الجزء 8
لم يذق ابدا قهر ال خسارة ، كذلك القهر الذي يذيب كيانه الآن لشعوره بالخسارة في تربية فلذة كبده، الذي عاش منذ ولادته تحت كنفه، ليس كذلك البجاد الذي تركه صغيرا مسؤولا عن امه واخته الرضيعة و أتي الي تلك البلد الأجنبي..
لحظة ندم عصفت به لكونه آثر تربيته في تلك البلد ولم يعود به إلي مصر بعد ان طلق والدته..
قطع مقاضاته لنفسه ، صوت احد الخدم يصدع من ناحية غرفة زوجته السابقة ليليان : انه هنا في غرفة السيدة ليليان، سيدي.
طوي الأرض بقدميه ، وكلمات ذاك الخبر تسطر مرة اخري امام عينيه، ليشتعل غضبه اكثر.
دلف للغرفة ليجده ممدد علي الفراش بثيابه ، نظر لتلك الشظايا اللامعة المتناثرة بجوار السرير ، لتقوده الي هاتفه المحطم والمرآة المهشمة لتبدأ شياطينه بتدوين أسوء السناريوهات في عقله الباطن ، ليقترب منه ليوقظه وليته لم يفعل فقد كان" ساري" مازال يرتدي قميصه الذي وقع عليه بعض من الخمر بالأمس ، ذلك الذي ما ان اشتم" فخر الدين" رائحته تفوح منه حتي امسكه من تلابيب قميصه يجره خلفه الي المرحاض الملحق بالغرفة غير مباليا لفزع ابنه من فعلته المفاجئة تلك..
لم تري عيناه سوي سخرية الناس منه علي تربيته ، عُمِّيت عن حالة اليقظة التي فيها "سارى " والتي تثبت نفي وساس شياطينه..
تشدق "ساري" من تلك المياه التي اخترقت مجري تنفسه وفمه .. و انتفض برأسه من أسفل الصنبور مبتعدا يسعل بقوة وما ان هدأت رابطة اجشائه حتي نظر لوالده ، مستفهما بحدة عن سبب فعلته تلك: ماذا حدث ابي؟
زادت حدة واشتعال الغضب في عيني الاخير ، ليتدارك" سارى " غلطته ، ويتحدث بلكنة بلد والده: ايه اللي حصل يا بابا؟
ناوله" فخر الدين " الجريده في صمت ، ليجد الاخر فيها صورته و هو يُكِل لكمته ل"جاك" وبجانبها صورة له وهو يقبل فتاة كما اراد الصحفي ان يظهرها..
يزين الصورتان عنوان مروع يشين لسمعة والده ، نظر الي والده ليجد عيناه مثبتة بحدة عليه يسأله بصوت حاد يملأه الغضب : دا حصل فعلا؟
هم" سارى" بالتبرير ، فزمجر والده مرددا: كلمة واحده يا"اه" يا "لا" ؟ انت عملت دا فعلا؟
تيقن" ساري " من نظرات والده التي يتفقم منها الغضب انه لا مجال للنقاش و التبرير الآن، فأومأ مؤكدا ، لا يعلم ان اماءته تلك كانت كالقشة التي قسمت ظهر البعير ، لتنتفض جميع حواس" فخر الدين" ولا يشعر بنفسه الا عندما وقعت يده علي وجه" ساري" بقوة لتجعله يسقط من قوتها ارضا، ويقول واشباح الانهيار تحوم حوله : يا خسارة تربيتي فيك.. غلط لما اديتك ثقه زياده، وفكرتك راجل، نسيت مبادئك،؟!... بلاش مبادئك، نسيت دينك يا باشمهندس؟!.
لم يقوي" سارى" علي الدفاع عن نفسه ، فقد ألجمته الصدمة ، شلت جميع حواسه الا احساسه بوخزات طاعنة في قلبه من شك والده في انه أساء تربيته.. لم يسمع اي شيئا كأنه اضحي اصما فجأة،، تراود الي مسمعه قول والده وهو يهدر قائلا: جهز نفسك هتنزل مصر.
لم يسمع بعدها سوي صوت صفقه للباب... بعد قليل استجمع قوته ثم خرج الي الغرفة لينظر حوله فيجدها غرفة والدته لا يعلم كيف ساقته قدميه بالامس اليها؟! فرك جبهته بيده متأففا لتبدأ ذكريات ليلة أمس تعرض أمام عينيه.
سيدة العشق/ ايمان احمد يوسف.
بينما في مصر.. في المشفي صباحا..
وصل السائق الخاص لينقل "مهران" وبناته الي الفيلا...
و صلت الفتيات فقامت" إلينا" بتولي دور الام لشقيقاته ا والابنة الكبري لوالدها ، ذهبت مع والدها لغرفتها تساعده..
