الجزء 37


لاحظ ارتجاف يدها التي اسدلتها بجوار صحنها و تجهم وجهها الذي أصبح شاحب فجأة .. لم يرد الافكار السيئة تسيطر علي تفكيرها لذا قبض بيده علي يدها لينسل اليه الأمان خفية و تهدأ ارتجافتها رويدا ...
رفعت نظرها نحوه لتري نظرة الحنان التي اعتادت ان تراها منه .. ابتسم متنهدا براحة :

"انا مهما بقي عندي ولاد هتفضلي انتي بنتي الكبيرة اللي مفيش حد يقدر يشاركها حبها في قلبي."

كانت كلماته هذه كالغبار السحري الذي نثره عليها لتشعر بحجم أنانيتها في رد فعلها .. و انه لابد ان تسعد لأخيه فهو بحاجة لأن تطأ قدماه لقصور الحب ، يحق له أن يعيش كباقي الرجال مع نصفه الاخر..

ابتسمت له برضا ثم قالت بفرحة :

" ربنا يخليك ليا يا حبيبي"

بادلها و هو يمسح علي شعرها قائلا : و يخليك ليا يا حبيبتي .

تنفس براحة علي نجاحه في التمهيد لها ثم التقط كوب الماء بجواره ليروي عطش حلقه الجاف لتفاجئه هي عندما سألته بمكر :

" قولي بقي اسمها ايه؟"

تشدق من سؤالها و اخذ يسعل ، لتضع يدها علي فمها تكتم ضحكاتها .. لينظر لها قائلا : انتي بتقولي ايه؟

ضحكت علي تلجلجه ثم قالت : ههههه ، متحاولش تخبي علي اختك حبيبتك لان عنيك فضحتك يا سيادة الطيار..

اغمض عينيه بقوة و شد علي اهدابه و هو يرتشف الماء مرة اخري بتوتر : انا فعلا مش فاهم حاجه من اللي انتي بتقوليها.

- متحاولش تبين انك مش فاهم لاني قفشاك .. هتحكي لي عنها ولا اعرف انا كل حاجه بطريقتي.

نظر لها بطرف عينه قليلا فرأي الاصرار باديا علي ملامحها.. مما جعله يزفر أنفاسه و يرفع راية الاستسلام ويلتفت لها ليحكي لها : اسمها الينا .. دكتورة اسنان .. عنيدة زيك كده .. و قوية ..و..

اخذ يحكي وهو يزكر اليومين الذي قضاهما برفقتها.. ثم رأي أنه قد تمادي قليلا في الحديث عنها فقال مغيرا الموضوع : اي دا هي عمتو راحت فين؟

استطاع ان يلفت انتباه "دانه" بالفعل لتنظر ناحية الباب : مش عارفة جالها اتصال مهم قامت عشان تشوفه..

- كملي أكلك و هي اكيد هتيجي دلوقتي.

كانت هي قد ابتعدت عنهم كي لا يسمعوا حديثها مع زوجة أبيهم ..

-أنا مستحيل أطلب منهم انهم يجوا له .. انتي متعرفيش حجم المعاناة اللي كل واحد فيهم عنها بسببه ..كان فين كل ده .. عمره ما سأل عنهم ابدا .. ولا ..

قاطعتها الاخر بحدة و غضب : يشبهك تماما فأنتي لا تعلمين شيئا عن ابن اخيك الاصغر ايضا.

كانت تقصد بذلك "ساري " .. صدمت "بدور" من صياحها فيها ومن الحقيقة التي واجهتها بها .. فأثرت أن تنهي الحديث قائلة : أعتقد أن ما اتصلت لأجله .. قد علمتي جوابه الان ..

-أنتم حقا عائلة قاسية القلب متبلدة المشاعر .. يبدو انني اخطأت عندما لجأت اليك.. وداعا.

اغلقت في وجهها و صدرها يعلو ويهبط من شدة انفعالها .. تحمد الله ان "ساري" لم يكن بجوارها عندما حادثتها ..

جلست علي الكرسي امام الشرفة تفكر قليلا فيما يتوجب عليها فعله لانقاذ والد صغيرها .. ليس عشقا فيه ولكنها لا تريد ان تري ابنها يحمِّل نفسه ما حدث لوالده.. لم تجد أمامها حلا سوي أن تتحدث مع زوجة "أدم" بنفسها وتطلب منها المساعدة..
......

في الصباح الباكر.. في الصعيد..

