الجزء 14
انتفض قلبه وهو يراها راكعة علي ركبتيها ممسكة بذراعها تتلوي ألما ، هلع اليها مسرعا ليري مابها مناديا عليها : الينا.. الينا
اقترب منها وتبعه كلا من "حلا " و " تقي "
نزل في مستواها مزدردا ريقه مبللا حلقه المتحجر من فرط زعره محاولا فحص ذراعها بيده الذي ما ان لمسه حتي انتفض جسدها متأوهة بألم شديد، متشنجة قسمات وجهها من فرط المها .. لتجحظ عيني الآخر ويقول : مالك يا حبيبتي دراعك ماله؟
زفرت انفاسها الحبيسة اثر تألمها و خرج صوتها مطمئنا: متقلقش يا حبيبي حاجه بسيطة.
- لا مش كويسه ولا حاجه .
نظر لـ "تقي" وفال بنبرة أمره: اتصلي بالدكتور حمدان يجي بسرعه.
عادت مسرعة للفيلا لتتصل بالطبيب في حين قام "مهران " بمساندة "الينا " لتنهض مساعدة اياه " حلا " التي ثبتت ذراع " الينا" دون حراك كي لا تتأذي ..
حاولت التحامل وعدم التأوه امامه وأمرت "حلا" قائلة بانفاس متقطعه: ارجعي ارتاحي يا حلا .. انا .. انا كويسه .. انتي .. لسه تعبانه .
همت " حلا " بالاعتراض ولكن اشارت اليها "الينا " بعينيها لترضخ لامرها خصوصا حين شعرت بدوار ضعيف موشك علي اجتياحها
اوصلها "مهران" الي غرفتها .. جلست علي الفراش معلي مهل كي لا يصدر عنها اي نأوه يفزع والدها .. ثم نظرت لوالدها قائلة: مفيش داعي للدكتور انا..
اسكتها "مهران" قائلا: مفيش كلام غير بعد ما نطمن .
بالفعل اتي الطبيب وفحصها واكد علي تعرضها لالتواء حاد و جزع في العضد , قام بعمل اللازم وحذرها من تحريك ذراعها ورحل..
بعد ان ودعه "مهران" .. اقترب يجلس بجوارها قائلا بحسرة وقلق: انا مش هسافر بكره هفضل معاكم وهأجل سفري.
هتفت "الينا " معترضة : لا يا بابا , سفرك مهم.
رد الاخير بحزم: مفيش حاجه اهم منك انت و اخواتك ابدا.. انا اللي عاوز اعرف ايه اللي حصل معاكي .
دارت حدقتا عيناها بتوتر و خوف من ردة فعل والدها , مؤكدا سيلومها لكونها عرضت نفسها للخطر.. تبين "مهران" توترها فقال بحنو : الينا حبيبة بابا.. طمني قلبي واحكي لي كل حاجه.
حنانه أعطاها الدافع للتحدث.. قصت عليه ما حدث كله و لكن ما ان سمع منها ما حدث حتي ظل وجهه جامدا خالٍ من التعابير, يستمع اليها بكل هدوء , أيعقل ان يكون ذلك هو هدوء ما قبل العاصفة؟!
...................
في تلك الأثناء في المشفي الخاص كان "زين" يجلس في الغرفة التي نقل إليها "آدم" بعد تطبيب جروحه و مداواة كدماته يتحدث مع "بدور" عن ما حدث قبل ان يستفق "ادم" ويستجوبه..
" بدور" بتوتر: شدينا مع بعض في الكلام .. و غصب عني ضربته معرفش ازاي و خرج وهو مضايق ..
كان صوتها يخرج مختنقا بسبب تلك الدموع الحبيسة في عيناها..
أومأ "زين" قائلا بتفهم: علي العموم هنستنا ادم يفوق و انا بنفسي هحقق معاه في الموضوع و حياة ابويا وأمي ما انا سيبهم ولاد ال... دول.
نظرت "بدور" الي ذلك الممدد علي الفراش بلا حول ولا قوة وقالت برجاء: هو بس يقوم بالسلامة ودي عندي بالدنيا كلها.
