتفها. "أردت فقط أن أقدم لكِ صباحًا مميزًا. لتبدأي يومكِ بحب وراحة."
رغم توترها، لم تستطع إلا أن تشعر بوخزة صغيرة من السعادة. "أنت... لا يجب أن تفعل كل هذا، آدم."
"لكنني أريد ذلك." قال بابتسامة خفيفة. "أنا هنا لأكون حبيبًا مثاليًا، تذكري."
نظرت إليه للحظة، ثم هزت رأسها وهي تضحك بخفة. "أنت مجنون."
"ربما." قال بمرح، ثم أشار إلى الطاولة. "لكن، أرجوك، تناولي الفطور قبل أن يبرد. بعد ذلك، سأوصلكِ إلى العمل."
"توصلني إلى العمل؟" رفعت حاجبها باندهاش. "هل ستعمل كسائق أيضًا الآن؟"
أخذ خطوة نحوها، عينيه تلمعان بجدية. "لا، لكن واجبي هو أن أضمن سلامتكِ. سأوصلكِ كجزء من التزامي بالحفاظ عليكِ."
حدقت فيه ميرا للحظات، ثم انفجرت ضاحكة. "تتصرف وكأنني أميرة تحتاج إلى حارس شخصي!"
هز رأسه بابتسامة غامضة. "إذا أردتِ أن أكون حارسًا شخصيًا، يمكنني أن أفعل ذلك أيضًا."
تنهدت ميرا، ثم رفعت يديها باستسلام. "حسنًا، كما تريد. لكن لا تتوقع مني أن أعتمد عليك في كل شيء."
بعد نصف ساعة، كانت ميرا تقف أمام المرآة، تتأكد من مظهرها النهائي. ارتدت بدلة أنيقة باللون الرمادي الداكن، ورفعت شعرها في كعكة أنيقة. كانت تبدو كمديرة قوية وواثقة، كما يجب أن تكون. أخذت حقيبتها، وتوجهت نحو الباب حيث كان آدم ينتظرها، مرتديًا معطفًا أسود أنيقًا، وكأنه كان يستعد لمرافقتها إلى حفلة رسمية.
"أنت تبدو كحارس أكثر من سائق." قالت وهي ترفع حاجبها.
"أشعر بأنني يجب أن أكون كليهما." رد بابتسامة صغيرة.
هزت رأسها بسخرية، ثم أشارت له باللحاق بها. "لنذهب إذن، أيها السائق."
وصلت ميرا إلى الشركة، وهي مبنى ضخم من الزجاج والحديد، يحمل اسم شركتها "Technova" بأحرف ضخمة تتلألأ في ضوء الصباح. كانت Technova واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في أوروبا، وهي القلب النابض للابتكار التكنولوجي. كانت ميرا قد أسستها من الصفر، والآن أصبحت مكانتها مضمونة كإحدى القيادات الكبرى في عالم التقنية.
لكنها، عندما نزلت من السيارة، فوجئت بآدم ينزل خلفها. "ماذا تفعل؟"
"سأرافقك إلى مكتبك." قال ببساطة.
"هل أنت جاد؟" قالت وهي تشعر بالحرج الشديد. "لا أحتاجك أن تكون معي في العمل!"
لكن آدم لم يتراجع، عينيه تلمعان بإصرار. "أنتِ لا تعرفين من قد يحاول استغلالك. أريد أن أكون بجانبكِ إذا حدث أي شيء."
"آدم، هذه شركة تكنولوجيا، وليست منطقة حرب." تمتمت وهي تشعر بالغضب والارتباك. "لا أحد سيهاجمني هنا!"
"لكنكِ تملكين الكثير من الأعداء." قال بهدوء، عينيه تلمعان بتلك الجدية التي لم ترها من قبل.
"آه، حسناً، افعل ما تريد!" استسلمت أخيرًا، وبدأت تمشي نحو المبنى، لكنه ظل خلفها كظلها.
عندما دخلت إلى مكتبها الفخم في الطابق العلوي، كان كل شيء يبدو عاديًا. الموظفون انحنوا لها باحترام، وتبادلوا التحية، لكن ما أن دخلت مكتبها وجلست على كرسيها، حتى فُتح الباب فجأة.
"ميرا!" جاء الصوت الغاضب من والدها، الذي كان واقفًا عند الباب، عينيه تشتعلان بالانفعال.
"أبي؟!" شهقت ميرا، وهي تقف بسرعة. "ماذا تفعل هنا؟"
"ماذا أفعل هنا؟" صرخ وهو يقترب منها بخطوات غاضبة. "جئت لأرى لماذا لم تُنجزي العرض التقديمي الذي كنتِ وعدتِ بتقديمه اليوم! هل تعلمين كم هو مهم هذا المشروع؟!"
شعرت ميرا بالخجل والارتباك. كانت منشغلة كثيرًا بأمور آدم والعقد، ولم تتمكن من إنهاء العمل في الوقت المحدد. لكن قبل أن تتمكن من الرد، جاء صوت هادئ من خلفها.
"أعتقد أن نبرة الحديث هذه غير لائقة، أليس كذلك؟"
استدار والدها بسرعة، ليجد آدم يقف هناك، يحدق فيه بملامح باردة. "من تكون أنت؟!"
"أنا آدم." قال بثبات، ثم خطا خطوة إلى الأمام. "وحبيبتك، ميرا، تعمل بجد. لا أظن أنه من المناسب أن تتحدث إليها بهذا الشكل."
حدق فيه والدها بذهول، وجهه يتحول من الأحمر إلى الأبيض. "حبيب؟ ميرا، من هذا؟!"
شعرت ميرا بأن قلبها سيتوقف. نظرت إلى آدم، ثم إلى والدها، وعرفت أنه لا يوجد مهرب.
"إنه… إنه حبيبي." قالت بصوت مهزوز.
كانت الغرفة مملوءة بالصمت، حتى بدا وكأن الهواء نفسه تجمد. حدق والدها فيها، عينيه مليئتين بالغضب والصدمة.
"حبيب؟" كرر ببطء، وكأنه لم يصدق. "أنتِ تمزحين، أليس كذلك؟"
لكن ميرا، رغم كل شيء، نظرت إلى آدم، ثم رفعت رأسها بثقة مفاجئة. "لا، أبي. أنا جادة. آدم هو حبيبي."