الجزء 42

الغضب هو تلك الشعرة الزمنية التي تسبق انفجار البركان تماما ، هو عدو الانسان الاول و الاخطر علي الاطلاق..
يشبه رحلة الفرار من ال حب المحرم في طريق مرصوف بالاشواك نهايته الندم و زاد المسافر فيه يختلف بين حماقة و جفاء و غيرة عمياء ..

اما هو فكان غضبه مثيرا لانتقامه منها ، صعد الدرج بسرعة البرق ليلحق بها قبل ان تنم او تذهب الي شقيقته ..
دلف الي الغرفة مندفعا ينادي عليها بحدة : الينا .. الينا.

طرق علي باب المرحاض الملحق بالغرفة عدة طرقات صاخبة ، ليفتحه بسرعة و يلقي نظرة للداخل ليشتاط غضبا فوق غضب و يزفر انفاسه الخشنة بحده قبل ان يتجه الي الشرفه معتقدا انها هناك و لكنه لم يجدها ، و قبل ان يعود للغرفة مرة اخري لمحها تقف بجوار عمته في الحفل بالاسفل ..

لايعلم سبب عودتها للحفل بعد ان دلفت هي و "دانه" ..

لم يلقي بال لذلك الامر فهو لن يتراجع عن محاسبتها و عقابها حتي و ان كان علي مسمع و مرأي من الناس.

غادر الغرفة غاضبا يهبط الدرج بسرعة فهد يخشي علي فريسته الهرب..

في غضون دقيقة واحدة كان يقف خلفها تماما و عيناه مظلمتان رغم زرقتهما..

اما هي فلم تشعر به خلفها ابدا الا عندما وضع يده علي خصرها مقربا اياها الي صدره ينظر للنساء الواقفات معهن بابتسامة ودودة زائفة قائلا: معلش هاخد (الينا) حبيبتي من حضرتكم ، لانها وحشتني.

ابتسمن جميعا له قبل ان يمطرنه بوابل من التهاني و المباركات ..

رد عليهن جميعا في حين ظلت هي متوهجة خجلا من شدة قربها منه .. حاولت ان تبتعد قليلا ليشدد هو من تقريبها اليه..

لتتلاقي عيناهما في نظرة طويلة ، رأت فيها "الينا" السعير متجسدا في عينيه التي استحال لونهما..
قاطع شرودهما صوت مدام "كوثر" صديقة عمته حين عرضت عليهم الرقص معا قائلة : الموسيقي الهاديه دي بتنادي عليكم عشان ترقصوا عليها .. يلا يا ادم متبقاش صنم كدا.

صر "ادم " علي اسنانه قبل ان يرسم ابتسامة مصطنعة علي ثغره تظهر عكس ما بداخله ..

اما هي اعتقدت انه سيرفض و لكنها تفاجئت بيده الممدودة لها ليحثها علي الموافقة ، رأت ان رفضها لن يجدي؛ بل سيثير الشكوك حول زواجهما لذا حطت بيدها علي كفه ليجذبها الي تلك الساحة الفارغة ليضع يدها الممسك بها علي كتفه و يقبض ب يده علي خصرها يجذبها اتجاهه لتسري في جسدها قشعريرة غريبة خاصة بعد تنفسها لانفاسه الساخنة دون قصد .
.
رفعت نظرها اليه لتجده يحدق فيها بنظرات غريبة ووجهه محمرا كالجمر مما اثار ريبتها و جعلها تسأله قائلة: في حاجه حصلت معاك..؟!

_لا ، بتسألي ليه؟!

كادت تفصح له عن مبررها و لكنها صمتت خشية ان يفهمها خطأ ، لذا اكتفت باماءة صغيرة و الهروب بعينيها بعيدا عنه لتشخص فجأة عندما همس لها بصوت حاد: انتي تعرفي دكتور اسمه عدي المعالمي؟!

اضطربت انفاسها و ظل صدرها يعلو و يهبط ، كيف يعرفه و لماذا يسألها عنه ، نظرت الي عينيه لتجدهما كالكتاب الابيض ، لا تري فيهم نقطة حبر واحده ، ظلت تنظر له بأعين حائرة حتي انتهت الرقصة و تعالي تصفيق الحاضرين حولهم ليكتفي بشكرهم باشارة من يده ثم جذبها خلفه الي غرفتهما..

