الجزء 17



في صباح اليوم التالي ...

" الي برج المراقبة.. الي برج المراقبة الطائرة الخاصة الوافدة من استراليا تطلب اذن بالهبوط "

كلمات صدع بها كابتن الطائرة الي برج المراقبة في مطار القاهرة الدولي لينبههم الي وصول الطائرة باكرا عن موعدها المحدد وفي غضون خمسة عشر دقيقة كانت اطارات الطائرة تطأ ممر هبوط الطائرات في مطار القاهرة الدولي..

نزل كلا من "فخر الدين" و"ساري" من الطائرة متجهيين الي الجوازات لصك جوازات سفرهم واستلام حقائبهم .. تمت تلك المعاملات سريعا كونه رجل مهم ومعروف..

توجهوا بعدها الي تلك السيارة السوداء الحالكة التي كانت بانتظارهم ليقابلهم السائق مرحبا : اهلا يا فخر بيه حمد لله علي السلامة.

رد "فخر الدين" بابتسامة صافية : الله يسلمك يا راجل يا طيب.. ازيك يا عم علي؟

تلقف منه حاملة أمتعة السفر يدفعها عنه الي السيارة قائلا بابتسامة رضا: الحمد لله يا بيه.

بعد ان وضع امتعتهم في حقيبة السيارة الخلفية توجه الي مقعد السائق ليدير المفتاح وينطلق ، في تلكم الاثناء مال" فخر الدين" علي "ساري" هامسا: انت كويس يا ساري ؟

ظل مغمضا عينيه دون رد من شدة الارهاق حقا كانت رحلة شاقة رغم توفر سبل الراحة لهم ولكن يبقي السفر سفرا .. بكل مشاقه..

نخزه والده برفق لينتبه له مديرا رأسه اليه ناظرا بأعين مرهقة ، ليعيد سؤاله قائلا: انت كويس؟

أومأ بالنفي ليجذبه والده علي الفور الي كنفه متكأ برأسه علي كتفه بحنان : معلش يا حبيبي مضطرين ننزل البلد ومش هنقدر نرتاح في اوتيل دلوقت..

تنبه له "علي" ليقل: حضرتك هتنزل البلد دلوقت؟

غمغم "فخر الدين" قائلا: ايوه مش لازم نتأخر فاضل خمس ايام ويكتمل القمر .

خرج صوته عاليا: اطلع بينا علي البلد يا عم علي.

أومأ موافقا : أوامرك يا بيه.

رد عليه الاخر بضيق من معاملته الرسمية له: الأمر لله واحده يا رجل يا طيب .. انت اتفقت مع شركة الحراسة عشان توظف لنا عربية الحراسه اللي طلبتها منك؟

أومأ "علي" و هو يدير مقود السيارة صابا تركيزه علي الطريق: ايوه حضرتك العربيتين السود اللي مشين ورانا هم اللي عينتهم شركة الحراسه للحماية.

دقق نظره في المرآة الصغيرة ليري السيارتين.. فتنهد باطمئنان ثم اعتدل في جلسته مسترخيا حتي تنقضي ساعات سفرهم..
سيدة العشق/ايمان احمد يوسف.
بينما في المشفي الخاص.
كان "أدم" قد استعاد قوته بفضل تلك الراقدة علي فراشها الطبي امامه , عاد الي رشده و تذكر عهده لنفسه بأنه سيظل بجانبها يحميها دائما..

جلست جواره "بدور" لتنتشله من شروده و هي تربت علي ظهره بحنان: انت كويس يا حبيبي؟

تنبهت حواسه لها ولحنانها ليرفع ذراعه يحيط به كتفها قائلا بأسف وهو يلثم جبينها بحب: انا أسف يا سلطانتي اني زعلتك مني.. بس كل مابتيجي سيرته بفتكر كل حاجه بتخنق ب...

مسحت بحنان علي ظهره قائلا بهدوء: اهدي يا ادم انا مش زعلانه منك يا حبيبي انا كل اللي عاوزه اعرفه مين اللي عمل فيك كدا ومين البنت اللي ردت عليا لما اتصلت بك؟

عقد "آدم" حاجبيه باستنكار قائلا: بنت؟! .. أى بنت انا مكنش معايا بنات ..

ردت عليه بتجهم قائلة : لا ازاي وحده ردت عليا وقالت لي علي مكانك وقالت لي اطلب لك الاسعاف..

ظل يعتصر عقله عله يتذكر ولكن لم تلتقط عيناه ولم يحفظ في ذاكرته اي وجها لفتاة.. حك جبهته بأنامله لينشط ذاكرته ولكن دون فائدة ..

لم يخطر في باله ابدا أن يكون من انقذه من اولئك الأوغاد فتاة ابدا ..