أتي صوت "زين" مطمئنا: ان شاء الله هيقوم بالسلامة ...( تذكر دانه فقال) دانه عرفت؟
"بدور" : لا كانت نامت ... سبتها وو صيت داداه سميحه تاخد بالها منها ومتقولهاش علي حاجه لما تصحي الصبح.
"زين" : طيب الحمد لله ان شاء الله الصبح هروح بنفسي اطمن عليها واشوف هقدر تقول لها ولا لا .
عقبت قائلة: ربنا يجيب العواقب سليمه.
سيدة العشق ل/ايمان احمد يوسف
في استراليا .. خصيصا في منزل" فخر الدين" الفاخر ..
" ولما نسافر الي مصر؟"
هتف "ساري" بتلك الكلمات وهو يجلس بجوار والده علي مائدة الطعام ..
ليرد والده المنشغل بانهاء بعض الامور علي حاسوبه متغاضيا عن كرهه بالتحدث بالانجليزية : الأمر هام جدا هناك .. الامر اكبر مما تتصور. يجب ان نسافر.
تأفف "سارى" قائلا: الامر هاما بالنسبة لك , ما دخلى انا ..لا اريد الذهاب اليهم لا اريد رؤيتهم..
نزع" فخر الدين" نظارته , ثم نظر له متسائلا: لماذا؟
امتعض من فكرة رؤيتهم ف رد قائلا: لم يهتم فيهم احد بأمرنا لماذا يريدونك ان تعود الان؟! .. أتذكروا بان لهم ابن الان ؟! بعد ان اصبحت ضمن اكبر رجال الأعمال عالميا..
انزعج" فخر الدين " من حديثه وقال: لا تحكم علي الامور من ظواهرها ابدا يا بني.
اغلق شاشة حاسوبه ونهض قائلا: غدا اثناء سفرنا سأخبرك بحياة والدك كاملة قبل ان يصبح رجل الاعمال فخر الدين..
سار قليلا ثم استدار قائلا: يبدو عليك الارهاق . اخلد للنوم.. نم جيدا ف سفرنا سيكون شاقا و طويلا.. احلام سعيدة عزيزي.
رد باستسلام: حسنا.. وسعيدة لك ايضا أبي.
تركه وذهب ليكمل عمله في مكتبه اما "سارى" فصعد لغرفته ليرح جسده من مشاقة ذلك اليوم الثقيل..
سيدة العشق ل/ايمان احمد يوسف
في غرفة" إلينا".. .
كان ينظر الي الفراغ أمامه يظهر عليه البرود وبداخله بركان يغلي من تهورها .. يحاول ضبط اعصابه كي لا يثور عليها .. منتظرا انهائها للحديث...
"الينا" : بابا انا اسفه بجد والله بس مقدرتش اشوفه ومساعدش..
نظر اليها بجمود ثم قال: مفيش خروج لوحدك تاني ومفيش موتوسكلات هتتركب تاني.. ولا كارتيه هيتلعب تاني.
جحظت عيني " الينا "من قرارات والدها السريعة و المباهته لتوقعاتها، ورؤيتها لاحلامها تتحطم.. و اشيائها الثمينه تسلبها منها الحياة القاسية عنوة .. اهذا جراء معروفها..؟!......... نظرت له مطولا محاولة ايجاد منفذا لتعبر من خلاله لاقناعه بان يعود عن قراره ولكنه ، رماها بنظرة توحي بأن قراره لا عودة فيه.. ثم نهض ليغادر الي غرفته ولكن استوقفه صوتها الذي خرج متلجلجا : انا عمري ما خالفت قرار لحضرتك ابدا , بس قرارات حضرتك اللي اخدتها دلوقت ظالمة جدا , وانا لو نفذتها ببقي بقتل روحي اللي لقتها بعد وفاة ماما الله يرحمها.. انا اسفه , انا مغلطتش لما ساعدت انسان ربنا بعتني له عشان اساعده.
كان يشاهدها بطرف عينه وهي تتحدث ولم يستدر يعلم بعنادها فهي وريثته فيه , خرج صوته أجشا: انتي تعبانه ارتاحي دلوقت ونتكلم بعدين.
