الجزء 27
كانت تجلس أمام مرآتها يلتف حولها النساء من كل جانب فقد أتو ليساعدنها في الاستعداد للعرس .. كانت تنظر في المرآة بأعين يغامها الاضطراب كأنه تنتظر شيء ما , ظهر ذلك جليا علي حدقتاها الناظرتين بارتباك لكل حركة تصدر حولها .. التقطتها عيني "حلا " التي اخضعتها علي التسمر بنظرها ناحية عيناها المنعكسة في المرآة أمامها . لتعود بذكراها لليلة أمس عندما أخذها العمدة "عبد الرحيم" في سيارته مرتدية لباس الجهل لمقصده المعني ..
" احنا رايحين فين"
سألته بارتباك و هي تدور برأسها يمينا ويسارا محاولة فطن وجهته التي هو موليها .. ولكنها ادركت ايضا جهلها التام بالقرية وطرقاتها المتشابهة ..
نظر اليها "عبد الرحيم" في المرآة أمامه فـ لاحظ ريبتها الخفية مما دفعه لكسر صمته ليطمئنها قائلا : رايحين للشخص الوحيد اللي في ايده ينقذكم من نار فخر.
قطبت حاجباها مستفهمة عن ذلك الذي يقوي علي بتر بطش ذلك الظالم : مين دا ؟
اجاب باختصار : أدم ابنه.
لم تهدئ اجابته من عاصفة خوفها الهوجاء بل زادت من قطوبها .. ليردف العمدة حديثه قائلا : هو نفسه اللي وجف ( وقف) الجوازه عشية امبارح.
كانت تلك المعلومة جديدة عليها ، فما حدث لوالدها ألهاها عن استقصاء هوية الشخص الذي اقتحم مراسم كتب الكتاب بالأمس .. بدأت مؤشرات القلق تزداد لديها فمهما كان حجم الخلاف بينهما مازال ابنه من لحمه ودمه يستحيل ان يقف في صفها ضده فقالت بعبوس : مستحيل يوافق .
-دا هو اكتر واحد علي استعداد انه يساعدك.
-ليه؟ و ايه اللي هيخليه يقف في وش باباه عشاني ؟؟
-كره ليه يا بنتي .
-كره !!
تنهد " عبد الرحيم" تنهيدة طويلة ثم قال باختصار : الموضوع يطول شرحه .. و مش هيفيدك معرفتك له بحاجه واصل.
توقفت السيارة فجأة ليقل لها : غطي وشك يا بنتي و انزلي ورايا.
أومأت له باحترام واضعة طرف وشاحها علي انفها وفمها تاركة لعيناها مجالا للرؤية فقد كان الدرج معتما بعض الشيء .. تبعته و هو يصعد أمامها حتي وصل الي احدي الشقق .. نظرت الي بابها بتمعن لتراه مصمم علي الطراز القديم ذو المصرعين في كل منهما نافذة صغيرة .. انتفضت فجأة عندما صدع صوت عصاه و هي تطرق ذلك الباب القديم .
طرقه طرقتين وانتظر قليلا قبل ان يعاود طرقه مرة اخري ليفتح الباب ، و يظهر لهما شابا طويل القامة عريض المنكبين ذو شعر كثيف قاتم السواد و عينان فاحمتان كسواد الليل الحالك .. يمتلك من جمال و هيبة الرجل الشرقي ما يدفعك لآسره بعينيك .. لم يكن يلفتها هيبته الطاغية علي ملامحه أكثر من شعورها بأن وجهه مألوف عليها .. سألهم قائلا بصوت أجش : حضرتك عاوز مين؟
اجابه العمدة قائلا : عاوز اجابل(اقابل) كابتن أدم يا ولدي .. انا العمدة عبد الرحيم .
رحب به مبتسما ثم خطي خطوتين للوراء ليفسح له ولضيفته المجال للولوج للداخل قائلا : اهلا بحضرتك يا عمده أنا الرائد زين صديق أدم.
قال ذلك وهو يرفع يده ليصافحه العمدة مرحبا به : اهلا بيك يا حضرت الرائد .. احنا ايجينا يا ولدي عش..
