الجزء 16

"يحظر النقل او الاقتباس نهائيا بدون موافقتي"

ياريت اللي يشوف الرواية منشورة في اي مكان غير هنا و البيدج بتاعتي ع الفيس يبلغني جزاكم الله سعادة غامرة...

قراءة ممتعه..

.....

طفولة مدقعة عاشها ذلك الطفل البريء , الذي اول ما فتح عيناه الصغيرة فتحها علي أبشع منظر لا يمكن لاحد يافع تحمل رؤيته الا اذا كان ما بين اضلعه حجر وليس قلب نابض.

طبعت تلك الصورة المشؤمة في ذاكرة ذلك البائس؛ لازمته حتي كبر واصبح طيارا يجوب العالم شرقا وغربا .. و ذكراه تلك حبيسة عقله لا تفارقه ابدا..

تحولت مع الوقت لجواثيم تراوده عند نومه تسرق النوم من جفونه تعيد له مشهد والدته و قدماها تطيحان في الهواء , وجسدها معلق في وشاحها الاسود الملتف حول عنقها يزرده ..

في نفس الوقت الذي تذكر فيه " فخر الدين" تلك الذكري كان "ادم" يقبع في غرفته في المشفى يصارع تلك الذكري المآساوية ..

" أبي أين شردت؟..أبي؟..أبي؟"

هدر بيها" سارى" و هو ينخز والده برفق ليخرجه من شروده.. ليتنبه له قائلا: هاا.. كنت بتقول ايه يا سارى؟

اجابه" ساري " مستفهما : لم اقل شئ بل كنت انت من تود ان تقل لي شيء ما.. انا اسمعك .

حادث "فخر الدين" نفسه قائلا" لا يا ساري انا مينفعش احكي لك عن حاجه دلوقتي قبل ما تتقابل انت و اخوك"

"ساري" : أبي.. هيا..... انا اسمعك.

أغمض" فخر الدين" عيناه وقال ببرود تام: لا شىء استرح الآن فرحلتنا طويلة..

لم يكن "ساري" مطمئنا للقادم ابدا ولكنه اغمض عينيه ايضا متمنيا ان تكون الامور علي ما يرام.
سيدة العشق لـ ايمان احمد يوسف
في فيلا السيوفي..
كانت" حلا" تذاكر دروسها بسبب تغيبها عن الجامعة يومين مستلقية علي فراشها .. تشاركها" تقي" الغرفة تخطو احد ازيائها علي الورق لتصممها فهي عاشقة للازياء .. مصممة بارعة ..

ابتسمت تقي لذلك الفستان الذي صممته بسمة رضا ثم نادت علي اختها وهي تحملق فيه باعجاب: حلا..حلا

ردت بتأفف قائلة: عاوزه ايه؟

رفعت "تقي" الورقة امام وجهها تصيح من خلفها بحماس: ايه رأيك؟

تركت" حلا" تلك الجمجمة البشرية التي كانت تتطبق عليها ما تذاكره ونظرت لها لترتد قليلا عندما رأت الورقة تغطي وجه "تقي" ولكنها اعجبت بالتصميم المبدئ وقالت باعجاب : واو يا تقتوقه الفستان دا عشاني صح؟!

أعدلت" تقي" ياقة تيشرتها البيتي وقالت بتكبر يشوبه الغرور : هااا ..لا دا عشان المسابقه اللي هقدم فيها .. وهبقي اشهر مصممة ازياء أشهر من ايلي صعب نفسه.

همت "حلا" بمجارتها و لكن داهمتهما اقتحام" الينا " الغرفة قائلة بفرح بالغ: و جات لي بعثه لامريكا واوووووو.

قفزت الفتاتان نحوها فرحين بذلك الخبر يمطرون عليها القبلات والتهاني..لتصرخ فيهم "براحه يا مجانين دراعي"

قهقهن بصوت عالي حتي دفع والدهما للصعود لهن ومشاركتهن ... ليسمع "تقي" و "حلا" يباركن ل"الينا"...

"مبروك يا حبيبتي الف مبروك"

- الله يبارك فيكم يا اجمل اخوات في دنيا.

قاطعهم دخول "مهران" مبتسما بحنان ينتصفهم، يلف ذراعه حولهن يضمهن الي كنفه متسائلا: بتفرحوا من غيري؟ ماشي يا بنات السيوفي .. مبروك علي ايه بقي؟

همت" إلينا" باخباره ولكن سبقتها" تقي" قائلة بسرور بالغ : الينا يا بابا جالتلها بعثه لأمريكا وهتكمل هناك..

بدأت بسمته تتلاشي رويدا رويدا ليحل محلها التوتر لتلحظ" حلا" ذلك و تقل : مالك يا بابا , انت مش هتقول مبروك لـ إلين؟

تصنع الابتسامة مباركا : الف مبروك يا حبيبتي.. ربنا يوفقك دايما ..