استيقظت "الينا" من سباتها باكرا نظرا لما كانت تعانيه من أرق شديد خلال الفترة الماضية .. كانت حقا بحاجة لذلك الاسبوع الراحة لتتمكن من استعادة قوتها وإعادة النظر فيما ستقدم علي فعله في زواجها... فهي الان امرأة متزوجة أمام الجميع..

ابدلت ثيابها وارتدت عباءة سوداء بأكمام مكشكشه و اخفت شعرها خلف حجابها ثم نزلت لتلتقي بالعمدة قبل ان يستيقظ والدها فهي تريد ان تعرف حقيقة والدها قبل ان تقدم علي اي فعل..كانت تخشي ان تجده نائما ولكن لحسن حظها كان في مكتبه يجلس مع احد الرجال الذي بدا وجهه مؤلوفا عليها ..

طرقت الباب المفتوح لينتبه هو اليه ويرحب بها : اتفضلي يا بنتي.

ابتسمت له ابتسامة صغيرة سرعان ما اختفت ليحل مكانها التجهم و تقول باستحياء: كنت عاوزه اتكلم مع حضرتك في حاجه مهمه علي انفراد.

- جوي جوي تعالي الاول سلمي علي عم جوزك "أدم" .. سالم

وجدت الآن تفسيرا لشعورها بأنها تعرفه مسبقاً .. أومأت له قائلة : أهلا وسهلا.

كادت تخرج برفقة العمدة الي ما يسمي بـ "الشمندرة" ليتحدثوا علي انفراد ولكن خطر في بالها ان يكون "سالم" ذلك يعلم شيئا عن ذلك الجواب الذي اعطاه "فخر " لـ " أدم" يوم الزفاف وجعله يتغير معها هكذا فالتفتت له قائلة : حضرتك تعرف اللي كان مكتوب في الجواب اللي فخر بيه اداه لـ أدم يوم كتب كتابنا؟

زاغت عيناه .. ونظر بعيدا عنها ليذكر عندما وجده فخر في احد ادراج بيته القديم و اخذه وقرأ ما دوِّن فيه بالحرف ليعلم بدناءة صديقة.. جردته من شروده حين قالت : السكوت علامة الرضا.

عادت لتجلس في الكرسي المقابل أمامه .. وعاد العمدة ليجلس علي مقعدة عله يفهم ما يدور بينهما الان..

- اتفضل حضرتك قولي ايه اللي مكتوب في الجواب دا ..

نظر الي العمدة بارتياب لينظر له بحزم يحثه علي التحدث .. دقائق و كان يسترسل ما جاء في الجواب مفصلا..

مما صدم "عبد الرحيم" و شل لسان " الينا" و جعلها ترتجف باشمئزاز مكانها.

-لع مستحيل .. مهران يعمل اكده... انا عارفه زين .. انت اكيد غلطان يا سالم.

- دا اللي لجيناه يا عمدة في البيت واللي خلي فخر يجسم انه ينتجم لمرته.. و يدمر مهران وبناته ..

عادت الدنيا لتظلم من حولها .. أيعقل ان يكون الاب الذي لطالما رأته مثلها الاعلي في الشرف و الاخلاق .. بتلك الدناءة..؟! كيف ستواجهه بعد الان..

نهضت عائدة الي غرفته تتخذ من الصمت صومعة لها لحين يأتي جلَّدها و يأخذها الي الذبح .. يحق له حقا ان ينتقم..

...................

في تلك الاوقات كان "أدم" قد استيقظ من نومه و كان اول ما فعله هو اعادة تشغيل هاتفه لتصادف اللحظة نفسها التي يتصل به "زين" فيها....

رد عليه قائلا : انت مستنين افتحه ..

صاح فيه بحنق : انت ايه يا بني ادم انت .. معندكش دم .. من امتي وانت همجي كدا.

مسح "أدم" علي شعره و رقبته بسقم من صياحه .. ثم تركه يثرثر مع نفسه بعد ان حول المكالمة لسماعة اذنه وانطلق الي المرحاض ليغسل وجهه .. و يغسل اسنانه ..

-الو ..الو..

-سمعك كمل.. بس قبل ما تقول اي حاجه تعيب فيا .. أنا رجل و مقدرش أذي واحده .. وانت عارف دا كويس ..فما بالك لو الوحده دي تطلع مراتي.. !! ..وفرحنا هيبقي اخر الاسبوع ولازم تاخد اجازه عشان تسافر البلد معايا ..

-ايوه يا عريس بقي .. اعتبرني اخدتها من دلوقتي .. يلا نسافر بكره.