فقالت بمرح: كدا يا بابا بتمثل عليناانك تعبان عشان تصعب علينا ونجوزك يعني..
ابتسم "مهران" و اسند ظهره براحة علي الوسائد خلفه قائلا: هههه، مبقش فيا حيل للجواز.
ضاقت عيناها لتقل بخبث : ااااه والله ووقعت يا بابا.. عاوز تتجوز بس مخبي.
ابتسم علي طريقتها في التخفيف عنه ثم شرد في صورة حبيبته ليتنهد بأنفاس متأججة من لوعة الاشتياق : انا بعد والدتك مقدرش احب تاني... خدت قلبي لما راحت مننا.
ادمعت عينياها ولكنها تماسكت أمامه لتربت علي صدره بحنان معاونة اياه في التمدد علي الفراش لينم ، هامسة باشفاق: ربنا يرحمها ماما ما متتش ماما عيشه جوانا .،ثم اردفت بصوت عال: ارتح دلوقت يا حبيبي انا هروح اطمن علي العفاريت الصغيرة.
تركته مبتسما وغادرت متمنية ان يحفظه لها ربها.
سيدة العشق /ا يمان أحمد يوسف...
توجهت الي غرفة "حلا " فوجدتها تجلس ممدة علي الفراش مغمضة العينين تئن في صمت بجانبها" تقي" ممسكة بيدها ، محاولة تطيب ألمها ب دُعاباتها: عارفه يا حلا مره كلب اجوز قطه ، خلفو كلب مقطقط.
تجهمت ملامح "حلا" قليلا ، ثم انفجرت في نوبة ضحك مستمرة فجأة وانضمت فيها " الينا" اليهما ..
....
بينما في قصر الشرقاوي..
فكان لا يستطيع النوم بعد ان ترك" زين" وعاد الي المنزل لأجل اخماد تثاؤباته المستمرة ولكنها تفر حينما يلامس جسده المرهق الفراش وما زاد الأمر سوء تلك الفتاة الجميلة التي أشغلت تفكيره منذ ان رآها ممددة علي الفراش و حين علم اسمها تأكد صدق من أسماها فهي اسم علي مسمي ، "حلا "وتشبه الحلا في جماله..
أز اح الغطاء عنه وقام يمسح علي رقبته و علي ثغرة ابتسامة دافئة حين قفزت صورتها الي مخيلته..
دلف الي المرحاض ثم اتجه الي غرفة ثيابه ، ابدل ملابسه و التقط تلك العلبة المستطيلة الكبيرة وخرج متجها الي غرفة عمته قرع بابها منتظرا اذنها له بالدخول.. .
-ادخل .
دلف مبتسما اليها مقتربا مقبلا يدها بحنان قائلا: صباح الورد علي اجمل سلطانه في الكون.
ربتت بيدها علي كتفه بحنان ثم قالت بابتسامة سعيدة: صباح الفرح يا حبيبي.. نمت كويس؟
اومأ "ادم" مؤكدا، لتلحظ تلك العلبة في يده فتقل مشيرة اليها بعينها: ايه العلبة دي؟
ابتسم" ادم "وهو يبعد الغطاء ليظهر ماتحتويه تلك العلبة فتتسع ابتسامة ثغرها وتلمع عيناها بانبهار : ايه الجمال ده ، انت جبته منين؟
-جبته و انا جاي من السفر، واشتريته لها انا مش هسيبها تضيع من بين ايدي . ومش هحرمها من اي حاجه نفسها فيها.. مش هخلي حاجه تنقصها.
عقدت بدور ما بين حاجبيها معقبة علي آخر كلماته مستفسرة: ازاي؟
نظر بعمق لذلك الفستان المرصع المطوي داخل علبته ثم قال: هجمع بينهم.
تغيرت قسمات وجه "بدور " الي الحيرة اكثر: هتجمع مين؟!
رفع نظره اليها ليقل بهدوء: زين و دانه .
صدمت من تفكيره وقالت بحدة: انت عاوز تفرض اختك علي صحبك ، انت اتجننت يا أدم ؟!!
سيدة العشق/ا يمان احمد يوسف.
عودة مرة اخري الي فيلا مهران السيوفي..
حين تململ" مهران " في فراشه وتغلل الي مسامعه صوت" الينا "وهي تتشاجر مع احدهم ، وصله صوتها ضعيفا فشعر بناقوس الخوف يدب في أوصاله من جديد ، وعلي الفور كان ينهض يرتدي معطفه البيتي ويهبط الي أسفل ليتجمد مكانه للحظات قبل أن.
********
هبدا انزل الروايه علي البيدج بتاعتي ع الفيس ، تابعوا فيها الفصول باذن الله
اسم البيدج " قصص وروايات إيمان أحمد يوسف "