تخرجت عايدة الخمار من كلية الإعلام والاتصالات، وبعد التخرج التحقت بصحيفة يومية كبرى. خلال فترة تدريبها التي استمرت سنة، تولى تدريبها أحد الصحفيين المرموقين، حيث لمس تميزها في مجال الاستطلاعات الميدانية، وخاصة القضايا الجنائية. تم تعيينها كمساعدة للمسئول عن صفحة الحوادث، وكانت تبحث عن المعلومة والخبر بحماس كبير.
في إحدى الليالي، أيقظتها رنات هاتفها في الساعة الثانية صباحًا. كان المتصل أحد المعاونين، الذي أبلغها بوجود جثة مقطعة على جانب الطريق المؤدي للمدينة. أخبرها أن الشرطة القضائية كانت في الموقع تحاول العثور على أي أدلة تفك لغز الجثة المقطعة.
ارتدت عايدة ملابسها بسرعة، وحملت آلة التصوير، وانطلقت بسيارتها نحو مسرح الجريمة. عند وصولها، وجدت الشرطة قد أقامت حاجزًا يعيق دخول الفضوليين. التقت بأحد مفتشي الشرطة الذين تعرفت عليهم سابقًا، لكنه لم يقدم لها أي معلومات خشية التأثير على مجرى التحقيق.
عندما وصلت سيارة الإسعاف لنقل الجثة إلى مستودع الأموات، تبعتها عايدة. كانت لديها صلة بحارس المستودع الذي زودها بمعلومات مثيرة، وعرفت أن الجثة لرجل في الخمسين من عمره يعمل بحارًا، وقد وجدت جثته مقطعة إلى ثلاثة أجزاء: الرأس، الجذع، والأطراف.
شعرت عايدة أن ما ظفرت به من معلومات يعد صيدًا ثمينًا، فاتصلت برئيس تحرير الصحيفة وأبلغته بالخبر، فوافق على نشر مقالها في الصفحة الأولى. في الصباح، تصفح الشرطي الجريدة ووجد حادث الأمس قد نشر في الصفحة الأولى، ويتضمن المقال معلومات لم يتوصل لها رجال الشرطة بعد.
اتصل العميد بعايدة وأبلغها أن اندفاعها قد يكلفها ثمنًا باهظًا. أخبرها أن ما نشرته في مقالها ما هو إلا استنتاجات متهورة، وطلب منها معرفة المصادر التي استقت منها معلوماتها. لكنها التزمت التكتم على مصادرها، فوعدها العميد بأنه سيزودها بالمعلومات الصالحة للنشر.
خرجت عايدة من مقر الجريدة ولاحظت سيارة تتبعها، مما أصابها بالرعب الشديد. اتصلت بعميد الشرطة وأخبرته بشأن السيارة، فطلب منها التوجه إلى مطعم مكتظ بالزبائن. في المطعم، ألبسها رجل طويل القامة قلادة بها جهاز تتبع، وأخبرها أنه تابع للشرطة وسيكون الجهاز وسيلة لحمايتها.
استمرت السيارة في تتبعها، وتمكنت الشرطة من تحديد وجهتها. انطلقت سيارة الشرطة تتبع مسارها طبقا لإشارات جهاز التتبع. توقفت السيارة المموهة في مدخل مصنع للحديد، وأغلق الباب بسرعة. اقتحمت الشرطة المكان وتمكنت من إلقاء القبض على الرجل وإنقاذ عايدة.
اعترف الرجل بعلاقته بالجثة المقطعة، حيث كان قد توعد البحار لينقل شحنة من الأدوية المهربة إلى شاطئ بلدة أوروبية. عندما رفض البحار، قام الرجل بتقطيعه وسرقة باخرته لاستخدامها في تهريب الأدوية غير المرخصة.
قدمت الشرطة كامل التحية للصحفية المغامرة، وقد ثبتت صحة توقعاتها التي ذكرتها في مقالها. تولت عايدة منصب رئيس تحرير الجريدة، وذاع صيتها بفضل فطنتها وقدرتها على تحليل وقائع الجرائم.
كانت هذه القصة توثيقًا لشجاعة عايدة الخمار وإصرارها على كشف الحقيقة، مما جعلها تتبوأ مكانة مرموقة في عالم الصحافة الجنائية.