الجزء 4
********************************
وصل "آدم" الي الفيلا و ما هى الا لحظات وكان يمكث كشجرة راسخة شامخة امام باب غرفتها، مراقبا اياها وهي تشخبط بفرشاتها وتدمج الوانها القاتمة التي تدل علي حزن عميق ينمو داخل روحها الرقيقة ، زفرت انفاسها الثقيلة وهي ترفع فرشاتها وتنظر للوحتها الحزينة لتمسك ب كوب قهوتها وتلقى به عليها ، ثم ضغطت علي ازرار كرسيها لتتحرك به الي فراشها تستند علي طرفه بيديها جاهدة في نقل نفسها اليه لتقع بضعف وقلة حيلة بين كرسيها والفراش لتسيل دموعها الحارقة علي وجنتها في صمت ، لتشعر فجأة بذلك الامان الذي أحاط بها ليكون لها طوق النجاة من حزنها الذي جعل قلبها يهلك ، و جعل الهوان يخط كتاباته علي جسدها الضعيف..
نظرت بضعف تتبين ملامحه لتجده سندها الذي لطالما كان لها عندما تضيق بها الدنيا، منقذها ، املها في التمسك بهذه الحياة البائسة همست باسمه بضعف:آ.. آدم.
وضعها علي الفرش برقة وحنان كأنها قطعة زجاج غالية يخشي كسرها ، ثم مسح علي راسها بحب أب رأي صغيرته بعد يوم شاق في العمل ، و حنان أم آضناها الاشتياق لـ فلذة كبدها: روح آدم ، و حياته .... انا جنبك يا حياتي.. جنبك لاخر العمر.
إيمان أحمد يوسف
هدات انفاسها فعلم انها استسلمت للنوم بعد نبوة البكاء تلك ، فنهض مدثرا اياها جيدا ، وعندما هم بالمغادره لفت انتباهه تلك اللوحة الملقاه باهمال فعلم انها تلك التي اخبرته عنها عمته ، فمد يده في جيب بنطاله و تأملها قليلا لتمده بحل سريعا يساعده في انتشال شقيقته الغاليه من حزنها .. جمع أفكاره وخرج عاقدا العزم علي فعل ما في رأسه غير مكترث ٍ للنتائج.. فكل ما يهمه سعادة شقيقته.
سار في الممر قليلا ثم اخرج هاتفه واتصل بصديق طفولته" زين" ، بعد ثوان جاءه رد صديقه مازحا: هم عملوا شبكه في الجو ولا ايه،؟!
تهللت اسارير "آدم" وقال عابثا: ههه،ظابط عايش في الخيال ، انا وصلت من زمان و في الفيلا كمان.
قهقه "زين" علي سذاجة صديقه "ادم" : ما انا عارف.
غامت عيني "ادم" بامتعاض و توعد داخله بان يندمه علي سخريته تلك عندما يأتي فقال مازحا: بقولك ايه؛ ما تيجي ؟
شهق "زين" كالفتيات و قال مقلدا اياهن : انت قليل الادب.
ضحك "ادم" علي طريقته حتي ادمعت عيناه وقال بصوت متهدج: انت اللي دماغك شمال.. تعالي نتعشى سوا هتلقيك ميت جوع.
مط "زين" شفتيه قائلا بحزن : ااااه والله بس، انا في لجنة مينفعش اسيبها، بقولك ماتيجي انت.
صمت "آدم" قليلا يفكر، ثم رد موافقا: طيب ساعه و اكون عندك.
جاءه رد "زين" : انا هنا للفجر ارتاح شويه ونام وتعالي في السهرة.
ابتسم "آدم" قائلا بتهكم : ما انت عارف انا والنوم مش اصحاب ، يلا ساعه وجايلك سلام.
اغلق معه ثم ذهب الي غرفة عمته ليطرق بابها عدة طرقات رقيقه منتظرا اذنها بالدخول وما ان سمعها حتي دلف لتخفي سريعا ذلك الجواب اسفل وسادتها و ادعت بانها ترتب فراشها لكي تنم ولكنها توقفت تنظر له بابتسامة ليقبل "آدم" عليها يعانقها :وحشتيني يا عمتو.
إيمان أحمد يوسف.
ابتسمت "بدور" بحنان : وانت كمان يا قلب عمتك طولت اوي في سفريتك.
ابتعد "ادم" ليجس علي الفراش بهدوء ، ثم ابتلع ريقه معترفا بما اخفاه عنها حتي لا يصل مؤشر القلق داخلها الي ذروته : اصل بصراحة تعبت هناك وجالي حمي و اضطريت افضل شويه لحد ما اتحسن.
