بعد أن تمكن عبود من الابتعاد عن أعين الحراس، بدأ يتجول بين أروقة المطار بحثًا عن مكان آمن. الازدحام كان كبيرًا، والناس يتحركون في كل اتجاه، ولكن عين عبود كانت مركزة على هدفه. كان يدرك أن الحراس سيكتشفون غيابه قريبًا، لذا كان عليه التصرف بسرعة.
وجد زاوية مهملة خلف مخزن صغير للمعدات، فدخل بخفة وأغلق الباب وراءه بهدوء. جلس للحظات يلتقط أنفاسه، بينما كان يتابع الحركات بالخارج عبر نافذة صغيرة.
عبود (محدثًا نفسه بصوت خافت): "هذه فرصتي الوحيدة... لا مجال للخطأ."
من خلال النافذة، لاحظ عبود عامل تنظيفات يتجه نحو المخزن لتفقد معداته. كان هذا هو مفتاح خطته. انتظر حتى دخل العامل إلى المخزن وبدأ بجمع معداته، ثم تسلل عبود خلفه بخفة.
في لحظة خاطفة، أمسك عبود بالعامل وألقى به على الأرض بحركة سريعة، جعلته فاقدًا للوعي لبضع دقائق.
عبود (بصوت هادئ بعد أن أسقطه): "آسف، ولكن ليس لدي خيار آخر."
قام عبود بتبديل ملابسه مع العامل بسرعة، ووضع القبعة على رأسه ليخفي وجهه قدر الإمكان. أخذ عربة التنظيف وبدأ يتحرك كعامل تنظيفات عادي.
خرج عبود من المخزن وهو يدفع عربة التنظيف ببطء. كانت عيناه تراقبان المكان من خلف القبعة، متظاهراً بأنه يقوم بتنظيف الأرضيات. الحراس كانوا منشغلين، ولم يلاحظوا عامل التنظيفات الذي كان يتجه نحو ممر الموظفين.
عبود (بثقة داخلية): "لا أحد يشك في عامل التنظيفات... هذا هو مفتاح النجاح."
بينما كان يقترب من ممر الموظفين، فوجئ عبود بأحد الحراس يوقفه فجأة. كان الحارس يبدو مشككًا بعض الشيء.
الحارس (باللغة التركية): "مرحبًا! هل يمكنك أن تنتظر لحظة؟ تبدو مألوفًا بعض الشيء. هل أنت جديد هنا؟"
تسارع دقات قلب عبود، لكنه تظاهر بالهدوء. لحسن الحظ، كان عبود قد تعلم بعض العبارات التركية الأساسية من تجربته السابقة في تركيا.
عبود (باللغة التركية، بنبرة هادئة): "أجل، أنا جديد هنا. تم نقلي اليوم من قسم الصيانة إلى التنظيفات. هل هناك شيء يمكنني مساعدتك به؟"
الحارس نظر إليه لفترة قصيرة، محاولًا أن يتأكد من صدقه، ثم قال:
الحارس (بابتسامة خفيفة): "لا بأس، كنت أظن أنني رأيتك من قبل. اعتني بعملك إذن."
عبود (بابتسامة صغيرة): "سأفعل، شكرًا."
استمر عبود في دفع عربة التنظيف، محاولًا كتم ابتسامته. لقد نجا من هذه المواجهة بفضل براعته في التعامل باللغة التركية. الحارس لم يكن ليشتبه في أن هذا العامل المتنكر كان في الواقع سجينًا هاربًا.
عندما وصل إلى منطقة الموظفين، وجد بابًا صغيرًا يحمل لافتة "ممنوع الدخول إلا للموظفين". كان هذا المدخل هو طريقه إلى الممرات الخلفية. فتح الباب ببطء ودخل، فوجد نفسه في ممر ضيق ومظلم قليلاً، ولكنه كان يعلم أن هذه الطرق الخلفية قد تقوده إلى الحرية.
استمر بالسير ببطء في الممر، مستفيدًا من عربة التنظيف كتمويه. مر بجانب عدة أبواب، وتجنب النظر المباشر إلى أي كاميرا مراقبة قد تكون في المكان.
بين الحين والآخر، كان يسمع أصواتًا قادمة من ممرات أخرى، لكنه استطاع أن يتجنب أي مواجهة أخرى. كلما تقدم، شعر أنه يقترب من هدفه.
عندما وصل عبود إلى النهاية، وجد نفسه أمام باب يؤدي إلى الخارج. كان الليل قد حلّ، وهو ما جعله يشعر بالطمأنينة أكثر، حيث ستكون الأنظار أقل تركيزًا عليه في الظلام.
فتح الباب بحذر، وخرج إلى خارج المطار. كانت الرياح الباردة تصفع وجهه، ولكنه شعر بحرية لم يعرفها منذ فترة طويلة. عليه الآن أن يتحرك بسرعة قبل أن يدرك الحراس أنه قد هرب.
عبود (بصوت داخلي مليء بالعزيمة): "الآن... أنا حر."
توجه عبود بعيدًا عن المطار بخطوات ثابتة، ولكن ذهنه كان يعمل بلا توقف. كان يعرف أن هذه الخطوة الأولى نحو حريته، ولكنه يدرك أيضًا أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالتحديات.