الجزء 19
امتقع وجهه عندما رأي الخبر في التلفاز ولكن الخوف لم يطأ حصونه ابدا , يعلم جيدا ان مجال عمله لا يخلو من المخاطر ابدا.. قد تنفجر به الطائرة يوما.. قد يخسر حياته في لحظه لا يعلم ما يخبئه له القدر، دعا لهم ان يتغمدهم الله برحمته الواسعة ويغفر لهم..
ثم التقط هاتفه يبحث عن احدهم .. و ما ان وجده حتي عجل في الاتصال به , انتظر بضع ثوان , حتي اتاه الرد من الطرف الاخر.
-الو.
-ازيك يا سامح؟
- اهلا ازيك يا أدم ؟ اخبار الاجازه ايه معاك؟
- اجازه هههه , انت هتمدها لي كمان اسبوع .
- ليه خير؟
- خير ان شاء الله كنت في المستشفي ومحتاج راحه اسبوع لحد ما الجروح تبدأ تختفي من وشي.. ياريت متقولش اي حاجه للي وقفه جنبك وهتموت تسمع انا بقول ايه.. سلام.
اغلق الهاتف لينزل الاخر الهاتف عن اذنه و يدفع تلك التي كادت تنام علي هاتفه من فرط الفضول ثم صاح بغضب : ايه يا استاذة ديانا , مش عشان اديتك وش زيادة تاخدي عليا لا فوقي واتفضلي اطلعي بره حالا.
صرخ فيها بطريقة ارعبتها , جعلتها تنتفض مزعورة تفر من امامه هاربة من بطشه..
ما ان اختفت من أمامه حتي ارتمي علي مقعده يتنفس بعنف , يكاد قلبه يتمزق من تلك الخرقاء , التي لم ترمق نظراته لها , لن تمقل تعامله الرائق معها علي عكس" أدم" الذي يعاملها معاملة المحتقر ..
اعاد رأسه للخلف يزفر انفاسه اللاهثة, يكيل لقلبه الساذج الذي وقع صريعا لهواها , يستحيل ان يكون هناك احد بتلك القساوة .
أصعب حب في الحياة هو عندما تعشق قلبا يهوي قلبا غيرك..
سيدة العشق/ايمان احمد يوسف
في احدي عمارات المعادي..
بحث عن مكان ليركن سيارته سريعا , عله يدركها قبل الاختفاء في احدي الشقق.
دلفت" حلا" الي ذلك المركز الخاص المفتوح في الطابق الثاني التابع لمجموعة فتيات تُعَلمن العزف علي الالات الموسيقيه..
دلفت الي الغرفة الزجاجية التي تظهر لجميع الماره ما يحدث داخلها ولكن تحجب الصوت عن العالم الخارجي..
رحبت بها مدربتها بحفاوة بعد تغيبها يومين عن التدريب ..
ثم جلست في احد المقاعد الاولي حتي تكون مرئية لذلك الحارس الذي كُلِف بحمايتها , كان يقبع خلفها منافس اخر لذلك الذي خطفت لبه منذ ما رأها ,يدعي" ايهاب" .. شقت وجهه ابتسامة ولهة منذ ان دلفت الي الغرفة..
نظرت اليها المدربة قائلة: خلونا نبدأ بـ"دانه" النهارده.
توترت "دانه" قائلة: بس انا خايفه اغلط لاني ما..
قاطعتها بنبرة مطمئنة : احنا هنا كلنا عشان نتعلم ومش عيب نغلط , انا احيانا بغلط و بنسي تون او بلاش في النوتة الموسيقية.. ابدأي باخر حاجه اتعلمتيها خليك واثقة في آ لتك وهي مش هتخذلك.
ابتسمت لها بحماس من كلماتها المطمئنة ثم التقطت الكمان بيدها اليسري و وضعته علي كتفها الايسر ثم استندت بذقنه علي موضع راحة الذقن في نهاية الكمان ثم التقطت عصا العزف بيدها اليمني واغمضت عيناها لتشرع في عزف اكثر المقاطع الموسيقية شجنا تدفع عيناك للبكاء تلقائيا كان الجميع يستمع لها بانصات شديد.. حتي دلف هو الي الغرفه بكل هدوء يراقبها بسكينة مستمتعا بتلك الألحان الصادرة عن عزفها المتمكن ..
