بعد ساعات من السير المتواصل في الغابة وعلى الطرق الترابية، كان الإرهاق يأكل جسد عبود، لكنه كان مصممًا على الاستمرار. مع وصوله إلى منطقة قرب الميناء، بدأت الأمور تبدو أكثر تعقيدًا. حركة المرور ازدادت، وكان يرى السفن والبواخر تتحرك في الميناء الكبير. رأى عبود سفينة ركاب كبيرة تستعد للمغادرة، وتساءل إن كانت فرصته للوصول إلى أثينا قد حانت.
عبود (بين نفسه، وهو ينظر إلى الباخرة): "هذه هي فرصتي. يجب أن أجد طريقة للصعود على متن تلك السفينة."
لكن التساؤل الذي راوده هو: كيف يمكنه الصعود إلى الباخرة دون أن يتم اكتشافه؟
وقف عبود في مكان خفي، يراقب الميناء والباخرة التي على وشك الإبحار. لاحظ الحراس والأمن الذين يقفون عند المدخل ويفحصون بطاقات الركاب، وبدأ يفكر في طريقة للوصول إلى الباخرة دون أن يُقبض عليه. كانت الفرصة الوحيدة هي التسلل إلى السفينة قبل أن يغادروا.
عبود (محدثًا نفسه): "لا يمكنني المرور من البوابة الرئيسية... لكنني أستطيع أن أجد مدخلاً آخر."
بينما كان يراقب عن كثب، رأى عمال السفينة يحملون صناديق كبيرة إلى الباخرة عبر بوابة جانبية. عرف في تلك اللحظة أن هذا هو مدخله. كان عليه أن يتصرف بسرعة، قبل أن يغلقوا جميع المداخل.
بدأ عبود بالتحرك بحذر نحو البوابة الجانبية، محافظًا على أن لا يلفت الانتباه. انتظر حتى انشغل العمال بنقل صناديق كبيرة، واقترب من البوابة الجانبية. عندما ابتعد أحد العمال عن طريقه للحظات، انزلق عبود بهدوء بين صناديق البضائع. استطاع بفضل مهاراته المكتسبة من تجاربه السابقة أن يتسلل إلى السفينة دون أن يلاحظه أحد.
عبود (بين نفسه): "أخيرًا... دخلت."
عندما دخل عبود إلى الباخرة، بدأ يبحث بسرعة عن مكان آمن للاختباء. كان يعلم أن أي خطأ صغير قد يكلفه حياته وحريته. وجد مخزنًا صغيرًا للبضائع في أسفل الباخرة، وقرر أن يكون هذا هو مخبأه طوال الرحلة.
عبود دخل إلى المخزن وأغلق الباب خلفه بهدوء. كانت الظلمة تخيم على المكان، لكنه شعر بالأمان لبعض الوقت. جلس بين الصناديق المتراكمة وأخذ نفسًا عميقًا. لقد كان مرهقًا، لكن الهروب الناجح من الشرطة والنجاح في التسلل إلى السفينة جعله يشعر بارتياح مؤقت.
عبود (بصوت هادئ): "الآن... يجب أن أظل هنا حتى نصل إلى أثينا."
الوقت يمر ببطء، لكن عبود كان يعلم أنه يجب عليه البقاء في المخزن حتى يتأكد من أن السفينة قد غادرت الميناء وأنهم في منتصف البحر. أثناء انتظاره، بدأت أفكاره تتجول في كل ما مر به حتى الآن. تذكر معاناة الرحلة، الشرطة، والقتال من أجل البقاء. كان كل شيء قد وصل إلى هذه اللحظة.
في منتصف الليل، سمع عبود خطوات تقترب من المخزن. بدأ قلبه ينبض بسرعة. لم يكن يتوقع أن يدخل أحد إلى هذا المكان في هذا الوقت. حاول الاختباء خلف الصناديق، لكنه علم أن المكان ضيق للغاية.
دخل أحد عمال السفينة إلى المخزن ليتفقد البضائع. في اللحظة التي رأى فيها عبود مختبئًا بين الصناديق، تجمد العامل في مكانه. كانت المفاجأة واضحة على وجهه.
عامل السفينة (بصوت مرتفع): "من أنت؟ ماذا تفعل هنا؟"
عبود، وهو يشعر بالخطر يقترب، قرر التصرف بسرعة. نهض بسرعة واتجه نحو العامل، محاولاً إسكاته قبل أن يصدر أي صوت يجذب الانتباه. أمسك عبود بفم العامل بقوة، موجهًا نظراته الحادة نحوه.
عبود (بهمس شديد الجدية): "اسكت... أنا لا أريد إيذاءك، فقط دعني أذهب."
العامل، الذي شعر بالخوف والارتباك، أومأ برأسه. عبود، الذي كان لا يزال حذرًا، استمر في الإمساك به للحظات قبل أن يتركه ببطء. ثم دفعه نحو الباب وأشار له بالخروج.
عبود (بصوت هادئ): "اذهب، ولن أخبر أحدًا عنك."
العامل خرج من المخزن بسرعة، غير مصدق لما حدث للتو. عبود، الذي كان يعلم أن الوقت قد حان للتحرك، بدأ يفكر في الخطوة التالية. لم يعد المخبأ آمنًا بعد الآن.
مع بزوغ الفجر، بدأت السفينة تقترب من ميناء أثينا. عبود كان يعلم أنه يجب عليه النزول قبل أن يتم تفتيش السفينة. قرر أن يترك مخبأه ويبدأ في البحث عن طريقة للنزول إلى اليابسة دون أن يتم اكتشافه.
مع اقتراب السفينة من الميناء، تمكن عبود من التسلل بين الركاب المتجهين للنزول. استغل الازدحام والفوضى للمرور بين الناس دون أن يلفت الأنظار. وبعد دقائق، وجد نفسه يقف أخيرًا على أرض أثينا.
عبود (بصوت مليء بالتحدي): "لقد فعلتها... وصلت إلى أثينا."
ولكن عبود كان يعلم أن التحديات لم تنته بعد. كانت أثينا بداية جديدة، لكنه كان بحاجة إلى خطة واضحة للبقاء على قيد الحياة في هذا المكان الجديد.
بينما كان يسير في شوارع أثينا المكتظة، بدأ عبود يشعر بعبء الرحلة يخف قليلاً. كانت أثينا مليئة بالحياة، لكنها كانت أيضًا مكانًا مليئًا بالغموض والمخاطر. عبود، الذي اعتاد على مواجهة الصعاب، كان يعلم أن الحياة في هذه المدينة لن تكون سهلة، لكن إرادته لم تكن قد انكسرت بعد.
عبود الآن كان في قلب أوروبا، بعيدًا عن الحرب والفوضى التي تركها وراءه، لكنه يعلم أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد. كان عليه أن يجد طريقه في هذا العالم الجديد، ويخطط للخطوة القادمة في رحلته الشاقة.
عبود (بصوت عالٍ ولكن هادئ): “الآن، يجب أن أبحث عن الأمان... وعن الحقيقة.”