الجزء 1

في احدي المنازل الفاخرة.

كان يجلس في مكتبه يطالع بعض الاوراق الخاصة بعمله تحت ضوء خافت منبثق من ذلك المصباح المكتبي ، ينظر الي ساعته من حين لآخر ، والقلق جليا علي قسمات وجهه ، حركة يده وعيناه الزائغة بين الساعة و بابا مكتبه.. و تأففه المتقطع الذي يبشر ببدايات حلول ليل غاضب.

نهض منزعجا وخرج الي الحديقة ليرى ما ان وصل من ينتظره.. ام لا؟!

خاب امله في وصوله... فاقنع نفسه بان مزيد من الصبر لن يؤذي.. وجلس في رودهة الفيلا ينتظر.. متمنيا ان تخفف تلك النسمات العليلة ثورة غضبه...

ولكن ما لبث ان وجد الحارس يفتح البوابة ليدخل ذلك الشخص بدراجته النارية ، ليضيق هو عيناه متوعدا ..

وصل ذلك الشخص اليه و اوقف دراجته امامه ونزل لينزع عنه خوذته وتظهر ملامح ابنته المتمردة، التي لمحت شرارات الغضب المتطاير من مقلتيه ، فابتسمت و اقبلت عليه تقبله بحنان علي وجنته لتهدئ من ثورة غضبه قبل ان تنطق قائلة: ازيك يا بابي وحشتني.

كاد قلبه ان يرق لها ويظهر الحنان ولكنه عاد الي تجهمه وقال بحزم: كنتي فين يا إلينا لحد دلوقت.

اشبكت يدها الرقيقة في يده لتجذبه للداخل قائلة : يا بابا كنت في التدريب ما انت عارف ان البطوله خلاص قربت. و رحت مع احلام المول.

وصلت به الي بهو الفيلا ليمرر هو نظره علي ملابسها الصبيانية فقد كانت ترتدي بنطانا اسود بأرجل واسعة وشميزا بني اسفل سترة سوداء وحجابا ذهبيا تخفيه اسفل خوذتها زفر بضيق من هيئتها ثم قال بضجر: وانتي رحتي معها بالموتور ازاي؟! مرحتيش ليه في عربيتها ؟
اخذت بيده الي الاريكة الفاخره التي تتوسط ساحة الفيلا ليجلسا وتحول هي تغير مجري الموضوع : مالك بس يا بابا مضايق ليه ما انا كل يوم بخرج بالموتور و مبقش في مشكله خلاص مع حضرتك .

نظر اليها شرذا وقال: اللي فيه اني مخلف بنت رقيقة مش ولد (وضع يده علي رأسها يمسح بحنو عليها قائلا) يا حبيبتي انا عاوز اطمن عليكي انتي واخواتك قبل ما أموت..
ارتمت في حضنه قائلة بصوت متحشرج: بعيد الشر عنك يا بابا، ربنا بخليك لينا.
احاطها مهران ب ذراعيه وقبل راسها بحنان بالغ قائلا: ويخليكي انتي واخواتك ليا.
قاطعهم صوت يأتي من اعلي الدرج قائلا: الله الله قفلين النور وعملين جو شاعري.

ابتعدت "إلينا "تمسح دموعها بابتسامه عندما همس مهران مازحا: الشياطين قفشونا ،هههههه.

اقتربت "تقي "منهم قائلة: ليه يا مهران الخيانه دي، دا انا حتي بحبك زي ابويا بالظبط .

ضحك مهران بقوة علي تلك المشاكسة ثم جذبها الي احضانه لتقف "حلا" زامة شفتيها كالأطفال ، عاقدة ذراعيها امام صدرها قائلة بضيق: يا سلام يا سي بابا وانا مليش من الحب جانب ولا ايه.

افسحت "الينا "لها لتجلس بينهم ويحتضنهم والدهم جميعا متمنيا من الله ان يحميهم له فهن سر سعادته في تلك الحياة .
سيدة العشق ل/ايمان احمد
في فيلا آدم الشرقاوي..
كانت تجلس فتاة في زهور الشباب تشخبط بفرشاتها علي احدي اللوحات شاردة في ذلك الفستان الابيض اللامع الذي يشبه فستان الاميرات، تفكر في مصيرها هل سيأتي يوما تطل فيه بالأبيض أم ان اعاقتها ستظل عائقا بينها وبين كونها فتاة ينمو بداخلها قلب يشتاق الي تذوق معاني الحب وعيش قصة حب جنونية.