لم يكمل مشاهدته لها بسبب "لمياء" التي اشارت له بالخروج ثم تبعته , وما ان خرجت حتي سألته بامتعاض عن اقتحامه صفها قائلة: حضرتك مين ؟ وازاي تدخل كدا بدون استاذان؟
رد عليها قائلا بتهذب شديد: انا الرائد زين العادلي من قسم شرطة (...)
أومأت بتفهم ثم قالت مرحبة : اهلا بحضرتك اقدر اساعد حضرتك بايه؟
نظر ناحية تلك التي انتهت من العزف وصفق لها الجميع ليمتعض وجهه بضيق عندما رأها تذيقهم من شهد ابتسامتها الناعمة .. لم يكن ذلك ما زاد ثوران الدماء في عروقه وانما ذلك الشاب السمج الذي اقترب منها بكرسيه يهمس لها في اذنها بابتسامة و عيناه زائغة كأنه يسرق شئ يخشي ان يقبض عليه احدهم ..
اشارت "لمياء" بكف يدها امام وجهه ليعود من شروده اليها: حضرتك كويس؟
صرف نظره عن ذلك الملاك بضجر ثم أومأ قائلا: اه حضرتك طبعا عارفه بالجريمة اللي حصلت في العماره اللي قصادكم.
أومأت بالايجاب ليستطرد هو قائلا: و الصدفه ان الجريمة حصلت في نفس الشقه اللي قصاد المركز في الدور التاني يعني ممكن يكون حد شاف القاتل من الشباك او..
قاطعته قائلة : لا حضرتك المركز هنا مفهوش شبابيك عادية .. الشبابيك عندنا فوق قريبه من السقف جدا وبنعتمد علي نظام التهوية اكتر من الشبابيك.
مشط" زين" المكان بعينيه ليصدقها حقا.. ويزم شفتيها قائلا بقلة حيلة: تمام .. بعتذر عن الازعاج ..
ابتسمت لها بلطف : ابدا انا كنت اتمني اساعد حضرتك.
"زين" : في لسه شاهد اكيد هيساعدنا ان شاء الله .. شكرا لتعاون حضرتك.
شكرها ثم انصرف دون ان ينظر لتلك التي خذلت كل توقعاته فيها بحديثها مع ذلك الشاب والضحك معه..
انطلق الي الشقة الاخري التي تقبع فيها الشاهدة الاساسية في القضية ..
طرق الجرس عدة مرات لتفتح شابة في مقتبل الشباب تخفي ملامح وجهها خلف مساحيق التجميل التي وضعتها بطريقة تثير بها الرجال باستثناء ذلك الذي يقف امامه جعلته يشمئز منها.. ترتدي ملابس مسهبة لتفاصيل جسدها مما زاد من تقززه.
تجعدت قسمات وجهه بامتعاض منها ثم قال: حضرتك مدام زينب عبد المقصود؟
زادت من مضغها لتلك العلكة التي تدهس داخل فمها ثم قالت: ايوه انا زيزي , وانت مين بقي؟
قبض علي يده بقوة حتي ابيضت سلميات انامله كاظما غيظه من تلك اللعوب : حضرتك انا الرائد زين العادلي من المباحث.
اصفر وجهها وازدردت ريقها بهلع من كلماته المرعبة التي اسدلها عليها بهيبة ارعبت جنباتها , لتقول متلجلجة: انا انا .ااانا.
اشهر كفه في وجهها ليلجم حروفها المتقطعه ويشير لها بتنحي جانبا ليدلف الي الشقه , تنحت جانبا مفسحة له المجال كأنها دُمية متحركة يسايرها بأنامله ..
اخذ يفحص جميع النوافذ حتي وصل الي مبتغاه .. المتمثل في نافذة مغلقة باحكام بمسامير يبدو عليها انها دقت فيه حديثا..دفعه بقبضة فولاذية اطاحت به ليهوي خارجا في الهواء معلقا في مفصلات بضعف ، ليجد ذلك الشباك يكشف الشقة التي حدثت فيها الجريمة بكل تفصيلها ..
