الجزء 10
نهض" مهران" علي الفور من فراشه، مرتديا معطفة البيتي ثم هبط الي أسفل ليتجمد مكانه حينما رأي ابن عمه المدعو "ماهر" ؛ تسلل الرعب خفية لقلبه الهرم لتقرع طبول الضغينة والكره عند رؤيته ، نصب قامته ، و اظهر عرض منكبيه و ارتدي قناع القوة والعافية و قال بصوت عال حاد :اهلا، اهلا .. نورت يا ابن عمي.
انتفض "ماهر " من صوته و نظرت" إلينا " إليه بتوجس من أن تنتكس صحته مرة أخري ولكن رأته ينظر لها بتحذير ، ف فطنت ما يرنوا اليه وابتلعت حروفها وارتدت للخلف لتفسح له المجال ليقابل ضيفه.. و صعدت لغرفتها.
مد" مهران" يده يصافح الآخر ليشعر بارتجافة يده بين يديه ، فابتسم ساخرا: مالك يا ماهر وشك اصفر ليه كده؟
بادله المصافحة ثم جاء صوت الآخر متلجلجا : تعب سفر يا ولد عمي.
ثم اكمل مدعيا القلق: الدكتورة بنتك جالت انك تعبان .
جلس "مهران" و وضع ساقا فوق اخري ليس تكبرا و انما ليستند بيده علي ساقه ليدفع قامته من الانحناء امام ذلك الماكر.. فيستحس ضعفه ، ثم هدر بنبرة هادئة: خير يا ابن عمي ايه اللي جابك؟
ف
ابتلع" ماهر " ريقه متلجلجا: واه .. واه .. ايه يعني .. هو .. هو لازم اكون عاوز حاجه عشان اجي اشوف ولد عمي؟!
رد "مهران" بهدوء: اه.
اتسعت حدقتي الآخر من قوة "مهران" المفاجأة ، فقد ولَّت منذ ماتت زوجته ، حتي انه تنازل وقتها عن ميراثها لاهلها ، وتنازل عن ميراثه ايضا واكتف بالخروج من القرية مع بناته ، من اين اتته تلك القوة ، قرأ" مهران" أفكاره فلوي شفتيه بابتسامة ساخره: قول اللي عندك يا ماهر.. ولا اقولك استني؟
نادي علي الخادمة بصوت جهوري لتأتي مهرولة اليه ، فيقول: لو سمحتي يا فاطمة نادي لدكتورة إلينا من فوق.
أومأت مؤكدة علي الفور و صعدت الدرج تنادي عليها.. كل ذلك تحت نظرات ذلك الذئب المتراقبة..
دقائق معدودة مرت لتنزل" فاطمة" وتتبعها" إلينا" مرتدية لبسها الصبياني وقالت باحترام وعلي ثغرها ابتسامة رقيقة: حضرتك عاوزني يا بابا؟
أشار لها بيده لتجلس بجواره: تعالي يا إلين اقعدي جنبي ، عمك ماهر عنده كلام مهم عاوز يقوله لنا.
جلست" إلينا " بجوار والدها ونظرت ل"ماهر" بشموخ قائلة : اتفضل حضرتك ايه الموضوع المهم ده؟
وعندما شرع "ماهر" في التحدث، اشارت بيدها تستوقفه قائلة:لحظة.
ثم نادت علي" فاطمة" بصوت عال اخاف" ماهر" الذي لم يسمع في حياته صوت امرأة يصدع هكذا في بلده.. ف المرأة صامتة عندهم... لا تجرأ على رفع صوتها او الجلوس مع الرجال..
ابتسمت بسخرية عندما رأت انتفاضة "ماهر " حينما سمع صوتها..