قاطعته "الينا" قائلة بتسرع و هي تسدل وشاحها عن وجهها : انت ؟؟
قطب "زين" حاجبيه قائلا : حضرتك تعرفيني؟
أومأت له قائلة : ايوه انا "الينا مهران السيوفي " اللي خبطنا حاجز الكمين بتاعك بالعربية وانت ساعدتنا ونقلتنا انا واختي وبابا المستشفي... انت مش فاكرني؟؟
تهللت أساريره عندما تذكرها و قال مصافحا اياها : اهلا بيك يا دكتوره .. لا طبعا افتكرت حضرتك .
اقدمت علي مصافحته من باب الذوق ولكنها تراجعت علي اخر لحظه عندما رأت نظرات " عبد الرحيم" الثاقبة لهما فاعتذرت قائلة بتهذب : اسفه يا حضرت الرائد مش بسلم بالايد.
ابتسم "زين " قائلا بتفهم و اعجاب : مفيش داعي للاعتذار .. دا من حسن اخلاقك .
حمحم "عبد الرحيم" قائلا : احمحم ممكن تنادي لنا أدم يا ولدي مش عاوزين نبيت اهنه.
تنحنح "زين" قائلا : هو مع دكتورة حلا في المكتب .
قطبت وجهها من تسلل اسم اختها الي مسامعها وقالت : حلا اختي ؟
أومأ لها مؤكدا ، لتندفع بصدمة ناحية باب المكتب الذي اشار اليه "زين" تفتحه دون استأذان ..لينزعج "أدم " معتقدا بانه "زين" و لكنه تفاجأ بفتاة تغوص في ثوبها الاسود الفضفاض، يبدو عليها الاستياء نظرها مصوب علي ضيفته التي هبت واقفة حينما رأتها .. سألها بضيق من اقتحامها لمكتبه دون اذن : انتي مين؟ وازاي تدخلي المكتب كدا من غير استأذان ؟.
لم تعيره اي اهتمام بل اقتربت من شقيقتها تسألها بهدوء يضاهي البركان الثائر داخلها : بتعملي ايه هنا يا حلا ؟
ابتلعت ريقها بارتباك من ردة فعلها فهي لم تتوقع قدومها ابدا ثم قالت بتلعثم : أنا .. أنا .. أنا جيت هنا عشان اقنع كابتن أدم يساعدنا.
علم من حديثهما بأنها شقيقتها التي يود والده العظيم ان يتزوجها .. و يدفن زهرة شبابها مع سنين عمره الهرمة .. يبدوان مازلن في ريعان الشباب .. تمتلك كل منهما ملامح متبادلة .
سار " أدم " من خلف مكتبه ناحيتها ليقطع حديثهما مرحبا بها : اهلا بكي يا دكتورة الينا.
نظرت اليه "الينا" لتجده متغطرس كوالده تماما يضع يده في جيب بنطاله رأسه مرفوعة بتعالي خفي ، يكاد يفترسها بنظراته الجامحة لا تنكر أن عيناه الخضراء آسرة حقا ولكن عنجاهيته تجبرك علي توخي الحذر عند التحدث معه..
اكتفت بالاماء له ليدلف "زين" و برفقته "عبد الرحيم" قاطعين حديثهما قبل ان يبدأ...
-احنا جاينك يا ولدي وجعين (واقعين) في عرضك .
-اتفضل اقعد يا عمده.
-يزيد فضلك يا ولدي.
جلس "أدم" قبالته وهو ينظر نظرة متفحصة لها .. الجمته بعيناها التي لاح في بندقيتهما اشمئزازها من امر ما..
عادت من ذكراها علي صوت زغاريد تصدع في الغرفة .. يتردد صداها في أذنها لتكون سببا في ازدياد دقات قلبها المتسارعة في خوف..
انزلوا الوشاح علي وجهها لتظل حبيسة سوادها و يخرجن من الغرفة تاركين اياها برفقة شقيقتها بناء علي طلبها..
راقبت عيناها مغادرتهم جميعا و ما ان اوصدن الباب خلفهن حتي انتفضت من مكانها تخلع عنها تلك العباءة التي كفنوها بها ، تناولها لـ"حلا" قائلة : خدي بالك حد يحس بحاجه.
