بعد اتخاذه القرار النهائي بالذهاب عبر الطريق البري إلى ألمانيا، تلقى عبود مكالمة من صديقه عباس.
عباس: "عبود، . أنا لا أستطيع البقاء هنا أكثر. الأوضاع تزداد سوءًا، وأريد أن أهرب أيضًا. هل تعتقد أنه يمكنني الانضمام إليك؟"
عبود: "بالطبع يا عباس. ولكن، كيف ستصل إلى تركيا؟ الحدود مغلقة والتهريب هو الخيار الوحيد."
عباس: "أعرف. سمعت عن بعض المهربين الذين يمكنهم تهريبي عبر الحدود، لكني لا أملك الخبرة في التعامل معهم. أحتاج مساعدتك."
هنا بدأت فكرة تهريب عباس إلى تركيا تتشكل في ذهن عبود. كانت العملية محفوفة بالمخاطر، لكنها بدت كأملٍ جديد لتوحيد الأصدقاء مرة أخرى في رحلة جديدة نحو حياة أفضل.
أصبح عبود منخرطًا في محاولة العثور على مهرب موثوق يمكنه جلب عباس إلى تركيا. المهربون كانوا معروفين بفرض رسوم عالية، والعديد منهم كانوا يستغلون اللاجئين ويتركونهم في ظروف قاسية على طول الحدود.
في البداية، اتصل عبود ببعض أصدقائه في تركيا الذين كانوا قد عبروا الحدود بطريقة غير شرعية. كان يعرف أن المهربين ليسوا جميعهم صادقين، وكانت الخيانة جزءًا من هذا العالم المظلم. ولكنه لم يكن لديه خيار آخر سوى المخاطرة.
تحدث عبود مع أحد معارفه، وهو لاجئ سوري يدعى "عمر" كان يعرف بعض المهربين.
عبود: "عمر، أحتاج إلى مساعدتك. لدي صديق في سوريا يريد الانضمام إليّ، لكننا بحاجة إلى شخص يمكنه تهريبه عبر الحدود."
عمر: "عبود، العملية ليست سهلة. المهربون يطلبون مبالغ كبيرة من المال، وبعضهم غير موثوقين. لكنني سأعطيك رقم مهرب يُدعى "أبو خالد". سمعت أنه من بين القلائل الذين يحترمون كلمتهم."
أخذ عبود الرقم وشعر ببعض الأمل. ولكن رغم توصية عمر، كان عبود يعلم أن التفاوض مع المهربين ليس بالأمر البسيط. بدأ في التفكير في كيفية تأمين المال اللازم للتهريب، وكان يعرف أن عباس لن يكون قادرًا على دفع كل المبلغ.
اتصل عبود بـ "أبو خالد"، المهرب الذي أعطاه عمر رقمه. لم يكن التحدث إلى المهربين أمرًا سهلاً. كل كلمة تُحسب وكل اتفاق يمكن أن ينقلب في أي لحظة.
عبود (بتوتر): "السلام عليكم، أبو خالد؟"
أبو خالد: "وعليكم السلام. من معي؟"
عبود: "اسمي عبود. سمعت أنك تستطيع تهريب الأشخاص من سوريا إلى تركيا. لدي صديق في سوريا يريد أن يعبر، وأريد أن أرى كيف يمكننا الترتيب لذلك."
أبو خالد (ببرود): "العملية ليست بسيطة يا عبود. الطريق خطير، ويحتاج إلى تخطيط جيد. لكنني أستطيع أن أؤمن عبوره، بشرط أن تكون مستعدًا لدفع المبلغ المطلوب."
عبود: "ما هو المبلغ المطلوب؟"
أبو خالد: "سأطلب 1500 دولار. نصف المبلغ مقدم، والنصف الآخر عندما يصل صديقك إلى تركيا."
شعر عبود بالقلق. 1500 دولار كانت مبلغًا كبيرًا، خاصة بالنظر إلى أن كلاهما، عبود وعباس، كانا في ظروف مادية صعبة. ولكن عبود كان يعلم أن عباس بحاجة إلى فرصة للخروج من سوريا، وكان عليه إيجاد الحل.
بعد المحادثة مع أبو خالد، جلس عبود ليفكر في كيفية تأمين المال. كان قد ادخر بعض المال من عمله في البناء، لكنه لم يكن كافيًا. قرر أن يتحدث إلى عباس ليخبره عن الأمر ويبحث معه عن حلول.
عبود: "عباس، تحدثت مع المهرب. يطلب 1500 دولار ليضمن عبورك إلى تركيا."
عباس: "1500 دولار؟! هذا مبلغ كبير جدًا. ليس لدي سوى 500 دولار ادخرتها من عمل سابق."
عبود: "أعرف، وهذا هو السبب في أننا بحاجة للتفكير بجدية. أنا مستعد للمساهمة بما لدي، لكن علينا إيجاد طريقة لتأمين المبلغ الباقي."
عباس: "سأحاول أن أطلب بعض المال من أصدقائي هنا. ربما يمكنني جمع شيء."
بدأ عبود وعباس في البحث عن مصادر تمويل إضافية. حاول عباس اقتراض المال من أصدقائه، بينما كان عبود يفكر في العمل لساعات إضافية لجمع المزيد من المال. بعد أسبوعين من الجهد، تمكنا من جمع 1200 دولار.
عاد عبود إلى المهرب "أبو خالد" ليخبره بما جمعوه.
عبود: "أبو خالد، جمعنا 1200 دولار فقط. هل يمكن أن تقبل هذا المبلغ؟"
أبو خالد (بتردد): "العملية تتطلب مخاطر كبيرة، لكن سأوافق بشرط أن تدفعوا الباقي بعد عبور الحدود مباشرة."
وافق عبود، وأدرك أن المهرب ربما يتلاعب بهما، لكن لم يكن لديهم خيار آخر.
اتفق عباس مع عبود على تاريخ العبور. كان على عباس أن يلتقي بأحد رجال المهرب "أبو خالد" في منطقة ريفية قريبة من الحدود السورية التركية. كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر، فالطريق كان مليئًا بالحواجز الأمنية والمليشيات المسلحة.
في الليلة المحددة، غادر عباس منزله بحذر، محاولاً تجنب الأنظار. التقى بالرجل الذي سيرافقه عبر الحدود، وبدأت الرحلة عبر الجبال والوديان. كان كل شيء يسير على ما يرام حتى وصلوا إلى منطقة قريبة من الحدود، حيث صادفوا دورية تابعة للمليشيات.
المهرب (بصوت منخفض): "ابقَ خلفي ولا تصدر أي صوت. إذا اكتشفونا، قد ينتهي كل شيء."
حبس عباس أنفاسه وهو يراقب الدورية تقترب، لكن بفضل الله مرت دون أن تلاحظهم. شعر عباس بأن قلبه يكاد يخرج من صدره، لكنهم واصلوا السير حتى وصلوا إلى الجانب التركي من الحدود.
عندما تأكد المهرب من أنهم عبروا بأمان، اتصل بعبود ليخبره أن عباس قد وصل.
أبو خالد (بلهجة عملية): "صديقك عبر الحدود. أحضر لي المبلغ المتبقي في أقرب وقت."
شعر عبود بالراحة لأنه أخيرًا سيرى صديقه عباس مرة أخرى.