الجزء 32

لو كنت مفكرني بنت ضعيفة ، تبقي غلطان يا أدم بيه "
همست بتلك الكلمات في أذنه همسا يشبه فحيح الافاعي تماما .. لم يكد يستوعب عقله ما قالته حتي باغتته بضربة قوية في رأسه جعلته يخضع لرغبتها في التحرر رغما عنه ، ليمسك رأسه متألما و تفرك هي ذراعيها اللذان آلماها من فرط ضغطه عليهما وهي بين يديه ..
يكاد يجزم ان رأسها مصفحة كالحديد صلبة كالجبل ..كادت تفلق رأسه لفلقتين لا يصدق أنها استطاعت ان تفلت منه
قضم شفاهه بألم وغيظ منها ...
الشر يتطاير من عينيه التي تحدق بها من وراء يده الموضوعة علي جبهته المتورمة قليلا لتفلت الكلمات من بين أسنانه : والله عال... بنت السيوفي بتضرب جوزها.. واضح انها مشفتش تربية.
أنزل يده و هو يهندم سترته بخشونة قائلا بشر جلي في صوته الأجش: لو مهران بيه مكنش فاضي يربيكي عشان نزواته و شغله ، فأنا معنديش نزوات و ممكن اربيكي من أول وجديد يا دكتورة.
صاحت فيه بقوة و تحذير: اخرس قطع لسانك ، انا أبويا اشرف منك و من عشرة زيك.
اغمض عينيه بغضب و هو يزمجر ضاغطا علي اسنانه بقوة قبل ان ينفجر فيها : انصحك متتكلمش كلمه زيادة عشان مش حابب اوريكي وشي التاني يا الينا.
ثارت جوارحها من تهديده لها فهاجت قائلة : ماتهددش حد انت مش عارف مهاراته او اقوته يا أدم باشا.. انا بحركة وحده مني ممكن أسويك بالأرض اللي واقف عليها و اهرب من حبسك دا و متقدرش لا تقوم نفسك ولا حتي تلحقني.
صفق بطريقة ساخرة و هو يقهقه علي حديثها كأنها ألقت عليه دعابة لينفجر هو ضاحكا علي اثرها..
ثوان و بدأت نوبة ضحكه تهدأ ، و بدأ وجهه يستعيد تصلبه و تجهمه ..
يبدو مخيفا حقا عيناه التي استحال لونهما للرمادي القاتم فجأة ووجهه المحمر كجمر محترق وزفيره الذي يشبه الدخان الصاعد من البركان منبه لقرب انفجاره .. أخذ يقترب منها وشيطاينه توسوس لها بأبشع الهواجس ..
ظلت راسخة أمامه تحدق به بنيران تتقد بلهيب الصمود في حرب قد يكون نهايتها موت العدوين معا .. تسللت اليه فجأة ذكري والدتها عندما كانت تحدثها عن حبها لوالدها وانه رغم حبه لامرأة اخري الي انها استطاعت ان تسلب لبه اليها وذلك حينما اخبرتها بانها كانت تقدم له الاحترام الكافي لا تهينه ابدا ولم تتحداه يوما ..
اخبرتها ان الرجل لا يريد امرأة قوية تشاجره بل يريد امرأة تحتويه .. امرأة ضعيفة امامه ليكون هو قوتها وليس العكس.. قانون أزلي متواجد منذ خلق البشر .. منذ كان أدم يبحث عن حواء في الارض بعد ان طردا من الجنة كان يريد ان يصل اليها ليحميها ليكون معها ليجد أنسه فيها .. ماذا حدث عندما التقيا لم يشاجرها ولم تشاجره علي من كان السبب وراء طردهما بل اتحدا معا ليعمرا الأرض .. الرجل يبحث دائما عن الأنس اما المرأة فتبحث عن الحب .. تلك حقيقة مسلم بها لا يستطيع أحد أن يعترضها أو يختلف معها..
لاحظ هو شرودها وانطفاء وهج التحدي رويدا من عينيها .. فابتسم بلؤم و جذبها نحوه بقوة لتعود الي أسر ذراعيه ولكن تلك المرة لم تكن كسابقتها بل كان كل منهم ينظر للأخر نظرة مختلفة كأنهم لا يصدقا أنهما زوجان ..