عانقتها الأخر بحب قائلة بخوف يكتسح سلامها الداخلي : خلي بالك انتي من نفسك يا الينا.
بادلتها مناضلة تلك العبرات من الانهمار قائلة بصوت متحشرج : وانتي كمان يا حبيبتي.
ابتعدت عنها قليلا أسرة وجهها بين كفيها بحنان قائلة : انا همشي دلوقتي .. بس هسيبك مكاني و هخلي "تقي" امانه عندك .. خدوا بالكم من بعض لحد ما ارجع..
أومأت لها بتماسك رغم الانهيار الذي يأكل حصونها ..
غمرتها "الينا" مرة أخيرة بذراعيها ثم خرجت متسللة بسرعة قبل ان يأتي احد و يراها ..
لتدلف تلك الي المرحاض وترتدي ما كانت ترتديه "الينا" مخفية وجهها خلف ذلك الوشاح نفسه لتخفي جميع ملامحها خلفه..
ظلت "حلا" تردد داعية من تحت انفاسها ان تأتي العواقب سليمة..
.........................
تنويه هام قبل استكمال القراءة : الجزء التاني من الرواية هينزل اول ايام عيد الاضحي باذن الله اعاده عليكم بالخير واليمن والبركات .. و هينزل اعلانه علي البيدج الخاصة بنشر رواياتي وحسابي الخاص و علي الواتباد .. لذلك ياريت كل اللي حابب يتابع يعمل فلو لحسابي علي الفيس بوك وهو نفسه اللي انا بنشر منه ...
-نفاصيل الجزء الثاني: هيكون بنفس الاسم ونفس الغلاف "سيدة العشق" .... وهينزل علي حساباتي الخاصة فقط لحين الانتهاء من نشره و صياغته بي دي اف ثم نشره في الجروبات الروائية... بعتذر عن مقاطعتكم .. قراءة ممتعة..
......................
بعد ساعة من تملصها من اولئك الرجال الذين يحفون بيت العمدة الفسيح من كل جانب وصلت الي المكان المحدد لمقابلته و لكنها رأته يضرب احدهم .. مما جعلها ترتعد وتعد للخلف خائفة ..
ولكن ضوء القمر المنعكس علي الارض كان سببا في تضاءل ارتعابها .. فاذا به يعكس لها مرضه بالانفصام الشخصي فاذا بالرجل الذي ضربه من دقيقة يعانقه الان بحب مبالغ فيه ..
ازدردت ريقها بتوتر ثم سارت نحوهما لتنجز ما أتت لأجله فلم يعد لديها سبيلا للعودة الان.
اقتربت منهم علي مهل .. لتقل بهمس للذي تقف خلفه : كابتن ادم.
التفت اليها ليصدم من هيئتها .. فقد كانت ترتدي ثيابها الرجولية التي اعتادت علي اخفاء انوثتها خلفها ..
كانت الدهشة تعتليه ، لا يصدق انها هي لولا حجابها لاقسم بانها صبي ..
" الينا"
قالها "زين" الذي كان يمسك بفكه متألما من لكمة " أدم" اليه .. غير مصدقا انها هي .. تبدو مختلفة تماما ..
أومأت له ليقترب منها "أدم" فترتعد هي ظنة من انه قد يتطاول عليها كما فعل بصاحبه منذ قليل .. و لكنها تذكرت ما تعلمته من ملاكمة و كاراتيه و السبب وراء تعلمه ..
كان تذكرها هذا كفتيل اشعل نيران الشجاعة داخلها فثبتت قدماها والصقتها بالأرض واضعة يدها في جيب سترتها رافعة رأسها بقوة وتحدي مستعدة للتصدي لاي حركة عدائية منه .. و لكنه ادهشها عندم مد يده مصافحا اياها قائلا : بوقتك تمام.
اندهشت حقا من تصرفه الغير متوقع منه ، و لكنها لم تنخدع به فقد رات في عينيه شراسة وغموض يدفعانها لعدم الوثوق به ، و لكنها مجبرة علي مسايرته لتنقذ ابيها وعائلتها فقالت : انا مش بسلم بالايد يا كابتن ادم.