رآها تعقد حاجبيها بغضب وتنظر له بلوم فقال مستطردا : والله انا بقيت كويس.. بس بصراحه واقع من الجوع.. هي السلطانه مش هتاكلنا ولا ايه؟
اختفي غضبها تدريجا لتنهض متجهة ناحية الباب قائلة خمس دقايق والسفره تجهز يا حبيبي روح اوضتك ، غير بدلتك وخد شور وانزل.
نهض سائراً خلفها يغلق باب الغرفة قائلا بجديه يشوبها الحزن : دانه نايمه دلوقتي ياريت تسبوها وانا نازل هجيبها .. و معلش يا عمتو جهزي لي عشا اخده لزين.
ربتت علي كتفه قائلة بود: حاضر يا حبيبي.
ايمان احمد يوسف
بينما في استراليا خاصة امام احد النوادي الليلية كان "جاك" مستلقى علي الأرض ينظر بغل لسارى الذي كان يلعنه من بين انفاسه اللاهثة : اللعنة عليك وعلي تلك الوقحة ، اخطأت عندما وضعتك في مكانة لا تستحقها .
القى بكلماته ثم ولاه ظهره متجها الي سيارته ليرحل ولكن تصنم مكانه عندما سمع كلمات "جاك" التي القاها عليه كسكين حاد انغرز فيه ليحطم رجولته : تبا لك يا كيس القطن انت.. لا أعلم علي ما احبتك تلك الحمقاء.؟!
رمي كلماته امام مسمع و مرأ من الجميع ثم قهقه ساخرا : لا اعلم حقا سبب لعلاقتي بك ، متخلف كالشعب الذي ألقي بك علينا.
قال ذلك واستند علي السيارة التي وقع عندها محاولا النهوض ..
ليشعر بحمم تلفح ظهره ،وبمجرد ان استدار ،داهمه "سارى" بلكمة اطاحت به ارضا صارخا بألم لتظلم عيني "سارى" حين قال بحزم: تلك من اجل اهانتك لبلدي اما بالنسبة لاهانتك لي فانتظر لحظه.
إيمان أحمد يوسف.
سار ساري اتجاه "فلورا " التي كانت تقف بين الحشد الذي ات ليشاهد، مصدومة مما يحدث بين اعز صديقين ، جذبها من يدها وعاد ليقف اماما "جاك" الذي جاهد ليقف علي قدميه مرة أخري وما ان رفع وجهه ينظر لهما ، يشاهد ما ينوي " ساري " فعله....
حتي امسك "سارى" برأس "فلورا " ليطبع قبلة علي شفتيها امام عينيه لتكون ك سهم مسموم طعن لتوه في قلبه الهائم.
ابتعد عنها غير مباليا لصدمتها ،ثم صعد سيارته علي الفور و ادارها ليقودها بسرعة هائلة صدما كل ما يقف في وجهه، حتي سقط "جاك" مرة اخري علي الارض لتندفع "فلورا" نحوه ممسكة برأسه قائلة بلهفة: جاك هل انت بخير ؟
نظر لها شرذا لينفض يدها ويستند علي الارض وينهض تاركا قلبه الدامي عندها ويرحل.
"أصعب مراحل الحب ان يهوي قلبك شخص يذوب قلبه عشقا في شخص اخر، اقسي مراحله، بل اكثرها عذابا علي الاطلاق"
إيمان أحمد يوسف.
ما حدث قبل ساعة تقريبا..
دلف "ساري" بابتسامته الساحرة وملابسه الفاخرة التي تعبر عن ثرائه الفاحش و "جاك" بوسامته المعهودة الي النادي الليلي يبحثا عن "فلورا" ليهنئانها بعيد ميلادها وليبدا "جاك" بسيل اعترافات عاشق ولهان..
راتهم "فلورا "لتاتي اليهما مبتسمة، تصافح "جاك" بمودة وتقبله من وجنته بينما "سارى" عانقته قائلة: شكرا لحضورك ساري.
نظر" جاك" بريبة ليزم "سارى" شفتيه ويبتسم بود: عيد ميلاد سعيد صديقتي القصيرة.
حزنت "فلورا " عندما نعتها بصديقته وابتعدت ناظرة لناحية اخري قائلة: اعتذر ساذهب لآري روز واعد.