- دا انت ماصدقت .. دا انا العريس ومش مستعجل زيك كده..

- اصل انا الفرحه مش سيعاني لان أنا كمان هتجوز قريب وعاوزك تيجي معايا اتقدم للعروسة.

تشردق "أدم" و اعتقد أنه سيطلب منه يد "دانه" .. فقال: من العروسه اللي هتنقذ العالم منك و هضحي بنفسها يا عيني ؟

-هههه أخت مراتك.

توقف عن فرش أسنانه و شخصت عيناه عندما سمع ما قاله .. لا يصدق ما سمعته أذناه أعتقد أنه يتوهم فأعاد سؤاله مرة أخري ليتأكد : بتقول ايه؟

- ايه يا بني انت مش سامعني ولا ايه..؟! بقولك أخت مراتك... حلا ..

.......................................................................................................

الفصل (30)

بعد مرور اسبوع حدثت فيه الكثير من الأمور..

في اليوم المحدد للزفاف الذي سيقام في بيت العمدة وفق رغبة "أدم" بعد رفضه أن يقام في بيت عائلة والده .. كان البيت يضج بالكثير .. لم يهدأ منذ يومين تقريبا منذ أتي "أدم" و صديقه الي البلد ليستعدوا للزفاف..

كانت تجلس هي بين النسوة متجهمة، يغطي وجهها وشاح من لون العباءة البيداء التي ترتديها لم تكن بالفستان الذي تحلم به أي فتاة .. تذكرت وعده لوالدها حين أخبره أنه سيعد لها حفلا فخما اخر في القاهرة عندما يعودا..

ابتسمت بسخرية من معاملته اللطيفة لها أمام الجميع .. انخدع بيها الجميع جعلهم علي استعداد أ يبصمون لها بأنه مستعد أن يسير علي النار ان طلبت منه ذلك..

صدق تمثيله الجميع الا شقيقتها "حلا" كانت تمقته بشدة لانه سيأخذها معه مرة أخري ...ما جعلها تهدأ قليلاً انه اشتري لهم شقة بالقرب من قصره فقط نصف ساعة بالسيارة وتكون عندهم..

كان النساء تغنين حولها اغاني مبهجة حقا اندمجت معهم " تقي" التي كانت تنظر للأمور من ظواهرها فقط.. رأت أن "أدم" يحب "الينا" من تصرفاته معها و اقتنعت به.. ما أسعدها زيادة أنها ستعود الي القاهرة وستتمكن من الالتحاق بمسابقة مصممين الأزياء ولن يوقفها أحد..

هذا ما كان يحدث في الداخل في حين كان الرجال .. في الخارج يضربون النار في الهواء و يرقصون بالأحصنة .

حتي أتي دور العريس الذي كان يرتدي جلبابا أبيض و عمامة نفس اللون صعيدية.. امتطي الحصان .. و بدأ يتمايل به علي صوت الموسيقي .. و لحق به "زين" الذي كان يرتدي عباءة سوداء و عمامة بيضاء .. وأخذت أحصنتهم تتراقص بهم وهم يضحكون.. زاد تهليل الناس من حولهم ليعتقدوا من انهم قد اعجبوا بحركاتهم ولكن في الحقيقة كان سبب تهليلهم هو "ساري" الذي أقبل عليهم بحصانه الاسود ليشارك أخيه فرحته.. نظر اليه "أدم" بتجهم .. و لكنه أبي ان يتراجع.. فانسحب زين بحصانه ليبقا بمفردهما في الساحة ظلا يدوران في دائرة مغلقة .. ثم أشار "أدم" الي احد الرجال ليرمي له بعصاه ليلتقفها منه بمهارة ويظل يديرها في الهواء .. ليبتسم "ساري" و أطخذ هو الاخر عصاه و بدأا في ضرب العصا ضد بعضهما فيما يعرف بالتحطيب..

كان "ساري" سعيد حقا.. مفعما بالحيوية ترك لأخيه المجال ليلقي بعصاه ويهزمه .. ليهلل الناس من حولهم و يقترب "ساري " بحصانه ويقف عكس حصان أخيه ويعانقه فجأة قائلا : مبارك لك أخي.

ابتسم "أدم" ثم بادله قائلا : كلمني عربي بقي و انسي الانجليزي دا شويه ..

قهقه "ساري" بقوة ليعفر حصانه بحوافره في الارض بسبب زيل الحصان الاخر الذي يلامس وجهه كلما تحرك.. ابتعدا بأحصنتهم و نزلا من عليها ليذهب "ساري" الي "ادم" و يحتضنه بفرح : مبروووك يا خوي.