ابتسم بانتصار ثم عاود النظر اليها قائلا : انا سامعك يلا قولي.
خرج صوتها متقطعا : ا.. اقول.. ايه ..بس يا.. باشا.
نظر الي الشباك قائلا: تقولي ليه قفلتي الشباك دا.. او بمعني اصح مين اللي اجبرك تعملي كدا.
ابتسمت بتوتر و هي تفرك اصابع يدها قائلة: لا يا باشا انا مقفلتش حاجه.. انا وخده الشقه وهو مقفول عشان ..
- متكملش لانك كدابه و في لحظه هرميك في السجن.
تجاهلت كلماته واتجهت الي منضدة صغيره تلتقط من عليها ورقة وتكتب عليها شئ ما وهي تهدر قائلة: يا باشا انا هكدب ليه بس دي الحقيقه انا مش كدابه..
تقوس حاجبيه بدهشة من ما تفعله فاقترب يري ما تكتبه ليعلم انها مراقبه من احدهم و يوجد جهاز تنصت في الشقه ولا تستطيع التحدث.. فأومأ لها بتفهم وقال: علي العموم انا هسأل صاحب العماره وهشوف انتي كدابه ولا لا.
كتبت له علي الورقه بان صاحب العمارة مهدد ايضا مثلها فاخرج هاتفه مناولا اياه لها لتدون رقمها عنده , ثم قالت : انا يا باشا جايا من بلادنا عشان اكل عيشي مش عشان المشاكل دي.
هدر" زين " بصوت اجش: انا مش بتهمك انا بسالك زي كل السكان اللي هنا.. علي العموم القضيه مفتوحه ولو كلامك صح مش هتشفيني تاني...
ثم اكمل بخبث ونبرة تدل علي انه رجل يعشق النساء اللعوبات علي عكس ما في داخله فهو يمقت تلك الافعال الشنيعة : بس اكيد هنتقابل في شقتي عشان نتبسط مع بعض.
خرج من الشقه ليقف امام الباب ويحادثها بهمس في اذنها ويعلمها بان تضحك بميوعة حتي يتأكد من يراقبهم الان بانه سيتردد عليها من اجل مزاجه وليس من اجل التحقيقات..
ذلك في نفس الوقت الذي خرجت فيه " حلا" من المركز يحيط بها رجال الحراسة , شبهت علي ملامح ذلك الشاب الذي يقف مع فتاة ما هناك , لم تكن لتنظر لهما لولا ضحكات تلك الفتاة التي جذبت انتباهها..
شعرت بان وجه ذلك الشاب مألوف عليها فذهبت لتري ما ان كان يعرفها فقالت بصوت رقيق ناعم وهي تلكزه في احدي منكبيه العريضة: لو سمحت..
استدار لها لتجحظ عيناه عند رؤيتها ولكن لم يبين صدمته فقال بلامبالة وتكبر: نعم؟! في حاجه؟!
ابتسمت له ابتسامة صافية وقالت: اه , انا بشبه علي حضرتك, هو حنا اتقابلنا قبل كدا ؟؟
رد بلامبالة و تعالٍ: معتقدش ... و مش عاوز اعرفك ممكن تهوينا بقي.
صدمت من وقاحته معها فقالت بغضب: انت انسان مش محترم وانا غلطانه اني اتكلمت معاك ..
ثم نظرت لتلك الفتاة التي تشبه كل من تقف معه وقالت: انا ميشرفنش اعرف واحد زيك اصلا.. كويس اني طلعت غلطانه.
رمت تلك القنبلة في وجهه ورحلت مبتعدة عنه , ابتسم متمنيا ان يكون قدره منصفا معه مرة ويجمعه بها مرة اخري في ظروف افضل.
................... .... .
بينما في بيت عائلة الشرقاوي خصيصا في غرفة "فخر الدين "
كان يقف في الشرفة يتطلع الي بيته القديم الذي رأي فيه ابشع ايام حياته , كان يود ان يأسس بيتا قائما علي الحب وجاهد لتحقيق ذلك ولكن هادم البيوت يكره استقرارها وسوس له حتي خرب بيته بيده..