لحظات و اقبلت "فاطمة" عليهم لتعود" إلينا" الي رقتها: إسألي الباشا يشرب ايه؟
اقتربت" فاطمة " منه تسأله ، فانتصب "ماهر" من مكانه والغضب يشنج قسمات وجهه البني يهدر بغضب: انا مجياش اضايف ، الرسالة اللي بعتوني اوصلها لك، لازم تاجي البلد يوم التنين وقبل ما الجمر يبقي بدر عشان نفضوا العراك بين العيلتين اياهم ، و لو ماجاتش هيقتلوا لك بناتك اللي انت فرحان بيهم دول..
افرغ شحنات غضبه في كلامه ثم نفض طرف عبائته ونظر ل"فاطمة" مزمجرا : وخري يا حرمه.. وخر ي.
انطلق "ماهر " مغادرا ، وقبل ان يخرج من الباب كان محاطا بمجموعة من النسور السوداء ... تحظر تحركه.. لينظر ل"مهران" فيجد عيناه تشتعل بشماتة..وكره.
سيدة العشق/اي مان احمد يوسف..
بينما في قصر ادم الشرقاوي.
التقط يدها بين يديه يطمئنها: ثقي فيا يا عمتو.. انا مستحيل اعمل حاجة تؤذي دانه او زين.. انا هحاول بس اوفق بينهم ..دانه من حقها تعيش قصة حب زي الروايات اللي حبسه نفسها جواها.
نفضت يدها من يده قائلة بحدة: انت اللي بتعمله غلط يا ادم ، بايدك هتجرح اعز اتنين علي قلبك.
شرد" ادم" قليلا ثم قال بهدوء عكس ما يجوب داخله: انا هعمل اللي في دماغي حتي لو علي.. علي حساب صاحب عمري..
صعقت" بدور " من انانيته وهدرت بصوت حاد قبل ان يتركها: برحتك يا ادم.. بس انا مش معاك في الموضوع ده.. اغلط براحتك، غلطاتك دي اول ما هتؤذي مش هتأذي غيرك.
اغمض" ادم" جفنيه بقوة متمنيا ان يكون ما سيقدم علي ه صائبا..
ثم خرج و أوصد الباب خلفه.. واتجه الي غرفة شقيقته او بالاحري صغيرته كما يشعر هو اتجاهها.
طرق الباب ، حتي أتاه صوتها يأذن بالدخول: ادخل.
دلف وفي يده هديته ليتسع ثغرها بابتسامة سعيدة: صباح الخير يا دومي.
ابتسم "ادم" لسعادتها فهي لا تناديه بذاك الاسم الا عندما تكون سعيدة: صباح الورد يا قلب دومى من جوا.
ألتمعت عيناها حينما لمحت تلك العلبه في يده فقالت: ايه العلبة دي؟
قرر" أدم" مشاكستها فقال بلامبالة: دي لوحده كده نسيتها في الطيارة.
ضحكت بصوت عالي وقالت : ما انا اللي نسيتها .. هات بقي.
ناولها" ادم" اياه و صوت ضحكه يعلو ليصل الي مسامع عمته فتهدر مطمئنة نفسها: ادم مستحيل يأذي اخته.
اما" دانه" فالتقطتها منه وفتحتها بسرعة متلهفة لرؤية ما تحتوي بداخلها..
وجدت قماش أسود يتغلله بعض من اللون القرمزي.التقطته لتتبين هويته قائلة بمزاح : ايه ده انت جايب لي قماش افصلك بدله ولا ايه.
كانت تنظر اليه ولم تنتبه علي ما فُرد أمامها ، ليشير لها" ادم" بعينيه: طب بصي كده.
عادت بنظرها لتشهق بانبهار من ذلك الفستان الجميل الذي تزينه احجار زينة قرمزية ، كم تعشق هذا اللون، قالت بدهشة و هي تحتضن الفستان: ده عشاني؟
أومأ "ادم" مبتسما لتحتضنه هي علي الفور.
احاطه" ادم" بذراعيه ، يمسح علي ظهرها بحنان: عاوزك تبقي احلي برنسيس النهارده.ماشي.