قطع شرودها دخول امرأة في منتصف العقد الرابع، يبدو عليها الجمال ترتدي عباءة خليجيه مزرقشه باهظة الثمن ، كانت تنظر لها بحنان وعلي وجهها ابتسامة هادئة سرعان ما اختفت عندما رات تلك الدموع المتحجرة في عيناها اقتربت منها تسالها بتوجس: مالك يا دانه في حاجه وجعاك يا حبيبتي؟

أغمضت "دانه "عيناها لتترك لدمعتها تلك العنان ، ثم اشاحت بها بعيد عن نظر عمتها وابتلعت تلك الغصة المريرة في حلقها وقالت: ابدا يا عمتو انا .. كويسه.
اثنت "بدور" جزعها لتقترب منها وتحتضنها بقوة لتعطيها سببا لتنفجر الأخرى في البكاء قائلة وسط شهقاتها: انا.. مستحيل.. ابقي.. زي.. البنات.
اخذت "بدور" تمسح علي شعرها بحنان ثم قالت: انت اجمل البنات كلهم ، ولازم تخرجي من أوضتك وتشوفي الناس .. انتي زي اي بنت في سنك ليك حياه ولازم تعيشيها.

ابتسمت "دانه" بمرارة وقالت: هعيشها بس علي كورسي.
ابعدتها "بدور" قليلا ثم مسحت دموع صغيرتها قائلة: انتي مؤمنة؟
اندهشت "دانه" من سؤال عمته و عقد ت حاجبيها لتعيد "بدور" سؤالها فترد "دانه" قائلة: الحمد لله.
بدور: خلاص ترضي باللي ربنا قسمه لك.
عادت "دانه "الي رشدها ووعيت الي فعلتها من سخط علي قضاء ربها واخذت تردد الحمد لله حتي غفت علي كتف "بدور" التي ساعدتها لتنم علي السرير ثم دثرتها و قبل ان تخرج نظرت الي تلك اللوحة التي كانت ترسمها "دانه" لتجده فستان زفاف ولكنه باللون الاسود، حزنت كثيرا وخرجت عاقدة العزم علي مساعدة "دانه" واخراجها من غرفتها تلك..
سيدة العشق/ايمان احمديوسف.
في دبي تحديدا في فندق ديلانا..
كان يقف شابا طويلا مفتول العضلات امام مرآته ينثر عطره علي بدلته القاحلة ينظر الي نفسه بإعجاب ثم التقط كابه ووضعه علي شعره البني ،ثم ارتدي نظارته الشمسية ليخفي عيناه الرماديتان خلف سوادها ثم حمل حقيبة سفره وخرج من الغرفة واثناء مروره في الممر باتجاه المصعد الكهربي ، سمع احدهم ينادي ب: كابتن ادم wait.

توقف "ادم " ولم يدر ظهره ليأتي من اوقفه امام ناظره فضاقت عيناه وزمجر بغضب لترتعد تلك التي نادته وتقل بصوت مرتعش: مالك يا ادم انت لسه تعبان؟

قبض "ادم " يداه داخل جيبه حتي كادت عظام اصابعه تنكسر وذلك عندما تذكر ما حدث ليلة مجيئه الي دبي ، فهي نفسها المضيفة التي اعتنت به عندما اصابته حمي مفاجئة اثناء سفرهم ، زفر "ادم" انفاسه الحارة كاظما غضبه فهو يعلم ما ترنو اليه جيدا قائلا: لا انا كويس ميرسي يا ديانا ، اسمحي لي امشي بقي عشان الحق اجهز نفسي للرحلة.

وقبل ان يرحل اقترب قليلا منها ليربكها اقترابه المخيف لتسمعه يقل: اااه وعلي فكره انا اسمي كابتن أدم... تمام؟؟

