بعد مغادرة صديقاتها، ظلت ميرا واقفة أمام باب المنزل لبعض الوقت، تشعر بمزيج من الارتباك والإحراج. كل تلك الأحاديث عن آدم والحب والعقد جعلت رأسها يدور. كان يجب أن يكون مجرد "حبيب مؤقت" أو لعبة سخيفة لتسلية نفسها، لكنها بدأت تشعر أن الأمور تخرج عن السيطرة. قررت أخيرًا أن تضع حدًا لهذه الليلة الغريبة.
استدارت نحو آدم، الذي كان لا يزال واقفًا بهدوء يراقبها. "حسنًا، لقد انتهت الليلة. سأذهب للنوم."
انحنى قليلاً بابتسامة خفيفة. "أتمنى لكِ أحلامًا سعيدة، ميرا."
لم تجب عليه، بل اتجهت نحو غرفتها، قلبها ينبض بشدة لسبب لا تفهمه. أغلقت الباب خلفها وأخذت نفسًا عميقًا. لماذا يشعرها بارتباك هكذا؟
قررت ألا تفكر في الأمر كثيرًا. أسرعت بخلع ملابسها واستبدالها بملابس النوم الخاصة بها، وهي قميص نوم حريري خفيف باللون الوردي، يمتد حتى ركبتيها، بشريط رفيع على الكتف. كان الجو دافئًا، والضوء الخافت في الغرفة يخلق أجواءً هادئة ورومانسية بشكل غير متعمد.
اتجهت إلى سريرها، دفنت نفسها بين الأغطية، وسحبت الغطاء فوق جسدها. كانت تشعر براحة لذيذة، وحاولت أن تفرغ عقلها من كل شيء. لكن، قبل أن تتمكن من الاسترخاء تمامًا، سمعت صوت الباب يُفتح ببطء.
تجمدت.
"من هناك؟" سألت بصوت منخفض، قلبها يتسارع. ثم رأت الظل المألوف يدخل الغرفة.
"آدم؟" همست، عيناها تتسعان بالرعب والدهشة في آن واحد.
لم يجب، بل استمر في التقدم بهدوء نحو السرير. وقبل أن تتمكن من الاعتراض، رفع الغطاء برفق، و— استلقى بجانبها!
"ماااااذا؟!" صرخت وهي تجلس فجأة، عيناها تحدقان فيه بذهول. "ماذا تفعل أيها الغبي؟! هذه غرفتي! لماذا أنت هنا؟!"
بدا آدم غير منزعج تمامًا، وكأنه كان يتوقع هذه الردة الفعل. التفت نحوها، عينيه هادئتان تمامًا، وكأنه لا يرى شيئًا غير عادي.
"نحن حبيبان، ميرا." قال بصوت منخفض، نبرته مليئة بالهدوء. "من الطبيعي أن ننام سويًا. هذا ما يفعله الأحباء، أليس كذلك؟"
شعرت ميرا بالحرارة تصعد إلى وجهها. هل هو جاد؟ هل يعتقد فعلاً أنها ستقبل هذا؟ حاولت أن تسيطر على مشاعرها المتناقضة بين الغضب والإحراج.
"لكننا لسنا… لسنا في علاقة حقيقية!" تمتمت وهي تشد الغطاء حول جسدها. "لا يمكنك أن تفعل هذا. هذه غرفتي، وسريري. لا يحق لك النوم هنا!"
رفع حاجبيه بتعجب مصطنع. "لكننا في عقد يلزمنا بأن نكون حبيبين، أليس كذلك؟ يجب أن نتصرف كحبيبين. لكن…" توقف لوهلة، نبرته تغيرت فجأة إلى نبرة أكثر لُطفًا. "إذا كان ذلك يزعجك، ميرا، يمكنني النوم على الأريكة."
كانت نظراته صادقة للغاية لدرجة أنها شعرت بشيء من الذنب. كان يبدو كما لو أنه يحاول فعل ما هو صحيح… وفقًا لشروط هذا العقد الغريب.
زفرت بعمق، محاولة أن تستعيد سيطرتها. "أريدك أن تخرج من غرفتي، آدم. يمكنك النوم في غرفة أخرى، لكن ليس هنا."
ظل يحدق فيها للحظة، عينيه تلمعان بتلك النظرة الحزينة التي لم تستطع تفسيرها. ثم، دون كلمة، انحنى برفق، خرج من السرير، ووقف بجانبها.
"كما تشائين." قال بهدوء، ثم انحنى برشاقة كما يفعل دائمًا. "سأكون في غرفة الضيوف إذا احتجتِ إلى شيء."
شعرت ميرا بارتباك شديد وهي تراقبه يغادر الغرفة. أغلق الباب بهدوء خلفه، تاركًا إياها وحدها. شعرت فجأة ببرودة في الجو، وكأن شيئًا مفقودًا… لكن سرعان ما هزت رأسها، محاولة تجاهل هذا الشعور الغريب.
"هذا جنون." تمتمت وهي تغوص تحت الأغطية مجددًا، تحدق في السقف بعينين مفتوحتين.
لماذا، بحق الجحيم، تشعر بهذا الارتباك؟ إنه مجرد شخص غريب ظهر في حياتها بسبب مزحة سخيفة. ليس أكثر. لكن… لماذا يشعرها بأن هناك شيئًا أعمق بكثير خلف تلك الابتسامة الهادئة؟ ولماذا، عندما كان مستلقيًا بجانبها، شعرت بتلك الراحة الغريبة، رغم أن الموقف كله كان خاطئًا تمامًا؟
"أنتِ مجنونة، ميرا." قالت لنفسها بصوت مرتجف، ثم أغمضت عينيها بقوة.
لكنها، رغم محاولاتها المتكررة، لم تستطع أن تطرد صورته من عقلها. عيناه الداكنتان، نظرته اللطيفة، وكيف بدا حزينًا عندما طلبت منه مغادرة الغرفة.
"لماذا تشعرني بهذا؟" همست لنفسها، قبل أن يغلبها النوم أخيرًا، قلبها ما زال ينبض بسرعة، وكأنها كانت تعيش مشهدًا من حلم لا تريد الاستيقاظ منه.
يتبع في الفصل التالي..
اذا اعجبتك الرواية برجى ترك تعليق او اعجاب على الرواية لنشر الفصول التالية باسرع وقت ممكن 😉😉