الفصل الثامن والثلاثون: وداعًا، حبيبي

وقف آدم وميرا وسط الممرات المدمرة في الطابق السفلي من المبنى، والأنوار الحمراء اللامعة تملأ المكان، وصوت الإنذار يصم الآذان. كان الجو مشحونًا بالتوتر، لكن وسط كل ذلك، كان هناك صمت بينهما. صمت مليء بالألم والحب والأمل المتلاشي. وقف آدم هناك، أنفاسه تتسارع، ووجهه مغطى بالعرق والتراب، بينما كانت ميرا تقف أمامه، عينيها تلمعان بالدموع.

"ميرا…" همس بصوت مرتجف، ثم اقترب خطوة نحوها. "هذه هي النهاية."

شعرت ميرا بأنفاسها تتسارع. نهاية؟ قلبها يعتصر من الألم، ودموعها تسقط بلا توقف. "لا… لا يمكنك أن تقول هذا." تمتمت، عينيها تركزان على وجهه كما لو كانت تحاول حفظ كل تفاصيله.

"لا خيار لدينا." قال ببطء، صوته يحمل نبرة من الألم الحقيقي. "إذا لم أفعل هذا… سيموت الجميع."

"لكن ماذا عني؟" صرخت، دموعها تزداد انهمارًا. "ماذا سأفعل بدونك؟ كيف سأعيش إذا رحلت؟"

ابتسم ابتسامة حزينة، ثم رفع يده ليمسح دموعها بلطف. "ستكونين قوية… كما كنتِ دائمًا." همس، صوته يحمل نبرة من الحنان. "لطالما كنتِ قوية، ميرا."

لكنها هزت رأسها بقوة، وعينيها تلمعان بالغضب واليأس. "لا، لا أريد أن أكون قوية… أريدك أنت! أريدك أن تبقى معي!"

شعر آدم بوخزة من الألم في صدره، لكنه لم يتراجع. أخذ نفسًا عميقًا، ثم أمسك بيديها بلطف. "ميرا، انظري إليّ…" قال ببطء، عينيه تركزان على عينيها. "إذا لم أفعل هذا، لن يتمكن أحد من الخروج حيًا."

"لكن… لماذا أنت؟" همست، صوتها يتمزق من الألم. "لماذا يجب أن تكون أنت من يضحي؟"

نظر إليها بعمق، عينيه تلمعان بالحب الصادق. "لأنني أحبك، ميرا." قال بصدق، صوته مليء بالعاطفة. "أحبك أكثر من أي شيء آخر. وإذا كان هذا هو الثمن لحمايتك… فسأدفعه بسعادة."

شعرت ميرا بأنفاسها تتقطع، ويدها ترتجف بين يديه. "لا، آدم… لا يمكنك فعل هذا بي."

"أريدك أن تعيشي، ميرا." همس، صوته يحمل نبرة من الحنان العميق. "أريدك أن تحققي كل أحلامك. أريدك أن تكوني سعيدة… حتى لو لم أكن هناك."

لكنها لم تستطع التوقف. دفنت وجهها في صدره، ودموعها تتساقط بلا توقف. "أرجوك… لا تتركني."

شعر آدم بأنفاسه تتباطأ، ثم لف ذراعيه حولها، يحتضنها بقوة. "أنا آسف… لكن هذا هو الوداع."

رفعت رأسها ببطء، وعينيها تلمعان بالدموع. "إذا كان هذا هو الوداع… إذن دعنا نجعلها لحظة أخيرة…"

نظر إليها، عينيه تلمعان بالحب والألم. "ميرا…"

ثم، بحركة بطيئة، اقترب منها، ورفع وجهها نحو وجهه. "لن أنسى هذه اللحظة… أبدًا."

ثم انحنى ببطء، وشفتيه تلامسان شفتيها في قبلة طويلة، مليئة بكل المشاعر المتدفقة. كانت قبلة مليئة بالحب، بالألم، بالوداع… وكأن كل لحظة بينهما كانت تتجمع في هذه القبلة الأخيرة. شعرت ميرا بأن جسدها يرتجف، ودموعها تختلط مع قبلته، لكنها لم تستطع التوقف. كانت تود لو تبقى في هذه اللحظة إلى الأبد… لكن الوقت لم يكن في صالحهما.

شعر آدم بأنفاسها تتباطأ، ثم رفع يده بلطف ليمسح دموعها. "تذكري… أحبك."

ثم، قبل أن تتمكن من الرد، تراجع خطوة إلى الوراء. عينيه تراقبانها بحنان، ثم استدار ببطء.

"آدم!" صرخت ميرا، صوتها يحمل كل الحزن والألم الذي شعرت به. "أرجوك… لا ترحل."

لكنه لم يتوقف. استدار نحو المتفجرات التي كانت تومض بضوء أحمر، ثم أخذ نفسًا عميقًا. "وداعًا، ميرا."

ثم ضغط على الزر.

في الخارج…

اندفعت ميرا إلى الخارج، جسدها يتهاوى من الألم. كانت تشعر وكأن قلبها يتمزق، وكأن روحها تُنتزع منها. آدم… صرخت، لكن لم يكن هناك صوت.

ثم…

بوووووووووووووم!

انفجر المبنى، والأرض تهتز تحت قدميها. تراجعت للخلف، ويدها تغطي فمها، ودموعها تنهمر بغزارة. شعرت بحرارة اللهب تلامس وجهها، لكنها لم تبالِ.

"آآآآآآآآآآآدم!" صرخت، صوتها يتمزق من الألم.

شاهدت المبنى وهو ينهار أمام عينيها، وكأن عالمها كله يتحطم. لم يعد هناك شيء. لقد رحل… سقطت على ركبتيها، عينيها تركزان على الحطام. لقد رحل.

"لا… لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا." همست، دموعها تتساقط بلا توقف. "آدم… أرجوك…"

لكن لم يكن هناك جواب. فقط صمت قاتل، يملأ المكان.

بعد أشهر…

كانت السماء ملبدة بالغيوم، والجو يحمل رائحة المطر. جلست ميرا في غرفة المعيشة بمنزل عائلتها، ووجهها شاحب، وعيناها متعبتان. كانت عائلتها تجلس حولها، عيونهم تراقبها بحزن وشفقة.

"أمي، أبي…" همست، عينيها تلمعان بالدموع. "عليكم أن تفهموا… لقد كان بطلًا."

"ميرا، يا ابنتي…" قالت والدتها، صوتها يحمل نبرة من الحزن. "أعلم أنه كان مهمًا لكِ، لكن—"

"لا." قاطعتها ميرا بسرعة، عينيها تلمعان بالحزن. "لم يكن مجرد مهم… كان حياتي."

ثم، بدأت تروي لهم قصتها. عن آدم، وكيف التقيا. عن الأيام التي قضاها بجانبها، وكيف حماها، وكيف حارب كل شيء من أجلها. تحدثت عن الحب الذي جمعهما، وكيف ضحى بنفسه في النهاية… فقط لإنقاذها.

"لقد أعطاني كل شيء." همست، دموعها تملأ عينيها. "وفي النهاية… أخذ حياته لإنقاذي."

كانت عائلتها تستمع بصمت، عيونهم تلمع بالدموع. "لكن… هل كان يستحق كل هذا الألم؟" سأل والدها ببطء، صوته يحمل نبرة من الألم.

نظرت إليه، ثم أومأت ببطء. "نعم، كان يستحق… لأنه علمني كيف أعيش، وكيف أقاتل… وكيف أحب."

ثم، رفعت رأسها ببطء، عينيها تلمعان بالإصرار. "ولن أدعه يموت هباءً. سأكمل ما بدأه… سأحمي كل من حاول إنقاذهم."

"لكن كيف…؟" سألت والدتها، صوتها يرتجف.

ابتسمت ميرا ابتسامة حزينة، ثم أومأت ببطء. "سأفعلها بطريقتي."

ثم، قبل أن يتمكنوا من الرد، وقفت ببطء، عينيها تركزان على النافذة. لقد رحل، لكن ذكراه ستظل هنا.

لكن… في مكان ما في قلبها، كان هناك شعور غامض. هل رحل حقًا؟




إعدادات القراءة


لون الخلفية