التي ما ان وصلها حتي نفض يده من يدها بقوة ثم اغلق الباب بالمفتاح لترتعد "الينا" لا اراديا ..

تعد للخلف خطوتين كلما خطي هو خطوة نحوها حتي اصطدمت بالسرير خلفها لتفقد توازنها و تجلس قسرا عليه لينتهز هو الفرصة و يحيطها بكلتا ذراعيه و يكرر سؤاله عليها: انتي تعرفي دكتور اسمه عدي ؟!

ازدردت ريقها بخوف من قربه الشديد منها و من صوته الذي ارعب اوصالها و ظلت ترمش باهدابها خوفا من ردة فعله حين تخبره بصلة القرابة التي تجمعهما.. هي حقا لا تعلم السبب وراء خشية اخباره ..

افزعها تكراره لسؤاله و أربكها لتهز رأسها نافية معرفتها به.

كانت صدمة "أدم " فيها لا توصف في تلك اللحظة ...
لقد اعتقد انها بيضاء شفافة لا تعرف للكذب طريقا ...
لقد صدم فيها ولم يستفق الا عندما وجد نفسه في سيارته التي تترنح به يمينا و يسارا ، يقودها بسرعة جنونية علي الطريق المعاكس للاتجاه المفروض لسير السيارات..

مرت ساعة تقريبا و هو ينفث عن غضبه ، لم يكن يشأ ابدا ان يدخلها في دائرة انتقامه ، لعن نفسه مائة مرة علي انخداعه في براءتها و ازداد غيظه اكثر عندما تذكر اول قبلة لهما .. و التي احيت بداخله مشاعر كانت في بداية ريعانها ، و لكنها دُهست الان و عاد الكحت لروحه .. اقسم انه لن يرحمها لا هي ولا ذلك الطبيب القذر و انه سيحرقه قبل ان يصل الي شقيقته و يؤذيها..
......
في صباح اليوم التالي..
في شقة (مهران السيوفي) في احدي العمائر الفاره.

كانت تجلس في غرفتها امام حاسوبها تبحث عن اي خيط رفيع يمكنها من انقاذ والدها حتي ظهر امامها اعلان كان بمثابة الحلم الذي لطالما حلمت به ..

اعلان عن مسابقة لاكتشاف مصممي ازياء شبابيين .. كان شرطها الوحيد تقديم عشرون صورة لتصميما مختلفا في الالوان و التصميم ذاته ..

التمعت عيناها ببريق امل في تحقيق حلمها و انقاذ اسرتها .. و لكن معضلتها الوحيده كمنت في حاجاتها لعارضات ازياء لتلتلقط لهم الصور و ترسلها ..
عضت علي اناملها قليلا و هي تفكر في حل حتي رأت ان اللجوء الي المتصفح العالمي ، أسرع وسيلة للبحث عن مصور يساعدها في توفير عارضات ازياء ..

ظلت تبحث قرابة النصف ساعة حتي دلفت اليها " حلا" و رأت التوتر باديا علي وجهها مما جعلها تستفسر منها قائلة : في ايه يا تقي ، متوترة ليه كدا؟

اجابتها بتوتر : بدور علي مصورين عارضات ازياء عشان الحق اشترك في المسابقة.

قطبت الاخري حاجبيها باستغراب ثم سألتها: مسابقة ايه؟!

صاحت تلك الشقية بصوت عال افزع "حلا" من مكانها : وجدتهااااا.

القتها "حلا" بالوسادة بغيظ ثم قالت: هي ايه دي يا مجنونه؟!

نظرت لهاببلاهة قائلة: المصوره .. و بسعر كويس.

_ انتي بتتكلمي بجد فعلا؟!

_ ايوه جد جداا كمان ، و هشترك في المسابقة.

_ تفتكري بابا ح يكون غير راي.

نهضت من مكانها ثم قالت بتجهم : لا انا مش هقول لبابا..

انتفضت "حلا" من مكانها صائحة بغضب: انتي بتقولي ايه؟! ازاي مش هتقولي لبابا؟!

_ اسمعيني بس قبل ما تتعصبي عليا ، انا وانتي هنروح للفوتوجرافر بالليل و معانا الموديلات تصورهم علي الموديلز عندها و ناخد فلاشة الصور و نبعتها بس كدا.

