تُعد قصة الكولونيل توماس بلد واحدة من أكثر قصص الجريمة والإثارة غرابة في التاريخ. ففي صبيحة يوم التاسع من مايو لعام 1671م، تمكّن توماس بلد، بمساعدة مجموعة من المتواطئين، من سرقة التاج البريطاني المرصع بالألماس من برج لندن. ومع أنه تم القبض عليه، إلا أن الأمر الأكثر دهشة هو إعجاب الملك البريطاني تشارلز الثاني بجرأته، مما دفعه لمكافأة توماس بدلًا من معاقبته.
كان توماس بلد، الذي أطلق على نفسه لقب الكولونيل، يشتهر بفطنته وذكائه في التنكر، وكان يمتلك مواهب عديدة. عاش متنقلًا بين بلدان عدة، مستخدمًا أسماء مختلفة. وقد أعلنت الحكومة البريطانية مكافأة قدرها 1000 جنيه لمن يأتي برأسه، بسبب تورطه في عدة مؤامرات ضد الملك، ومحاولات اغتيال، بالإضافة إلى الهجوم على قلعة دبلن في أيرلندا عام 1670م.
رغم كل هذه التهم، عاد توماس بلد بقوة في عام 1671م ليخطط لسرقة التاج الملكي البريطاني، الذي كان محفوظًا داخل غرفة في برج لندن. بدأ توماس خطته بالتنكر واستئجار امرأة لتقوم بدور زوجته، ثم زار الحارس المسؤول عن حماية التاج لإلقاء نظرة عليه كأي زائر عادي.
ادعت المرأة المرض، مما دفع الحارس لعرض استضافتهما في شقته بالدور العلوي. وبعد سلسلة من الزيارات المتكررة وكسب ثقة الحارس، اقترح توماس ترتيب لقاء بين ابنته وابن أخيه المزعوم، في محاولة لإكمال خطته.
في أحد الأيام، زار توماس منزل الحارس ومعه أربعة رجال وابنه توماس. تظاهر أحد الرجال بدور ابن أخيه العازب، بينما كان الثلاثة الآخرون، وهم روبيرت بيروت، وريتشارد هاليويل، ووويليام سميث، مسلحين وينتظرون بجانب الخيول. بعد فتح الباب لهم، قاموا بحشو فم الحارس بالقماش ووضع كيس على رأسه، وحين حاول الحارس الدفاع عن نفسه، طعنه توماس في بطنه وضربه بالمطرقة على رأسه.
بينما كان توماس وابنه يجمعان الكنز، تفاجأوا بقدوم ابن الحارس لزيارة غير متوقعة لوالده. سرعان ما صرخ الحارس بعد تحرير فمه، واستطاع ابنه استدعاء الحراس الذين لاحقوا العصابة وألقوا القبض على توماس وأفراد عصابته، واستعادوا المجوهرات المسروقة.
بعد القبض عليه، رفض توماس التحدث لأي شخص آخر غير الملك تشارلز الثاني. وافق الملك على لقائه، وكانت الاستجابة مفاجئة. اعترف توماس بجرائمه ومحاولات اغتيال الملك تشارلز، مما أثار إعجاب الملك بشجاعته وجرأته. بدلاً من معاقبته، قام الملك بالعفو عنه ومنحه قطعة أرض في أيرلندا تزيد قيمتها عن 500 ألف.
بعد العفو عنه، قضى توماس سنوات حياته المتبقية يعمل كجاسوس ومخبر للتاج الملكي. توفي الكولونيل توماس بلد عام 1680م، وبعد وفاته، قامت الحكومة باستخراج جثته للتأكد من موته، ووجدوه قد مات بالفعل. كتب على قبره: "هنا يرقد الرجل الذي قام بأكبر جريمة في إنجلترا".