اومأت له بايتسامة صفراء وقبل ان يتخطاها قالت : تمام .... ممكن توصلني معك يا ... كابتن ادم .
لم يعلق "ادم "علي تصرفها وسار باتجاه المصعد ليضغط علي زر استدعائه لتلحق هي به عاقدة العزم علي ايقاعه في شباك حبها.
وصل المصعد وركبا سويا ليتحرك بهما المصعد نزولا الي الطابق الاول اخذت "ديانا" تنظر الي "ادم " فخطر ببالها شيئا لتخرجه من بروده القاتل ذاك.
اقتربت منه قليلا ثم مسكت راسها وافتعلت ان قدماها لا تقوي على حملها لتقع بين احضانه ليسرع "ادم" في التقافها قائلا بقلق: ديانا.. ديانا.. ديانا.
لم يتلقى منها استجابة بل سمع صوت المصعد ليعلمه بوصلهم الي وجهتهم ، فتح الباب تلقائيا ليحمل "ادم" " ديانا "ويجري بها ناحيه احدي الارائك ليضعها عليها ويطلب من احدي العاملات في الاستقبال مساعدتها ليقف هو بعيدا و يلوي فمه بابتسامة ساخرة فلم تمر عليه حيلتها الغبية تلك ، عدل من هيئته ثم التقط حقيبته وغادر ..
اما "ديانا" فكانت تفتح عيناها قدر شعرة لتراه اين ذهب وما يحدث حولها ...

انتفضت عندما وجدته يغادر.. لتقفز سريعا محاولة اللحاق به ولكن هيهات لتاتي من خلفها صديقتها "داليا "قائلة بسخرية: خسرتي الرهان يا ديانا ، قلت لك دا ادم الشرقاوي مفيش بنت قدرت توقعه.

لوت "ديانا" فمها بابتسامة ماكره وقالت بتهكم: مصيره يقع في شباكي مش صعبه اووي وهتشوفي.
اشارت "داليا " الي سائق شركة الطيران لكي يأتي ليحمل الحقائب وقالت لـ"ديانا" : ادم مش سهل وابعدي عنه يا ديانا ده ممكن يؤذيكي بسهولة.
"ديانا" بتحدي: مستحيل.
هزت "داليا" كتفاها باستسلام وقالت: برحتك.. يلا بينا.
استقلت الفتاتان السيارة لتوصلهم الي المطار فهما مضيفتان علي نفس الطائرة التي اتت الي دبي في رحلة بقيادة " ادم".
سيدة العشق ايمان احمد يوسف.
بينما في احدي الشركات الاجنبية الضخمة التي لها وزنها في مجال التسويق..
يجلس رجل علي كرسي مكتبه، يملك ملامح الرجل الشرقي يبدو علي هيئته الثراء والوقار بسبب ذلك الشيب الذي يغطي رأسه ، كان ينهي جوابه الذي يخطه ليعطيه لسكرتيرته لترسله الي حيث وجهته و يعود ليسند ظهره متذكرا يوم كان رجلا عاديا في مصر..
فلاش باك..
"فخر الدين" : انا لازم اسافر يا حبيبتي استراليا فلوسها كويسه وانتي لازم تسافري معايا و الاولاد وكمان بدور تكمل دراستها هناك.

نظرت "ناهد " اليه بخوف قائلة : انا مش عاوزه اسافر ، سافر انت وسبلي ولادي .
"فخر الدين" وقد تملكه الغضب: عاوزه تفضلي ليه يا هانم انتي مكانك جنب جوزك فهمه يعني ايه جنب جوزك...
باك..
قطع ذكراه الأليمة دخول سكرتيرته.. التي تحادثه بالإنجليزية قائلة: سيدي لقد وصل الوفد الالماني وسيبدأ الاجتماع الان.
ابتسم لها قائلا: حسنا جيسي اذهبي الان.
ما ان خرجت حتي نهض من مكانه ينظر الي صورة ابنه وزوجته مبتسما متنهدا بقوة محولا تخفيف ثقل الالم الذي يقيد صدره .. ثم ذهب متجها الي اجتماعه..
......
اما في فيلا السيوفي..
فكانت "إلينا" تذاكر محاضراتها حتي انقطعت الكهرباء فجأة و سمعت صوت غريبا في الخارج لتخاطب نفسها قائلة : ايه الصوت ده.
ثم نادت بصوت عال: تقي.. حلا.. يا تقي.. اووف راحوا فين البنات دول.
نهضت وفتحت كشاف هاتفها لينير لها حتي وصلت الي الباب ، الذي فتحته وخرجت لتعود تنادي علي والدها واختاها منتظرة ردا منهم ولكن لم تجد اي اجابة، مما جعل الرعب يتسلل اليها ، وما جعلها تفزع اكثر الآثار الحمراء التي رأتها علي الارض . . . دققت النظر قليلا مسلطةً الضوء لتري ما هذا ... وليتها لم تفعل فاذا به وجدتها دماء لتصرخ ع الفور بصوت عال: لاااااا باااابااااا..


إعدادات القراءة


لون الخلفية