قاطع تفكيره دلوف ابن عمه" سالم" اليه: مجاتش تتعشي ليه يا ابن عمي؟
رد بتجهم: مليش نفس يا سالم.
ربت علي كتفه قائلا: لستك مجدرش تنسي اللي فات عااد.
زفر انفاسه الثقيلة بصعوبة قائلا: مش قادر..
رد عليه بحكمة: انت حاسس بنار في جلبك لانك حاسس انك ظالمهم .. بلاش تظلم بنته ملهاش ذنب في تاركم وسيب ابنك الكبير يجوزها.
تذكر" ادم" و صوره التي كانت ترسل له من قبل احدهم كلفه بنقل اخباره اليه ثم قال: مستحيل يوافق .. انا ظمته كتير وحرمته من حاجات كتير و دوقته المر في حياته مش عاوز اكمل عليه اكتر ، مش عاوزه يوصل لمرحلة انه يتمني يموت ولا يشوفني.
تجعدت قسمات وجهه ليعقب قائلا: واااه واااه تف من خشمك , مهما كان دا ولدك وله حج عليك ربنا هيحاسبه عليه.
لوي فمه بابتسامة ساخرة من نفسه : انا اللي مفروض اتعاقب لاني رميته هو واخته و مهتمتش بيهم ولا كلفت نفسي اسال عنهم، رمتهم كانهم مش موجودين وسافرت احوش في فلوس .. كنت مفكر اني لما يبقي معايا فلوس هبقي مبسوط بس لما بقي معايا فلوس كتير زاد همي اكتر و مدقتش طعم الراحه.
"سالم": الفلوس مش كل حاجه يا فخر , ابنك بيحبك ومستحيل..
قاطعه قائلا: انا مش هظلم بنته , انا بس كنت عاوز ادوقه اللي انا دوقته زمان..
تركها واتجه ناحية الباب ليوقفه "سالم "سائلا: رايح فين دلوجيت يا ابن عمي؟
رد بانكسار : رايح بيتي القديم..
"سالم": استني انا جاي معك..
لم يرد عليه تركه يرافقه الي هناك ذهب ليستعيد ذكريات عيشه الأليمة فيه.. كان يعشقها حقا .. لم يكن يحبها حب امتلاك ابدا بل كانت اول فتاة تخطف لبه ..
اخذ يجوب البيت ويتذكر مواقف شتي .. بعضها مضحك وبعضها يبكي.. حتي وصل الي غرفتهما يذكر مواقف عشقه لها قبل ان يكتشف حبها ل"مهران" ..
حتي الان لا يعلم ان حبه استوطن كيانها لينسيها حب مراهقتها الاول .. فتح احد الادراج عله يجد ذكري منها يأخذها قبل ان يرحل فوجد وشاحنا رثا لها اخفت الاتربة رئحتها فيه .. ما ان رفعه حتي وجد اسفله ورقة مطواة التقطها ليقرأ ما دون فيها فوجده رسالة حب من" مهران" اليها ما ان قراها حتي فار الدم في عروقه وثار غضبه و قبض علي الورقة يخنقها في يده وعيناه تطلق شرارات شر عارم .. خرج من البيت مسرعا لا يرد علي "سالم" الذي حاول اللحاق به .. متوعدا ل"مهران" بعذاب قاسيا لن ينساه مقسما ان لا يعود في قراره فطينا لتلك المشكلة التي سيلوي بها ذراعه ليوافق علي قرار زواجه بابنته..
.......................
في صباح يوم جديد..
كان "مهران" قد طوي الليل في العودة الي مقر شركته ليحاول حل تلك المشكلة , عقد الكثير من الاجتماعات متجاهلا ارهاقه وتعبه , محاولا انقاذ شركته باي طريقه..
واثناء حديثه في احدي الاجتماعات اقتحم مكتبه أميراته الثلاث بقوة و ثبات جلسن معه في الاجتماع محاولات الانخراط في جو العمل مقترحين حلولا .
"ا لينا" : انا رأي نرفع قضية علي الشركة اللي استردنا منها محركات الطيارة دي.. اكيد المشكلة بدايتها من عندهم.
