علم اقتفاء الأثر ليس وليدًا جديدًا ، وإنما هو علم قديم قدم الأزل ، اعتمد عليه الكثيرون في اقتفاء الآثار ، وطالما برع بعض الأذكياء في هذا العلم ، حيث يستطيع مقتفي الأثر أن يرشدك لمن تلك الآثار ، وأين ذهب ومن أين أتى ، وكيف كان يسير وشكل خطواته أيضًا ، ولكن ما حدث ببلدة ديفون الانجليزية كان هو الأغرب
في إحدى ليالي الشتاء الباردة ببلدة ديفون ، الانجليزية أخذت الثلوج تتساقط تباعًا في مشهد اعتاد عليه سكان البلدة ، حيث طبيعة الطقس لديهم تجعل الشتاء ، كاسيًا لأرضهم بالثلوج البيضاء ، وبالطبع مشهد مثل هذا لم يكن غريبًا على سكان البلدة ، وإنما الغريب في هذا الأمر ، هو تلك الخطوات التي تركت آثارها فوق الثلوج البيضاء ، عندما استيقظ سكان البلدة ليجدوها في طريق البلدة بأكملها
ولكن قد يتساءل البعض أيضًا ، عن الغريب في هذا فلربما كانت آثار أقدام حيوان عابر ، أو مسافرون عبروا البلدة وغيرها ، ولكن هذا أيضًا لم يهدئ من روع السكان ، فالغريب في الأمر هو شكل الآثار نفسها ، حيث لم يتوصل أي من خبراء اقتفاء الأثر ، إلى من تنتمي تلك الآثار بالإضافة إلى أنها لا تشبه آثار أقدام أي حيوان معروف ! لم تقف غرابة الأمر عند هذا الحد فقط ، وإنما امتدت إلى كيفية وضع الآثار على الأرض ، فالآثار تأخذ حرف U بالانجليزية ، وحجمها يصل إلى 4 إنشات وعرض 2
5 إنشًا ، وتفصل بين كل خطوة وأخرى حوالي ثمانية إنشات ! أيضًا خط سير الخطوات كان غريبًا ، فهي تسير بطريق مستقيم ، لا تحيد عنه قط ، حتى إذا صادفت الخطوات منزلاً أو شجيرات ، تصعد الخطوات بثبات فوقها دون توقف ! حتى أنها قد خطت فوق الجدران والأسطح لتهبط بكل بساطة على الجانب الآخر خلف المنزل ، وعبرت سياج الحدائق دون توقف وظلت على ثباتها ، وكأن الخطوات تقاس بالمللي ،
هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا
تصادف أن قابلت الخطوات ، في نهايتها نهر إيكسي البالغ عرضه ميلان ، لتختفي عند حافته وتظهر عند الطرف المقابل ، للنهر وكأن صاحب تلك الخطوات ، يستطيع أن يمشي على المياه أيضًا ! فهل صاحب الخطوات طائر ؟ والأدهى من ذلك أن الخطوات كانت تمتد ، لأكثر من مائة ميلاً وأكثر
بالطبع انتشرت القصة في كافة أنحاء البلدة ، كالنار في الهشيم خاصة مع كل تلك الأمور المثيرة للدهشة والذعر أيضًا ، ليبدأ سكان البلدة في خلق الشائعات المخيفة ، بشأن صاحب الخطوات حيث زعموا بأن صاحب تلك الخطوات ، هو الشيطان نفسه والذي قد أتى إليهم ، في تلك الأصقاع بحثًا عن الأرواح المذنبة ، والتي كانت قد زادت في هذا الوقت (أي بالقرن التاسع عشر)
لم يتوقف الأمر عند بلدة ديفون فقط ، بل امتد لأكثر من بلدة مجاورة ونشرت الصحف أن الأمر قد انتشر في كافة أنحاء انجلترا ، في هذا الوقت ومن شدة هلع السكان بالبلدات التي ظهرت بها تلك الخطوات ، قاموا بتشكيل مجموعات موسعة ، من أجل إلقاء القبض على صاحب تلك الخطوات ، وتقفي آثاره فيما أغلقت الأبواب والنوافذ ، طوال الليل مخافة أن يهاجمهم الشيطان
حاول البعض تفسير تلك الخطوات ، فاقترح البعض بأن تلك الخطوات ما هي ، إلا خطوات لحيوانين كانجارو قد هربا من إحدى الحدائق ، ولكن هذا التفسير لم يلق تصديقًا ، حيث لم تتطابق آثار تلك الخطوات ، مع أي آثار لحيوانات بالمنطقة أو أي حيوان معروف
ظهرت الخطوات الغامضة أكثر من مرة ، خلال تاريخ انجلترا بعد حادثة ديفون وقبلها ، وقد وردت بإحدى المخطوطات منذ القدم ، إثر عاصفة رعدية عام 1205م ، وشهدتها أكثر من دولة أخرى خلاف انجلترا ، مثل بولندا واسكتلندا ولم يتم التعرف على صاحب تلك الخطوات حتى الآن