-هههههه .. لا صعيدي علي حق... الله يبارك فيك يا بن ابوي.

قاطعهم "زين" و هو يلف ذراعه حول عنق "ساري" قائلا : كفايا بقي سيبه يروح لعروسته اللي خللت جوا دي..

ابتسم "ادم" و هو يزفر انفاسه .. ثم عدل من عباءته وانطلق الي الداخل لتصدع الزغاريد في البيت باكمله تزفه الي عروسته التي دق نبض قلبها هلعا و توترا..

وقفت مكانها لتراه من خلف وشاحها الذي يظهر بعضا من الرؤية الخارجية.. كان يقترب منها علي مهل..

شعرت بانه عزرائيل موتها الذي اتي ليقبض روحها .. اغمضت عيناها وشدت علي اهدابها بقوة لتصرف عنها الضعف وتعود الي قوتها..

مد ذراعه المثني لها ليحثها علي ان تشبك ذراعها في ذراعه .. بايد مرتعشة فعلت ما حثها عليه كان .. يصعد بها الي غرفتهم التي جهزت لهما.. تحفهم وابل من التهاني..

.........

دلفا الي الغرفة ليوصد هو الباب بالمفتاح بقوة لتشعر بأنه سجانها و انها دخلت توا لجحيم سجنه.. رفعت عن رأسها ذلك الوشاح لتلتقط انفاسها بعد ان كانت تتنفس بصعوبة بالغة من خلفه..

سارت الي داخل الغرفة قليلا ليستوقفها صوت طرق علي الباب .. نظرت تلقائيا الي "أدم" الذي كان قد خلع عن رأسه عمامته ..

نظر لها نظرة متجهمة ثم راح ليري من .. فوجده العمدة يطلبه للخارج قليلا و معه حماه العزيز..

غاب لعدة دقائق استغلت فيه هي غيابه وابدلت ثيابها لاخري مريحة مستورة ثم ارتدت حجاب علي شعرها ..و جلست علي الفراش ..

دلف اليها و هو ينفخ متأففا.. سألته بصوت خافت عن سبب تأففه: في ايه؟

رد باقتضاب: في انهم عوزين اثبات لهم انك شريفة.

انتفضت من مكانها مذعورة قائلة : ايه؟

لم يكن ينظر اليها حين عاد ولكن عندما صاحت .. نظر اليها ووجدها ترتدي هذه الثياب المهرتلة..

اراد معقابتها بطريقته فقال بحزم : يلا اتفضلي.

شخصت عيناها وهي تقول : اتفضل أي؟

اخذ يقترب منها علي مهل و هو يتفرسها بعينيه : هو انتي مش عارفه ان دي ليلة دخلتنا ولا ايه ؟ .. و هم بره عوزين يعرفوا انتي بنت بنوت ولا لا ؟ عشان الرجاله تمشي.

كادت ان تصفعه لولا يده التي قبضت بشدة علي يدها لتقع علي ظهرها علي الفراش و يقع فوقها ، ليستثير غضبها اكثر بقوله : لا لا .. يقولوا ايه بره مش عارف اسيطر في الليله دي ..

تململت اسفله وهي تحاول ان تبعده عنها ولكنه بدا كالجبل راسخا لا يتزحزح ابدا عنها .. ظهر بعض من شعرها الامامي .. جعله يشرد فيه قليلا و هو يداعبه بيده : تعرفي ان شعرك حلو قوي.

ازدردت ريقها بخوف لا تعرف أمن المفترض ان تفرح بتغزله هذا ام ماذا..؟!

كانت انفاسه تلفح بشرتها بطريقة محرقة .. اغمضت عيناها لا تريد ان تحفظ صورته الشنيعة تلك في ذاكرتها .. اخذت تشد علي أهدابها ..

ولكنها شعرت بان جسده خفيف تري اذهبت للعالم الاخر ام ماذا..؟

فتحت عيناها رويدا .. لتجده يقف بعيدا عنها ..
جلست علي الفراش و عدلت من ثيابها و حجابها ليلمح صورتها في المرأة و ينزعج من غباءها فهي علي ما يبدو لم تتعلم الدرس بعد ..