وافقها الجميع علي الاقتراح لتعقب "تقي" علي كلماتها قائلة: لازم نفحص واحد من محركاتها الاول قبل ما نرفع قضيه عليهم عشان ميقدروش ينقذوا نفسهم ويدبسونا في المشكلة.
رد احد الموظفين: في محرك بيتركب حاليا لهيكلة طيارة لسه تحت الانشاء هنفحصها حالا.
"مهران" : تمام يا جماعه؛ ربنا يظهر الحق .. و يوفقنا اتفضلوا كل علي شغله دلوقتي.
خرج الجميع لتصر عليه الفتيات في الخروج والعودة الي البيت ليرتاح من عناء السفر.. وتحت ضغط منهم ظلتا "حلا" و" تقي" في الشركة ومعهم مدير اعماله "محمود" يباشرون العمل وانطلقت" الينا "مع والدها الي الفيلا.
.................... ......
في قصر ادم الشرقاوي ..
استيقظ من نومه دون كوابيس علي غير العادة نظر في الساعة فوجدها التاسعة صباحا.. اندهش من التغير الغريب الذي طرأ علي نومه ولكنه حمد ربه علي نعمته كي لا تزول و نهض ليغتسل ثم نظر من شرفته فوجد" دانه" في الاسفل تقف امام حوض ورودها التي تعشقه و "بدور" تقف بعيدا عنها تتحدث مع احدهم بتوتر دفعه للهبوط لهما و الاطمئنان ..
اخذ يقترب منه حتي سمعها تقول: عقَّله يا سالم.. ادم لو عرف مش هيرحم حد..
تقوس حاجبيه من ما سمعه منها فقال معقبا: هعرف ايه يا عمتو؟
جحظت عيناها عندما تسلل صوتها الي سمعها لتحدد اذنها وجوده خلفها , عضت علي شفتها السفلي بتوتر واغلقت الهاتف في وجه سالم محاولة التفكير في حيلة للهروب من سؤاله..
استدارت له مبتسمة بتوتر قائلة: صباح الخير يا حبيبي .. دا ..دا السواق بيقول ان العربيه اتخبطت منه امبارح .. فبقوله يصلحها ..
لم يقتنع ولكنه أوهمها بتصديقه لها حتي يكتشف ما تخفيه عنها باسلوبه الخاص .. ثم قال: لا عادي انا مش هخرج من البيت..و خدت اجازه اسبوع لحد ما اخف شويه.
ربتت علي كتفه قائلة: خير ما عملت يا حبيبي... خليك مع دانه لحد ما اقولهم يجهزوا الفطار.
أومأ لها لتذهب ويتجه هو نحو صغيرته قائلا: صباح الورد علي اجمل ورده في حياتي.
ابتسمت له قائلة: صباح الخير يا حبيبي .. اخبارك ايه دلوقتي في حاجه بتوجعك؟
أومأ بالنفي لتقل: طيب مش هتحكي لي ايه اللي حصل؟
زم شفتيه بطريقة طفولية: انا بصراحة جعان ومش قادر اتكلم تعالي نشوف بدور عملت لنا ايه علي الفطار ؟
ضحكت قائلة: هههه بدور كدا حاف من غير اي حاجه.
شاركها الضحك و هو يدفع كرسيها للداخل قائلا: ايوه حاف ههههه لحد ما نفطر.
اجتمعوا علي الفطور و "ادم " تساوره الشكوك اتجاه عمته , يشعر بانها تخفي شيء ما عنه...
.................
بينما في بيت عائلة الشرقاوي..
استيقظ "ساري" بارهاق من تغير ساعات نومه وتغير الجو والبيئة ليس معتادا علي لدغات البعوض المزعجة .. وجهه تملأه اصابع يده التي تركت علامات حمراء مكانها ...
رأته "حفصة" التي اصابتها هستيرية الضحك فجأة من منظره, اخرجها من هستيريتها تلك صوت" ساري "وهو يقول لها بالانجليزيه: علام تضحكين؟ هل رأيت مهرج ما هنا.؟
نظرت له ببلاهة فهي لا تعي معني ما قاله الان فقالت: مافهماش حاجه من اللي جلته يا سي ساري.