شعرت بدور بانهاكه وضغطه علي اعصابه و هو يحاول التذكر فقامت بهدهدته قائلة: خلاص يا حبيبي اهم حاجه ترتاح وبعدين نتكلم ..

وقبل ان تفتح حديثا جديدا معه وصلتها رسالة علي هاتفها الذي التقطته وفتحتها ليشحب وجهها وتتشنج قسمات وجهها وهي تقرأ ما دون فيها.. ليضيق" أدم "عينيه مستفهما: مالك يا عمتو؟ في حاجه الرساله اللي وصلتك ضيقتك؟

ازدردت ريقها بتوتر وهي تغلق شاشة هاتفها حتي لا تقع عينيه علي ما وصلها ثم خرج صوتها متلجلجا: هااا لا..دا...دا..

انقذها استعادة "دانه" لوعيها وهمسها المستمر باسم "أدم".. الذي لم يتمهل و في اقل من الثانية كان يجلس جوارها يأسر يدها الصغيرة بين راحتي يده يلثمها بحب : أنا جنبك يا حبيبتي ..أنا أدم..

بدأت تفتح جفنيها رويدا رويدا حتي تعتد عيناها أولا علي ضوء المصباح الأبيض فقد ظلا مغلقان من صباح امس ..اما "بدور" فذهبت لتخبر الطبيب بعد طرد "آدم" للممرضة التي كانت ترافق" دانه" بسبب وقاحتها معه.

بدأت الصورة تضح امامها لتتبين ملامح "أدم" امامها ولكن يشوبها بعض الجروح والكدمات الزرقاء التي ما ان رأتها حتي هطلت دموعها بلا هوادة .. ليرفعها"ادم" قليلا ويأسرها بين أحضانه : اهدي والله انا كويس وقاعد جنبك ومفيش غير شوية كدمات بس والله كويس.

مسحت دموعها بكف يدها كالأطفال وقالت: لا انت بتكدب عليا.

ابعدها قليلا ثم قال: انا عمري كدبت عليك في حاجه؟!

أومأت بالنفي : لا انت..

لم تكمل فقد عادت" بدور" ومعها الطبيب ليفحصها.. ويطمئنوا عليها..
طمئنهم فقد عاد ضغطها لمستواه الطبيعي و مؤشراتها جيدة.
..........
بينما في فيلا السيوفي..
استيقظت الفتيات باكرا ليقضوا اكبر وقت ممكنا مع والدهن قبل السفر.. ليقومن باعداد الفطور بأيديهن..

و قبل ان يستيقظ ببضع دقائق كانوا قد أعدوا أشهي مائدة افطار على الإطلاق .. ليستيقظ "مهران" سعيدا بذلك الصباح الطيب ..

اقبلن عليه يقبلن رأسه ملقين عليه تحية الصباح..

ليرد قائلا : صباح النور يا أميرات بابا.. ايه الفطار الجميل دا مش معقول تكون سمية اللي جهزته!!!

رددن في آن واحد: احنا اللي جهزناه.

ضحك من صوتهم العالي وقال: ربنا يخليكم ليا.. وعشان كدا كل وحده فيكم ليها طلب عندي انفذه لها .

احتضنه بفرحة كبيرة لتجلس كل واحدة في مكانه وتملي طلبها..

"حلا" بألم وهي تتحسس موضع الجرح في جبهتها: انا يا بابتي عاوزه اخرج لدروس الكمان لاني اهملتها بسبب اللي حصلي.

انتظر قليلا يفكر ثم قال: موافق بس بشرط ساعة بس وترجعي مع السواق والحراسه معاك.

ابتسمت برقة قائلة: ربنا يخليك ليا يا بابتي.

ابتسم لها ثم نظر لتلك المشاكسة التي تنتظر دورها متلهفة: انا بقي انا.

ابتسم قائلا : قولي يا مجنونه عاوزه ايه؟

اخذت تفكر ثم قالت بتهذب و جدية ممزوجة برجاء : انا عاوزا حضرتك توافق اني اقدم في مسابقة المصممين ..

صمت قليلا ثم قال : الموضوع دا محتاج افكر فيه مينفعش اقول قراري علي طول كدا سبيني افكر ولما ارجع من السفر هقولك علي قراري..

ثم نظر الي "الينا" لتبتسم بعذوبة قائلة: عاوزاك ترجعلنا بالسلامة .

بادلها بابتسامة حنونة قائلا: ربنا يخليكم ليا يا رب .. انا عاوزكم تاخدوا بالكم من بعض لحد ما ارجع انا مش عارف هرجع امتي .. عاوزكم ت..