هز رأسه معجبا بشخصيتها الفريدة من نوعها قائلا : جميل جدا .. خلينا نخلص اللي جينا علشانه و بعدين نشوف موضوع السلام دا يا دكتوره.
اشار لها بيده لتتقدمه ناحية سيارته بثبات يضاهي التحطم الذي يقرض جوارحها ..
كاد "ادم" يثور غضبا من برودها الغير محتمل والذي بدي كأنه من يحتاج اليها وليست هي .. من شدة غيظه جذب "زين" من ذراعه قائلا : انا مش حمل البنات اللي من النوع دا .. انا قررت ارجع في كلامي واتجوز اختها .
لف "زين" يديه حول عنقه بغيظ قائلا : عشان اموتك بايدي الاتنين دول يا ادم.
ابتسم وهو يري ثورة غضبه البادية علي وجهه المكتظ حنقا ثم قال : بقي وحده تخليك تموت صحبك .. و لا اكمني وحيد ومليش ضهر.
شعر "زين" بغلطته و بمرارة كلماته اللاذعه مع انه بدي مازحا عندما تفوه بها ولكنها اصابت قلب "زين" علي الفور فاحتضنه وهو يربط علي ظهره بقوة قائلا : متقولش كدا انا اخوك .. انا ضهرك يا ادم.
بادله "أدم" قائلا : وانا عارف دا ..
وقبل ان تجرفهما امواج مشاعرهما ويبدأ سيل الذكريات الاليم قال "ادم" ممازحا : ابعد عني بقي عروستي شيفاني و هتفهمني غلط..
ابتسم" زين" وهو يبتعد عنه قائلا باستهزاء : محسسني انك هتجوزها فعلا.
تلاشت ابتسامته رويدا و قطب وجهه وهو يطالعها تجلس في المقعد الخلفي لسيارته تناظرهما باعين يملاها الخوف من الضباب الذي يخبئ خلفه مستقبل مجهول لها ولعائلتها .. واثناء تأمله لها قال : مهما كانت ظروف جوزنا .. بعد كام دقيقه هتبقا مراتي رسمي.. و لازم اتعم لمعاها علي الاساس دا.
-أمرك غريب جدا ، انت عارف لو بدور هانم سمعت باللي هتعمله دا ممكن تعمل ايه؟
دس يده في جيبه ثانية قائلا : هقدر اقنعها بطريقتي .. وبلاش كلام كتير ويلا بينا .. مش عاوز اتأخر علي عروستي.
وقف" زين" قليلا يتأمله و هو يسير ناحيتها .. يشعر بالشفقة علي كليهما .. و لكن تمني داخله ان تكون الينا هي قدره لا يعلم لماذا ولكنه شعر بانه السبب وراء عودت لمعة عينية المفعمة بالحيوية بعد ان انطفأت منذ زمن طويل..
اشار اليه ادم مناديا: يلا يا زين كدا هنتاخر.
اشار له و هو يسير باتجه مسرعا ليلحق بهما ..
سيدة العشق/ايمان احمد يوسف ...............
بعد مرور ساعة تقريبا
صدع صوت المأذون و هو يسحب المنديل الابيض عن يداهما المتشابكة مهنئا : بالرفاق والبينين.
كان ما بداخلها يرتجف لم تستطع السيطرة علي رجفات يدها وجسدها التي باتت ظاهرة لمن بالغرفة جميعا.. ناولها الشيخ دفتر عقود الزواج لتوقع علي الوثيقة بعد ان وقع "أدم" عليها .. كانت الدنيا قد اظلمت بها لا تدري من اين يأتي هذا الصقيع الذي يتلحفها .. مسكينة حقا لا تدرك ان الدفء يغمر الغرفة باكملها. ..
استأذن الشيخ بالانصراف ليوصله "زين" الذي كان شاهدا علي عقد الزواج ..
راح الشاهد الثاني يقترب منها متوجسا من انقلاب حالها قائلا: انتي كويس يا بنتي؟
كانت الرؤية مشوشة بعض الشيء و لكنها اجابته بنبرة رقيقة تضاهي القوة التي كانت فيها عندما أتت : الحمد.. الحمد لله يا عمدة.