ابتعدت عنه و عيناها تلمع بوميض من فرطة سعادتها: ليه؟
رد عليها: عشان هنخرج نتعشي بره.
صرخت بفرح وهي تضمه بشده صارخة: بحبك يا دووومي.
ضحك "ادم" ضحكته الرجولية: يا مجنونه هتخنقيني.
ابتعدت عنه تحك وجهها بضجر: يا عم تتخنق ايه انت دقنك بتشوك اووي... شيلها انا مش بحبها.
ضربها بخفة علي رأسها: عوزاني انفخ شفايفي.
ردت ببلاهة: دقنك يا عم، دقنك احلقها.
ضربها مرة اخري علي وجنتها بطريقة دراميه: اخرسي، دا انا احلقلك ولا احلق دقني ابدا.
ضحكت بنعومة علي كلماته لينظر لها بحب متأملا سعادتها قبل ان يتركها ويغادر..
سيدة العشق /ايمان احمد يوسف..
بينما في شقة زين العادلي.
كان يجلس باسترخاء علي أريكته الخاصة مغمضا عينيه بعد ليل شاق رأي فيه الكثير .. يتمني ان ينتهي ذلك العذاب قريبا.. وينتقل الي الفئات الخاصة في الدخلية..
كان مستمتعا بالهدوء من حوله .. مندمجا مع تلك الموسيقي الهادئة .. حتي وثب امامه وجهها الناعم الرقيق وعيناها المغمضة التي يتشوق طمعا في رؤيتهما و عرفان باي لون قد تخضبتا.. يلعن آدم الذي سرق فرحته وخطفه ليعود لعمله.
فتح عينيه ليظهر طول أهدابهما .. و يتجلي علي ثغره ابتسامة جميلة تنم عن شئ جديد يتبرعم داخله..
فاق من افكاره الحالمة علي صوت رنين هاتفه..نظر اليه ليجده" ادم" ..رد قائلا: نعم يا هادم اللذات السعيدة؟
اصابت الآخر الدهشة ورفع احدي حاجبيه قائلا : هادم اللذات .. وسعيده.. انت جايب بنات في الشقة يا منحط؟؟
وصله ضحكات "زين" العالية ليغيظه قائلا: انت بتضحك طيب خليهم يعزموك علي العشا بقي.
تشدق الاخر قائلا : لا .. لا استني بس.. انت مش عازمني علي العشا؟
جاءه رد "أدم" : لا .. انتي اتاخرت علي معادك سلام.
صرخ الآخر موقفا اياه: لا سلام مين .. ثواني وهتلاقينا مزروع في الجنينة الكبيرة بتاعتكم.
ابتسم" ادم" وقال: ماشي يا شجرة متتأخرش.
- فوريره.
بالفعل نهض" زين" و جهز نفسه وارتدي بذلته السوداء ورفع شعره لاعلي ونثر بعضا من عطره والتقط هاتفه ومفاتيحه ثم اغلق الشقة جيدا وخرج متجها الي فيلا الشرقاوي..
سيدة العشق /ايمان احمد يوسف
في فيلا مهران السيوفي..
كان يجلس في غرفة مكتبه مسندا رأسه علي حافة ظهر كرسيها الرجاج.. محملقا في سقفها .. يهتز الكرسي تحته بهدوء تقف امامه" إلينا" مترقبة ، لتقطع ذلك الصمت قائلة: مالك يا بابا بتفكر في ايه؟
تنهد بثقل وهو يعود بنظره اليها قائلا : انا لازم اروح البلد يا إلين.
هدرت بقلق بالغ: مستحيل يا بابا مش هتروح.
رد بحنان وتعقل: لازم اروح طالما روحتي هتوقف التار بين العلتين وهتنقذ ارواح بريئة يبقي لازم اروح.
