الوجه الآخر: قصة خالد الرجل الذي خدع الجميع

كان خالد رجلاً يتسم بالهدوء ويلزم حدود بيته، ولم يتدخل فيما لا يعنيه. كان من النادر أن يتوقف في الشارع إلا لإلقاء التحية أو رد السلام على أحد الجيران، وكان لا يتخلف عن أداء الواجب عند وفاة جار أو مرضه، وحين تتم دعوته لحفل فرح كان يحرص على ألا يثير حضوره الانتباه.

حياة خالد الغامضة:

لم يكن الجيران يعلمون الكثير عن خالد، فقد شاع عنه أنه عاد من أوروبا بعد أن قضى خمسة عشر عامًا هناك. عندما عاد، بدأ عمله كتاجر في العقارات، يشتري قطع أراضٍ ويبيعها، ثم بأرباحها يشتري قطعًا أكبر. لم يكن لديه مكتب معروف، بل كانت كل صفقاته تتم في مقهى قريب من منزله.

كان خالد يتغيب عن منزله بعض الأيام من الأسبوع، وعندما سأله أحد الفضوليين عن سبب غيابه، ذكر زيارته لأحد إخوته بالريف. كان يعيش بمفرده منذ أن سكن ذلك المنزل، وكان يذكر للجيران وفاة زوجته في أوروبا. وعندما تجرأ أحد الجيران يومًا وطلب منه أن يتزوج، أخبره خالد أنه سيظل وفيًا لزوجته المرحومة، ذلك وعدها وهي على فراش المرض.

رجل مثالي في عيون الجميع:

كان خالد رجلاً مثاليًا وفيًا في عيون كل من رآه، وكان كلما عاد من الريف، يقيم ليلة للذكر، تنصب فيها الموائد وتقدم أشهى الأطعمة. ولكن، رغم هذا المظهر البسيط، كان هناك جانب مظلم لحياة خالد.

مفاجأة الشرطة:

في إحدى الأيام، وبينما كان خالد عائدًا من سفره من الريف، استوقفه حاجز للشرطة. طلب الشرطي منه أوراق السيارة، وقدمها خالد بلا تردد. ثم فاجأه الشرطي بطلب فتح صندوق الأمتعة. نهض خالد من سيارته وفتح صندوق الأمتعة، ولم يكن به شيء. طلب الشرطي منه أن يخرج عجلة الاحتياط الخاصة بالسيارة، وعندما أخرجها خالد، قام الشرطي بشقها، ووجد بداخلها أكياس سوداء ملفوفة بلاصق محكم. عند فتح الأكياس، وجدوا حزمًا من الأموال الورقية المزورة.

الهروب الكبير:

في تلك اللحظة، وبينما كان الشرطي ورئيسه يفحصون الأكياس، انطلق خالد بسيارته بسرعة السهم. كانت تلك الخطوة مفاجئة للشرطة، التي لم تتوقع منه الفرار. ركب الشرطي ورئيسه سيارة الشرطة وبدأوا المطاردة، وأبلغوا نقطة تفتيش على الطريق لصنع حاجز. لكن خالد انعطف بسيارته في منعطف داخل الطريق الصحراوي، وتمكن من الهروب.

الكشف عن الوجه الآخر:

وصل خالد إلى منزل متواري في الصحراء، يبعد عدة كيلومترات عن الطريق العام. أمر حارس المنزل بفتح البوابة ودخل ليختبئ بعيدًا عن الأنظار. بعد عشرة أيام، سمع صوت جرس الباب. أمر خالد الحارس بفتح الباب، واستقبل رجلًا في الأربعين من عمره بابتسامة عريضة. استرق الحارس حوارهما وسمع الحديث عن شخص يدعى عزاز، الذي دس الأموال المزورة في عجلة السيارة انتقامًا من شجار بين الشركاء في عملية تزوير الأموال. أخبر خالد زائره أن عزاز قد حكم على نفسه بالموت.

النهاية الدموية:

بعد أربعة أيام، اكتُشفت جثة عزاز، وأكدت الشرطة أن قتله كان تصفية حسابات، حيث خنقه الجاني بحبل حتى جحظت عيناه. في صباح اليوم التالي، أتى رجل الشرطة إلى المنزل المموه، وعند رفع بصمات خالد تأكدت الشرطة من قيامه بفعلته. كان من أبلغ عن احتمالية قتل خالد لعزاز هو الحارس، الذي سمع حديثهما عن الانتقام من الخائن.

انتشرت قصة خالد، الرجل الذي نال الكثير من المدح والثناء من جيرانه في الحي. علم الجيران أن ذلك السلوك المثالي كان مجرد قناع زائف، يخفي الكثير من الأسرار التي كشفها الزمان.



إعدادات القراءة


لون الخلفية