قال بصوت اجش : انا مستحيل ألمسك غصب عنك .. انا هديك وقتك لحد ما تتعودي علي وضعنا الجديد.. و هصبر علي حقوقي الزوجية .. بس مش عاوزك تستفزيني .. لان ساعتها مش بشوف قدامي..
مش عاوزك تلبسي الطرحه دي قدامي تاني .. و اعتقد اني انا جوزك يعني من حقي اني اشوف شعرك عادي.. دا اولا .. ثانيا احنا يومين وهنسافر القاهرة .. هتقابلي هناك اغلي اتنين علي قلبي اللي بيزعلهم بمسحه من علي وش الارض.. فياريت تكسبيهم لصفك و يحبوكي .. خلص كلامي كدا .. اتفضلي نامي.

ازاحت الغطاء عن الفراش واختبأت اسفله ولكنها قبل ان تنم قالت له : و اللي طلبوه منك من شويه؟

-انا قولت لهم ان دي مش ليلتنا الاولي و اننا لما سافرنا شهر العسل اتجوزنا فعليا هناك.. متقلقيش طول ما انتي علي ذمتي فشرفك من شرفي.

لا تعلم اتسعد من حديثه ام تحزن علي حالها.. القت نظرة عليه لتجده يفترش الارض وينام واضعا يده خلف رأسه.. ظلت مستيقظة قليلا خائفة .. و لكنها شعرت بانتظام أنفاسه فعلمت أنه قد غط في سباته..

هربت هي ايضا من الدنيا الي النوم فهو منقذها الوحيد الذي تجد فيه أنسها مؤخرا..

......................

في صباح اليوم التالي..

في قصر أدم الشرقاوي .. كانت "دانه" تجلس في الحديقة تتابع البستاني وهو يزرع الزهور الجديده ..

كانت أمنية حياتها ان تزرع وردة بنفسها.. لذا نزلت عن كرسيها لتجلس علي الارض و يقوم "عوضين" بمناولتها بعض الشتلات .. لتضعها في التربة.. و تثبتها فيها..

كانت سعيدة حقا من قلبها.. في نفس الوقت كان قد أتي الي القصر زائر فتحت "سعاد" الخادمة له .. ليظهر شاب طويل القامة عريض المنكبين .. تظهر عليه علامات الوقا والهيبة زادته النظارة الطبية التي يرتديها وقارا اكثر ..

رسم الابتسامة علي وجهه قائلا : عاوز اقابل "بدور" هانم.

كادت تسأله عن هويته ولكن قاطعها قدوم "بدور" من خلفها ترحب به قائلة : اهلا اهلا يا دكتور حضرتك اللي بعتك دكتورتوفيق عشان تباشر حالات "دانه" صح؟

مد يده مصافحا اياها قائلا : بالظبط .. اهلا بحضرتك يا بدور هانم..

اشارت بيدها للداخل مرحبة : اتفضل يا دكتور... اتفضل

دلف ذلك الطبيب الشاب الي الداخل ليجلس علي الاريكة الفخمة الموضوعة في بهو القصر ..

طلب "بدور " من "سعاد" ان تحضر "دانه " من الحديقة لمقابلته وتطلب منهم ان يحضروا له قهوته.. ثم عادت لتجلس معه: اهلا بيك يا دكتور .. دكتور توفيق قالي انك الاشطر في مجالك.

- دكتور توفيق كان استاذي اللي بيشرف علي رسالة ماجستيري وانا بره..

-انا وث..

لم تكمل حديثها بسبب "دانه" التي صاحت بصوتها العال قائلة : مش هقابل دكاترة يا عمتو.. مش عاوزه اتعالج .. مش هتعالج.. سيبوني في حالي بقي.

اشارت بيدها ناحيته قائلة : امشي اطلع بره انا مش عاوزه دكاترة برااااا.

نهض بالفعل ليذهب و لكن أوقفته "بدور" قائلة بحرج : انا اسفه جدا يا دكتور .. ارجو انك متكنش خدت كلامها علي محمل الجد..

ابتسم لها قائلا : ابدا يا هانم .. انا خلصت زيارتي .. و الجلسات ان شاء الله هتبدا من يوم السبت الجاي..

نظر اليها قائلا بحزم : تيجي في معادك .. انا مبحبش الاهمال في المواعيد.

ثم عاد بنظره ناحية "بدور" التي كانت تقف مدهوشة من رد فعله : اسمحي لي يا هانم.

- اتفضل .. بس حضرتك اسمك ايه؟

لم يلتفت لها بل ابتسم ابتسامة خبيثة قبل ان يفصح لها عن اسمه : دكتور عدي.

....................


إعدادات القراءة


لون الخلفية