هز "ساري" كتفيه ممسكا هاتفه ليرد ع اتصال والده حين ما اشار اليه "جاك" بمعنى ماذا حدث؟! . فاشار له "جاك" بانه سيذهب ليراها.
وليته لم يفعل ذلك فما ان اقترب حتي انتفض قلبه هلعا عندما رآها تبكي علي كتف" روز" .. اقترب ليخطفها الي اأحضانه ولكن ألجمته الصدمة مكانه حينما قالت من بين شهقاتها: ذلك المعتوة لن يحبني يوما لقد نعتني بصديقته انا احبه كثيرا روز.
لم تحمله قدماه فانساق مع تلك الفتاة اللعوب التي امسكت بيده وذهبت ناحية البار لتعطيه كأس به خمر ليرفعه كله مره واحدة علي فمه ظلت تعطيه وهي تتمايل باغراء امامه ..
انهي" ساري" مكالمته وبحث عن" جاك" ليجده في حالة مزرية يجلس وفي حضنه فتاة ليل جحظت عيناه من هول الصدمة وذهب ليبعد تلك الفتاه ويهز "جاك" الثمل من كتفه قائلا بحيرة: ماذا حدث جاك؟
لوي فمه بابتسامة عابثة وقال: اهلا بالرجل الذي خطف قلب فلورا.
فغر ساري فاهه بصدمة قائلا: ماذا؟
ذهب "جاك" بتمايل بالكاد يستطيع السير الي منتصف حلبة الرقص يصرخ لتقف الموسيقي ويقول بسكر : فلورا عزيزتي (نظر الجميع اليه ليكمل مشيرا الي قلبه بلوعة) آآآاه من قلبي الساذج الذي كان في هواكِ متيمُ.. اخبريني ماذا بساري وليس بي ، انا اكثر وسامة عنه بكثير وجسدي رياضي علي عكسه، اخبريني..(ليكمل صارخا) ماذا يعجبك في كيس الدهون الكبير ذلك.
غلا الدم في عروق" ساري" ليذهب ويجذبه من ذراعه للخارج بعنف يسير و شياطين الأرض تسير خلفه تزيد من بركان غضبه...وحدث ما حدث...
عودة الي" ساري" الذي ظل يضرب علي المقود بيده مزمجرا بغضب..
إيمان أحمد يوسف
****
عودة الي مصر..
دلف" آدم" بعد ان أبدل ثيابه الي" دانه" مبتسما بحب لها فقد وجدها مستيقظه :حبيبة روحي، وحشتيني.
ابتسمت "دانه" بفرح متناسية حزنها : وانتي يا ادم وحشتني اوووي.
اقترب" ادم "وجلس بجواره ليقل بحنان: يلا يا حبيبة" ادم" عشان ننزل نتعشي.
حزنت" دانه" وقالت: لا روح انت انا مليش نفس.
زم" ادم "شفتيها ونظر لعيناها بعمق قائلا: اممم... القمر زعلان من ايه.؟
علمت "دانه" أنه لا مفر من الهرب منه فقالت :تعبت من ان انزل في الاسنسير نفسي أشوف السلم اغير حياتي تعبت يا ادم تعبت اووي.
ادمعت عيناها فاقترب" ادم" وهمس برقة : وايه رأيك لو اخوكي حبيبك يشتالك زي الافلام.
ابتعد ومسح دموعها بيده ونهض بخفة يثني جزعه ليحملها لتوقفه قائلة: لا يا ادم هتتعب و هنقع انا فعلا مش عاوزه اكل.
إيمان أحمد يوسف.
حملها بين ذراعيها مردفا :بس انا بقي عاوز اكل وانتي معايا عشان تفتحي نفسي... ولا يرضيكي ادم حبيبك مايكلش ويموت من الجوع.
ابتسمت" دانه":لا ميرضنيش ، ربنا يخليك ليا..
سار بها ناحية الباب قائلا: و ي خليكي ليا .
بعد ان نزل بها درجتين من السلم قال ممازحا:ايه يا" دانه" انت تخنتي كده امتي قطعتي نفسي.
ضحكت" دانه" و هي تلكزه في صدره برقه قائلة:انت اللي صممت البس بقي..
ضحك" ادم " بصوت عالي: ههههه ...غلطه وندمان عليها.
تعلقت برقبته بقوة قائلة من بين ضحكاتها:انا قفشه فيك اهه مش هسيبك عشان تحرم.. هههه.
رأيتهم" بدور" من اسفل وهم يهبطون الدرج فارحين لتبتسم علي ضحكاتهم متمنية ان يديمها .....
*********