هدر بتلك الكلمات ثم وجه حديثه ل"حلا "و"تقي" قائلا: يلا كل واحده ترجع علي مذكرتها.

انصعا ً لأوامره ورجعتا تباشران ما كانا يفعلان وقبل ان يخرج همس ل"الينا" قائلا : عاوزك في المكتب تحت يا إلينا حصليني.

اندهشت" إلينا " من نبرة والدها ومن طريقته في صرف" حلا" و "تقي" ، و تضاربت داخلها موجات التوتر لتهيج اضراب جوارحها خوفا من اعادة حديثه معها بالأمس وان يجبرها علي فعل ما لا تبغيه..

أومأت له ثم سارت خلفه الي اسفل تقدم قدم وتأخر أخرى . كانت تسير ببطئ؛ سبقها والدها الي المكتب لتصل بعده بدقيقتين طرقت الباب بأيدي مرتعشة ليصل اليها صوته يأذن لها بالولوج: ادخل.

دلفت وهي تزدرد ريقها بتوتر ، و لا تقوي علي فض ذلك الصراع الجائح بين افكارها ، يكد عقلها ينفجر و لم يطفئ نار الصراع تلك غير قبضات يدها المستمره التي اعتادت فعلها عند توترها رأها والدها تخبئ يدها خلف ظهرها ففطن توترها ولكي يهون عليها ابتسم قائلا بحنان مشيرا للاريكة : تعالي يا حبيبتي اقعدي.

زفرت انفاسها الحبيسة بأريحية عندما رأت ابتسامته تقشع غمامة الغموض عن محياه وقالت: خير يا بابا؟

نهض عن كرسيه وجلس بجوارها عي الاريكة بهدوء ثم قال و هو يضع يده علي كتفها : انا عارف انك مبسوطه جدا عشان البعثه اللي كنت بتحلمي بيها جتلك بمجهودك وتفوقك في دراستك رغم اني كنت ممكن ابعتك تدرسي في الجامعة اللي تحبها بره بس انتي اختارتي توصل بمجهودك وانتي تشبهيني في اصراري و فخور بك جدا ..

شعرت بسعادة عارمة من حديث والدها وامتلأت روحها بنشوة النجاح لنظرت الفخر التى تلمستها في حديث والدها , ليكمل هو قائلا: لكن ، انتي مش هينفع تسافري البعثة دي.

اتسعت حدقتاها مستنكرة ما تفوه به والدها وتسلل الي آذنها..
......
في المشفى الخاص.

بعد معاناة قاسية عاشها في نزاع مع ذلك الكابوس استيقظ وحيدا ينظر للنافذة يشرد فيها ، يذكر ماحدث له ليلة أمس..

فلاش باك..

خرج منفعلا يقود السيارة بجنون هستيري بسبب تلك النار التي تتأجج داخل روحه بسبب ذاك الأب الباطش ، لن ينسي ابدا همجيته مع أمه التي حرمه منها لن يغير فكرته في كونه السبب وراء موتها..

كانت صورة والدته وهي مشنوقة أمامه ، تتكرر أمام عينيه حتي كاد يصدم مجموعة من المتسكعين كانوا يسيرون بجانب الطريق ولكنه أوقف السيارة قبل أن يصطدم بهم..

نظر أولئك المتسكعين إليه بغض وحقد وغل، ثم اندفعوا نحوه يطوقون السيارة يضربون علي مقدمتها يطالبونه بالنزول لهم ليفتح بابه وينزل لهم ليباغته أحدهم بلكمة قائلا: ايه يا ابن.... مش شايف قدامك.

ويقول الاخر: مبتعرفوش تسوقوا بتركبوها ليه ها؟ وقام بلكمة هو الاخر

كان" أدم" بامكانه القضاء عليهم جميعا و تكسير عظامهم ولكنها كان بعالم اخر بين اليقظة واللاوعي.. لا يشعر بلكماتهم تلك فـ آلامها اضعف بكثير من آلام روحه, أوهن من نزيف روحه أقل شناعة من طفولته المشوهة.

ترك لهم روحه وجسده متمنيا ان تزهق روحه بين ايديهم .. ليقوموا بجره بعيدا عن أعين السائقين المارين ويبرحونه ضربا .. وبين عالميه جذبه ذلك الذي اقتحم شجارهم لينقذه كانت رؤيته مشوشة لا يري شئ ، شعر حينها بضعف جسده وألم جسده المتهالك ..ف احتضن جسده بيده متألما ليري أحدهم يقترب دقق نظرته المشوشة ليتبين عينان بندقيتان محددة بخط اسود زادهما جمالا تمني في تلك اللحظة ان يبقي يقظا ولكن حظه كان دائما يخالفه ففقد وعيه وهو يقبض علي شئ ما بين يديه حينما حاول التمسك بيقظته

باك..