اختلطت أنفاسهم التي أضحت مضطربة فجأة اخذت نيران عينيه هو ايضا تنطفئ رويدا .. ضمها اليه اكثر عندما لامس أطراف شعرها الغجري يده المقيدة لخصرها.. اجتاحهما مشاعر غريبة لم يسبق لكلاهما تبادلها منذ ان التقيا..
اقترب اكثر ولثم شفاهها برقة وعذوبة خالية من التعنت والصياح والضجر ..قبلة هادئة اخذتهما الي عالم اخر، كانت كترياق زاد من سرعة نبض قلبيهما ..
اعادهما الي الواقع صوت طرق عن الباب جعل "أدم" يفتح عينيه و يفصل قبلته بعنف كمن ارتكب كارثة نادم علي فعلها .. زاد ذلك من عذاب "الينا" التي انزعجت من استسلامها للحظة ضعف انتابتها وانه أشعره بتصرفه الفظ أنها امرأة رخيصة ..
ذهب هو ناحية الباب دون ان يلتفت اليها كأن شياطين الأرض تلاحقه .. فتح الباب ليجد رئيسة الخدم في وجهه قابلها بوجه مقتضب حتي انه لم يسأله عن سبب مجيئها اليه بل أمره بحزم : القي بكل ما في الغرفة في القمامة وامريهم ان ينظفوها جيدا..
لم ينتظر ردها بل تخطاها نزولا الي غرفة مكتبة لينعزل لعله يجد مبررا فيها عن سبب فعلته الشنعاء تلك..
...........
في صباح اليوم التالي ..
في الصعيد..
كان " مهران" في مكتب العمدة برفقة "زين" الذي أراد مقابلته قبل العودة الي القاهرة بسبب انتهاء اجازته ..
كان العمدة يجلس خلف مكتبه و "زين" علي احد المقاعد الموضوعة أمام المكتب.. و "مهران" ويجلس علي الأخر المقابل له..
كان متوترا لا يعلم من أين يبدأ .. طال الصمت المخيم علي اجواء الغرفة كثيرا .. و اخذ العمدة يتبادل النظرات مع "مهران" الذي بدا علي وجهه علامات الجهل بما يود "زين" ان يخبره بهم..
لم يجد العمدة بداً من ذلك الصمت الغير مبرر فتنحنح بخشونة أفزعت "زين" في مقعدة بطريقة مضحكة .. جعلت مهران يبتسم له قائلا بود : خير يا زين باشا كنت عاوز تكلمنا في ايه؟
ابتلع ذلك المتوتر ريقه عله يرطب حلقه الجاف قليلا فلا تعلق الكلمات به ثم قال باندفاع: انا عاوز اتجوز دكتورة حلا بنت حضرتك.
اختفت الابتسامة عن وجه" مهران" رويدا رويدا ونظر الي " عبد الرحيم" ليجده يحدق في "زين" بتمعن شديد علم أنه يحاول تبين نواياه وراء طلبه ..
لعن "زين" تسرعه وغباءه ولكنه معذور فهو لا يعلم شيء عن تلك الرسميات .. عمله يعزله عن التعرف عليها كمان ان والديه ليسا معه ليخبرانه بما يتوجب عليه فعله و قوله في تلك المواقف.. حاول استجماع رابطة جأشه ثم قال : انا اسف في اندفاعي في طلبي .. بس انا مش عارف المفروض اطلب ازاي الطلب ده.. انا والدي ووالدتي توفوا وانا كنت لسه في كلية الشرطة و راحوا قبل ما اشبع من وجودهم معايا و اتخرجت من الكلية وقضيت باقي حياتي في الشغل واحيانا مكنتش برجع البيت عشان مارجعش والاقيه فاضي واقعد بين اربع حيطان لوحدي .. فقررت اني استقر وانه جه الاون اني أسس عيلة صغيرة تعوضني عن اللي راحوا وملقتش انسب من بنت حضرتك المصونة..
