خمس ضربات بمرقاق العجين أنهت حياة بائعة الهوى أوليفر يونغ في شقتها على يد رجل يدعو نفسه الرائد ترو. ولكي يتأكد الجاني من موت ضحيته، طوق عنقها بحزام روبها وخنقها.
بعد ذلك، سحب الجثة وتركها على أرض الحمام، ثم وضع تحت غطاء السرير وسادتين للإيحاء بأن هناك شخصًا نائمًا. قبل أن يغادر الشقة، حضرت امرأة لتنظيف البيت، فمنحها مبلغًا صغيرًا من المال وطلب منها عدم إيقاظ سيدتها. كان قد استولى من الشقة على بعض المال وبعض المجوهرات.
تم اكتشاف الجريمة في صباح يوم 6 مارس عام 1922م. في ذلك اليوم، ابتاع ترو بذلة جديدة ليرتديها بدلاً من بدلته التي لطختها الدماء، ورهن بعض المجوهرات قبل أن يقبض عليه رجال الشرطة ويسوقونه إلى السجن.
المرأة التي حضرت للتنظيف قد وشت به، حيث التقت به في شقة الضحية من قبل. بيد أن رجال الشرطة لم يحتجزوه في عنبر السجن، وإنما وضعوه في مستشفى السجن، لأنه كان واضحًا للجميع أن الرائد لم يكن بكامل قواه العقلية.
أكد الأطباء الذين فحصوه أنه كان مخبولاً. كان ترو منذ طفولته غريب الأطوار، ولما كبر أدمن على تعاطي المورفين. ساءت حالته أثناء الحرب العالمية الأولى عندما تحطمت طائرته أثناء التدريب، ومكث نتيجة لذلك فاقد الوعي لمدة يومين. منذ عام 1916م، بدأ رونالد ترو يتردد على عيادات الأعصاب، وفي عام 1920م ظهرت عليه بوادر الإصابة بانفصام الشخصية. كان يتصرف في بعض الأحيان كطفل صغير، ويجري سباقات خيل خيالية ويفرح عندما يفوز حصانه. عندما كان يخسر، كان يقول إن الخاسر هو رونالد ترو الآخر وليس هو.
خارج المصحات العقلية، كان الرائد ترو يتجول عاري الرأس لأن القبعات كانت كما يقول تؤذي الرأس. كان يتحدث عن بطولاته في الحرب ويفاخر بأنه كان برتبة رائد. كان يدعي أمام معارفه وأصدقائه أنه ما زال يقوم بمهمات سرية وغامضة لصالح الجيش والوطن. كان أصدقاؤه يتقبلون هذه القصص باعتبارها لا تشكل أي خطر، بيد أن النساء كن يتجنبنه، خاصة بعد ملاحقته المزعجة للسيدة ويلسون. كان يقول للأخيرة إنه مستعد لحمايتها من رونالد ترو الآخر، ويريها مسدسه مدعيًا أن سكوتلانديارد زودته به.
في فبراير عام 1922م، توقف ترو عن ملاحقة السيدة ولسون، وأخذ يلاحق سيئة الحظ، أوليف يونغ، التي سرعان ما اكتشفت عدم اتزانه العقلي وأخذت تتحاشاه. في هذا الوقت، وقع ترو تحت كاهل الديون. قبل يوم الجريمة بأسبوعين، أخبر ترو معارفه بأنه سيذهب قريبًا إلى إحدى الشقق ويطلق النار على أحد دائنيه.
عندما وقف ترو في وقت متأخر من ليلة 5 مارس 1922م أمام باب شقة أوليف، حاولت الأخيرة منعه من الدخول. لكنها أمام إلحاحه، عادت وسمحت له بالدخول خشية حدوث ضجة وشوشرة.
قال القاضي إن الرائد ترو كان في كامل وعيه عندما ارتكب جريمته، وكان يعي ما يفعل تمامًا، بدليل وضعه للوسادتين على السرير بغرض التمويه.
لذلك، أصدر الحكم عليه بالإعدام في 5 مايو من العام نفسه. ولكن، نظرًا لأن القانون الإنجليزي يمنع إعدام المجنون، وبعد تأكيد ثلاثة أطباء بأن الجاني كان مجنونًا، تم احتجاز الرائد رونالد ترو في مصحة عقلية حيث توفي هناك في عام 1951م بعد بلوغه الستين من العمر.