ربت علي كتفها بحنو مواسيا : متزعليش يا بنتي الوضع دا مؤقت لحد ما نشوف هيحصل ايه.
أومأت له بتفهم وجفناها يتجعدان من حين لاخر من كثرة الضغط عليهما عندما تغلق عيناها ..
كان هو يراقبها .. منذ رأها اليوم وهي لم تفارق مرمي بصره ابدا .. يريد ان يري مدي قوتها في التحمل .. لا ينكر انها وصلت لمستوي هائل من قوة التحمل والتظاهر بالقوة.. ولكنها حتما ستقع في لحظة ما لذلك ظل يراقبها..
أتي "زين" قائلا: يلا بينا بسرعة لانهم كمان نص ساعة وهيكتبوا الكتاب هناك ولازم نكون هناك علي المعاد بالظبط ..
-صح يا ولدي يلا بينا يا عرسان.
غادر "زين" برفقته العمدة "عبد الرحيم" .. وسارت هي بتباطئ تلحق بهما ولكن قدمها قد خذلتاها فأسرع هو يحيط خصرها بذراعه, يسندها بيديه , لتسند هي بظهرها علي صدره دون وعي منها ليهمس هو لها : انتي كويسه؟ فيك حاجه ؟
ارتفعت يداها لتأسر جبهتها بين اصابعها .. ترجو الا يخذلها وعيها ويرحل عنها الان بين يدي الغرباء.. نظرت له بطرف عينه لتومئ له علامة علي انها بخير..
لم يبتعد عنها بل تحكم من اسناده لها قائلا : طيب انا هساعدك لحد مانوصل للعربية وهجبلك مايه تشربي تفوقك لان وشك اصفر و شكلك مرهق.
تنهدت بضعف تاركة له زمام الامور .. ليسير بها للخارج علي مهل .. غير واعيان للتقارب الشديد بينهما .. والذي اندهش له كلا من "زين" و العمدة "عبد الرحيم" ولكن .. زالت اندهشهما عندما وجدوا وجهها مصفرا..
قام "زين" بفتح باب السيارة ليساعدها "ادم" في الدلوف اليها .. بينما امر العمدة السائق بان يشتري لهما زجاجة مياه ويحضرها في الحال.. وقبل ان يستفسر "زين" من "ادم" عن سبب تدهورها بهذا الشكل صدع صوت هاتفه باتصال منها .. نعم هي فكان قد اخذ رقم هاتفها بالامس ليبقي علي اتصال بهن..
ابتعد قليلا عنهم ليتمكن من التحدث معها بعيدا عن مسمع" الينا" .. رد عليها قائلا : الو..
-الو انا حلا يا حضرت الرائد زين.
بمجرد ان نطقت حروف اسمه بعذوبة و رقة زاب في عشق اسمه و عاد بذاكرته لما حدث منذ ساعتين عندما خدعه "ادم" واخبره انه ستزوج بها بدلا من اختها ليكشف حبه لها الذي ابقاه سرا
ليثور "ادم" من فعلته في اخفاء الامر عنه ويقوم بضربه عندما كانا ينتظران قدوم" الينا" ..
عاد للحاضر علي صوتها و هي تناديها باسمه بتوجس جعلها تنطقه دون القاب تزينه قائلة : زين.. زين.. زين.
- ايوا .. سمعك.
- طيب انتوا فين؟
- احنا جين في الطريق.. المأذون وصل ؟
- ايوه والمفروض هتنزل حالا.
- تمام احنا ربع ساعه وهنكون عندكم.
- تمام.
اغلقت معه لتعود الي" تقي" التي كانت تقف بجانب النساء في الغرفة ينتظرن امر الرجال لهما بالهطول اليهم ليتممن مراسم الزفاف بكتب الكتاب.
.......................
في قصر عائلة الشرقاوي..
كان يقف أمام المرآة يعدل من هندام ربطة عنقة .. لينظر الي صورة "سالم" المتوترة المنعكسة أمامه في المرآة .. ليزفر قائلا : قولت لك يا سالم متقلقش أدم مش هيقدر يقف معاهم ضدي لما يقرأ الجواب اللي لقيته في البيت القديم .. واحتمال كمان لما يشوفه يعرف انه ظالمني ويرجع لحضني .