رفع حاجبيه قائلا: ولا انا .. انت بتضحكي ليه؟
ضحكت مرة اخري ثم قالت: اصلك ما شفتش شكلك عامل ازاي .. انت كنت بتضرب نفسك.؟
ابتسم قائلا بتقزز : لا دي حشرات مزعجة عاوزه تاكلني.
قهقه" سالم" قائلا: لا يا ساري يا ولدي دا اسمه ناموس مش عاوز ياكلك واصل..
عقبت "حفصة" قائلة بمزاح لترعبه: دا عايز يشفت دمك بس اكده.
جحظ" ساري" عينيه قائلا بهلع: يا الهي , مصاصو دماء.
ضحك" سالم" و "حفصة" علي منظره وهو يهلع الي غرفة والده الذي تفاجأ بخلوها .. عاد الي" سالم" قائلا: باب .. مشي فين يا عمو؟
اجابه "سالم " قائلا: ابوك سافر الصبح القاهرة وراجع بالليل , و وصاني عليك زين .. تعال يلا نفطرو.
وقبل ان يسأله" ساري" عن سبب سفر والده كان قد دلف الي غرفة الطعام ...
................. ........ ...
في الظهيرة تقريبا في فيلا السيوفي..
كان "مهران" قد نال قسطه من الراحه وجلس في مكتبه يتابع عمله بعد ان عادت الفتيات من الشركة ..
دلفت اليه "سمية" قائلة: مهران باشا في واحد بره عاوز يقابل حضرتك.
ترك الأوراق من يده و انزل نظارته الطبية عن عينه سائلا:مقالكش اسمه ايه؟
عندما همت بالرد .. دلف ذلك الضيف قائلا: دا انا يا مهران.
شخصت عيناه من هول المفاجأة لم يتوقع ابدا ان تأتيه الجرأة ليأتي اليه برجله .. اشار الي" سمية" بالخروج قائلا: اتفضلي انتي وممنوع اي حد يدخل علينا.
خرجت لتصطدم ب"الينا" التي اخبرتها باوامر والدها ولكن فضول" الينا " دفعها للجلوس بالقرب من غرفة المكتب والتجسس عليهم.. لتسمع الاتي..
"م هران" بتجهم: ايه اللي جابك يا فخر.
جلس امامه واضعا قدم فوق اخري قائلا بتعالي وهو يفحص اثاث الغرفة: جاي اعمل معاك اتفاق وانقذك من المصيبة اللي انت فيها.
رد عليه بانفعال قائلا: انت اخر واحد ممكن اطلب منه انه يساعدني.
لوي الاخير فمه بابتسامة ساخرة قائلا: انت مجبر انك توافق عشان متخسرش الثروة اللي عملتها دي وتشرد بناتك التلاته في الشارع و ولاد الحرام يخدوهم منك وانت فاهم الباقي..
اشتعلت عيناه بغضب شديد ليكل حديثه المستفز: انا صاحب شركة (A.D.S) اللي انت بتستورد منها شغلك واللي باشارة مني هخرجك من مصيبة انفجار الطيارة زي الشعرة من العجين .. انا صحيح هخسر كام مليون بس مش مشكله لانك هتعوضني.
سأله الاخر مزهولاا من تصريحة : اعوضك !! ازاي؟!
نظر له بتحدي قائلا : هتوافق علي جوازتي من السنيورة بنتك .. ها قولت ايه؟.. يا دا يا ام الحبس وبناتك يتشردوا و يعيشوا في الشوارع ، و كلاب السكك تنهش لحمهم..و..
لم يكمل فقد انقض عليه "مهران " يمسكه من تلابيب قميصه بقوة وغضب العالم تجسد في قبضتهه قال من بين اسنانه: نجوم السما اقربلك من بنتي.
قاطعه اقتحامها الغرفة وصراخها: بابا.. سيبه.
ارخى قبضته رويدا رويدا عنه ليرتمي الآخر علي الكرسي يلتقط انفاسه اللاهثة لتخترق كلماتها مسامعه و هي تقول: انا موافقه علي عرضك ....
.................