لم يترك لها فرصة بالتفوه بنصف كلمة اخري , و غادر علي الفور .. تاركا اياها تتعذب خوفا من اصرار والدها علي تنفيذها لقراراته تلك.. ولكن لم تدم يقظتها كثيرا بسبب ذلك المسكن الذي بدأ مفعوله يسرى في دمائها , ليكثر تثاؤبها وتثقل جفنها وتقع صريعة لسلطان النوم......
مع بزوغ فجر يوم جديد يحمل الكثير من الأمور علي الجميع..
في المشفي الخاص..
تململ "أدم" في نومته و تشنجت عضلت جسده بالكامل ثم صدر عنه همهمات توحي بحرب يخوضها مع كابوسه الذي يرفض ان يتركه ويعود الي الواقع يسحبه داخل زوبعة الذكريات السوداء..
ما ان شعرت به" بدور " حتي اندفعت نحوه تمسك بيده التي قبضت بقوة علي يدها حتي ابيضت سلميات يده و تفرقعت عظام يد عمته اسفل قبضته تلك ..
همست له بحنان ممزوج بطمئنينة: ادم.. ادم.. ادم حبيبي فوق انا عمتك.. .
تجعدت قسمات جفناه بقوة و هو يجاهد في العودة الي الواقع والهرب من ذلك الكابوس حتي انتفض فظعا عيناه جاحظتان بقوة حتي كادتا تخرجان من مكانهما... مسدت بدورها بسرعة علي ظهرة و قالت بنبرة هادئة حانيه: بسم الله عليك يا حبيبي ..اهدي يا ادم انا جنبك.. اقتربت منه تضمه الي صدرها بحنان ليبدأ جسده المتشنج في الارتخاء بين ذراعيها تدريجيا .. فأثابت ظهره للخلف ليعود الي نومه , ثم ألحفته بحِرام المشفي وخرجت تخبر" زين" باستعادته لوعيه وتستدعي الطبيب..
بعد مرور عدة دقائق كان الطبيب يعاين مؤشراته الحيوية..وبعد ان انتهي هدر قائلا: الحمد لله الكابتن أدم بقي كويس جدا .. و الجروح القديمة متأثرتش الحمد لله.
اسرعت" بدور" تقول بلهفة: يعني نقدر ناخده علي القصر؟
الطبيب: يفضل يقضي النهارده في المستشفي ويخرج بكره.
أومأت له" بدور" بتفهم ليستطرد الطبيب قائلا قبل ان يغادر : حمدلله علي سلامته.
رد" زين " بدلا عنها لانها جلست جوار" ادم" تمسح علي شعره بحنان عيناه تفيض ندما ملتهية به : الله يسلم حضرتك , شكرا.
ما ان غادر الطبيب حتي صدع صوتها النادم : انا اسفه يا حبيبي يا ريتني كنت موت قبل...
لم تكمل بسبب أنامل" أدم" التي غللت فمها من اخراج المزيد من الكلمات وخرج صوته ضعيفا: انا.. الل.. اسف... ااه.. مكنش ينفع.. اعلي صوتي.. عليكى.. و..
ربت" زين" علي كتفه عندما تبين تعبه في صوته الضعيف المتألم قائلا: خلاص يا ادم ارتاح دلوقتي.. واتكلم بعدين.
نظر له "أدم " قائلا: انا .. جيت ..هنا ازاي؟
"ز ين" : مش وقت كلام دلوقتي لما ترتاح وتبقي كويس هنتكلم في كل حاجه.
اغمض عينيه مزدردا ريقه قائلا بنبرة قلقه: دانه..دانه لوحدها في .. القصر.
" زين" : متقلقش عليها .. انا مكانك لحد ما تقوم بالسلامه , مش اول مره تبعد عنها , انت ربع حياتك قضيته في الجو وانا علي الارض أخ ليها بياخد باله منها احسن منك..
انهي حديثه و علي ثغرة ابتسامة ودوده في حين صدم اللآخرين من اعترافه المبهم من مكانة "دانه" عنده . .
نظر" ادم" الي عمته التي كانت تبادله النظر و عيناها تنطق بما تفيض بها جوارحها من لوم له علي تفكيره.. الذي أل بهما الي هنا..
اغمض "ادم" عينيه هروبا من نظراتها اللائمة له..
.........