الجاني المتضرر: قصة العدالة والظروف القاسية

جلس القاضي، المستغرق في تفكير عميق، ينظر إلى الجاني الذي وقف أمامه يتحدث بمرارة وألم. كانت حجته مشبعة بالحزن والأسى، وكأنها تروي قصة حياة مليئة بالفقر واليأس. ومع ذلك، لم تدم كلمات الجاني طويلاً قبل أن يتدخل المدعي العام بصوت قوي وحازم:

"لماذا لم تبحث عن وظيفة؟"

تلعثم الجاني قبل أن يجيب، محاولاً تجميع أفكاره. "لم يقبل أي شخص أن يساعدني على أن أحصل على عمل كي أعيش؛ لأنهم لا يريدون أن يساعدوني على الحصول على مساهمتي داخل الشركة التي قمت بها مع تلك المجموعة التي خدعتني. رفضوا أن أحصل عليها وأتقاعد بعيدًا عنهم."

ابتسم القاضي بسخرية وسأله: "لماذا لا يريدون أن يساهموا في تقاعدك؟"

أجاب الجاني بصوت منكسر: "سيدي القاضي، هم يقولون إن ذلك غير شرعي وغير قانوني أن أحصل على التقاعد. ولكن نتيجة لذلك، كانت تلك الجماعات المشتركة تسيء إدارة الأموال. هم فقط منحوني الكثير من الخسائر الفادحة. لقد عمل هؤلاء في الاستثمار بالأعمال التجارية المحفوفة بالمخاطر. حينما يحصدون العديد من المكاسب، تكون لهم، ولكن الخسائر تكون من أجلي أنا. لذلك فضّلتُ أن أحصل على مساهمتي بيدي."

أخذ الجاني نفسًا عميقًا قبل أن يكمل: "كانت هذه هي الأسباب يا سيدي. بالإضافة إلى أنه كان يجب منع تلك الجرائم التي تحدث كل يوم. لقد قال الوزير في يوم آخر أنكم المسؤولون عن إيقاف تلك الجريمة ومنعها من الوقوع حتى أشار إلى الأبواب الدائرية. أتوسل إليكم أن تُحاكموني وأن تمنعوا الجريمة التي على وشك الحدوث."

زاد الجاني من حدة كلامه، وكأنه كان يتحدث عن خطر وشيك: "أستطيع أن أتماثل للمحاكمة في بيتي؛ إذا كانت تكلفة بقاء أحد المتهمين داخل السجن تتكلف 1500 دولار؛ كما أستطيع أن أتكفل بنصف المبلغ؛ وهذا كل ما أملكه."

توقف الجاني عن الكلام لبضع لحظات، ثم استطرد قائلاً بنبرة عتاب واضحة: "على كل الأحوال، لقد أخبرنا وزير الشؤون الداخلية للبلاد أنكم المسؤولون الأساسيون عن الحفاظ على البلاد ومنع حدوث الجريمة."

نظر الحاضرون إلى الجاني بعيون مليئة بالتساؤلات والدهشة. أكمل الجاني حديثه قائلاً: "حقًا أنتم المسؤولون الأوائل عن وقوع أي جريمة. كما أنني متأكد من أنكم كان باستطاعتكم أن تمنحوني الوظيفة التي أستطيع من خلالها أن أوظف مساهمتي الخاصة في عمل مُربح وهي في يدي."

كانت حالة من الصمت تعصف بأرجاء المحكمة التي تخلو من أي همس إلا من صوت الجاني الذي كان يعلو ليهز أركان المكان وكأنه كان يستغيث. نظر مجددًا إلى هيئة المحكمة، ثم واصل عتابه ولومه قائلاً بصوت يشقه الشجن: "لقد تركت مساهمتي في أيدٍ غير أمينة وغير كفؤ؛ وصلوا بي إلى الخسارة والفقر والوقوع في الخطأ الذي جاء بي إلى هنا."

استمر الحاضرون في الاستماع باهتمام لكلمات الجاني المؤثرة، الذي توقف برهة ليلتقط أنفاسه بصعوبة، ثم قال: "سيدي القاضي، سيدي المدعي العام، أيها الحضور الكرام، باختصار شديد، لي طلب عند سيادتكم وهو أن تقيموا محاكمتي الآن."

كان الحضور ينظرون إلى الجاني بتعاطف وحيرة، متسائلين عن القرار الذي سيصدر من القاضي. هل سيتفهم القاضي دوافع الجاني وظروفه القاسية؟ أم سيحكم عليه بالعقوبة الرادعة التي يستحقها بسبب جريمته؟

تنهد القاضي وأخذ يراجع أوراق القضية مرة أخرى، ثم نظر إلى الجاني قائلاً بصوت هادئ لكنه حازم: "أنت تعلم أن القانون لا يبرر الجريمة بأي حال من الأحوال، لكننا هنا لننظر في كل الظروف والملابسات. سنأخذ بعين الاعتبار كل ما قلت، ولكن العدالة يجب أن تأخذ مجراها. سنقوم بدراسة حالتك بعناية قبل أن نصدر حكمنا."

غادر الحضور قاعة المحكمة ببطء، وكل منهم يحمل في قلبه شعورًا متباينًا بين الرحمة والحزم، متسائلين عن المصير الذي ينتظر ذلك الجاني الذي كانت حياته عبارة عن سلسلة من الحظوظ العاثرة.



إعدادات القراءة


لون الخلفية