نزلت علي ركبتها جانب كرسيه مستندة علي يده قائلة بخوف: بس انت تعبان يا بابا.. و اخوات ماهر مش هيسبوك في حالك عشان حبست اخوهم .
تذكر "مهران" ما حدث منذ قليل عندما أتت الشرطة واحاطت ب"ماهر" اثر بلاغ تقدم اتجاهه بتجارته للسلاح..
ربت علي يدها بكفه قائلا بحنان: ماتخفيش ماهر يستاهل اللي حصله لانه سبب المصايب اللي في عيلتنا كلها.. اما ابوكي لسه قوي وقادر يحميكم.. ويحمي نفسه.
اكمل برجاء وحنان: انا عاوزك بس تاخدي بالك من اخواتك البنات في غيابي.
أومأت برأسها قائلة بمرح عكس ما يجوب داخلها من قلق يقبض روحها : متقلقش سايب رجاله وراك.
ابتسم "مهران" وقال: ربنا يخليكم لبعض ويخليكم ليا.
احتضنته بحنانها اللامتناهي قائلة: هتخلي بالك من نفسك عشانا صح؟!
أومأ مؤكدا : اكيد..
تركته" إلينا " وخرجت ليمسك بهاتفه ويخبر مدير أعماله المدعو" محمود" بسفره... ليباشر أمور الشركة في غيابه حتي يعود.. واخبره ان يعين له حراسة في سفرته و حراسة علي الفيلا ولكل فتاة سيارة حراسة ايضا.
وان يبدأوا العمل من الغد..
سيدة العشق /ايمان احمد يوسف
بينما في استراليا..
في منتصف النهار تقريبا كان "فخر الدين" في شركته يحاول انقاها واسهمه في البورصة من الانهيار..
لتدلف اليه سكرتيرته قائلة بلهفة يشوبها التوتر: سيدي .. سيدي.
دون ان ينظر لها هدر بضيق: ماذا تردين الان.
ردت بخوف: سيد سارى في التلفاز يعقد مؤتمرا صحافيا.
التطم خبرها به لينتشله من دوامة حيرته و ضياعه الي ما تقوله صاح فيها أمرا: افتح التلفاز سريعا.
نفذت امره بسرعة لتظهر صورة "ساري" وشاب اخر بجواره ..تنتصفهما تلك الفتاة التي التقطت له صورة معها..
كان" ساري" يجلس و علي وجهه الصرامة ولكن عيناه الذابلة يملأه الخذلان..
كان يرد علي احد الصحفيين عندما سأله عن كونه ابن أكبر عمالقة الاستثمار في استراليا ومسلما ايضا كيف يسمح له دينه ان يفعل ذلك.. تنفس" ساري" بعمق ثم قال: انا لم افعل شىء يشين لديني او لوالدي ..
تعالت الهمسات فيما بينهما ليصمت الجميع عندما تسلل لسمعهم صوت انثوي ناعم فقد كانت "فلورا " من تحدثت قائلة: سارى محق ، ف هو لم يقبلني.. هو فقط مالي علي اذني ليخبرني شيئا .. استغل ذلك الصحفي الفاشل الذي رآنا فرصة ليزيد فيها راتبه البائس والتقط لنا صورة اظهرت لكم عكس الحقيقة..
ثم نظرت الي "جاك" الذي كانت عيناه مثبتة للفراغ أمامه و طفقت تقول: أعيننا تُعمي احيانا عن حقائق كثيرة .. جميعنا نخطئ عندما ننظر الي الأمور من منظور واحد.. فلو كان ذلك الصحفي البائس مال بكاميرته قليلا لرأي المسافة التي فصلت بيني وبين سارى..
جاء صوت صحفي اخر يصدع قائلا بمكر واستهزاء : وماذا عن ضربك سيد سارى لصديقك ضربا مبرحا.. وهل دينك ايضا يدعوك للعنف؟
غلت الدماء في عروق" سارى " من تهكم ذلك الاجنبي...