سعد قلب" مهران " من شخصيته ومن مدحه لتربيته لبنته .. كم يتمني لو يرفضه ولكن يعلم انه ان رفضه الان سيأتي غيره يوما ما ويخطفها منه .. فقال : الكلام دا محتاج حد من عيلتك يكون معاك يا ابني.
ابتسم "زين" بغبطة من تلك الكلمة التي زينت ختام حديثه ، مشاعر الحنان انتقلت اليه بشكل تلقائي ليقول: والله يا عمي أنا ماعنديش غير خال واحد في القاهرة و عمين مسافرين برا مصر ومش بينزلوا .. وان شاء الله هفاتح خالي في الموضوع واجي واتقدم رسمي .. انا عاوز بس حضرتك تحدد معاد معايا ..
عاد "مهران" يستند علي ظهر الكرسي باريحية وهو يفكر لينظر لـ" عبد الرحيم ويقول : ايه رايك في كلام ده يا عمده؟؟
- والله الباشا وِلد أصول وكُمَّل صُح..
عقب زين علي كلامه وهو يضرب برفق علي صدره بامتنان : ربنا يخليك يا عمده.
- دي حجيجة (حقيقة) يا ولِد .. انا راي نصبر شوي لحد ماتاچي اچازتك الچاية وتكون المشاكل انزاحت عننا و نتحددتوا مع العروسة في الموضوع..
رد هو بتلهف قائلا: يعني علي امته يا عمدة؟
-اصبر يا ولدي الامور دي ماتچيش بسرعة اكده.
ضحك "زين" علي نفسه لان استعجاله اضحي جليا امامهم دون قصد..: ماشي .. اسمحوا لي امشي عشان الحق طريقي..
وقف ليقف الاثنان الاخران ويصافحانه : توصل بالسلامة يا وِلدي.
-شكرا يا عمدة .
-توصل بالسلامه يا ابني.
- الله يسلمك يا مهران بيه... اشوف وشكم علي خير.
غادر و الكون لا يسع هول سعادته بعد ان خطي اولي خطوة في الحصول علي معذبة قلبه .. ركب سيارته وغادر قاطعا الطريق الترابي الذي يولج به لخارج القرية الي الطريق الرئيسي.. تقابل بسيارة سوداء تقابلت بسيارته ليري شاب يقاربه في العمر يقودها ينظر امامه بتعجرف يحاول التملص منه دون ان تُخدَش سيارته .. تأفف "زين" قائلا : اللي ركبوكم عربيات ظلموكم والله.
لم يلقي له بال اكثر بل اسرع بسيارته لتنثر الغبار في الجو وتغطي سيارة تلك المتعجرف الحريص..
كاد العمدة يغادر ايضا متوجها الي المشفي ليري " فخر" ولكن استوقفه " مهران" عندما قال : هو اخباره ايه دلوقتي؟
نظر اليه باستنكار ليردف قائلا: المشاكل اللي بينا مش هتخليني انسي انه كان صاحبي في يوم من الأيام.
ابتسم " عبد الرحيم" وضرب علي كتفه قائلا : وِلد أصول من يومك يا مهران.
قاطعهم ولوج الغفير مهرولا يلهث : يا جناب العمدة ..يا جناب العمدة.
-ايه يا وش الفقر انت، فيه ايه ؟
-في واحد بيه برا بيسأل عن مهران باشا..
-واحد؟؟ واحد مين ده؟؟
قاطعهم ذلك الغريب قائلا : أنا.
نظر "عبد الرحيم" صوب الباب ليجد شاب طويل القامة مفتول العضلات ذو بشرة داكنة قليلا و شعر حالك السواد ، يسد الباب .. انتبه لصوت "مهران" الذي صدع باندهاش قائلا : عدي؟!
اقترب ذلك الشاب من " مهران يعانقه بحفاوة قائلا : ازيك يا عمي؟
بادله مهران قائلا: الحمد لله يا عدي انت؟ انت وصلت امتي؟؟ ووصلت هنا ازاي؟؟
- لا الموضوع يطول شرحه مش هتعرفني ولا ايه ؟؟
تلجلج "مهران" قليلا ثم قال : لا طبعا طبعا .. اقدملك يا عمدة الدكتور عدي المعالمي ابن خالة البنات.
