الجزء 11


سيدة العشق

ايمان أحمد يوسف

>> يحظر النقل او الاقتباس نهائيا بدون موافقتي..

"وماذا عن ضربك سيد سارى لصديقك ضربا مبرحا.. هل دينك ايضا يدعوك للعنف؟"

صدعت تلك الكلمات المتهكمة من لسان احد الصحفيين لتجعل الدماء تفور في عروق الاخير ويحتقن وجهه غضبا.. وتبيض مفاصل يده من شدة قبضه عليها ..

اغمض عينيه كي لا يفسد الامر, ثم رتب افكاره وكلماته متأهبا للرد، وعندما شرع في التحدث قاطعة صوت ذلك الصديق الباطش : انا من اخطأت في حقه واهنته بأبشع الطرق , انا وسارى اصدقاء منذ الصغر لم اجد صديق مثله طيلة حياتي , فلم اجد في نبلة وكرمه وشهامته, لم يكن عنصريا مثلك، لم ينظر لكوني مسيحيا او غريبا عنه في الدين .. و بالنسبة للتلك الجروح التي في وجهي فهي أمهد بكثير من ذلك الشرخ الذي اصاب صداقتنا بسبب تهوري , هو لم يقدم علي ضربي الا عندما وجدني اقبل علي الضياع.. انتشلني من الضياع رغم الجرح الذي اصاب قلبه بسببي ..

نهض ناظرا اليه بحزن وأسف ليقل : سارى انا اعتذر منك الان امام الجميع , اتمني ان تسامحني ارجوك.

كان الاخر متصلبا مكانه , سُبَاب جاك يتردد في مسمعه , عيناه محدقة في اللاشىء تنبهه الي عدم نزع قناع القسوة الان.. فقال بتجهم: اعتقد ان الأمور اصبحت في موضعها الصحيح الان.. أهناك اي اسئلة اخري؟

استغل الصحفيين الفرصة و قال احدهم الذي لاحظ دخول "ساري" قاعة المؤتمر الصحفي بحقيبة سفر: لما حقيبة السفر التي معك سيد ساري, هل تنوي السفر الي مكان ما؟

انتصب "سارى" واقفا يخفي الدموع المتحجرة في مقلتيه بارتدائه نظارته السوداء قائلا بصوت حاد قليلا: انوى السفر الي مصر واستكمال دراستي في بلدي الحقيقية . انتهي المؤتمر شكرا لحضوركم.

التقط حقيبته يجرها تحت اعتراض الصحفيين طريقه و التهافت الي معرفة المزيد منه, ولكن باءت محاولاتهم بالفشل ففي دقائق معدودة كان يحيط به حراسته الخاصة تبعد الحشود عنه حتي وصل الي سيارته السوداء التي ركبها سريعا ونقلته الي المطار..
............
ألقي "فخر الدين " بنفسه علي الكرسي يفكر في خذلانه لصديقه ؛ نعم صديقه , فـ "ساري " لم يكن ابنه فقط بل كان يعامله كصديقه الحميم..

كانت عيناه محورة علي يده التي صفع بها ابنه الغالي.. انتبهت حواسه الي صوت سكرتيرته؛ التي أتت لتخبره بان طاقم الحرس في طريقة الي المطار برفقة "ساري" .

هل سيعود الي البيت وحده ولن يجده فيه ؟! ..هل سيعيش باقي عمره بين جدران الوحدة ؟؛ يتهشمة اليأس وحيدا.

متي سيعود؟! , متي سيراه مرة اخري؟ لقد اعتصره الم الاشتياق منذ الان , ف كيف سيكمل باقي ساعته بدونه , يكاد يجزم ان فقرات ظهرة تأن ألما علي هجر سندها لها..

نظر لـ سكرتيرته بلامبالة ثم اشار لها بالانصراف قبل ان تري تلك الدمعة الهاربة علي حاله فهو الان يشعر بضيق العالم من حوله؛ يشعر بانه غريق يصرخ غضبا من بحر ألقي به علي جزيرة نائية والقي بأبنائه بأرض اخري بعيدة .. عنه ...

نظر لصورة ابنائه الثلاثة بحسرة , خذلهم جميعا, خذل اثنان قديما عندما تركهم صغار للحياة تقاذفهم بأهوالها , وخذل الاخير بالشك فيه وعدم الاستماع اليه.

اكثر المشاعر قسوة هي الخذلان فهو يشبه طفل اتي أمه مهرولا ؛ لتتلقاه بصفعة ليكفي عن البكاء..
.......
بينما في مصر..

كانت "الينا " تستعد لتمرين الكارتية الخاص بها مع مدربتها "سلمي" .. كانت تتمرن علي اصعب الحركات القتالية تقريبا .. حاولت وحاولت ولكنها فشلت..

المدربة "سلمي": كفايا يا إلينا لحد كدا النهاردة الحركة دي صعبه مش هتقدري تنفذيها من اول مرة..محتاجه تدريب اكتر.

اومأت "الينا " قائلة: اوك يا كابتن, هتمرن شوية .. وبعدين هرجع البيت.

همت "سلمي" بالرحيل ولكنها استدارت قائلة: اه.. صحيح يا الينا الحراسة اللي حوالي الصالة تبعك؟

ابتسمت "الينا " وقالت باستحياء : ايوه.

بادلتها "سلمي" الابتسام وقالت: و هو ينفع بنت في قوتك، معاها الحزام الاسود تمشي بحراسة.

زمت الاخيره شفتاها وقالت باستسلام: اعمل ايه بابا قلقان عليا.

اومأت " سلمي" بتفهم للوضع وقالت: اوك يا حبيبتي , مطوليش في التدريب علشان متتعبيش.

حركت "الينا " راسها باستجابة.. وعاودت استكمال تمرينها..
سيدة العشق/ايمان احمد يوسف....
كان "زين" يدلف بسيارته الي قصر أدم الشرقاوي..

محدثا جلبة ينادي بطريقة مستفزة علي "ادم " من النافذة الموجودة في سقف سيارته : يا اااااادم.... انت يا قبطاااان... عمال تقول اتاخرت.. و بتوع الدخلية دايما بيتاخروا.. وانت اللي متاخر.

أطل "ادم " بحنق من شرفة غرفته قائلا: ايه يا ابني انت؟ جاي و جايلنا بزعبيبك ليه؟!

قهقه "زين" بصوت عال وقال: طب انزل يلا.

اراد ان يغايظه الاخر فقال بكبر: مش نازل.

رفع "زين " احدي حاجبيه وقال: طيب براحتك.. اطلع لك انا.

ما ان قال كلمته الاخيرة حتي قفز من سيارته و في ثوانٍ كان يصعد الدرج متوعدا لصديقة حتي اصطدم بـ "دانه " التي كانت تجلس علي كرسيها المتحرك تحركه ولُجا لخارج غرفتها الي الرواق , ليقف مدهوشا بجمالها , معجبا بفستانها الانيق ..مال عليها مناوشا اياها : ايه ده هو القمر نزل علي قصر الشرقاوي ولا ايه؟

خجلت "دانه" من تقارب هفيف انفاسه منها فاخفضت بصرها وفركت يداها قائلة: دا..دا..دا من ذوقك... اسمحلي اعدي.

استقام "زين" في وقفته وقال : اسمحلي ايه يا دانه دا نا كنت بشد في شعرك امبارح.

ابتسمت "دانه" وقالت: دا لانك وقح.. مش بتعرف تتعامل مع الجنس الناعم.

رفع حاجبه باندهاش قائلا: انا وقح ..وانتي لسانك مبرد زي اخوكي.

ما ان قال "زين" كلمته حتي شعر بيد تقبض علي رقبته من الخلف : وماله اخوها ان شاء الله؟!

رفع "زين" رقبته للخلف كرد فعل لحركة "ادم " المباغتة وقال: احسن القبطين كلهم.. احسن واحد يمرجح الطيارة في الجو.

ضحكت "دانه " بقوة عليه , بينما "ادم " لوي ذراع "زين" خلف ظهره وقال: اه تحب امرجحك انت كمان؟

تصنع "زين" الالم، مما دفع "ادم " الي تخفيف قبضته , ليستغل "زين" الفرصة و تنقلب الموازنة ويصبح "زين" ممسكا بـ "ادم" محيطا رقبته بساعده: اياك تفكر تغلط مع الدخلية تاني.

قهقه "ادم " اسفل ذراعه وقال: دخلية , دا انت نشفت من كتر اللجان اللي بيدبسوك فيها طول الليل.

تعالت ضحكات "دانة" و قالت ممسكة بجانبها : ااااه.. مبقتش قادرة..هههههه.. جنبي وجعني من ال.هههه. الضحك.

انتبه "ادم" لها والي جمالها فقال بانبهار و هو يحرر نفسه من قبضة "زين " ويقترب منها: ايه ده هو القمر نزل من السما لبيتنا ولا ايه؟!
غمز "زين" لها ثم عقب قائلا: انا قولت كدا برده.
ابتسامة خجولة رسمت علي محياها , ليقترب "ادم " ويطبع قبلة حنونة علي جبينها قائلا: ربنا يحرسك يا حبيبتي .قمر.

- ويحرسك ليا يا حبيبي.

قال "زين" متزمرا: اااه شكل الليلة دي, مفيهاش عشا ولا نيلة.

همس "ادم" لـ "دانة" : يلا بينا , اصل زين شكله هيفترسنا كمان شوية.

ابتسمت "دانه " وقالت: طب يلا بينا قبل ما يتحول.

حملها "ادم" بين ذراعيه وتوجها بها الي المصعد ليهدر لـ "زين" قائلا: تعالي يا كابتن انت دوس لنا علي الزرار دا.

ضغط "زين" علي الزر وقال: اشوفكوا تحت بقي.

بالفعل توجه ثلاثتهم الي الخارج تحت انظار "بدور" التي تراقب افعال "ادم " بصمت ، صابرة حتي تراي الي اين يقوده عقله.قبل ان تضرب بكل كلامها لوالده بالحائط..

اما ادم فكان يجهل ما يخبئه له القدر في تلك الليلة ....

*****************


إعدادات القراءة


لون الخلفية