الفصل الخامس والعشرون: المستقيل عالم جديد

عبود لم يستطع أن يصدق ما يسمعه، كانت فكرة أن غريغور ليس مجرد سجين عادي بل رجل أعمال متمكن وقائد لعصابة هاكرز مافيا ألمانية أمر يفوق مخيلته. بدأ يفكر بعمق في الكلمات التي نطق بها غريغور، وفي الفرص التي ربما تتاح له. لقد كان يعيش في دوامة من المعاناة والمخاوف، وفكرة أن شخصًا مثل غريغور يعرض عليه فرصة للهرب من هذا المصير المظلم كانت أقرب للحلم.

عبود (متسائلًا بخوف):
"وما هي هذه الخطة؟"

ابتسم غريغور ابتسامة خفيفة، وكأنه كان يختبر عبود ليرى إن كان جاهزًا لسماع المزيد.

غريغور (بهدوء وتحليل):
"اسمعني جيدًا، عبود. لدي اتصالات قوية في ألمانيا. ما زلت أمتلك الكثير من النفوذ حتى وأنا هنا. كل ما أحتاجه هو القليل من الوقت، وبعد سنة واحدة، سأخرج من هذا المكان. وسأحرص على ألا ينتهي بك المطاف في سوريا."


عبود كان مذهولًا، لكنه في نفس الوقت لم يكن متأكدًا إن كان بإمكانه الوثوق بغريغور.

عبود (بقلق):
"ولكن... كيف؟ ما الذي يمكنني فعله؟"

غريغور (بنبرة جادة):
"عندما أخرج من هنا، سأرتب لك طريقة للخروج بعد انتهاء مدة محكوميتك. سيكون لديك خياران: إما أن تعود إلى سوريا وتعيش بقية حياتك في البؤس، أو أن تأتي معي وتبدأ حياة جديدة في ألمانيا. لكن هذا لن يكون مجانيًا."


عبود شعر بتسارع نبضات قلبه، لم يكن يعرف إن كان مستعدًا لدخول عالم الجريمة، ولكن ما عرضه غريغور كان يغريه.

غريغور (متابعًا):
"سأرسل لك أشخاصًا عندما تخرج. هؤلاء الأشخاص سيهتمون بإخفاءك عن السلطات. لن أتركهم يرسلونك إلى سوريا، عبود. لديك فرصة، لكنها فرصة واحدة فقط."

جلس عبود في صمت، كانت أمامه فرصة لم يكن يحلم بها، ولكنه كان يدرك أيضًا أن تلك الحياة التي يعرضها غريغور ليست سهلة. فكرة العمل مع مافيا ألمانية، والهروب من السلطات لم تكن حياة طبيعية. لكن ماذا لديه ليخسره؟ إذا عاد إلى سوريا، فإن كل شيء قد انتهى، وإذا بقي في السجن، فإن حياته ستصبح بلا معنى.


عبود (بتردد):
"ولكن... ماذا بعد؟ ماذا سيحدث إذا خرجت؟ كيف سأعيش؟"

غريغور (مبتسمًا بثقة):
"أنت ستعيش يا عبود. سأعتني بكل شيء. ستكون جزءًا من شيء أكبر. وسأجعلك شخصًا لا يستطيع أحد العبث معه. ستعيش حياة جديدة، بعيدة عن هذا الجحيم الذي تعيشه الآن."


بدأت الصورة تتضح أكثر في عقل عبود. كان عليه أن يقرر هل سيخوض هذا الطريق أم لا. كان يعرف أن الحياة التي سيقوده إليها غريغور محفوفة بالمخاطر، لكنها على الأقل تمنحه فرصة للبقاء وللهروب من مصير محتوم في سوريا.


منذ ذلك اليوم، لم يكن عبود هو الشخص نفسه. بدأت تدريباته مع غريغور تأخذ منعطفًا أكثر جدية. لم تكن التدريبات مجرد تعزيز للقوة الجسدية فحسب، بل كانت تتضمن أيضًا تدريبات عقلية ونفسية. غريغور، بمهاراته القتالية وفهمه العميق لعالم الأعمال والعصابات، بدأ يعلم عبود كيف يفكر بطريقة مختلفة.

غريغور (بصوت هادئ خلال جلسة تدريبية):
"القوة ليست في الجسد فقط، يا عبود. إنها في العقل. يجب أن تفكر دائمًا بخطوة مسبقة. لا تنتظر الفرصة لتهاجم، بل اصنعها."

كل يوم كان يشكل تحديًا جديدًا لعبود. تدريبات القوة، التحمل، والتخطيط الاستراتيجي أصبحت جزءًا من حياته اليومية. كان غريغور يشرح له أساليب البقاء والنجاة، ويعلمه كيفية التعامل مع المخاطر والتهديدات.


في إحدى الليالي، جلسا معًا يتحدثان عن الماضي. كان عبود قد بدأ يثق بغريغور، وقرر أن يفتح قلبه ويتحدث عن رحلته من سوريا إلى تركيا، ثم إلى بلغاريا، وعن كيف انتهى به الأمر في هذا السجن.

عبود (بصوت حزين):
"كل ما أردته هو حياة طبيعية، لكن يبدو أن الحياة لا تمنحني هذا الخيار."


غريغور (بتفهم):
"الحياة لم تكن عادلة معي أيضًا. لكن الفارق هو أنني قررت أن أقاتل بدلًا من أن أستسلم. عليك أن تقاتل يا عبود. العالم لا يرحم الضعفاء."

أدرك عبود أن هذه كانت الفرصة التي طالما انتظرها. التحول الذي يحدث داخله كان أكبر من مجرد تدريب جسدي. كان يتحول إلى شخص جديد، شخص مستعد لمواجهة أي تحدٍ يأتي في طريقه.


غريغور (بابتسامة خفية):
"عندما تخرج، ستكون مستعدًا للعالم. العالم لن يرحب بك بذراعين مفتوحتين، لكنه لن يستطيع الوقوف في وجهك أيضًا."


الخطوة التالية
بعد مرور شهور من التدريبات والتحول النفسي، أصبح عبود أكثر قوة وثقة. كان يعرف أن يوم خروجه من السجن يقترب، وكان يعلم أن غريغور كان جادًا في عرضه. ومع كل يوم يمر، كان عبود يتحمس أكثر لفكرة أن يبدأ حياته من جديد، بعيدًا عن الظلم والعذاب الذي عاشه.

في إحدى الليالي، جاء غريغور إلى عبود وقال:

غريغور (بنبرة حازمة):
"سأخرج قريبًا. وعندما أخرج، سأرتب لك كل شيء. ثق بي، عبود. لديك فرصة عظيمة هنا. لا تتركها تضيع."

عبود أومأ برأسه، كانت تلك اللحظة التي قرر فيها أنه سيستغل كل ما تعلمه من غريغور، وأنه سيقاتل من أجل حريته ومستقبله.
 



إعدادات القراءة


لون الخلفية