صافحة "عبد الرحيم" بابتسامة قائلا : أهلا بيك يا ولدي .. أباااااه انت ولد سلمي؟؟
بادله "عدي" قائلا : اهلا بيك يا عمدة ..ايوا انا ابنها ..
- انست وشرفت يا ولدي..
نادي علي الغفير بصوت عالي ليأتيه بسرعة ويأمره قائلا : خليهم يحضروا أوضة الضيوف للضاكتور بسرعة يا ولد.
غادر قائلا : حاضر يا عمدة.
اعتذر "عبد الرحيم " ليغادر الي أمر هام ويجلس معه عندما يعود ..تاركا زمام الترحاب لـ"مهران" ..
..............
ركب سيارته وقادها بنفسه الي المشفي .. و بعد ساعة كان يطأ الطابق الذي فيه غرفة العناية معتكزا علي عصاه ... رافعا راسه .. ولكن سرعان ما اخفضها عندما لمح زوجة صديقه الجديدة تجلس امام الغرفة علي احد مقاعد الاستراحة الموضوعة في الرواق..
اقترب منه ليقل بصوت اجش : سلام عليكم
-و عليكم السلام يا عمدة.
- لساتك اهنه يا ست سمية .. مرجعتيش البيت ليه تستريحي.؟؟
-مجدراش اهمله وامشي.
- بنت اصول بصُح... طيب حالته أي دلوجت (دلوقتي)؟؟
همت بالرد ولكن استوقفها رؤية امرأة ترتدي فستانا اسود يصل الي اسفل الركبة بقليل ويكشف عن نصف ذراعيها .. و شعرها الاشقر منسدلا علي ظهرها ترتدي فوقه قبعة سوداء و نظارة سوداء أيضا تخفي عيناها ونصف وجهها..
"واااااه مين دي اللي چايه علينا؟"
صدعت بيها "سمية" كتعبير عن دهشتها .. لتدفع العمدة للالتفات ليري تلك المرأة تقبل عليهم فعلا : معرفش مين دي ؟
نظر خلفها ليجد "ساري" مقبلا في اول الرواق وكانت هي قد اوشكت علي الاقتراب منهم ليفطن في لحظة انها والدته الاجنبية..
لم يفصح عن الامر بل اقترب منه ليستوقفها بعيدا قليلا عن "سمية" التي مازالت تحدق بها لتقول له بالاجنبية : تنحي جانبا من فضلك .. انت تعترض طريقي.
لم يفهم العمدة علي بعض كلامها .. فاثر ان يشير لـ"ساري" الذي اتي مهرولا ليمد يده مصافحا : ازيك يا عمدة؟
-يا مرحب يا ولدي.
- اقدملك والدتي الدكتورة ديانا.
كادت ان تمد يدها ولكن "ساري" اعادها قائلا: النساء هنا لا يصافحن الرجال امي.
-حسنا .. تحدثت .. دعني انا اتحدث فعربيتي اقوي منك ...
خلعت نظارتها لتكشف عن عيناها الخضراوتان.. ثم قالت وهي تشير الي سميه بطرف عينها : دي زوجة فخر الجديدة؟
أومأ لها العمدة بالايجاب لتردف قائلة : حسنا .. انا جايه اكلم الدكاترة بان اكون انا المشرفة علي حالته هنا.. مش جايه اعمل مشاكل.
-ولدك هو اللي وصل ابوه لهنه .. وانتي ساعدتيه.. جايه دلوجتي تعالچيه.
-مهما حصل بينا هو لسه ابو ابني الوحيد.. اسمح لي اشوف شغلي.
اتجهت ناحية باب العناية المركزة لتري احد الممرضات كرت صغيرا لتجعلها تمر لترتدي الزي المعقم للعناية وتدلف اليه..
ويمكث "ساري" في الخارج منتظر انتهائها لتخرج دون ان تنطق بحرف واحد وتذهب مع "ساري" الي بيت عائلة الشرقاوي..
ليؤجل كلا منهم أسألته واستفساراته لحين مرور تلك الطارئة..
............
في ألمانيا..
