الفصل السابع عشر: الرقابة الخفية

كان الجو مشحونًا بالتوتر عندما غادرا قصر والد ميرا. قاد آدم السيارة بهدوء، لكن عقله كان يعمل بسرعة، محاولًا استيعاب ما حدث في ذلك العشاء. المواجهة مع والدها كانت أخطر مما تخيل، والآن عليه أن يكون أكثر حذرًا. بجانبه، كانت ميرا جالسة بصمت، يبدو عليها القلق، لكنها لم تقل شيئًا.

"هل… هل تعتقد أن والدي سيحاول البحث في ماضيك؟" سألت ميرا بصوت منخفض.

أخذ آدم لحظة قبل أن يرد، محاولًا أن يبدو مطمئنًا. "لا تقلقي، ميرا. سأكون مستعدًا لأي شيء."

لكن، قبل أن تتمكن من الرد، صدر صوت بوق حاد من سيارة خلفهم. التفت آدم بسرعة، عينيه تضيئان بتوتر. كانت سيارة سوداء، نوافذها مظللة، تتبعهم منذ أن غادرا القصر. حدق آدم في المرايا، ثم ضاقت عيناه عندما رأى إشارات مألوفة.

هذا ليس صدفة. فكر بقلق.

"ما الأمر؟" سألت ميرا بارتباك، وهي تراقب تعابير وجهه المتوترة.

لكن آدم لم يرد. حدق في السيارة مرة أخرى، ثم رأى يدًا تظهر من النافذة، تشير له بشكل واضح. إنه دوم!

"علينا التحدث الآن." كان دوم يشير إليه بعينيه، بينما يبطئ سيارته قليلاً. "اتبعني."

لم يتردد آدم للحظة. أشار إلى ميرا أن تلتزم الصمت، وغيّر مسار السيارة ليتبع سيارة دوم بهدوء. كانت ميرا تحدق فيه بذهول، عيناها تلمعان بالقلق.

"آدم، من هذا؟" سألت بخوف، لكن آدم رفع إصبعه بسرعة، مشيرًا إلى شفتيه.

"اصمتي." همس بسرعة، عينيه تراقبان الطريق. "لا تتحدثي، وخفضي صوتك."

شعرت ميرا بقبضة من الخوف تتشكل في صدرها. من هذا الشخص؟ ولماذا يتصرف آدم بهذه الطريقة؟

بعد دقائق قليلة، توقفت سيارة دوم أمام بيت مهجور على جانب الطريق. كان البيت خشبيًا، مظلمًا، تحيط به الأشجار من كل جانب، وكأنه قد تم التخلي عنه منذ سنوات. لم يكن هناك أي إضاءة، سوى نور القمر الذي يعكس ظلالًا غامضة على الجدران المهترئة.

"ابقِ هنا." قال آدم بحدة، عينيه تلمعان بالتحذير. "لا تتحركي."

"لكن، آدم، من هذا؟" سألت ميرا، وهي تشعر بالخوف يتصاعد داخلها. "لن أتركك تذهب وحدك."

أغمض آدم عينيه للحظة، محاولًا السيطرة على غضبه. هذه الفتاة ستتسبب بموتنا!

"ميرا، ابقي في السيارة." قال بصوت منخفض، لكنه كان يحمل نبرة لا تقبل النقاش. "هذا ليس وقتًا للعناد."

لكن ميرا لم تكن على استعداد للاستسلام بهذه السهولة. "لا! أنا قادمة معك."

نظر إليها آدم للحظة، ثم زفر بعمق. هذه الفتاة لن تفهم.

"انتظريني هنا." قال بصوت أكثر حدة. "سأعود بسرعة."

خرج من السيارة وأغلق الباب بقوة، ثم انطلق نحو دوم الذي كان ينتظره عند باب البيت. تبعه ميرا بعينيها، لكنها شعرت بالقلق يتزايد في صدرها. ما الذي يحدث؟

عندما دخل آدم ودوم إلى البيت المهجور، أشار دوم بيده ليقف. رفع يده بهدوء، ممسكًا برسغ آدم. في لحظة واحدة، أخرج دوم سكينًا صغيرًا وبدأ بشق الجلد برفق، مما جعل آدم يتجمد في مكانه.

"ماذا تفعل؟" تمتم آدم بعينيه، لكن دوم أشار له بأن يلتزم الصمت.

