الفصل السادس والخمسون: لم الشمل

بعد المكالمة المحيرة مع جون، جلس عبود على سريره، متعبًا من كل الأفكار التي تدور في ذهنه. وسط كل هذه الفوضى، كان هناك شخص واحد يريحه من هذا العبء الثقيل: ليلى. حبها كان الشيء الوحيد الذي يعطي لحياته معنى في هذه اللحظات العصيبة. أمسك هاتفه، وبدأ يتصل بها، يشعر بالحنين لكل كلمة تقولها.

عبود (بصوت مليء بالشوق): "مرحبًا ليلى... كيف حالك؟"

على الطرف الآخر من الخط، كانت ليلى تنتظر هذه المكالمة بفارغ الصبر. شعرت بالارتياح لسماع صوت عبود.

ليلى (بصوت هادئ لكن مليء بالحب): "عبود، كنت أنتظر اتصالك. لدي خبر سعيد أخيرًا... جواز سفري أصبح جاهزًا."


عبود شعر بفرحة كبيرة تغمره. بعد كل العقبات التي واجهها، كان حلمه برؤية ليلى أقرب مما كان يتوقع. كان يعلم أن هذا يعني أن الخطوة التالية ستكون تجهيز كل الأوراق والإجراءات اللازمة للم الشمل.


عبود (مبتسمًا): "هذا رائع يا ليلى! أخيرًا، يمكننا البدء في الخطوات التالية. سأذهب غدًا إلى السلطات المعنية هنا في ألمانيا لبدء إجراءات لم الشمل. كل شيء يبدو أقرب الآن."

ليلى (بصوت مليء بالتفاؤل): "أنا سعيدة جدًا، عبود. لا أستطيع الانتظار لأكون معك. بعد كل ما مررنا به، أخيرًا سنكون معًا."

عبود (بصوت مطمئن): "أنا أيضًا، ليلى. لقد مررنا بالكثير، لكننا سنصل إلى هدفنا. سأفعل كل ما بوسعي لتسريع الأمور هنا. قريبًا، ستكونين هنا معي."


بعد انتهاء المكالمة، جلس عبود لبعض الوقت يفكر في كل ما حدث وفي المستقبل الذي ينتظره مع ليلى. رغم أن الأمور كانت معقدة، إلا أنه شعر بأن الأمور بدأت تتجه نحو الأفضل. كان يعلم أن الحصول على جواز السفر كان خطوة كبيرة، وأن إجراءات لم الشمل ستكون خطوة أخرى نحو السعادة التي كان يحلم بها.

عبود (بين نفسه): "ليلى... سأفعل كل ما بوسعي لأجلك. هذا الحب هو الذي يعطيني القوة للاستمرار."

استعد عبود للتوجه في اليوم التالي إلى السلطات المختصة لتقديم الأوراق والإجراءات اللازمة. كان يعلم أن الطريق لا يزال مليئًا بالتحديات، لكنه كان مستعدًا لمواجهتها جميعًا من أجل الوصول إلى حلمه.


في تلك الليلة، نام عبود مرتاحًا بعض الشيء، فقد أصبح الهدف الذي يسعى إليه أكثر وضوحًا. كان على أتم استعداد لبدء المرحلة التالية في حياته مع ليلى، ولكنه كان يعلم أيضًا أن هناك معركة أخرى تنتظره مع المنظمة.

عبود (بصوت مليء بالعزم): "لن أسمح لأي شيء بإيقافنا. هذا وعد."


في الصباح التالي، استيقظ عبود وهو يشعر ببعض التفاؤل. كان يعتقد أن الخطوة التالية ستكون مجرد إجراء روتيني للبدء في عملية لم الشمل مع ليلى. ارتدى ملابسه بسرعة وتوجه إلى المكتب الحكومي المعني بشؤون اللاجئين والمهاجرين. كان يحمل كل الأوراق اللازمة معه، وقلقه الوحيد كان كيفية تسريع العملية. جلس في قاعة الانتظار، وهو يشعر بنبضات قلبه تتسارع من الحماس والتوتر.

عبود (بين نفسه): "لن يمر الكثير من الوقت حتى تكون ليلى هنا معي. هذا مجرد إجراء بسيط، وسينتهي قريبًا."

بعد عدة دقائق، نادى الموظف الحكومي على اسمه. توجه عبود إلى مكتب الموظف، حيث جلس خلف المكتب رجل مسن يبدو صارمًا وهادئًا في الوقت ذاته.


الموظف (بنبرة رسمية): "مرحبًا عبود، أرى أنك ترغب في بدء إجراءات لم الشمل."

عبود (بابتسامة خفيفة): "نعم، تمامًا. جواز سفر ليلى جاهز، ولدينا كل الوثائق المطلوبة."