صاحت "حلا " فيها بحزم: انا مستحيل اساعدك في حاجه بابا رافضها و الكلام في الموضوع دا انتهي لحد هنا.
قالت ذلك ثم غادرت موصدة الباب خلفها..
............
بينما في مكتب التحقيقات في قسم الشرطة كان "زين" يجلس في مكتبه يجري تحقيقا مع احد الشهود العيان في جريمة القتل التي كلف بالتحقيق فيها و لكنه كان شارد الذهن علي غير المعتاد ، لاحظ ذلك الرائد "مدحت" رفيقة في التحقيق في القضية ..

_عسكري.

دلف ملقيا التحية عليه: تمام يا فندم.

_خد الاستاذ لبره شويه لحد ما اطلبه لتكميل التحقيق.

_تمام يا فندم.

حدث كل ذلك و" زين" في دنيا غير الدنيا لا يشعر بشيء مما يدور حوله.

عاد للوعي علي يد "مدحت" التي حطت علي كتفه لتنتشله من شروده : فين الشاهد؟

_ياااااه انت كمان مش حاسس باللي بيحصل حواليك ، مالك فيك ايه؟

نصب ظهره علي الكرسي ، زافرا انفاسه بضيق : هتجنن و اعرف سبب رفضها ليا يا مدحت.

_روح واسالها يا بني أدم و اعرف اسبابها.

_انا خوفتها بتصرفاتي معاها بردو و هي اكيد مش هتقبل تكلمني.

_انت جربت؟!

_لا.

_خلاص جرب جايز تسمعك.

اخذ يفكر في نصيحته ، يدرس نسب احتمال نجاحها و فشلها .. فخطواته الان اضحت محسوبة عليها.
.....
بينما في قصر ادم الشرقاوي ..

فهي لم تره منذ تركها ، بحثت عنه لتصحح سوء تصرفها معه بالامس و لكنها علمت انه لم يعد الي البيت .. فاثرت المكوث مع "دانه" و تمضية الوقت معها .. حتي حل المساء و هي تنتظر قدومه لا تعلم اين بات..؟! و لا الي اين ذهب ..؟! .. خشيت ان يكون عرف بامر "عدي" و انه كان علي وشك خطبتها.
و اثناء قلقها ذلك سمعت صوت انين خافت ، جعلها تهرع بسرعة الي غرفة "دانه"..
....
بينما في احد العمائر السكنية ..

كان التاكسي قد وقف امامها لتترجل منه كلا من "تقي" و "حلا" التي رافقتها بعد ان تمكنت "تقي " من اقناعها ..

_هي قالت لك الشقة الكام؟

جذبت حقيبة السفر الثقيلة بسبب التصميمات الموضوعة فيها ثم قالت: هي قالت لي الدور الخامس شقه عشرة.

ساعدتها "حلا" في جذب الحقيبة ثم دلفتا الي المصعد ليصعد بهما الي الطابق الخامس ..

انفرج بابه مصدرا صوتا ينبههم الي وصولهم للطابق المنشود..

خرجا منه الي الشقة لتضغط "تقي" قابس الجرس و تنتظر قليلا .. لتفتح لهم فتاة شقراء تتفحصهم بنظرات مريبة ، ارعبت "حلا" بينما "تقي" ابتسمت قائلة : احنا معانا معاد مع الفوتجرافر عفت.

اشارت الفتاة بيدها قائلة : اتفضلوا .

دلفا الي الداخل لتغلق الفتاة الباب خلفهما موصدة اياه بالمفتاح مما ارعبهما و جعل فراشات معدتهما تجزع ، لتقل" حلا" : انتي بتقفلي الباب بالمفتاح ليه؟

_من غير كلام كتير انتم هتكونوا المودلز .. قدامكم عشر دقايق تغيروا و تلبسوا و استاذ وائل هيجي يصوركم ... لان مدام عفت مش موجوده..

فزعتا من ذكرها لاسم رجل .. و كادت" حلا" تصرخ فيها و لكنها تركتهم و دلفت الي احدي الغرف .. لتبدأ " تقي" في البكاء قائلة : هو ايه اللي بيحصل يا حلا؟

اخذتها "حلا " تحت كنفها تهدهد من روعها ولكنها فشلت لعدم تحكمها في ارتعاشات يدها .. و انتفاضات جسدها . . تلعن اللحظة التي سايرتها فيها... فهي كذبت علي ابيها بخصوص مجيئهما الي مثل هذا المكان.. و.
.............
يتبع..


إعدادات القراءة


لون الخلفية