ببطء، أخرج دوم رقاقة صغيرة من تحت جلد آدم، لا تتجاوز حجم رأس دبوس. كانت لامعة، كأنها قطعة من الزجاج الشفاف. أخرج جهازًا صغيرًا من جيبه، ووصل الرقاقة به، ثم بدأ بالعمل بهدوء، عيناه تركزان بشدة.

كانت العملية صامتة تمامًا. كل ما سُمع كان صوت طقطقة الجهاز، ونفس آدم العميق. بعد بضع دقائق، أومأ دوم، ثم أعاد الرقاقة إلى مكانها، وأغلق الجرح بخفة.

أخرج هاتفه ببطء، ثم ضغط على زر. بيب. صوت خافت ملأ الغرفة، ثم نظر إلى آدم بابتسامة صغيرة.

"أوووووف." قال بصوت منخفض، ثم ابتسم بشكل أوسع. "الآن يمكنك التحدث بحرية، صديقي."

حدق آدم فيه بذهول. "ماذا فعلت؟"

رفع دوم الرقاقة الصغيرة، ثم أشار إلى الجهاز. "لقد أعدت برمجتها. الآن، إذا ضغطت على هذا الزر، ستتوقف الرقاقة عن التسجيل. لكن تذكر، لا تبقَ على هذا الوضع لفترة طويلة، حتى لا يثيروا الشكوك."

شعر آدم بصدمة حقيقية. "كيف فعلت ذلك؟"

ابتسم دوم بفخر. "لقد درست الشفرة التي برمجوها بها، وأعدت برمجتها لتتعطل مؤقتًا. طالما أنك تحمل هذا الجهاز، يمكنك التحكم بها."

نظر آدم إلى الجهاز بحذر، ثم قال بصوت عميق: "لقد ساعدتني كثيرًا، دوم."

لكن دوم رفع إصبعه، مشيرًا نحو السيارة حيث كانت ميرا تنتظر. "لكن هناك شيء آخر."

تجمد آدم في مكانه. "ماذا تعني؟"

أومأ دوم بجدية. "يجب أن نخرج الرقاقة الموجودة في يد الفتاة أيضًا."

حدق فيه آدم بدهشة. "ماذا؟ ميرا؟"

"نعم، إنها رقاقة المشاعر." قال دوم، نبرته جدية. "يراقبون نسبة سعادتها وحالتها النفسية. إذا شعرت بالغضب أو القلق، ستعرف المنظمة فورًا."

تجمد آدم، عينيه تتسعان بصدمة. "كيف… كيف لم أكن أعلم؟"

ضحك دوم بخفة، لكن ضحكته كانت مريرة. "أنت غبي إذا لم تفكر في الأمر. كيف تعتقد أنهم يقيمون سعادتها؟"

شعر آدم بالغضب يغلي في صدره. "متى زرعوها؟"

نظر دوم نحو السيارة، عينيه تلمعان بالذكريات. "في اليوم الذي طلبتك فيه الفتاة من الإنترنت، ذهبوا إلى بيتها وزرعوا الرقاقة. إنها صغيرة جدًا، بالكاد يمكن رؤيتها. لهذا لم تشعر بشيء."

شعر آدم بالغضب يتصاعد في صدره. كيف يمكنهم التلاعب بنا بهذه السهولة؟

لكن فجأة، سمعا صوتًا خافتًا عند الباب. صوت أنفاس، خفيفة وسريعة.

تجمد كلاهما، ثم التفت آدم بسرعة. ميرا!

"ابقَ هنا." قال دوم بسرعة، لكن آدم كان قد اندفع بالفعل نحو الباب.

عندما فتحه، وجد ميرا تقف هناك، وجهها شاحب، وعيناها تلمعان بالخوف.

"ميرا!" صرخ آدم، لكنه خفض صوته بسرعة، ثم أمسك بها بقوة. "ماذا تفعلين هنا؟"

حاولت التراجع، لكنها كانت خائفة. "آدم… أنا…"

"قلت لكِ أن تبقي في السيارة!" همس بحدة، ثم سحبها إلى الداخل بسرعة، عينيه تلمعان بالغضب. "هل تريدين قتلنا؟"

كانت ميرا ترتجف، لكنها لم ترد. شعرت بأن هناك شيئًا خطيرًا يحدث… شيء أكبر بكثير مما كانت تتخيله.
 



إعدادات القراءة


لون الخلفية