بدأت الكلمات القاسية التي تفوه بها غريغور تتردد في عقل عبود كجرس إنذار. كانت تلك اللحظة التي بدأ فيها يفهم أن ما يمر به في هذا السجن ليس مجرد اختبار جسدي بل هو اختبار نفسي أيضًا. العالم الذي يعيش فيه لا يعترف بالضعفاء، وكان يجب عليه أن يكون قوياً، جسدياً ونفسياً، لكي ينجو. عبود لم يكن يملك الكثير من الخيارات، لكنه كان يدرك أن هناك شيء جديد في داخله بدأ ينمو – عزيمة جديدة وشعور قوي بالبقاء.
عبود (بصوت هادئ، لكنه مليء بالعزيمة الجديدة):
"أنا أفهم... سأبدأ من هنا."
ابتسم غريغور، لكن ابتسامته كانت تحمل بعض السخرية، كما لو أنه يعرف أن عبود لم يدرك بعد حجم ما ينتظره. أومأ برأسه، مشيراً إلى أحد السجناء القريبين، وهو رجل ضخم البنية يُدعى بوريس، كان يعمل سابقاً كحارس شخصي قبل أن يدخل السجن بتهمة الاعتداء. بوريس كان معروفاً بأنه لا يرحم، ولا يتردد في استخدام قوته الجسدية للحصول على ما يريد.
غريغور (بابتسامة جليدية):
"حسنًا. الآن، لنبدأ. هل ترى هذا الرجل؟ إذا أردت أن تتغير، فعليك أن تهزمه."
عبود نظر إلى غريغور بتعجب، لم يكن يتوقع أن يبدأ تدريبه بتلك الطريقة العنيفة. لكن غريغور لم يمنحه أي خيار آخر. بوريس بدأ يقترب، نظرته مليئة بالتحدي. أدرك عبود أنه إن لم يقاتل الآن، فإنه لن يحظى بأي فرصة لاحقاً.
بوريس (مبتسماً بسخرية):
"هل أنت مستعد؟"
لم يكن لعبود وقت للتفكير. اندفع بوريس نحوه بلكمة قوية، لكن عبود، بالرغم من عدم خبرته، تمكن من تجنب الضربة الأولى. لم يكن قوياً بما فيه الكفاية لمواجهة بوريس بشكل مباشر، لكنه كان يعلم أنه يجب أن يستغل سرعته وذكاءه للبقاء في اللعبة. كانت المعركة قاسية، كل ضربة من بوريس كانت تُسقط عبود أرضاً، لكن عبود كان يعود للوقوف كل مرة، حتى وإن كان جسده منهكاً.
غريغور (مراقبًا، بنبرة هادئة):
"لن ترتاح إلا عندما تهزمه. استمر، عبود. هذا ليس قتالًا من أجل الفوز، بل قتال من أجل البقاء."
عبود بدأ يشعر بالإنهاك، لكنه كان مصممًا على عدم الاستسلام. كانت تلك اللحظة التي أدرك فيها أنه يجب أن يقاتل بكل ما أوتي من قوة، ليس للفوز فقط، بل لإثبات نفسه، وللبقاء. بعد عدة محاولات، تمكن أخيرًا من إسقاط بوريس على الأرض بضربة مفاجئة إلى وجهه. كانت لحظة صغيرة من الانتصار، لكنها كانت كافية لتثبت له أنه يمتلك القوة التي لم يكن يعلم بوجودها داخله.
كشف غريغور عن هويته الحقيقية
بعد تلك الليلة الصعبة، جلس عبود مع غريغور في زاوية السجن. بدأ غريغور يتحدث بصوت هادئ، لكنه كان مليئًا بالتجارب القديمة والمليئة بالغموض.
غريغور (بابتسامة مبهمة):
"أنت الآن على بداية الطريق. لكن لا تظن أن القتال الجسدي هو ما سيجعلك تنجو في هذا العالم. القوة الحقيقية ليست في العضلات فقط."
ثم نظر إليه نظرة مليئة بالغموض، وبدأ يكشف عن قصته. لم يكن غريغور مجرد سجين عادي. بل كان رجل أعمال ناجحًا في ألمانيا، حيث قاد فريقًا من الهاكرز المحترفين لتهكير بنوك أوروبية. استطاع تحقيق ثروات طائلة من خلال التلاعب بالنظام المالي العالمي.
غريغور (مبتسمًا):
"كنت أستطيع السيطرة على شبكة كاملة من البنوك بنقرة واحدة على لوحة المفاتيح، عبود. لم يكن هناك شيء لا أستطيع فعله. الأموال كانت تتدفق بلا حدود."
عبود، الذي لم يكن يتوقع أن يسمع مثل هذه القصة، جلس مذهولًا. لم يكن يعلم أن الرجل الذي أمامه يمتلك مثل هذه القوة والقدرات.
عبود (بدهشة):
"لماذا تخبرني بكل هذا؟"
ابتسم غريغور مرة أخرى، ولكن هذه المرة كانت ابتسامته تحمل شيئًا من الحنان. كان يرى في عبود نسخة أصغر منه، شخصًا محطماً، لكنه لا يزال يملك القدرة على التغيير.
غريغور (بهدوء):
"لأنني أرى فيك القدرة. أنت شاب ذكي، ولا تستحق أن تنتهي حياتك في سوريا بعد كل هذا العذاب. لدي خطة لك."
بدأ عبود يفكر في كلام غريغور، في كل ما مر به، وفي كل ما ينتظره إذا عاد إلى سوريا. لقد كانت فكرة العودة إلى سوريا بمثابة حكم بالموت، بينما ما يعرضه غريغور كان حياة جديدة، وإن كانت محفوفة بالمخاطر.