ابتسمت "الينا" قائلة: متقلقش يا والدي انا معاهم هو صحيح في دراع خربان بس التاني سليم متقلقش .

مسد برفق علي شعرها قائلا: انا فخور بيك لان مبادئ اللي زرعتها فيك حافظتي عليها وساعدتي حد كان محتاجك فعلا , متزعليش ابدا مني لما تكوني أم ان شاء الله هتعرفي يعني ايه ابن يوجعك قلب عليه.. يلا يا حبيباتي افطروا ..

شرع جميعهم في تناول الافطار ثم توجه كلا منهما الي عمله لينجزه ..وبعد مرور ساعة ودعوا اباهم الذي رحل علي مضض من تركهم بمفردهم و المخاطر تحفهم.. ردد دعائه الدائم ،" استودعك يا الله بناتى"
.....................
في الريف في محافظة أسيوط.. بعد الذروة..
كان العمدة "عبد الرحيم" يجلس في غرفة مكتبه المنفصله عن بيته يباشر قضايا و احتياجات اهله ليصل ال مسمعه صوت ضجيج بالخارج , ليقل لغفيره "حفيظ" : ايه الهوجه اللي بره دي يا حفيظ .

اجابه قائلا: مخبرش عاد يا عمده اخرج اشوف في ايه؟

- بسرعه يا وله ليكون في عركه استني انا جاي معاك.

خرجوا جميعا ليفاجئ بغبار كثيف جعل رؤيتهم مشوشة شق ذلك الغبار عدة رجال ضخيمى البنيان .. وقفوا امام سيارة فخمة يأمنوها وما ان هدأ الغبار الذي احدثته احتكاك اطارات سيارتهم بالارض.. حتي فتحوا الباب لينزل" فخر الدين" ويتبعه" ساري" الذي كان ينظر حوله باندهاش كبير..

دلف "عبد الرحيم" حين رآه الي مكتبه ولم يعره اي اهتمام.. رأه فخر الدين جيدا و لكنه ايضا استنكر طريقة حضوره بتلك الجلبة وكأنه يستعرض حضوره لذلك أمر رجال حراسته بالبقاء في السيارة ودلف هو الي العمدة وأمر" علي" بالتوجه بـ"ساري" الي بيت عائلته ليقيم هناك..

دلف اليه يتفحص المكان بعينه مبتسما...

ثم جلس امامه قائلا: سلام عليكم يا عمدة

نظر له "عبد الرحيم" شرذا ثم قال: وعليكم السلام يا فخر باشا.

قهقه "فخر" بقوة ليشاركه الاخر بضحكة جلجلت جدران الغرفة وما ان هدأت نوبة ضحكهم حتي قام" فخر الدين" يعانقه ليبادله الاخر مرحبا: اهلين بصاحب زمان نورت مصر يا فخر.

ضرب علي ظهره بحفاوة قائلا: منور بيك يا عبد الرحيم.. ومبرووك العمودية و لو انها متأخرة شوي.

ضحك "عبد الرحيم" وهو يجذبه الي الاريكه ليجلسا معا:الله يبارك فيك..والله و لك وحشه كبيره جوي جوي يا فخر.

-وانت كمان يا عبد الرحيم اخبارك ايه؟

- انا الكل عارف اخباري عادك انت سافرت و بجينا نعرف اخبارك من التلافزيون.

- هههه مكنش ينفع ارجع يا عبد الرحيم وقتها.

-و اديك رجعت ها.. جولي ناوي علي ايه؟

- انت العمده وانت اللي طلبت الصلح يبجي لازم تشوف انت حل.

استندي الاخر علي عصاه ونهض يسير قليلا بتفكير ثم دار قائلا: الحل ان ولدك الكبير يتجوز بنت مهران الكبيره.

رد الاخر بتهكم: من كل عجلك بتجول اكده.. انت عارف كويس انه بيطيج العمي ولا يطيج يشوفني ... وانه مستحيل ينفذ اوامركم.

- مفيش حل غير دا لازم .... لع لع انت عندك ولد غيره يتجوزها..

صاح بضجر قائلا: بص يا عبد الرحيم ولادي متقربش عليهم واصل انا جدامكم اهه.

صاح الاخر بغضب: يعني ايه يا ولد الشرقاوي ؟!

وقف ينظر له بتحدي: يعني طالما بنت مهران بايره وعاوزين لها عريس والسلام.. انا موجود اهه.

قال ذلك وهو يعلم ان ما سيقوله سيرفض و سينتهي بهما الحال الي اليأس و ابقاء الوضع علي ما هو عليه.. ولكن لم يري ذلك الذي سمعهم.. و عيناه تتقد شررات شر هالكة....
...........


إعدادات القراءة


لون الخلفية