كانت تعض علي اناملها من الغيظ لا تعلم ما يريده حقا منها ولما استجابت لقبلته بالامس .. لم تنم الليل من كثرة التفكير.. حسمت امره في الذهاب اليه ومعاتبته وان وصل الامر لضربه فلن تتهاون ابدا في فعلها لرد كرامتها..
سألت عنه ليدلونها عن مكانه المفضل في البيت ألا و هو قاعة الألعاب البدنية..
ابتسمت بخبث لتذهب هي وتختر من ملابسه الرياضية ما يناسبها وتذهب اليه..
دلفت في صمت لتجده يرتدي قفازات الملاكمة ويكيل لكيس الملاكمة امامه بغل و عنف..
لم تنطق بحرف واحد بل ارتدت هي ايضا قفازاتها ووقفت في وجهه لتتسمر يده التي كادت تكيل لها بدلا من كيس الملاكمة..
توقف قائلا بصوت حاد: ابعدي عاوز اكمل تمريني.
- المفروض ان عرقك مينشفش غير بعد ما تخلص تمرينك نهائي وانت لسه عاوز تكمل فايه رايك تصد دي..
وقبل ان يستوعب ما قالته كانت قد ضربته بقبضتها في معدته لينحني ممسكا بها : انت اتجننتي انا لو طلعت اللي فيا عليك مش هسيب ولا حته فيكي سليمه...
نظرت اليه بتحدي : خلينا نشوف..
اغضبه تحديها له فقام بتوجيه ضربته لها لتصد بعضها بقوة ويزداد هو جنونه و يزداد معه ضراوة ضرباته حتي كاد ان يضربها بقوة في ذراعها يعلم انه لو تماد لكان هشم عظام ذراعها..
خلع قفازاته والقي بها أرضا ليبسق سمه اللاذع قائلا : انا مش عاوز أأذيكي انا مستعد اطلقك في حالة واحده.
ازدردت ريقها ليهدأ لهاثها ثم قالت : أي هي؟
- انك تجيبي لي ولد وساعتها هطلقك ..
شخصت عيناها بقوة من هول الصدمة فهذا يعني انه سيوثق زواجهما .. فاقت علي صوت الباب وهو يغلق.. خرجت لتلحق به فوجدته يدلف الي الجناح الذي أسرها فيه ..
دلفت وراءه لتجده عاري الصدر .. لم تلتفت الي ذلك بل هجمت عليه قائلة : دا مش هيحصل غير في احلامك وبس.
رد عليها ببرود قاتل: بس انا متعود اني احقق احلامي كلها .. و لو شيفه ان دا حلم يبقي هحققه .. و قريب كمان.
تركها نيران الغضب تنهش كيانها وذهب ناحية المرحاض لتفاجئه بتوجهها ناحية الشرفة الزجاجية قائلة : يبقي موتي احسن لي من ان واحد زيك يلمسني.
تبعها بسرعة ليجدها مشرفة علي الالقاء بنفسها من الشرفة جذبها بقوة ناحيته مقيدا حركتها العنفوانية قبل ان تتهور .. همس في اذنه برقة قائلا : هششش.. اهدي.. اهدي..
بدأت تستكين قليلا ..و لكن دموعها لم تستكن بل اخذت تسقط علي صدره لتحرقه لا يعلم اهي حقا حارقة اما ان شعوره بالاستياء من قسوته وأفعاله جعله يشعر بها كذلك..
ابتعد عنها ليهرب من شعوره بالذنب ثم جذبها من يدها الي الداخل مغلقا باب الشرفة بالمفتاح .. الذي نزعه ليضعه في جيبه و يتوجه ناحية المرحاض وقبل ان يدلف اليه نظر بطرف عينه اليها قائلا : أنا مش هطلقك قبل ما تجيبي لي الطفل اللي انا عوزه و بعدها تقدري تروحي المكان اللي انتي عوزاه .. حتي لو روحتي علي جهنم الحمرا .. مش همنعك.
كان هذا اخر ما تفوه به قبل ان يذهب ويتواري خلف بابا المرحاض تاركا اياه تبكي لوعة واحتراقا..


إعدادات القراءة


لون الخلفية