زفر انفاسه ببطئ يقتله الفضول في معرفة هوية ذلك الشخص.. قاطع شروده دخول" بدور" و "زين" الذي اخذ يوزع نظراته المتوترة بين" أدم" و "بدور"...

"أ دم" بصوت هادئ: مالكم في ايه؟

لم تقوي بدور علي الرد ،، و ولت" زين" زمام الأمور ليهدر بصوت أجش: دانه داخت لما عرفت انك في المستشفي و..

لم يكمل فقد انتفض" ادم" عل قدمه متحاملا المه مزمجرا بغضب: قلت لها ليه يا زين هي دي الامانة اللي وعدتني هتحافظ عليها.؟!

اندفع" زين" نحوه يقيد حركته مستفهما: انت رايح فين؟! و انت تعبان كدا؟!

نظر له بطرف عينه وهو يدفعه عنه برفق قائلا بحده: رايح لاختي اطمن عليها.

وقبل ان يخطو خطوة واحده صدع صوت الاخر قائلا: بس دانه هتيجي هنا دلوقتي.

ما ان انهي كلمته حتي دلف الطبيب وخلفه سرير طبي ممددة عليه "دانه" بهدوء دون حراك تابعها" أدم" بنظراته حتي قاموا بنقلها الي سرير المجاور له ليصبحا معا في غرفة واحدة..

قال الطبيب وهو يخاطب" زين" : اتمني ان المشكلة اللي حصلت متكنش ضايقت حضرتك يا باشا.

رد عليها قائلا: لا بس اتمني انها متتكررش.. وهنحتاج الممرضه تتابع حالة انسة دانه هنا؟

أومأ الطبيب واشار لأحد الممرضات: انتي المسؤولة عن حالة الانسة لحد ما تفوق وتبلغيني بحالتها اول باول....

انهي توجيهاته للممرضات ثم انصرف يباشر عمله محذرا" ادم " من التحرك.. الذي تجاهل تعليماته وجلس بجوار" دانه" ممسكا بيدها يمدها بالامان مثلما كان يفعل في صغرهم فـ سوف يظل هو أمانها وملاذها الأول والأخبر دائما و ابدا ...
.....................
في المساء ..

في فيلا السيوفي كان يلتف الجميع حول المائدة يتناولون طعام العشاء باستثناء "إلينا" التي ظلت قابعة داخل غرفتها تفكر في حديث والدها ..

عندم تأخر حضورها سأل "مهران" " تقي" قائلا: الينا فين؟

همت تخبره برغبتها في عدم النزول وانها ترغب في البقاء بمفردها ولكن سبقتها" الينا" قائلة: انا جيت اهوا يا بابا . اسفه علي الـتأخير..

سحبت كرسيها تفتحه وعلي ثغرها ابتسامة صافية صادقة ليست مصطنعه ثم القت عليهم تحية المساء قائلة: مساء الخير.

ابتسم الجميع لها و رد " مهران" قائلا بهدوء : مساء النور..

شرع الجميع في تناول الطعام ولكن اوقفتهم" الينا " قائلة : قبل ما أكل انا اخدت قراري في موضوع البعثة،و قررت اني هرفض البعثة اللي اتبعتت لي.

صاحت "تقي" قائلة بانفعال : ليه حد يرفض فرصة زي دي؟ انتي اتجننتي؟

صاح فيها "مهران" يزجرها: تقي عيب دي اختك الكبيره. اعتذري حالا.

شعرت "تقي" بخطأها فـ اعتذرت قائلة : اسفه بس انا يهمني مصلحتها.

طوقتها "الينا " بذراعها قائلة بابتسامة: انا مش زعلانه انتي معك حق اللي يرفض فرصة زي دي يبقي مجنون فعلا ، بس احنا نسينا اهم حاجه واللي هي الفوبيا اللي عنديا من المرتفعات والطيارات.. اللي راحت عن بالي ونبهني ليها بابا لما اعدنا نتكلم مع بعض.. عشان كدا انا اخدت قراري وان شاء الله ربنا هيكتب لي الخير، ثم انا مش هقدر ابعد عنكم يا قرود.

احتضنها كلا من "حلا" و"تقي" : ولا احنا نقدر نعيش لحظه من غيرك.

ابتسم "مهران" ونهض يطوقهم بذراعيه: ولا انا اقدر اعيش من غيركم..

سعد الجميع بأن قرارها كان علي اقتناع و دعي "مهران" ان يرزقها مستقبل افضل.. وانقضي الليل علي الجميع بين تردد في قرارات مصيريه نخشي الندم عليها لاحقا ، وبين خوف وسهر علي حبيب يهمنا امره ، وبين ارهاق سفر شاق و لا نعلم اين تلقي بينا مصائرنا..

......


إعدادات القراءة


لون الخلفية