الموظف ألقى نظرة سريعة على الأوراق التي قدمها عبود، ثم بدأ يشرح الأمور ببطء.

الموظف (بهدوء): "حسنًا، فقط حتى تكون على علم... إجراءات لم الشمل قد تأخذ وقتًا أطول مما تتوقع."

عبود (بقلق): "أطول؟ كم من الوقت تقريبًا؟"

الموظف (بصوت ثابت): "بشكل عام، تتراوح المدة بين سنة إلى سنتين في معظم الحالات. وفي بعض الأحيان، قد يتم رفض الطلبات لأسباب مختلفة."

شعر عبود وكأن صاعقة نزلت عليه. كان يتوقع أن تكون الأمور أسرع بكثير. كل آماله في لم شمل سريع مع ليلى بدأت تتبخر أمامه.


عبود (بصدمة): "سنة إلى سنتين؟ هذا كثير جدًا! لقد كنت آمل أن تكون العملية أسرع. ليلى وأنا انتظرنا طويلاً."

الموظف (بهدوء وواقعية): "أفهم مشاعرك، لكن هذه هي المدة العادية لمعالجة هذه الطلبات. هناك العديد من العوامل التي تؤثر على سرعة العملية، وبعض الطلبات يتم رفضها لأسباب قانونية أو لعدم توفر المعايير المطلوبة."

عبود (بصوت مضطرب): "وماذا إذا تم الرفض؟ ماذا يمكنني أن أفعل حينها؟"

الموظف (بهدوء): "يمكنك تقديم استئناف، لكن حتى ذلك يمكن أن يستغرق وقتًا. للأسف، ليس هناك الكثير من الحلول السريعة في مثل هذه الحالات."


خرج عبود من المكتب وهو يشعر بخيبة أمل عميقة. كانت الصدمة أكبر مما كان يتخيل. كان كل شيء يبدو قريبًا جدًا، لكنه الآن يشعر وكأنه عاد إلى نقطة البداية. كيف سيخبر ليلى بذلك؟ كيف سيعيشا مع هذا الانتظار الطويل بعد أن كانا قريبين جدًا من لم الشمل؟

عبود (بين نفسه): "ماذا سأقول لليلى؟ كيف يمكننا أن ننتظر سنة أو أكثر؟"

بدأ عقله يعصف بالأفكار، وبدأ يفكر في جميع الاحتمالات. لم يكن مستعدًا للانتظار لمدة عام أو أكثر، ولكن الخيارات المتاحة أمامه كانت محدودة للغاية.


عندما عاد إلى شقته، جلس عبود ليفكر في كل ما سمعه. كان الوقت الذي سيستغرقه لم الشمل طويلاً بشكل لا يطاق. بدأ يفكر في طرق أخرى قد تساعده في تسريع العملية أو إيجاد بديل.

عبود (بين نفسه، وهو يفكر بعمق): "هل هناك طريق آخر؟ هل يمكنني العثور على طريقة لتسريع الأمور؟ لا أستطيع أن أترك ليلى تنتظر هذه المدة."

بدأ عبود يبحث عن حلول أخرى، ربما يستطيع التحدث إلى محامٍ أو محاولة إيجاد طريق بديل للوصول إلى ليلى بشكل أسرع. لكنه كان يعلم أن التحديات ستكون كبيرة.



أمسك عبود بهاتفه واتصل بليلى. كان من الصعب عليه إخبارها بالأخبار السيئة، لكنه كان يعلم أنه يجب أن يكون صادقًا معها.

ليلى (بصوت مليء بالأمل): "مرحبًا عبود! هل كل شيء على ما يرام؟ كيف سارت الأمور في المكتب؟"

عبود (بتردد وحزن): "ليلى، لدي بعض الأخبار التي قد لا تعجبك... يبدو أن إجراءات لم الشمل ستأخذ وقتًا أطول مما توقعنا. قد تستغرق سنة أو أكثر."

ليلى (بصدمة): "ماذا؟ سنة؟ لكننا انتظرنا كل هذا الوقت... كيف يمكننا الانتظار مرة أخرى؟"


عبود (بصوت مطمئن): "أعلم، ليلى. هذا صعب عليّ مثلك تمامًا، لكنني سأبحث عن حلول. سأفعل كل ما بوسعي لتسريع الأمور. لن أتركك تنتظرين وحدك."


بينما أنهى عبود المكالمة، كان يشعر بالحزن والقلق، لكنه كان مصممًا على إيجاد حل. كانت ليلى تستحق أن يكونا معًا بأسرع وقت ممكن، وكان مستعدًا لفعل كل ما بوسعه لتجاوز هذه العقبة الجديدة.

عبود (بصوت حازم لنفسه): “لن أترك الأمور تتوقف هنا. سأجد طريقًا، مهما كان.”



إعدادات القراءة


لون الخلفية