"عن اي جواب تتحدث ابي؟"
صدع صوت "ساري" مستفهما ليرد عليه والده قائلا : لا تشغل بالك بني.. هيا بني كي لا نتأخر.
خرجوا ثلاثتهم الي وجهتهم حيث بيت العمدة الذي تقام فيه مراسم الزواج..
....................
بينما في مطار برلين بألمانيا..
كان يقف في صالة السفر يتصل بها مرارا وتكرارا ولكن دون جدوي فلم يجد بدا و ارسل رسالة نصية علي حسابها الشخص دون فيها " مرحبا تقي .. اتصل بك منذ الصباح ولا تجيبين .. اردت ان اخبرك بان الطائرة ستقلع بعد نصف ساعة من الان و سوف تغلق الهواتف ولن نتمكن من التواصل معا .. أأمل ان تكوني قد وفقت فيما اتفقنا عليه .. و أرجو ان لا تخبري الينا بقدومي.. الي لقاء قريب عزيزتي"
ارسلها ثم اغلق هاتفها و دفع بيديه عربة الحقائب مكملا اجراءات مغادرته للبلاد..
..................
في تلكم الاثناء في بيت العمدة الكبير الذي كان يضج بالناس لتلك المناسبة السارة المقامة فيه..
كان الشيخ ينتظر عودة العمدة علي مضض من مشواره الضروري الذي اجبره علي الرحيل والاختفاء فجأة ..
لم يكن" فخر الدين" بأقل منهم حالا فقد كان ثائرا من تأخره ..ينظر الي ابن عمه" سالم" تارة متأففا والي ساعته تارة اخري. .. مال قليلا عليه هامس بفحيح مكتظ : هو فين كل دا ؟ هو مش عارف ان احنا هنكتب الكتاب دلوقتي؟
رد عليه قائلا : الغايب حجته معاه يا فخر .. تلاجيها (تلاقيها) حاجه مهمه .
صك اسنانه وهو يفرك يداه معا مغتاظا .. وقبل ان يهمل حضوره ويأمرهم بالبدأ كان قد طل عليمهم العمدة بهيبته قائلا : ماتواخذونيش عاد .. كان موضوع مهم ولازم اخلص منيه قبل العشيه ( اسف .. كان موضوع مهم ولازم اخلصه قبل العشا).
نظر اليه " فخر " شرزا ثم اشار لهم ليحضروا العروس..
تمت المراسم سريعا .. و الجميع يترقب ذاك الحدث العظيم .. كان اسعدهم بذلك الانتصار هو " فخر الين " فقد اقسم ان يتمكن من تلك العائلة حد الهلاك ..
اعماه غروره وكبريائه عن ما يحاك من حوله .. اقبل الرجال يصافحنه مباركين له علي تلك الزيجة .. و اثناء ذلك كان في الخارج يقف جانبها يسندها : انتي مستعده؟ هتقدري تدخلي معايا ؟
أومأت له قائلة : ايوا انا كويسه .
ابتسم لها بود و اعجاب شديد بشخصيتها التي باتت تثير غرائز اعجابه بها.. ثم مد ذراعه للتتسلل يدها الرقيقة ممسكة بذراعه برقة .. دفعته للشعور بالنصر الكامل و ان العالم اضحي في قبضته الان..
دلفا معا بكل هيبة لتلتفت اليهم انظار الجميع فاغري افواههم من هول الصدمة .. ظلا يقتربان من "فخر" الذي كان يوليهم ظهره و استدار عندما لاحظ اضطراب الناس من حوله و تصنمهم امام شيء ما.
صعق عندما رأهما معا .. شخصت عيناه وهو يوزع نظره بينهما وبين تلك التي تخفي وجهها خلف الوشاح الاسود .. تلك نفسها التي وضع يده بيدها ليتزوجها .. ان كانت "الينا" مع "ادم ".. فمن تلك التي كتب كتابه عليها منذ قليل؟؟
....................................